قال الرئيس اليمني «عبدربه منصور هادي» أمس الثلاثاء إن ما حدث لصنعاء ”مؤامرة“ تعدت حدود الوطن، وذلك بعد يومين من سيطرة مسلحي جماعة «الحوثي» الشيعية على معظم المؤسسات الحيوية بصنعاء.
وذكرت «وكالة الأنباء اليمنية» «سبأ» أن الرئيس «هادي» التقى اليوم رؤساء وأعضاء مجالس النواب والوزراء والنواب في القاعة الكبرى بدار الرئاسة في اجتماع وطني لتدارس الموقف الراهن من مختلف الجوانب في ضوء وثيقة السلم والشراكة.
وفي اللقاء قال «هادي» أخاطبكم في هذه اللحظة العصيبة من تاريخنا اليمني وأنا مدرك تماما صعوبة الأيام الفائتة، وأدرك أنكم جميعا تشعرون بالصدمة مما حدث ومن تسليم بعض مؤسسات الدولة ووحدات الجيش بالصورة التي شاهدناها، ولكن عليكم أن تعرفوا أيضا أن المؤامرة قد كانت فوق التصور، وأننا طعنا وغدرنا».
وأضاف «أنها مؤامرة تعدت حدود الوطن، تحالفت فيها قوى عديدة من أصحاب المصالح التي فقدت، ومن الانتهازيين الذين نراهم في كل فاجعة يأكلون من كبد هذا الوطن، ومع الأسف إنه موقف اختلطت فيه كذلك الأمور على قطاع كبير من البسطاء والأنقياء والحالمين الصادقين من أبناء هذا الوطن الذين دفعتهم طول المعاناة ووطأتها وضبابية المرحلة واستقطاباتها وضراوة الحملات الإعلامية وشراستها، وقبل كل ذلك تقصيرنا كدولة وضعف وانتهازية البعض منا بالدفع بهم للذهاب والتخندق في الموقف الذي لا يعبر صدقا عن حقيقة تطلعاتهم وآمالهم وأحلامهم في الدولة المدنية الحديثة».
وفي خطابه، دعا «هادي» أبناء الشعب اليمني الذي وصفه بالصابر الأبي قائلا: «دعونا نغادر في هذه اللحظة العصيبة لغة التنديد واللوم وتحميل المسئولية، بل والتخوين لما حدث في عاصمتنا وعنوان وحدتنا.. صنعاء التي احتضنت الحلم.. وكانت وستبقى أمينة عليه... فمهما تحدثنا ولومنا وعبرنا، فما حصل كان أقسى ولا يمكن لأي عبارات أو لوم أو حتى تحمل أو تهرب من المسئولية أن يعبر عن قساوة وصعوبة ما حدث، وما أسهل أن نقوم فقط بذلك وما أصعب أن نقرر جميعا أن نتحمل المسئولية في هذا الظرف الذي يحتاج منا جميعا أن نتوحد وان نتماسك لندافع عن حلمنا الذي حكناه وصغناه سويا في مؤتمر الحوار الوطني الشامل ، حلم الشعب في الحياة الكريمة وفي الدولة العادلة الرشيدة ، وفي المواطنة المتساوية والشراكة الحقيقية».
وأكد «هادي» «رغم كل هذه التحديات فإنني لن أتهرب من مسئولياتي والتزاماتي تجاهكم، خاصة في هذا الظرف الصعب، فأنا مصمم على ما عاهدتكم عليه منذ البدء، وسأتحمل مسئوليتي في تحقيق الأمن والاستقرار وإعادة الأمور لنصابها، والسعي لتحقيق مخرجات الحوار الوطني».
وأشار الرئيس اليمني إلى أن قوى خارجية وداخلية سعت لإسقاط تجربة اليمن في الانتقال السلمي.
وواصل قائلا: «كنت حريصا خلال الأشهر الماضية على ألا استسلم، وألا اسلم اليمن للحرب الأهلية، وألا أحول اليمن لورقة تفاوضية بيد أيا كان، وها أنا أقول لكم إن صنعاء لم تسقط، ولا يمكن لها أن تسقط، فصنعاء مدينة كل اليمنيين ولن تكون حصرا ولا ملكا لأحد، وما كان توقيع اتفاق السلم والشراكة إلا تعميدا لخيار السلام الذي جنح إليه أهلها واليمنيون قاطبة وهم العارفون بمغبة الاقتتال الذي عانى منه اليمن لسنوات طويلة».
وتأتي تصريحات «هادي» بعد يومين قيام مسلحي «الحوثي» الأحد الماضي باجتياح صنعاء والسيطرة على معظم مؤسساتها الحكومية مدنية وعسكرية، تحت مطالب إسقاط الحكومة وإلغاء رفع الدعم عن المشتقات النفطية.
وما تزال هذه المؤسسات حتى الآن تحت سيطرة مسلحي الجماعة فعليا رغم انتشار قوات من الشرطة العسكرية لحماية هذه المنشآت، كما يفرض مسلحو الجماعة نقاط تفتيش في جميع شوارع العاصمة ومداخل أحيائها السكنية.
واحتفل «الحوثيون» اليوم في منطقة التحرير وسط صنعاء، بما أسموه «الانتصار»، والقي زعيم الجماعة خطابا متلفزا مباشرا من مقر إقامته في «صعدة» شمال البلاد على المحتشدين، بارك لهم النصر.
وقال «الحوثي» في خطابة «بإنه لن يستفرد بالحكم، داعيا جميع الأطياف السياسية للمشاركة في المرحلة القادمة.
وما يزال الشارع اليمني يعيش في حالة من الصدمة والذهول جراء التطورات المتسارعة في البلاد.