خبراء: السلاح الخارجي إلى «حفتر» يغذي الانقسام الليبي ويعرقل حكومة الوفاق

الخميس 12 مايو 2016 08:05 ص

أرجع خبراء استمرار الانقسام الليبي في ليبيا رغم مضي أكثر من 4 شهور ونصف على توقيع أطراف ليبية، على اتفاق لإنهاء الانقسام السياسي ووصول حكومة الوفاق الوطني، المنبثقة عن هذا الاتفاق، إلى طرابلس، إلى عدة أسباب على رأسها إمدادات السلاح التي تقدمها أطراف خارجية إلى أحد طرفي الصراع في ليبيا.

ورأى «بشير الجويني»، الباحث التونسي المتخصص في العلاقات الدولية والشؤون الليبية، أن الوصول إلى الاستقرار في ليبيا سيكون صعبا؛ ما دامت هناك دول إقليمية قوية ونافذة تعمل على تقديم الدعم العسكري لأحد طرفي النزاع، وتعمل على دعم طرف على حساب الطرف الآخر.

ومتفقا معه، انتقد الدبلوماسي الفرنسي السابق في ليبيا، «باتريك همزادي» سكوت القوى الغربية والأمم المتحدة عن الدعم العسكري المباشر والمعلوم الذي تقدمه الإمارات ومصر إلى الجنرال «خليفة حفتر»، رئيس أركان جيش طبرق رغم أن ذلك الدعم يعد انتهاكا لقرارت مجلس الأمن، التي تمنع تزويد الأطراف في ليبيا أو بيعها أسلحة.

وخلال الفترة الماضية، كشفت مصادر ليبية أن الإمارات أرسلت العديد من المدرعات والشاحنات العسكرية إلى جيش طبرق الليبي الذي يقوده «حفتر».

والشهر الماضي، كشفت صحيفة «وول ستريت جورنال»، عن قيام الأمم المتحدة بتقديم تقرير إلى مجلس الأمن، يفيد بأن مصر والإمارات كسرتا الحظر المفروض على توريد الأسلحة إلى ليبيا خلال عامي 2014 و 2015، مؤكدة أن العتاد العسكري للدولتين انتهى به المطاف إلى يد حكومة طبرق.

ووفق التقرير فإنه «تم نقل تلك المعدات عبر شركات نقل البضائع عبر البلدان مثل الأردن، وفي حالات أخرى توفر وسائل النقل من قبل شركات وجمعيات قريبة من الدول مثل شركات شحن من أوكرانيا».

وضم التقرير أكثر من 100 صفحة من الوثائق، بما في ذلك نسخ من أوامر الأسلحة، والفواتير، وشهادات الاستخدام والأرقام التسلسلية وصور الأسلحة، التي كانت تملكها جيوش وطنية وانتهى بها المطاف في ليبيا.

وجاء في التقرير أن العتاد العسكري المصري (بما في ذلك طائرات هليكوبتر هجومية) انتهى بها المطاف في الترسانة التابعة لنظام طبرق.

ومن المتوقع أن يتم التحقيق في الأدلة المقدمة في التقرير، واتخاذ تدابير يتعين اتخاذها من قبل الدول الأعضاء في الأمم المتحدة على الأفراد والدول المتورطة بخرق قرار الحظر.

وقبل بضعة أشهر، أفادت مصادر دبلوماسية إماراتية فضلت عدم الكشف عن هويتها أن لقاء جمع بين دبلوماسيين إماراتيين ونظراء ليبيين من مؤيدي قائد الثورة المضادة في ليبيا «خليفة حفتر» أقر فيه الجانبان بإرسال الإمارات أسلحة وذخيرة ثقيلة إلى ليبيا.

وفي مارس/آذار 2015، كشف تقرير للأمم المتحدة عن عمليات تهريب سلاح إلى ليبيا قامت بها كل من مصر والإمارات، وتحدث التقرير المطول عن عمليات تهريب سلاح لا تشمل نقل الذخائر والسلاح فقط، بل بتحويل طائرات مقاتلة مصرية إلى ليبيا أيضا.

وحول انتهاكات حظر الأسلحة، قال الخبراء إن الإمارات صدّرت أسلحة إلى ليبيا بشكل غير مشروع، وإنهم تلقوا معلومات تفيد بأن أبوظبي نقلت عتادا عسكريا إلى مدينة طبرق شرق البلاد أواخر العام الماضي.

من جانبه، أعرب السفير الليبي لدى الفاتيكان، «مصطفى الرجباني»، عن اعتقاده بأن مصر ترتكب خطأ عبر دعمها «حفتر.

وقال، في حديث مع صحيفة «لا ستامبا»الإيطالية، نشرته في 29 أبريل/ نيسان الماضي، ن مصر «تخلق مشاكل للدولة الليبية، وتساهم في زعزعة استقراها بدعمها للتيار المتحالف مع حفتر بمجلس النواب، والذي يعارض حكومة الوفاق».

ورغم تصريحات صدرت عن أطراف بحكومة الإنقاذ الوطني في طرابلس (غرب) تتهم مصر بدعم قوات «حفتر» بالسلاح، إلا أن القاهرة تنفي تلك الاتهامات.

دول غربية

وفي السياق ذاته، أوضح الدبلوماسي الفرنسي «همزادي»، خلال مداخلة له في ندوة نظمها مركز IREMMO الفرنسي لدراسات الشرق الأوسط والمنطقة المتوسطية، الأسبوع الماضي، ونشرها موقع Orient 21، أن هناك دولاً غربية تلعب دورا مزودجا في ليبيا يساهم في تعميق الانقسام.

وضرب مثالا على ذلك بدولة فرنسا، التي أرسلت جنودا إلى بنغازي، شمال شرقي ليبيا، دعمًا لحفتر، وفي نفس الوقت تقول إنها تدعم الحل السياسي في ليبيا.

واعتبر «همزادي» أن فرنسا، بدورها الذي شرحه، تساهم في «تعقيد الوضع في ليبيا، وتدفع الحل العسكري على حساب الحل السياسي».

وفي 24 فبراير/ شباط الماضي، سربت صحيفة لوموند معلومات، قالت إن مصدرها وزارة الدفاع، وتفيد بتواجد قوات فرنسية (لم توضح حجمها) في بنغازي لدعم «حفتر، لافتة إلى أن هذه القوات تهدف لمكافحة تنظيم «الدولة الإسلامية».

وبينما لم تقدم الصحيفة تفاصيل أخرى، لم تنف وزارة الدفاع الفرنسية، أو تؤكد النبأ، لكنها فتحت تحقيقًا في كيفية تسريب المعلومة.

وكان مجلس الأمن حظر بموجب القرار رقم 1970 لعام 2011 توريد الأسلحة إلى ليبيا، وأهاب بجميع الدول الأعضاء تفتيش السفن المتجهة إلى ليبيا، ومصادرة كل ما يحظر توريده، وإتلافه.

التشبث بالمواقع

مراقبون وخبراء أرجعوا استمرار الانقسام السياسي في ليبيا إلى سبب آخر؛ وهو تشبث أفراد من طرفي الصراع في ليبيا بمواقعهم، والدفع باتجاه عرقلة عمل حكومة الوفاق.

وحول ذلك، قال «عبد الرزاق العرادي»، العضو في المجلس الوطني الانتقالي السابق، إن ما يمنع الاستقرار والوحدة السياسية ليس الصراع بين إسلاميين وليبيراليين، وإنما هو الصراع بين الذين يريدون التقدم بالبلاد عبر حكومة وحدة، وبين الرافضين للتنازل عن مواقعهم وسلطاتهم الحالية، ولعل أبرزهم «حفتر، الذي يريد السيطرة على وزارة الدفاع، ورئيس المؤتمر الوطني العام، «نوري أبو سهمين، الذي يريد إعادة التفاوض على اتفاق سياسي جديد»، وفق تعبيره.

«العرادي» أوضح أن «المعسكر المناصر لحفتر، يبرر رفضه لحكومة الوفاق ولاتفاق الصخيرات السياسي، بتهديدات سيطرة الإسلاميين على السلطة في البلاد، في حين يحاول الموالون لأبو سهمين تصوير حكومة الوفاق على أنها مؤامرة غربية، ويقولون إنه إذا تمكنت هذه الحكومة من السلطة، فإن ليبيا ستتخلى عن سيادتها».

وخلال المرحلة الانتقالية التي تلت إسقاط نظام الرئيس الراحل «معمر القذافي» في ليبيا عام 2011، حدث انقسام سياسي في ليبيا تمثل في وجود حكومتين وبرلمانيين وجيشين يعملون في البلاد في آن واحد، إذ كانت تعمل في طرابلس (غربا) حكومة الإنقاذ الوطني والمؤتمر الوطني العام (بمثابة برلمان) ولهما جيش انبثق عنهما، بينما كان يعمل في الشرق الحكومة المؤقتة في مدينة البيضاء ومجلس النواب في مدينة طبرق، ولهما جيش آخر انبثق عنها.

قبل أن تتفق شخصيات سياسية من طرفي الصراع في ليبيا، في ديسمبر/ كانون أول 2015، وعبر حوار انعقد برعاية أممية في مدينة الصخيرات المغربية، على توحيد السلطة التنفيذية في حكومة واحدة هي حكومة الوفاق الوطني، والتشريعية في برلمان واحد، هو مجلس النواب في طبرق، إضافة إلى توحيد الجيش، وإنشاء مجلس أعلى للدولة يتشكل من أعضاء المؤتمر الوطني العام في طرابلس، وتتمثل مهامه في إبداء الرأي لحكومة الوفاق في مشروعات القوانين والقرارات قبل إحالتها إلى مجلس النواب.

لكن حكومة الوفاق لم تتمكن على مدى عدة أشهر، الانتقال من تونس إلى طرابلس؛ بسبب استمرار الخلافات السياسية بين طرفي الصراع في ليبيا، والتي حالت دون حصولها على ثقة مجلس النواب، قبل أن تبادر هذه الحكومة بالتوجه إلى طرابلس، أواخر شهر مارس/ آذار الماضي، وتبدأ في ممارسة مهامها دون الحصول على موافقة هذا المجلس.

 

المصدر | الخليج الجديد+ الأناضول

  كلمات مفتاحية

ليبيا مصر الإمارات السلاح

الإمارات ترسل ناقلات جند مدرعة وشاحنات عسكرية إلى قوات «حفتر»

تقرير أممي: مصر والإمارات هربتا طائرات مقاتلة وأسلحة إلى ليبيا

«حفتر» يستولي على مدرعات قادمة من الإمارات إلى حكومة «الثني»

المراقب العام لإخوان ليبيا: مصر والإمارات والسعودية تدعم الثورة المضادة بالمال والسلاح

تعهدات مصرية بتدريب عسكري لجيش طبرق المدعوم من مصر والإمارات

«شكري» يتلقى اتصالين من نظيره الإماراتي ورئيس المجلس الرئاسي الليبي

اجتماع دولي يبحث تسليح الحكومة الليبية .. وتمرد «حفتر» يهدد مستقبل «الوفاق»

‏«حفتر» مؤكدا الاستمرار في تمرده المسلح: لا علاقة لي بالحوار السياسي

الإمارات: حريصون على استقرار ليبيا

ليبيا.. «حكومة الوفاق» تتهم «حكومة طبرق» بالسعي لعرقلة عملها

«حفتر» يخسر قطاعات من قواته وقوات «الوفاق» تتقدم نحو سرت

تسجيلات مسربة تفضح الدعم العسكري الغربي لـ«حفتر» في الشرق الليبي