سلطنة عمان تستعد لمرحلة «ما بعد النفط» بإنشاء منطقة صناعية في الصحراء

الثلاثاء 19 أبريل 2016 08:04 ص

تستعد سلطنة عمان، لمرحلة ما بعد النفط، عن طريق التوسع في الاستثمار بمنطقة صناعية جديدة، هي الأكبر في تاريخ السلطنة.

ففي عمق الصحراء، وفي منطقة جرداء من الساحل العماني، على مسافة 550 كيلومترا جنوبي العاصمة مسقط، بدأت السلطات العمانية في إنشاء تطوير المنطقة المحيطة بقرية الدقم النائية التي يعمل أهلها بالصيد، لتصبح منطقة نشاط اقتصادي كبيرة، بهدف جذب شركات لخلق عشرات الآلاف من الوظائف.

وبالإضافة إلى حوض إصلاح السفن والميناء المجاور له، ستضم منطقة الدقم الاقتصادية الخاصة، مصفاة للنفط، ومجمعا للبتروكيماويات، وأنشطة تصنيعية ومنشآت للتخزين، والخدمات اللوجستية.

وستصبح منطقة لتصنيع الأسماك محور صناعة صيد السمك في السلطنة. وستقام منطقة سياحية بهدف جلب العملة الصعبة من السياح الأجانب.

وبحسب وكالة «رويترز»، ستسهم هذه المنطقة في تحديد مصير سلطنة عمان، في عصر النفط الرخيص، حيث تنفق الحكومة مليارات الدولارات لتجهيزها.

ويقع الحوض الذي تملكه شركة عمان للحوض الجاف، وهي شركة حكومية وتديره شركة دايو لبناء السفن والهندسة البحرية الكورية الجنوبية، بعيدا عن المناطق الصناعية في شمال البلاد.

لكنه في قلب أكبر مشروع اقتصادي منفرد في تاريخ عمان في إطار الجهود الرامية لوقف اعتماد البلاد على صادرات النفط الخام والغاز وتنويع مواردها لتشمل صناعات أخرى قبل أن تنفد موارد البلاد من احتياطيات النفط.

وتحمل هذه الاستراتيجية في طياتها مخاطر مالية كبيرة إذ أنها تقوم على الإنفاق بسخاء على البنية التحتية وإطلاق صناعات رئيسية بتمويل من الدولة وحث القطاع الخاص على المشاركة.

إلا أن هذا يمثل عنصرا رئيسيا في السياسة الاقتصادية في السلطنة التي يبلغ عدد سكانها 4.4 مليون نسمة، ولا تملك من موارد الدخل ما يضاهي جيرانها من مصدري النفط مثل السعودية والإمارات العربية.

تجاوز النفط والغاز

«صالح حمود الحسني» المدير المسؤول عن طلبات الاستثمار في الدقم، قال: «نحن ننوع بما يتجاوز النفط والغاز، وعلينا أن نخلق وظائف للناس ونجذب الاستثمار الأجنبي المباشر».

وأضاف: «المنطقة الاقتصادية تدرس عدة خيارات لتدبير المال بما في ذلك إمكانية إصدار سندات، وكذلك الحصول على قرض من بنوك دولية وإنها بدأت تحقق دخلا من الرسوم سيساعدها في تمويل نفسها».

وتابع: «شركات من مختلف أنحاء المنطقة أبدت نية لاستثمار 2.15 مليار دولار في الدقم، في قطاعات من بينها الإسكان والسياحة والمصايد والخدمات التجارية والكيماويات».

وخفضت دول عربية أخرى مصدرة للنفط في منطقة الخليج، الإنفاق على البنية التحتية ومشروعات التنمية على مدى 18 شهرا، مضت بسبب الضغوط التي فرضها انخفاض أسعار النفط، الذي قلت أسعاره بنسبة 70%.

كما تضررت الأوضاع المالية للسلطنة لكنها لا تملك من رفاهية الوقت ما تملكه دول مجاورة، حيث تقدر الاحتياطيات المالية للسلطنة بعشرات المليارات من الدولارات لا بمئات المليارات إذ تقدر شركة «بريتيش بتروليوم» إن احتياطياتها النفطية ستدوم 15 عاما فقط بمعدل الإنتاج الحالي.

ولذلك تواصل الحكومة الإنفاق بكثافة على الدقم، ومشروعات أخرى أصغر حجما، لدفع الاقتصاد بعيدا عن النفط الخام.

وتوضح أحدث البيانات الرسمية أن إجمالي الإنفاق الاستثماري للدولة ارتفع بنسبة 5.5% عما كان قبل عام، ليصل إلى 2.81 مليار ريال (7.3 مليار دولار) في الأشهر الأحد عشر الأولى من 2015، وذلك رغم أن الميزانية الحكومية سجلت عجزا بلغ 4.07 مليار ريال.

وقال محللون بمجموعة «أوراسيا جروب» في تقرير لهم: «مازالت حملة الاستثمار العمانية في البنية التحتية والصناعة قرب رأس جدول الأعمال الحكومي، وستمضي مشروعات استراتيجية رئيسية، مثل مشروع ميناء ومنطقة الدقم الاقتصادية الضخم قدما».

قبل خمس سنوات كان عدد سكان الدقم يبلغ نحو 3000 نسمة، ولم تكن تربطها ببقية العالم أي روابط جوية تجارية، وكان العمال الوافدون يعيشون في خيام وأكواخ متنقلة أو باخرة قديمة خرجت من الخدمة وتقف راسية في الميناء.

والآن تتلوى طرق واسعة لا تزال خالية من السيارات عبر الصحراء، بينما تمتد خطوط الماء والكهرباء عبر مساحات تمتد على عشرات الكيلومترات المربعة.

وبدأت ترتفع وسط الرمال مجمعات سكنية ومبان تجارية، قبل أن يفتتح مطار عام 2014 لكن مبنى الركاب مازال قيد الإنشاء.

وارتفع عدد سكان المنطقة إلى نحو 13 ألفا بمن فيهم العمال ويقول مسؤولون إن من المقدر أن يصل إلى 67 ألفا في عام 2020، وفي الأجل الأطول تتحدث السلطات عن مدينة يبلغ عدد سكانها 100 ألف أو يزيد.

ويمثل تمويل حركة البناء هذه كلها تحديا، فقد أنفقت الحكومة حتى الآن 1.2 مليار دولار وستواجه صعوبة في تدبير المليارات الأخرى الضرورية إذا ظلت أسعار النفط منخفضة، وربما يتمثل تحد أكبر في جذب ما يكفي من استثمارات القطاع الخاص.

وتعمل الدقم على تسويق موقعها باعتباره مميزا إذ تقع على بحر العرب قرب طرق الملاحة الرئيسية التي تمر بالبحر الأحمر إلى آسيا وأفريقيا، إذ أنها تقع خارج مضيق هرمز المزدحم بالحركة والمعرض للتأثر عندما تزيد التوترات الإقليمية.

غير أن الشكوك تكتنف جانبا مهما من هذه الرؤية، فقد كان من المقرر ربط المنطقة الاقتصادية بدول خليجية عربية أخرى من خلال خط للسكك الحديدية بطول 2100 كيلومتر على أن يكتمل بحلول عام 2018، بما يسمح للميناء باستقبال واردات للمنطقة بأسرها ونقلها شمالا حتى الكويت.

ودفعت ضغوط الميزانية الحكومة إلى تأجيل المشروع لأجل غير مسمى، حيث يقول المسؤولون العمانيون إنهم قد يركزون بدلا من ذلك على بناء خط محلي للسكك الحديدية.

وفي علامة على الكيفية التي قد تتطور بها الروابط التجارية في السنوات المقبلة، أصبحت الشركات الإيرانية، ثاني أكبر مصدر للاستثمار بعد الشركات العمانية.

وفي يناير/ كانون الثاني، اتفق صندوق للثروة السيادية في السلطنة، وشركة خودرو، ثاني أكبر شركة لصناعة السيارات في إيران، على دراسة اقتراح لإقامة مصنع للسيارات باستثمارات تبلغ 200 مليون دولار.

وعلى النقيض من معظم دول الخليج العربية الأخرى، تربط سلطنة عمان بعلاقات دبلوماسية واقتصادية مريحة مع إيران، وقد يساعد هذا في ضمان نجاح الدقم. 

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

ما بعد النفط سلطنة عمان اقتصاد منطقة صناعية النفط الغاز

«المركزي العماني»: 15 مليون ريال قيمة إصدار أذونات الخزانة الحكومية

«النفط العمانية» تتفاوض مع بنوك لاقتراض مليار دولار لوحدة تابعة لها

فائض الميزان التجاري العماني ينخفض بنسبة 71.2% بسبب أسعار النفط

«بي بي» توسع نطاق العمل في مشروع حقل خزان للغاز بسلطنة عمان

سلطنة عمان تجدد استعدادها لخفض إنتاج النفط

المشروعات الصغيرة والسياحة والصناعة.. محاور «اقتصاد ما بعد النفط» في الإمارات

الكويت وعمان تنشئان مصفاة ومجمع بتروكيماويات بـ 8 مليارات دولار

سلطنة عمان تمنح تسهيلات جديدة للمستثمرين في البلاد

استثمارات صينية في مدينة الدقم بسلطنة عمان بقيمة 10 مليارات دولار

البرلمان العماني يقر زيادة الضرائب على قطاعي البتروكيماويات والموارد غير النفطية

عمان توقف مكافآت الوزراء والوكلاء لضبط الإنفاق

آلاف العمال الوافدين يغادرون سلطنة عمان بعد تسريحهم

عُمان تدشن المرحلة الثانية من استراتيجية الصناعة 2040

تتضمن منطقتين حرتين.. عمان تدشن مدينة اقتصادية جديدة