كاميرات مراقبة واعتقال المئات.. رايتس ووتش والعفو تنددان بعرقلة احتجاجات قمة المناخ في مصر

الاثنين 7 نوفمبر 2022 07:34 ص

اعتبرت منظمتا "العفو" و"هيومن رايتس ووتش" أن تصاعد الاعتقالات بالتزامن مع دعوات التظاهر خلال قمة المناخ "كوب 27" يكشف واقع الأزمة الحقوقية بمصر، محذرة من أن تقييد حق الاحتجاج خلال القمة يهدد نجاحها.

جاء ذلك في تقريرين منفصلين دعت عبرهما المنظمتان الحقوقيتان الدوليتان قادة العالم المشاركين في قمة المناخ بمدينة شرم الشيخ المصرية إلى عدم الانخداع بحملة العلاقات العامة التي تروِّجها السلطات المصرية.

ووفق منظمة "العفو"، اعتقلت السلطات المصرية مئات الأشخاص خلال الأسبوعين الماضيين وحدهما؛ الأمر الذي يُعيد للأذهان "الواقع المرير لسياسة القاهرة في شن حملات اعتقال تعسفية واسعة لقمع المعارضة".

وأشارت المنظمة الحقوقية الدولية إلى أن ما لا يقل عن 151 معتقلا يخضعون للتحقيق أمام نيابة أمن الدولة العليا، بينما تعرَّض مئات آخرون للاحتجاز والاستجواب لفترات أقصر.

وعشية انعقاد مؤتمر المناخ، أفرجت السلطات المصرية عن 766 سجينا، في أعقاب قرار من الرئيس "عبدالفتاح السيسي" بإعادة تفعيل لجنة العفو الرئاسي، في أبريل/نيسان.

إلا إن منظمة "العفو" وثَّقت خلال الفترة نفسها إلقاء القبض على ضعف ذلك العدد؛ حيث خضع 1540 شخصا للتحقيق؛ بسبب ممارستهم لحقهم في حرية التعبير وحرية تكوين الجمعيات أو الانضمام إليها.

واعتقلت السلطات هؤلاء الأشخاص من وسط مدينة القاهرة ومن الميادين الرئيسية في عدة مدن مصرية؛ بسبب محتويات على هواتفهم النقالة، وهو أسلوب كثيرًا ما تستخدمه الشرطة قبيل أي احتجاجات متوقَّعة.

ورغم الإفراج عن معظمهم خلال ساعات أو أيام، فقد أُحيل آخرون إلى النيابة، بينما لا يزال آخرون رهن الاختفاء القسري.

وبالتزامن، اشترطت الرئاسة المصرية على من يرغب في تنظيم مظاهرات بشرم الشيخ أن يُخطر السلطات مُسبقًا قبل 36 ساعة من الموعد المقترح للمظاهرة، وأن يُظهر لمنظمي المؤتمر الشارة الخاصة بدخول المؤتمر.

ووفق الرئاسة، لن يُسمح بالمظاهرات إلا خلال الفترة من الساعة العاشرة صباحًا إلى الخامسة مساءً في منطقة بعيدة عن المؤتمر، وتخضع للرقابة بالكاميرات.

كما قررت السلطات أن يقتصر محتوى المظاهرات على القضايا المتعلقة بالمناخ.

وترى منظمة "العفو" أن هذه التدابير غير ضرورية وغير متناسبة، وهدفها الحد من قدرة الأفراد على التظاهر بأمان وعلى نحو يتيح مشاهدتهم وسماعهم.

ودعت السلطات المصرية إلى أن تضمن عدم استخدام شرط الإخطار المُسبق إلا لتسهيل المظاهرات، وألا يعني ذلك ضمنا الحصول على تصريح، وينبغي عليها أيضًا عدم تفريق أو قمع أي مظاهرات لا تفي بذلك الشرط.

من جانبه، قال مدير البحوث وأنشطة كسب التأييد للشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة العفو "فيليب لوثر" إن "القبض على مئات الأشخاص لمجرد الاشتباه في أنهم يؤيدون الدعوة إلى التظاهر السلمي يثير قلقا عميقا بشأن الطريقة التي ستتصدى بها السلطات للأشخاص الراغبين في التظاهر خلال مؤتمر المناخ".

وأضاف: "أصبحت مثل هذه المظاهرات ملمحا أساسيا لجميع مؤتمرات المناخ التي تنظمها الأمم المتحدة، وينبغي على السلطات المصرية أن تسمح للمتظاهرين السلميين بالتجمع بحرية، وأن تكف عن استخدام القوة غير المشروعة أو الاعتقالات التعسفية لمنع المظاهرات”.

وتابع "لوثر" قائلا: "يجب على قادة العالم المشاركين في مؤتمر المناخ في مدينة شرم الشيخ ألا ينخدعوا بحملة العلاقات العامة التي تروِّجها السلطات المصرية".

ولفت إلى أنه "بعيدا عن الفنادق المبهرة بالمدينة التي تمثل منتجعا، لا يزال آلاف الأشخاص، وبينهم مدافعون عن حقوق الإنسان وصحفيون ومتظاهرون سلميون وأعضاء في المعارضة السياسية، يتعرضون للاعتقال ظلما".

وطالب "لوثر"، "قادة دول العالم أن يحثُّوا السيسي على الإفراج عن جميع المحتجزين تعسفيًا بسبب ممارستهم لحقوقهم الإنسانية، ويجب أن يشمل ذلك، على وجه السرعة، الإفراج عن الناشط السجين علاء عبدالفتاح، الذي بدأ تصعيد إضرابه عن الطعام بالتوقف عن شرب المياه".

من جانبها، قالت منظمة "هيومن رايتس ووتش" إن اعتقال السلطات المصرية للعشرات بعد تأييدهم لدعوات الاحتجاجات خلال قمة المناخ "يهدد نجاح القمة".

وأضافت السلطات إجراءات أمنية في شرم الشيخ؛ تشمل فرض تركيب كاميرات داخل جميع سيارات الأجرة، والسماح للأجهزة الأمنية بمراقبة السائقين والركاب.

وفرضت السلطات كذلك إجراءات معقدة غير مبررة للتسجيل داخل ما يسمى "المنطقة الخضراء" خارج مكان انعقاد مؤتمر (كوب 27)، التي كانت مفتوحة في القمم السابقة للجمهور الأوسع للتعامل مع قضايا المناخ والسماح بالتفاعل مع المشاركين في القمة.

وأشارت المنظمة إلى اعتقال السلطات المصرية ناشط المناخ الهندي "أجيت راجاجوبال"، في 31 أكتوبر/تشرين الأول، أثناء انطلاقه في رحلة سيرا على الأقدام لثمانية أيام من القاهرة إلى شرم الشيخ، قبل أن تطلق سراحه في اليوم التالي بعد احتجاجات دولية.

كما كثّفت السلطات في الأيام الأخيرة نقاط التفتيش التابعة للشرطة في وسط القاهرة وحول الشوارع الحيوية في المدينة، وأوقفت الأشخاص تعسفيا وأجبرتهم على تسليم هواتفهم لإجراء تدقيق غير دستوري في محتوى وسائل التواصل الاجتماعي.

وأصدرت الحكومة المصرية، في 24 أكتوبر/تشرين الأول، تطبيقا للهواتف الذكية للحاضرين في (كوب 27) يتطلب من المستخدمين تقديم معلومات شخصية، مثل أرقام جوازات سفرهم.

ويتطلب التطبيق، بناءً على تحليل أولي أجرته منظمتان محليتان لحقوق الإنسان، الوصول إلى كاميرا الهاتف، والميكروفون، والموقع، والاتصال بـ"بلوتوث"؛ حيث يمكن مشاركة جميع المعلومات التي يجمعها التطبيق مع أطراف ثالثة، وهي معلومات تزيد مدى المراقبة وتثير مخاوف متعلقة بالخصوصية.

وحذرت "رايتس ووتش" ونحو 10 منظمات أخرى من أن القيود المستمرة من حكومة "عبدالفتاح السيسي" منذ سنوات على التجمع، وتكوين الجمعيات، والعمل المستقل ستعيق فعليا المشاركة الهادفة من جانب المنظمات غير الحكومية والصحفيين خلال المؤتمر؛ ما يحول دون تحقيق النجاح والنتائج الطموحة لقمة المناخ.

من جانبه، قال نائب مديرة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في المنظمة "آدم كوجل": "اتضح مع وصول المشاركين في (كوب 27)، أنه ليس لدى الحكومة المصرية نية لتخفيف إجراءاتها الأمنية التعسفية والسماح بحرية التعبير والتجمع".

وأضاف: "ينبغي للسلطات المصرية ألا تمد قمعها لحقوق الإنسان إلى المساحة التي ستُعقد فيها القمة".

وتابع "كوجل": "اعتقال المصريين لمجرد دعوتهم إلى الاحتجاجات قبل أيام قليلة من مؤتمر (كوب 27) ليس مجرد انتهاك لحرية التعبير والتجمع، بل رسالة مباشرة للمشاركين في المؤتمر بأن عليهم الخضوع".

ومنذ وصوله للسلطة في عام 2013، سجن "السيسي" آلاف المعارضين السياسيين أو دفعهم إلى المنفى، وبينهم مصريون عاديون ينتقدون السلطات على مواقع التوصل الاجتماعي فقط، ومنهم سياسيون معروفون.

كما تفرض السلطات المصرية قيودا أكثر صرامة على مجموعات المجتمع المدني والأكاديميين الذين يعملون في مجال حقوق الإنسان والبيئة وقضايا أخرى.

وفي سبتمبر/أيلول الماضي، خلص تقرير لمنظمة "هيومن رايتس ووتش" إلى أن العديد من الجماعات البيئية قد تراجعت أو أغلقت أبوابها في مواجهة مضايقات الحكومة والقيود المفروضة على التمويل والعمل الميداني.

كما كشف ناشطون ومنظمات غير ربحية دولية عن صعوبات غير مسبوقة في الحصول على الاعتمادات والعثور على محال إقامة مدينة شرم الشيخ؛ ما يمكن أن يحد من تمثيل المجتمع المدني وربما يُعرقل جهود القمة.

والأسبوع الماضي، أعلنت "جريتا ثونبرج"، الناشطة السويدية في مجال المناخ، عن عدم حضورها (كوب 27)؛ بسبب سجل مصر السيئ في مجال حقوق الإنسان.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

قمة المناخ حقوق الإنسان انتهاكات حقوقية اعتقالات العفو الدولية رايتس ووتش

تطبيق مصري يثير تخوفات من التجسس على ناشطي قمة المناخ.. ما القصة؟

مصر تدعم جهود مكافحة تغيير المناخ في الخارج وتحاربه بالداخل.. ما القصة؟

الجارديان: مصر تحجب مواقع إخبارية وحقوقية بشبكة قمة المناخ

شركة أمريكية تتولى مسؤولية تجميل صورة مصر في قمة المناخ.. تعرف عليها

رويترز: ألمانيا تحذر وفدها بمؤتمر المناخ من تجسس الأمن المصري

العفو الدولية تطالب الإمارات بعدم ترحيل المعارض شريف عثمان إلى مصر