وسط انتقادات حقوقية وتشكيك في النجاح.. انطلاق مؤتمر المناخ في مصر

الأحد 6 نوفمبر 2022 07:12 ص

وسط انتقادات حقوقية وتشكيك ألماني في نجاحه، انطلقت في مدينة شرم الشيخ بمصر، الأحد، فاعليات مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغيّر المناخ (كوب 27)، لتوضيح قواعد ميثاق المناخ العالمي الجديد، نحو أمل في فرصة جديدة لمواجهة تداعيات أزمة تغير المناخ وتأثيرها على كوكب الأرض وسكانه.

المؤتمر المقرر أن يستمر حتى 18 من الشهر الجاري، يشهد مشاركة دولية واسعة، حيث من المقرر أن يحضره ممثلون عن 200 دولة.

ويأتي المؤتمر في ظل دعوات لالتزام الدول الكبرى بأهداف تقليص الانبعاثات ومساعدة الدول الصغيرة على مواجهة تداعيات تغير المناخ، حيث يبني على نتائج المؤتمر الذي سبقه في مدينة غلاسكو البريطانية في اسكتلندا العام الماضي.

وبعد الافتتاح، يلتقي أكثر من 120 من قادة الدول والحكومات يومي الإثنين والثلاثاء في مؤتمر من شأنه إعطاء دفع لهذه المفاوضات.

ويغيب عن القمة الرئيس الصيني "شي جين بينغ"، في حين يحضرها الرئيسي الأميركي "جو بايدن" والفرنسي "إيمانويل ماكرون" ورئيس الوزراء البريطاني "ريشي سوناك".

ومن المتوقّع أن تُتّخَذ إجراءات خلال المؤتمر بشأن مجموعة من القضايا المناخية، من بينها الحدّ بشكل عاجل من انبعاثات الاحتباس الحراري، وبناء المرونة، والتكيّف مع الآثار الحتمية لتغيّر المناخ، والوفاء بالتزامات تمويل العمل المناخي من الدول المتطوّرة للبلدان النامية.

ووفق اللجنة الإعلامية للمؤتمر، فإنّه يتضمّن ثلاث فعاليات رئيسية.

وقال بيان اللجنة: "تتمثّل (الفعالية) الأولى في افتتاح المؤتمر الأحد في تمام الساعة العاشرة صباحاً بالتوقيت المحلي (الساعة الثامنة صباحاً بتوقيت غرينتش)، والثانية في افتتاح قمّة الزعماء الإثنين في تمام الساعة 12 ظهراً بالتوقيت المحلي (الساعة العاشرة من قبل الظهر بتوقيت غرينتش)".

أمّا الفعالية الثالثة، فتتمثّل حسب البيان في "افتتاح الشقّ رفيع المستوى من المؤتمر في 15 نوفمبر/تشري الثانني الجاري".

وتعقد الأحد، جلسة إجرائية يتحدّث فيها رئيس مؤتمر (كوب 26) البريطاني "ألوك شارما".

وبعد ذلك، تُقام مراسم تسليم رئاسة المؤتمر من شارما إلى وزير الخارجية المصري "سامح شكري"، بوصفه رئيس (كوب 27).

وأوضحت اللجنة أنّ من المتحدّثين كذلك في الجلسة الإجرائية السكرتير التنفيذي لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغيّر المناخ "سيمون ستيل"، ورئيس الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغيّر المناخ "هوسونغ لي".

أما الشقّ الرئاسي من المؤتمر، الذي يُعقَد في 7 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، سوف يتضمّن عقد 3 طاولات مستديرة عالية المستوى، يلقي فيها الزعماء المشاركون كلمات تتناول جهود بلدانهم في مواجهة تداعيات تغيّر المناخ".

والطاولات المستديرة سوف تُعقَد كذلك للزعماء المشاركين بالمؤتمر في 8 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري.

من جانبه، شدد الأمين العام للأمم المتحدة "أنطونيو جوتيريش"، الأسبوع الماضي، على أن النضال من أجل المناخ "بات مسألة حياة أو موت لأمننا اليوم ولبقاءنا غدا" مع فيضانات غير مسبوقة في باكستان، وموجات قيظ متكررة في أوروبا وأعاصير وحرائق غابات وجفاف.

وأكد أن المؤتمر "يجب أن يرسي أسس تحرك مناخي أسرع وأكثر جرأة راهنا وخلال العقد الحالي الذي سيحدد خلاله ما إذا كان النضال من أجل المناخ سيكون رابحا أو خاسرا".

وينبغي خفض انبعاثات غازات الدفيئة بنسبة 45 % بحلول العام 2030، في محاولة لحصر الاحترار المناخي ب1,5 درجة مئوية، مقارنة بالحقبة ما قبل الصناعية، وهو أكثر أهداف اتفاق باريس للمناخ طموحا.

إلا أن التعهدات الحالية للدول الموقعة على الاتفاق في حال احترامها، ستؤدي إلى ارتفاع يراوح بين 5 و10% ما يضع العالم على مسار يفضي إلى ارتفاع الحرارة 2,4 درجة مئوية بحلول نهاية القرن الحالي.

وهذا الأمر بعيد جدا عن الهدف الرئيسي لاتفاق باريس مقارنة بالحقبة التي بدأ فيها الإنسان يستخدم على نطاق واسع مصادر الطاقة الأحفورية من فحم ونفط وغاز، المسؤولة عن الاحترار.

ومع السياسات المعتمدة راهنا يتجه العالم إلى زيادة قدرها 2,8 درجة مئوية في الحرارة وهو مستوى كارثي.

وأسف "جوتيريش" لان المناخ تراجع إلى المرتبة الثانية في سلم الأولويات بسبب جائحة كوفيد-19 والحرب في أوكرانيا والأزمات الاقتصادية وازمات الطاقة والغذاء.

من جانبه، يعتزم رئيس الوزراء البريطاني "ريشي سوناك" دعوة زعماء العالم المجتمعين في قمة المناخ في مصر، إلى عدم التراجع عن وعد حصر ارتفاع درجة حرارة الأرض عند 1.5 درجة.

وأضاف "سوناك"، في بيان نشره السبت، أن "مكافحة تغير المناخ ليست مجرد أمر صحيح أخلاقيا، بل هي أمر أساسي لازدهارنا وأمننا في المستقبل"، متحدثا عن عواقب الحرب الروسية على أوكرانيا على إمدادات الطاقة، والحاجة إلى "إنهاء اعتمادنا على الوقود الأحفوري".

ومن الوعود غير المنجزة أيضا تعهد الدول المتقدمة برفع مساعداتها للدول النامية إلى 100 مليار دولار سنويا اعتبارا من 2020، وذلك من أجل خفض الانبعاثات ومواجهة تداعيات التغير المناخي.

ويتوقع أن تطرح في مناقشات قمة شرم الشيخ الأحد والإثنين، مسألة تخصيص تعويضات مالية عن الخسائر والأضرار التي لحقت بالدول الفقيرة بسبب تغير المناخ، في ظل رفض الدول الغنية هذا الطلب.

وقال مسؤول كبير في إدارة الرئيس الأمريكي "جو بايدن"، قبل أيام، إن 40 دولة من أصل 119 تعهدت العام الماضي بخفض انبعاثات غاز الميثان القوي المسببة للاحتباس الحراري (ارتفاع درجة حرارة الأرض) ستكشف عن خططها للقيام بذلك في قمة المناخ.

وأضاف المسؤول الأمريكي الذي طلب عدم ذكر اسمه، أن الولايات المتحدة وكندا وفيتنام من بين الدول التي ستكشف عن هذه الخطط.

وثمة غموض حول إقرار آلية خاصة لتمويل "الخسائر والأضرار" أو حول هدف جديد لمواصلة مبادرة 100 مليار دولار، اعتبارا من 2025.

وقال "ميشاي روبرتسون" مفاوض الدول الجزرية الصغيرة، إن حاجات التمويل "تعد بمليارات المليارات"، معتبرا أنه يستحيل تحقيق ذلك من دون القطاع الخاص.

وستسلط الأضواء أيضا على تعهدات القطاع الخاص مع نشر تقرير لمجموعة خبراء الأمم المتحدة المكلفة تحديد المعايير لتقييم أهداف الحياد الكربوني للشركات والمدن، فضلا عن المناطق والمستثمرين.

وعلى  الرغم من هذه الآمال، إلا أن الرئيس الألماني "فرانك فالتر شتاينماير"، أعرب عن شكّه في فرص نجاح قمة المناخ، لافتا إلى أن "العالم الآن يدخل إلى مرحلة جديدة من الصراع، إن لم يكن بالفعل في مرحلة الصدام".

وأضاف: "من الصعب أن نتخيل أنه في أوقات الصراع أو حتى الصدام العسكري ستلعب دول مثل روسيا أو الصين دورا بناء خلال مؤتمر شرم الشيخ أو بعده".

وأوضح "شتاينماير" أن تحويل الاقتصاد بأكمله إلى الحياد المناخي ليس بالأمر السهل في وقت تنفق فيه ألمانيا الكثير من الأموال للحفاظ على الاستقرار في أوربا، ودعم أوكرانيا بالأسلحة وزيادة ميزانية الدفاع، وقال: "هذه نفس الأموال التي نحتاج إليها لمكافحة تغير المناخ".

وبينما يعطي استضافة مصر للقمة زخما عالميا، فإن القمة ستضع السجل الحقوقي والبيئي للدولة تحت المجهر، خاصة إن السلطات المصرية تفرض قيودًا أكثر صرامة على مجموعات المجتمع المدني والأكاديميين الذين يعملون في مجال حقوق الإنسان والبيئة وقضايا أخرى.

ومنذ وصوله للسلطة في عام 2013، سجن الرئيس المصري "عبدالفتاح السيسي" آلاف المعارضين السياسيين أو دفعهم إلى المنفى، وبينهم مصريون عاديون ينتقدون السلطات على مواقع التوصل الاجتماعي فقط، ومنهم سياسيون معروفون.

والأسبوع الماضي، أعلنت "جريتا ثونبرج"، الناشطة السويدية في مجال المناخ، عن عدم حضورها (كوب 27) بسبب سجل مصر في مجال حقوق الإنسان.

وفي سبتمبر/أيلول خلص تقرير لمنظمة "هيومن رايتس ووتش" إلى أن العديد من الجماعات البيئية قد تراجعت أو أغلقت أبوابها في مواجهة مضايقات الحكومة والقيود المفروضة على التمويل والعمل الميداني.

كما كشف ناشطون ومنظمات غير ربحية دولية عن صعوبات غير مسبوقة في الحصول على الاعتمادات والعثور على محال إقامة مدينة شرم الشيخ، ما يمكن أن يحد من تمثيل المجتمع المدني وربما يُعرقل جهود القمة.

وكانت صحيفة "الجارديان" البريطانية، كشفت قبل أسابيع، إن تسجيل الحضور في المؤتمر من قبل المنظمات المصرية، يتم بشكل "سري"، وذلك بهدف "إقصاء المجموعات الناقدة للحكومة".

يشار إلى أن مصر خصصت مساحة للنشطين في شرم الشيخ للتظاهر، فيما يتوقع غياب أي تظاهرات في الشارع إذ إن التظاهر ممنوع في مصر.

وكانت النسخ السابقة من مؤتمر الأطراف شهدت تظاهرات كبيرة للناشطين البيئيين.

إلا أن المجتع المدني في مصر سيحاول اغتنام فرصة انعقاد المؤتمر لتسليط مزيد من الضوء على مصير معتقلي الرأي في البلاد الذين يزيد عددهم عن 60 ألفا وفق منظمات غير حكومية مع التركيز خصوصا على الناشط "علاء عبدالفتاح" الذي حكم عليه نهاية العام 2021 بالسجن 5 سنوات بعد إدانته بتهمة "نشر أخبار كاذبة"، وهو مضرب عن الطعام منذ 7 أشهر.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

قمة المناخ تغير المناخ حقوق الإنسان انبعاث كربوني شرم الشيخ مصر

8 منظمات: مصر تستغل قمة المناخ للتغطية على انتهاكاتها لحقوق الإنسان

مصر تتطلع إلى مكاسب دبلوماسية من استضافة مؤتمر المناخ.. ما هي؟

كوب 27.. غياب لنشطاء البيئة وحراك لدعم علاء عبدالفتاح

رسميا.. مؤتمر المناخ يناقش تعويض الدول الأكثر فقراً عن تغير المناخ

كوب27.. هل تقر قمة المناخ دفع تعويضات للدول الفقيرة؟

كاميرات مراقبة واعتقال المئات.. رايتس ووتش والعفو تنددان بعرقلة احتجاجات قمة المناخ في مصر

تطبيق مصري يثير تخوفات من التجسس على ناشطي قمة المناخ.. ما القصة؟

مصر تدعم جهود مكافحة تغيير المناخ في الخارج وتحاربه بالداخل.. ما القصة؟

لحل قضايا عالقة.. مصر تمدد مؤتمر المناخ يوما إضافيا

المفاوضون في مؤتمر المناخ يبذلون مساعي أخيرة للتوصل إلى اتفاق