تلقت صفحة فنانة الكاريكاتير الفلسطينية «أمية جحا»، قبل عدة أسابيع، عشرات الرسائل من إدارة موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، تفيد بوجود تبليغات من أشخاص «مجهولي الهوية» تشتكي وجود عشرات الرسومات المعادية لهم.

من جانبها، قالت «جحا»: «طبعا فهمت من خلال محتوى الرسومات التي كانت ضمن التبليغات التي وصلتني، أنهم ناشطون يهود، يسعون وراء إغلاق الصفحة، لانزعاجهم من الرسومات الداعمة للانتفاضة».

وبالتزامن مع تلقيها التبليغات، تعرضت الصفحة إلى هجوم إلكتروني، ونشر صور وتعليقات، توحي بأن منفذي الهجوم من الإسرائيليين.

وقالت إنها لم تتمكن طيلة ذلك اليوم، من الدخول إلى صفحتها الخاصة، أو الرد على مهاجميها، إلى أن تم حجب صفحتها بشكل كامل وحذفها عن الموقع.

وبحسب «جحا»، فإن الأشخاص الذين هاجموا صفحتها يهود، مرجعة ذلك إلى التعليق الذي وضعه أحدهم على صورة لها قائلا: «أنت محرضة على قتل اليهود».

وأضافت: «راسلت إدارة فيسبوك، وأبلغتهم أنني رسامة، ومن حقي أن أعبر عن معاناة شعبي، وأشاركهم مقاومتهم بريشتي، كما ذكرت أن المهاجمين اليهود، ينشرون صورا سيئة على صفحتي، لكن لم أجد ردا».

وتابعت: «أكثر الصور التي أبدت إزعاج المهاجمين، هي صورة مثلت فيها القدس كالبرتقالة، مغلفة بغلاف العلم الإسرائيلي الذي يتم تقشيره بواسطة سكين، وتظهر أثناء التقشير قبة الصخرة ذهبية اللون».

وأوضحت «جحا» أن من بين الصور التي أثارت غضب المهاجمين، واحدة تعود لأيام الحرب التي شنتها «إسرائيل» على قطاع غزة، صيف 2014.

وترى «جحا» أن فن الكاريكاتير هو أسلوب مقاومة خاصة إذا كان ملتزما بقضايا الشعب، ويساند الثوابت الوطنية.

وأكدت أن الاحتلال الإسرائيلي يريد أن يطمس كل الوسائل، التي تعري حقيقته، وتؤكد على حق الشعب في المقاومة، قائلة: «يريدون أن تبقى صورتنا كفلسطينيين مطموسة».

وأشارت أن محاولة حجب صفحتها لاقت، هبة شعبية إلكترونية مضادة، استمرت حتى بعد إنشائها لصفحة جديدة، وشكلت سياجا حاميا للفن الفلسطيني الملتزم.

وقالت: «رسالتي للاحتلال الإسرائيلي، أن لا يظن بإمكانه تكميم أفواهنا، أو إخماد ثورتنا الشعبية، نحن ما زال لدينا الكثير من صمودنا وعنفواننا لمواجهته».

وتعد الفنانة الفلسطينية، أول رسامة كاريكاتير في فلسطين والعالم العربي، وقد نالت العديد من الجوائز، كان من أهمها جائزة الصحافة العربية لعام 2001 في الإمارات، وحازت على جائزة الإبداع النسوي التي أقامتها وزارة الثقافة الفلسطينية في مارس/آذار 1999.

وتتمتع «جحا»، بعضوية جمعية ناجي العلي للفنون التشكيلية في فلسطين، وكذلك جمعية الفنانين التشكيليين، إلى جانب عضويتها في جمعية «Illustrator Agency» في بريطانيا.

هذا وما تزال الصفحات الفلسطينية على مواقع التواصل الاجتماعي تتعرض للتضيق والإغلاق في أحيان كثيرة بذريعة تحريضها على العنف، وهو ما يعتبره الفلسطينيون رضوخا من إدارة هذه المواقع للضغوط الإسرائيلية.

ولم يقتصر الأمر على حذف الصفحات الفلسطينية خاصة من موقع «فيسبوك»، بل تم حذف عشرات الصور ورسوم الكاريكاتير، التي تنتقد الانتهاكات والجرائم الإسرائيلية بحق الشعب الفلسطيني، بذريعة التحريض والعنف.

ويشتكي عشرات الناشطين من حذف الصور والرسومات والفيديوهات التي تتعلق بانتفاضة القدس، وحظر وحذف كثير من الصفحات التي تنشر هذه المواد الإعلامية.

وقال مسؤول صفحة «المركز الفلسطيني للإعلام» باللغة الإنجليزية على موقع «فيسبوك»، «رامي سلام» إن إدارة الموقع حذفت فيديو وصورتين ورسما كاريكاتيريا باللغة الإنجليزية في الشهر الأخير دون إبداء أسباب مقنعة.

وتتناول الصفحة تغطية الأخبار المتعلقة بالقضية الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي وانتهاكاته، التي تهملها وسائل الإعلام الرسمية سواء المحلية أو العالمية، وتدعم المقاومة الفلسطينية، وتعمل على كشف جرائم الاحتلال بحق الفلسطينيين.

وحذفت إدارة «فيسبوك» من صفحة المركز الفلسطيني كاريكاتيرا للرسام البرازيلي المشهور «كارلوس لاتوف»، ينتقد فيه استخدام «إسرائيل» مصطلح معاداة السامية لكل من يرفع صوته منتقدا جرائم الاحتلال، وصورة أخرى لمتدين إسرائيلي مع طفلته وهما يحملان سلاحا ناريا، وتلقت الصفحة تهديدا بالحذف النهائي.

من جهته، رأى «رامي عبده» رئيس «المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان» أن إدارة «فيسبوك» تحذف المنشورات والصور بناء على ترجيحات موظفي الموقع والتبليغات التي عادة ما لا يتم التحقق من صدقها.

وأوضح «عبده» أن شروط وتعليمات «فيسبوك» التي يضعها للمستخدمين شروط فضفاضة وواسعة تسمح له باتخاذ القرار الذي يريد دون ضوابط واضحة، وبمزاجية عالية وبناء على ترشيحات الموظفين، مشيرا إلى رفع دعاوى ضد الموقع لتقييده حرية التعبير في بعض البلدان الأوروبية، لكن أغلبها لا تنجح لوجود شرط رفع الدعوى في بلد منشأ الموقع أي أمام المحاكم الأميركية.