اليمن: تزايد نزعات التشدد لن يكون في صالح الاعتدال

الأربعاء 5 نوفمبر 2014 11:11 ص

لم يعد اليمن دولة بالتعريف النظري للمصطلح، وربما لم يكن اليمن دولة أصلاً بالمعنى الحقيقي للكلمة، ظل الجدل محتدماً حول وجود الدولة في اليمن من عدمه حتى حسم «الحوثي» هذا الجدل بدخول صنعاء عاصمة الوحدة وتهاويها الدرامي أمام قشماواته الآتية من الل والمدعومة من إيران.

تؤكد المؤشرات أن القوى الإقليمية الفاعلة في اليمن وبينها إيران والسعودية تدفع اليمن دفعاً للدخول في حرب أهلية طاحنة ليسهل لها تنفيذ رؤيتها التي تعتمد على تمدد أطراف الصراع المرتبطة بها (الحوثي، علي صالح، الحراك الجنوبي، القاعدة، القبائل اليمنية) وهو ما يجعل خيار الدخول في حرب شبه محتومة غير بعيد، وربما كانت شرارتها تلك الاغتيالات التي يجمع بينها استهداف الشخصيات المعتدلة والعاقلة مثل اغتيال الأكاديمي والسياسي المخضرم «محمد عبدالملك المتوكل» على يد مجهولين قبل يومين في صنعاء.

فمع تصاعد الأطراف المتشددة التي تحاول أن تتجاذب اليمن من أطرافه الأربعة (الحوثي وعلي صالح والحراك الجنوبي والقاعدة) يبدوا أن التجمع اليمني للإصلاح والنظام السياسي الاجتماعي التقليدي المشكل من الحزب والقبيلة ينسحب تدريجياً باستمرار ويختار سياسة النأي بالنفس والاستعداد للمجهول الآتي.

استراتيجية التجمع اليمني

تعتمد استراتيجية التجمع اليمني للإصلاح، كقوى سياسية تقليدية إصلاحية معتدلة، على تفويت الحرب الأهلية وحماية ما يمكن حمايته من كيانه ووجوده واستمرار دوره السياسي غير أن ترك الفرصة للمتشددين لا يبدوا خياراً صائباً بالنظر لتمدد الخيارات المتشددة المستمر واكتسابها لمساحات جغرافية وسياسية جديدة متزايدة لا يبدوا أنها ستترك للقوى التقليدية المعتدلة مساحة مقبولة يمكن أن تحدث فارقاً في السياسة اليمنية.

ويبدوا أن التنازلات التي يمكن تقديمها غير كافية؛ فبالنظر لما حدث بشكل مبكر في محافظة عمران فقد شكل سقوط المدينة الواقعة على بعد 50 كم من صنعاء في يد الحوثيين علامة فارقة على تراجع النظام السياسي اليمني التقليدي القائم على مركزية القبيلة ورمزية تداخلها مع النظام السياسي.

فبعد كسر شوكة خصوم الحوثي القبليين والمذهبيين في عمران بصلح رئاسي قضى بخروج «آل الأحمر» من معقلهم الرئيس لم يعد أمامه في الطريق للعاصمة سوى الاجتياح الذي كان متوقعاً خاصة بعد اغتيال قائد اللواء 310 مدرع الذي اتهمه الحوثيين بموالاة الإصلاح (الإخوان) وبتوفير غطاء لمسلحي القبائل لمهاجمة الحوثي؛ فيما تجنبت السلطات الرسمية الإشارة إلى وجود حرب مستعرة طوال شهور بين أحد الألوية العسكرية ومسلحي القبائل وبين الحوثيين ما أعطى انطباع بالانسحاب وكشف عن مدى تراجع الدولة اليمنية ومؤسساتها أمام توسع الحوثي المرتقب بعد أن خضعت له قلاع خصومه من «آل الأحمر» في عمران وقام بتهجير سلفيي دماج من صعدة.

تشدد تغذيه الإنجازات“ 

يطرح «عبد الملك بدر الدين الحوثي» نفسه كزعيم الدولة وكقيادة إقليمية لا يمكن لأياً من القوى الإقليمية والدولية الفاعلة تجاوزها خاصة إذا كان الحديث يدور عن ترتيب شرق أوسط جديد تظهر فيه السعودية هدفاً رئيسياً للمشروع الأمريكي.

لم تنجح خيارات الاعتدال الإصلاحية للتجمع في اقناع الحوثي بالاكتفاء بمكتسباته؛ فبعد تفتت الجناح القبلي وتراجع الجناح المسلح للإصلاح في اليمن أمام تمدد الحوثي لم يعد التجمع يملك سوى كيانه التنظيمي وبنيته المدنية التي لا تحميه في وجه عواصف العنف والثورة العاتية في اليمن، وبعد أن ثبت عدم قدرة التجمع على التلويح بورقة القبائل التقليدية لا يبدوا أن الحزب المدني سيكون له دوراً فاعلاً في الساحة السياسية خاصة مع عداوة السعودية له وتسامحها المبكر مع التمدد الحوثي.

وبالتزامن مع تمدد الحوثي سيكون لدى القاعدة فرصة لاكتساب شرعية جديدة مضادة كدرع العرب السنة في اليمن، فيما يبدوا أن الحراك الجنوبي سيشهد نقلات نوعية في الفترة القادمة بالمزاوجة بين خياري العمل الشعبي والعسكري لدعم خيار الانفصال، في هذه الأثناء يظهر أن خطة الرئيس اليمني وتجمع الإصلاح في جر الحوثيين إلى عملية سياسية تشكل ضغطاً عليهم ستبوء بالفشل خاصة مع ازدياد نزعات التشدد يغذيها بريق الإنجازات المتلاحقة، والتي ربما تغري حليفه الإيراني بإعطائه إشارة البدء لتمهيد التواصل مع شيعة نجران وجيزان وعسير ضد الجارة السعودية العجوز وهو ما يجعل خياري الحرب الأهلية اليمنية والإقليمية غيرا بعيدين عن التطورات الأخيرة.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

اليمن الحوثيون التجمع اليمني للإصلاح الحراك الجنوبي القبائل

الحوثيون يتلقون ضربات موجعة على يد القاعدة ومسلحي القبائل في وسط اليمن

أسئلة حول صمت السعودية عن سلوك «الحوثيين»

الحوثيون: من المنفى إلى صناعة الملوك

"المتمردون الشيعة" قادة اليمن الجدد

هكذا سقطت صنعاء في يد الثورة المضادة وإيران

الثمن الباهظ للتخلي عن اليمن

اليمن إذ يسقط بيد الثورة المضادة والغطرسة الإيرانية

«هادي»: ما حدث لصنعاء ”مؤامرة“ تعدت حدود الوطن

الإمارات والسعودية تحالفا مع إيران لإزاحة الإسلاميين من المشهد اليمني بأيادي الحوثيين

«صالح» يرفض مغادرة اليمن ويدعو أنصاره للتظاهر .. وأمريكا تنفي توجيه تحذير له

مجلس الأمن يفرض عقوبات على الرئيس اليمني المخلوع «علي صالح» وقائدين حوثيين