يهدد الصراع بين قائد الجيش السوداني رئيس مجلس السيادة الانتقالي الفريق عبدالفتاح البرهان ونائبه في المجلس قائد قوات "الدعم السريع" شبه العسكرية محمد حمدان دقلو (حميدتي) بتأخير عملية عودة البلاد إلى الحكم المدني بعد الانقلاب العسكري عام 2021، ما ينذر باحتجاجات شعبية جديدة ومزيد من عدم الاستقرار.
ذلك ما خلص إليه موقع "وورلد فيو"، التابع لمركز "ستراتفور" للدراسات الأمنية والاستراتيجية الأمريكي، في تحليل ترجمه "الخليج الجديد"، في ما تتواصل لليوم الثالث على التوالي الإثنين اشتباكات دموية في السودان.
وتشهد شوارع في العاصمة الخرطوم ومدن أخرى في 9 ولايات من أصل 18 حرب شوارع بين الجيش وقوات "الدعم السريع"، ما خلَّف حتى الآن 97 قتيلا و972 جريحا، وفقا لنقابة الأطباء.
نقاط شائكة
في ديسمبر/كانون الأول 2022، وقَّعت قوات "الدعم السريع" والجيش وائتلاف قوى إعلان الحرية والتغيير المدني اتفاقا إطاريا أوليا، "لكنها تركت نقاطا شائكة رئيسية يتعين تحديدها خلال الجولة الثانية النهائية من المفاوضات، والتي كان من المفترض أن تُختتم في مارس/آذار الماضي، وفقا لـ"وورلد فيو".
وأوضح أن "النقاط العالقة تشمل موعد بدء الفترة الانتقالية (الجديدة)، وإصلاح قطاع الأمن، والحصانة من الجرائم المرتكبة خلال ثورة 2019 (التي أطاحت بنظام عمر البشير 1989-2019) والسنوات الانتقالية اللاحقة، ودمج قوات الدعم السريع في الجيش".
وعام 2013 أُسست "الدعم السريع" لمساعدة القوات الحكومية في مواجهة الحركات المسلحة المتمردة في إقليم دارفور (غرب)، ولاحقا تولت مهاما منها مكافحة الهجرة غير النظامية على الحدود وحفظ أمن البلاد، وهي تضم نحو 100 ألف عنصر ولها قواعد في جميع أنحاء السودان، مقابل حوالي 124 ألف عسكري في الجيش.
ويريد البرهان إتمام العملية دمج قوات "الدعم السريع" في الجيش خلال عامين هي مدة مرحلة انتقالية جديدة مأمولة، بينما يتمسك حميدتي بعشر سنوات، وهو خلاف يرى مراقبون أنه يخفي أطماعا في الحكم.
وجراء خلافهما، تأجل مرتين التوقيع على اتفاق نهائي بين العسكريين والمدنيين، آخرهما كان مقررا في 5 أبريل/نيسان الجاري، لإنهاء الأزمة التي يعيشها السودان منذ أن فرض البرهان في 2021 إجراءات استثنائية اعتبرها الرافضون "انقلابا عسكريا"، بينما قال هو إنها تهدف إلى "تصحيح مسار المرحلة الانتقالية".
وعملية دمج قوات "الدعم السريع" والإصلاح الأمني، بحسب "وورلد فيو"، هي شروط أساسية للتحالفات المدنية مثل قوى إعلان الحرية والتغيير- المجلس المركزي، وهو الائتلاف الحاكم سابقا.
غطاء عسكري
و"لطالما أدى العداء بين قوات الدعم السريع والجيش إلى تأجيج الصراع في السودان، حيث يتنافس قادة مثل حميدتي والبرهان على النفوذ والسلطة"، بحسب "وورلد فيو".
ولفت إلى أنه "في 2019، أدت احتجاجات ضخمة مؤيدة للديمقراطية إلى انقلاب (من قادة الجيش) ضد الزعيم السلطوي السابق عمر البشير، الذي حكم البلاد لما يقرب من 3 عقود".
وأردف: "في أعقاب الانقلاب، تولت القيادة العسكرية الحكومة السيطرة على البلاد من خلال المجلس العسكري الانتقالي، ووافقت في النهاية على هيكل لتقاسم السلطة مع القادة المدنيين، لكن في أكتوبر (تشرين الأول) 2021، أطاح الجيش بالحكومة المدنية الانتقالية وحكم البلاد منذ ذلك الحين".
وشدد "وورلد فيو" على أن الصراع الراهن "يوفر الغطاء العسكري المقبول لمزيد من التأخيرات المطولة في عودة السودان إلى الحكم المدني".
وأردف أن العنف المتزايد سيعتبر دليلا على أن السودان ليس "جاهزا" للانتقال إلى الحكم المدني، ما قد يؤدي إلى مزيد من تأخير العملية لأسابيع أو شهور، و"من المرجح جدا أن تواصل الجماعات المدنية الاحتجاج على أي تأخيرات إضافية لعملية الانتقال السياسي، ما ينذر باستمرار عدم الاستقرار"، في ظل تدهور مستمر للاقتصاد والأوضاع المعيشية.