بلومبرج: صعوبات غبر مسبوقة تواجه راغبي المشاركة بقمة المناخ في مصر

الجمعة 4 نوفمبر 2022 09:51 ص

"نواجه صعوبات غير مسبوقة في الحصول على الاعتمادات والعثور على محال إقامة، ما يمكن أن يحد من تمثيل المجتمع المدني وربما يُعرقل جهود المؤتمر".. هكذا نقلت وكالة "بلومبرج" الأمريكية عن ناشطين ومنظمات غير ربحية دولية تسعى لحضور قمة تغير المناخ "كوب-27"، التي ستُعقد في مدينة شرم الشيخ الساحلية في مصر.

ووفق الوكالة، فإن ناشطي المناخ في الدول النامية، واجهوا صعوبات في الحصول على تمويلٍ للحضور، ومنهم ناشطون من باكستان التي تسبب تغير المناخ في فيضانات تاريخية على أراضيها خلال العام الجاري.

وقال "برويز علي" (19 عاماً)، الناشط الباكستاني من حركة Fridays for Future، الذي استطاع الحصول على اعتماد وتمويل للمشاركة في القمة: "يجب الاستماع إلى الأصوات الحقيقية ومعاناة الأشخاص الحقيقيين من باكستان خلال هذه المرحلة".

وأضاف: "لكن قلة أعداد النشطاء ستؤثر على النتائج، وعلى العملية الحرة والعادلة لمؤتمر المناخ.. وإذا لم تسمح للناشطين الذين يعانون من تداعيات تغير المناخ برواية قصصهم، وإذا كنت ستمنع مشاركتهم؛ فأنت تخفي تلك الحقائق عن العالم".

بينما يقول المسؤولون المصريون إنهم يبذلون جهودهم من أجل ضمان قدرة منظمات المجتمع المدني على المشاركة بصورةٍ فعالة في قمة تغير المناخ.

لكن الصعوبات التي يواجهها ناشطو المناخ تقدم لنا لمحةً عن التحديات التي يواجهها النشطاء المحليون عموماً داخل وطنهم بصفةٍ يومية.

إذ يُعتبر التظاهر محظوراً فعلياً في مصر، كما تعمل المنظمات الأهلية وسط بيئةٍ شديدة التقييد، بينما يتعرض قادتها للضغوطات الحكومية، والمحاكمات، والسجن أحياناً.

واشتدت الحملة على المجتمع المدني منذ استيلاء الرئيس "عبدالفتاح السيسي" على السلطة عام 2013.

حيث ألغى المكاسب الديمقراطية الناتجة عن انتفاضات الربيع العربي، وسحق المحتجين بوحشية، واعتقل المعارضين السياسيين، ما جعل النشاط المناخي، كأي نشاطٍ آخر في مصر، مجالاً محفوفاً بالمخاطر، وفقاً لتقريرٍ حديث من منظمة "هيومن رايتس ووتش".

وتلك القيود دفعت الناشطة السويدية المعروفة "جريتا ثونبيرج"، التي أعربت عن تضامنها مع سجناء الرأي المصريين، إلى إعلان عدم حضورها للمؤتمر الذي وصفته بأنه "تبييضٌ للسمعة باستخدام المناخ".

يشار إلى أنه في 12 يوليو/تموز الماضي، أصدرت 36 منظمة حقوقية مصرية ودولية، بيانا طالبت فيه القاهرة بوضع حد لحملة القمع ضد منظمات المجتمع المدني والاحتجاجات السلمية؛ وذلك من أجل إنجاح قمة المناخ "كوب-27".

في المقابل، يقول المُمثل الخاص للرئاسة المصرية في الدورة الـ27 لمؤتمر المناخ "وائل أبوالمجد"، إن الدولة المنظمة ستحرص على مشاركة منظمات المجتمع المدني في كافة أنشطة قمة تغير المناخ باستثناء المفاوضات، التي ستكون متاحةً لمفاوضي الدول فقط.

وكانت صحيفة "الجارديان" البريطانية، كشفت قبل أسابيع، إن تسجيل الحضور في المؤتمر من قبل المنظمات المصرية، يتم بشكل "سري"، وذلك بهدف "إقصاء المجموعات الناقدة للحكومة".

وتبذل السلطات المصرية جهودها لاستبعاد المنظمات البارزة التي لها تاريخٌ من انتقاد الحكم، ويأتي هذا وسط مخاوف متزايدة حيال معاملة الاحتجاجات والمجتمع المدني خلال القمة.

وسبق أن أعلنت مصر، أنها ستسمح للناشطين في مجال المناخ بالاحتجاج أثناء المؤتمر المقرر انعقاده في مدينة شرم الشيخ (شمال شرقي البلاد).

ويبقى عدد الاعتمادات المتاحة لحضور المؤتمر "محدوداً للغاية"، فضلاً عن أن تكلفة الحضور ستُثني النشطاء الشباب من الدول النامية، وفقاً لحركة Fridays for Future، التي قدرت تكلفة حضور الدورة الـ27 لمؤتمر المناخ بنحو 7000 دولار.

ولا يعاني ناشطو الدول الأفقر فقط من أجل الحضور في قمة تغير المناخ، إذ حجز مدير مركز أبحاث غربي غرفةً في فندق من خمس نجوم بشرم الشيخ، ودفع تكلفة الإقامة مقدماً منذ أشهر، ليُفاجأ بإشعارٍ بأن رسوم الغرفة ستزيد 4 أضعاف بناءً على توجيهات الحكومة.

وتحدّث مدير المركز بشرط عدم الكشف عن هويته، لتجنب التداعيات، وقال إن منظمته عثرت على مكان إقامة بديل سيسمح لهم بالحضور في قمة تغير المناخ، حتى وإن كان أقل أريحية.

كما أفاد بأن بعض معارفه سيعجزون عن الحضور فعلياً بعد رفع الأسعار.

وتُنكر السلطات المصرية من ناحيتها أي تدخلٍ لرفع أسعار غرف الفنادق في أثناء قمة تغير المناخ.

وقال "أبوالمجد" إن الحكومة ستدعم أسعار "بضعة آلاف غرفة" داخل الفنادق والنزل ذات النجمتين والثلاث نجوم.

وتابع: "ستتمتع الغرف بتكلفةٍ منخفضة للغاية؛ حتى نضمن تذليل العوائق التي تمنع الناس من القدوم".

بينما تتجاوز التحديات نطاق الاعتبارات المالية بالنسبة للنشطاء المصريين. إذ تُعتبر مدينة شرم الشيخ الواقعة في شبه جزيرة سيناء، مدينةً مخصصة بشكلٍ شبه حصري للسياح والمؤتمرات.

وتبعد المدينة عن العاصمة مسافة 500 كيلومتر بالسيارة، وتحيطها مساحات شاسعة من الصحاري القاحلة، ما يُسهِّل على الحكومة تأمينها ويُصعِّب على الناشطين الوصول إليها.

يقول "عمرو مجدي"، الباحث البارز في منظمة "هيومن رايتس ووتش"، إن الأسابيع القليلة الماضية شهدت توقيف الأشخاص المتجهين إلى شرم الشيخ داخل المطارات والأكمنة الأمنية لاستجوابهم، ثم إجبارهم على أن يعودوا أدراجهم.

وليست الأكمنة الأمنية بغريبةٍ على سيناء، لكن ناشطو المناخ يقولون إنها تستهدفهم حالياً.

ويوضح "مجدي" بالقول: "يجب أن يتمكن كل مواطن مصري من المشاركة في قمة تغير المناخ، لكن هناك الكثير من القيود".

ويضيف أن من سيتمكن من الحضور سيتعرض لمراقبة لصيقة من الأجهزة الأمنية، ما سيعيق قدرته على الحديث بحرية. وأردف: "نشعر بالقلق إزاء المراقبة أثناء القمة، لأن الأجهزة الأمنية تتحكم في كل شيء، بينما تشهد مصر تضييقات شديدة".

وتخضع المنظمات الأهلية في مصر لتنظيمٍ صارم، ومن المستبعد أن تُعبر المنظمات التي دعتها الحكومة عن أي انتقادات أو معارضة، بحسب "مجدي".

ولا خلاف على وجود هامش للتسامح مع العمل المناخي، لكن منظمة "هيومن رايتس ووتش" والناشطون أوضحوا أن بعض القضايا المناخية الكبرى لا يمكن التطرق إليها.

تشمل قائمة القضايا الممنوعة: الأمن المائي، والتلوث الصناعي، وأضرار السياحة على البيئة، وأضرار الشركات الزراعية والمشروعات العقارية العملاقة.

فيما يقول "مجدي": "من المحتمل تقويض نتائج محادثات قمة تغير المناخ لهذا العام في حال غياب المشاركة الحرة والفعالة من المجتمع المدني، وهذا هو ما سيحدث على الأرجح".

وينعقد مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ في نسخته الـ27 خلال الفترة من 6 إلى 18 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، بمدينة شرم الشيخ المصرية.

وتجمع القمة الدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، بالإضافة إلى آلاف الخبراء والصحفيين، وممثلي الشركات، والمجموعات غير الحكومية.

المصدر | الخليج الجديد + متابعات

  كلمات مفتاحية

قمة المناخ قمع منظمات حقوقية المجتمع المدني منظمات أهلية السيسي ناشطو المناخ

كاتبة بريطانية: مصر على حافة ثورة وغياب الملك تشارلز عن قمة المناخ ضربة للسيسي

مصر.. تسجيل سري لمنظمات مؤتمر المناخ وانتقادات حقوقية

ميدل إيست آي: مصر تدمر موقعا تراثيا عالميا يبعد 100 كم من موقع انعقاد قمة المناخ

الإمارات تعلن حضور بن زايد قمة المناخ في مصر

وسط انتقادات حقوقية وتشكيك في النجاح.. انطلاق مؤتمر المناخ في مصر

بعد احتجازه وناشط هندي.. الحقوقي المصري مكاريوس لحظي: لماذا أنا خائف الآن؟

8 منظمات: مصر تستغل قمة المناخ للتغطية على انتهاكاتها لحقوق الإنسان