لماذا يخشى السيسي احتجاجات المصريين خلال قمة المناخ؟

الخميس 3 نوفمبر 2022 04:45 م

حرص الرئيس المصري "عبدالفتاح السيسي" على حضور عدد من اللقاءات والمؤتمرات المحلية مؤخرا، وركز على ما اعتبره خطر تكرار السيناريو الذي تعرضت له البلاد خلال الفترة من 2011 إلى 2013.

ويأتي هذا النشاط من قبل "السيسي" قبل أيام من قمة المناخ المقرر انعقادها في شرم الشيخ، وتشير خطاباته الأخيرة إلى أنه يشعر بقلق من الدعوات للاحتجاجات يوم 11 نوفمبر/تشرين الثاني المقبل.

وبالرغم أن نظام "السيسي" نجح في سحق كافة المظاهرات السابقة، يعتقد منظمو احتجاج هذا الشهر أن النظام قد لا يستطيع استخدام العنف خلال مؤتمر دولي.

والأسبوع الماضي، أمضى "السيسي" أكثر من 4 ساعات في مخاطبة المصريين خلال المؤتمر الاقتصادي، الذي عقد في الفترة من 23 إلى 25 أكتوبر/تشرين الأول. وكان من اللافت إلقاء خطابين خلال نفس المؤتمر.

وخلال حديثه، حاول "السيسي" الدفاع عن نفسه ضد مزاعم فشل سياساته الاقتصادية، وألقى باللوم على العديد من الكيانات والأحداث في الإخفاقات التي بدا أنه يعترف بها.

كما فاجأ "السيسي" المصريين بعد المؤتمر من خلال الاتصال ببرنامج تلفزيوني في وقت متأخر من الليل، حيث أجرى معه المذيع "يوسف الحسيني" مكالمة هاتفية لمدة 80 دقيقة.

ويشير تنوع الرسائل التي أطلقها "السيسي" إلى أنها كانت مدفوعة بأهداف متعددة، أهمها إيقاف الانتقادات حول السياسات الاقتصادية، والتحذير من الاحتجاجات المستقبلية، وإعادة صياغة نفسه كشخصية بطولية.

منع الانتقادات

في خطاباته الأخيرة ومقابلته المذكورة أعلاه، كان الهدف الأكثر وضوحًا لـ"السيسي" هو الرد على الانتقادات الأخيرة التي تتركز حول الاقتصاد.

وبعد انقلاب 2013، أنشأ "السيسي" نظامًا إعلاميًا شبه استبدادي لكن مع تدهور الأوضاع الاقتصادية بدأت تصدعات في الظهور.

وبالرغم أن "السيسي" لا يزال بعيدا عن النقد في كافة وسائل الإعلام الخاصة أو الحكومية، إلا أن بعض الإعلاميين يشككون من حين لآخر في اتجاه الاقتصاد.

ويبدو أن هذه الانتقادات أزعجت "السيسي" وهو ما عبّر عنه صراحة في المكالمة التلفزيونية.

وحين تدخل المذيع "الحسيني" وقال لـ"السيسي" إن الناس يتحدثون علانية "لأنهم يثقون في قدرته على تحملهم"، قاطعه "السيسي"، مشيرًا إلى أنه لا يستطيع تحمل ذلك خاصة وسط الضغوط الأخرى.

قال: "هل أتحمل كلمات النقد هذه؟ أم أتحمل ظروفنا السيئة؟ ... أم أتحمل فقرنا المدقع؟ أم ماذا؟" وتطرق "السيسي" على وجه التحديد إلى مزاعم بأنه لا يفعل ما يكفي لرعاية الفقراء، قائلاً: "هذا كلام خطير".

في وقت لاحق من المكالمة، تدخل "الحسيني" مرة أخرى، وطالب "السيسي" بـ "التغاضي عن الانتقادات التي لا أساس لها من الصحة".

وأجاب "السيسي": "أكثر مما لدي بالفعل؟" وفيما بعد رفع صوته بغضب رغم نبرة "الحسيني" الودية.

وفي خطابه الثاني في المؤتمر الاقتصادي، قال "السيسي" إن وسائل الإعلام لا تفعل ما يكفي لمساعدة الحكومة على الحد من الزيادة السكانية.

وقال إنه يجب على وسائل الإعلام أن تنقل للمصريين أن "الأهداف يصعب تحقيقها في الوقت الحالي بسبب الموارد المحدودة".

تحذير من الاحتجاج

كان الهدف الثاني الواضح لتصريحات "السيسي" هو التحذير من الاحتجاجات.

ويرتبط هذا الغرض ارتباطًا وثيقًا بالهدف الأول - حيث يمكن أن تشجع الانتقادات الناس على الثورة - ويعد ذلك مؤشرا على قلقه بشأن الدعوات إلى احتجاجات في 11 نوفمبر/تشرين الثاني.

وادعى "السيسي" أن أحداث 2011 و 2013 كلفت مصر 477 مليار دولار، وقال إن "أحداث 2011 و 2013 كانت كفيلة بتركيع أي دولة على ركبتيها".

وأوضح أن مصر لا تستطيع تحمل الاحتجاجات. وتساءل "السيسي" خلال مكالمته بغضب: "مفيش فايدة منكم أبدا؟"

وكرر "السيسي" أن مصر لا تستطيع حتى تحمّل النقد، وقال: "مصر في وضعها الحالي لا تستطيع تحمل النقد.. الشعب لا يتحمل هذا في الوقت الحالي". 

كما اعترف "السيسي" لـ"الحسيني" بأنه خائف: "هذا المسار يخيفني ... أنا خائف ... أنا خائف على الشعب ... التجربة التي مررنا بها [في عامي 2011 و 2013] كانت صعبة للغاية ولا ينبغي أن تتكرر أبدًا".

بطل يهديه الله

كما استخدم "السيسي" خطابات الأسبوع الماضي لإعادة تصوير نفسه كبطل مرتبط بالله. وشرح مدى فهمه للواقع، لا سيما بالمقارنة مع الآخرين.

وقال "السيسي" في خطابه الأول بالمؤتمر الاقتصادي إن السياسيين المصريين "يفتقرون إلى الفهم". وفي الخطاب الثاني، قال إن الإخوان المسلمين كان يجب الإطاحة بهم عام 2013 لأنهم "لم يفهموا معني الدولة".

 كما انتقد "السيسي" الأنظمة المصرية الماضية واستخف بالحلول المقترحة خلال المؤتمر الاقتصادي.

وفي كثير من الأحيان، أشار "السيسي" إلى أن فهمه للدولة المصرية هو من الله.

وخلال المقابلة سأل "الحسيني" إذا كان يستطيع "قول شيء صعب"؟ وقال "السيسي" دون إعطاء مضيفه فرصة للرد، أنت لا تعرف ما أفعله".

وعندما رد "الحسيني" بقوله "نحن نعلم يا ريس" قال "السيسي": "لا .. أنت لا تعرف .. واحد فقط يعرف .. ربنا .. الذي يعلم ويساعدني .. هو ربنا".

وفي مرحلة ما خلال الخطاب الثاني، قال "السيسي" إن الناس كثيرًا ما يسألونه لماذا يتحدث عن الله.

قال: "لأنه حبيبي، وهو غالي بالنسبة لي". وكثيرا ما كرر "السيسي" آية "ففهمناها سليمان". وكان المعنى واضحا وهو أن فهم "السيسي" يأتي من علاقته الخاصة بالله.

وخلال الخطاب الثاني، وصف "السيسي" نفسه أيضًا بـ "البطل"، معلناً أن البطل شيء أكبر من كونه قائدًا سياسيًا.

وبعد تذكير المصريين بأنهم أطلقوا عليه لقب "البطل" في صيف 2013، تساءل السيسي: "هل انتهى البطل أم ماذا"؟

الجماهير اليائسة

اكتسبت الدعوات للتظاهر في 11 نوفمبر/تشرين الثاني زخمًا مؤخرًا، حيث نشر العديد من المصريين مقاطع فيديو تشرح سبب خروجهم إلى الشوارع.

ويبدو أن النظام سيستخدم تدابير أمنية شديدة القسوة، يبقى أن نرى ما إذا كان المصريون سوف يخاطرون ويتحدون النظام بالفعل.

وفي عام 2013، قتل "السيسي" مئات المتظاهرين واعتقل عشرات الآلاف. ويدرك المصريون مدى عنف النظام الحالي، لذلك فإن استعدادهم للمخاطرة بسلامتهم قد يعتمد على مدى يأسهم.

وإذا كانت اعترافات "السيسي" تحمل أي مؤشر، فإنها تشير إلى خوفه من وصول المصريين لمرحلة اليأس العام.

المصدر | محمد المصري/ ميدل إيست آي – ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

مصر السيسي الحسيني الإعلام المصري الاقتصاد المصري

قبل قمة المناخ.. 56 مشرعا أمريكيا يطالبون بايدن بالضغط على مصر لإطلاق سراح ناشطين

بلومبرج: صعوبات غبر مسبوقة تواجه راغبي المشاركة بقمة المناخ في مصر

وسط انتقادات حقوقية وتشكيك في النجاح.. انطلاق مؤتمر المناخ في مصر

بعد احتجازه وناشط هندي.. الحقوقي المصري مكاريوس لحظي: لماذا أنا خائف الآن؟

مصر تدعم جهود مكافحة تغيير المناخ في الخارج وتحاربه بالداخل.. ما القصة؟