فيما يبدو أنه رد فعل على مساعي أمير الكويت الشيخ «صباح الأحمد الصباح»، الرامية إلى تهدئة حدة الخلاف الخليجي وضمان مشاركة دول الخليج كافة في قمة الدوحة المقبلة، بدأ بعض المقربين من أبوظبي الهجوم على أمير الكويت بصورة غير مسبوقة، بما يوحي أن جهود الأمير وضعت ولي عهد أبوظبي في موقف حرج.
و”سخر“ «عبد العزيز الخميس»، رئيس تحرير صحيفة «العرب» التي تملكها أبوظبي وتصدر في لندن، من أمير الكويت دون أن يسميه باسمه قائلا، في تغريدات عبر حسابه على موقع تويتر: «هناك قائد دولة مشغل نفسه زيارات للوساطة والمشكلة أنها لصالح من يمول ويدعم إعلاميا منافسيه المحليين الذين كادوا يصلون لقصره قبل تدخل الأصدقاء».
ووصف جهود أمير الكويت بـ«مدرسة السياسة القديمة»، مؤكدا أن «حب الخشوم لم يعد فعالا، المهم الأفعال والتقاء المصالح ووحدة الاستراتيجيات» حسب تعبيره.
وأضاف مخاطبا أمير الكويت «تركض شمالا وشرقا وجنوبا تقبل أنف هذا وتبشر بمرجعية ذاك وبينهم الذئاب العدوة. وفي النهاية تغضب ممن وقفوا معك في وقت الله لا يعيده عليك».
وحرض «الخميس»، أمير الكويت على قطر، دون أن يسمها صراحة، قائلا له «كادوا أن يحرقوا قصرك ويطيحون بملكك وأنت بكل طيبة تسعى للتوسط لهم بدلا من أن تنضم لإيقاف عبثهم في المنطقة».
وأطلق مغردون كويتيون وسما (هاشتاج) على تويتر يحمل عنوان «#عبدالعزيزالخميس_يسئ_للأمير» دافعوا فيه عن أميرهم وقالوا: إن «الخميس» لم يكن يتجرأ على ذلك لولا ضوء أخضر من قادة إمارة أبوظبي التي يقول محللون خليجيون أن وساطة أمير الكويت، أحرجتهم بشدة وكشفت موقفهم من إثارة الخلافات بين دول الخليج لتقويض منظومة مجلس التعاون الخليجي.
يأتي ذلك فيما حاولت أطراف بحرينية التشكيك في نجاح الوساطة الكويتية حيث انتقد «نبيل الحمر»، المستشار السياسي لملك البحرين، الوساطة التي يقوم بها أمير الكويت الشيخ «صباح الأحمد» لتحقيق المصالحة الخليجية.
وقال «الحمر» عبر حسابه الشخصي على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»: «من دون شك أهل الخليج العربي متسامحون ولكن بالتأكيد ليسوا متساهلين.. والذي يلعب بالنار يكتوي بها.. ومن يغرد خارج السرب يتحمل العواقب».
وقد قوبلت تغريدة «الحمر» بسيل من الانتقادات خاصة من قبل المغردين الكويتيين.
وأكدت مصادر خليجية أن أبو ظبي أبدت تشددًا كبيرًا في مواجهة وساطة أمير الكويت، الأمر الذي أدَّى إلى غضب أوساط كويتية، رغم تكتمها على ذلك، وقد أكد تلك المعلومات.
وقال الدكتور «عبد الخالق عبد الله»، المستشار السياسي لولي عهد أبو ظبي، عبر حسابه على «تويتر» إن «الوساطة الكويتية لم تتمكن من إحداث اختراق مهم في الخلاف الخليجي وقمة الدوحة مهددة بالإلغاء والاجتماع الوزاري المقرر عقده في الدوحة قد يلغى».
هل نجحت الوساطة؟!
من جانبه أكد الكاتب الصحفي الكويتي، «حسين عبدالرحمن»، أن زيارة أمير الكويت، إلى أبو ظبي وقطر، حققت أهدافها، وأن القمة الخليجية ستعقد في الدوحة، بموعدها خلال شهر ديسمبر/كانون الأول المقبل.
وقال «عبدالرحمن»، في تصريحات لبرنامج «العالم هذا المساء» على قناة «بي بي سي العربية»، إن هناك ضمانات بأن كافة الدول الخليجية ستشارك في قمة الدوحة وستعقد حسب الجدول المقرر لها.
وأوضح أن السعودية ستحضر القمة ممثلة في ولي العهد السعودي والإمارات، التي كانت متشددة جدًا ومُصرة على عدم الحضور ستحضر والبحرين أيضًا، مردفا أن أمير الكويت الذي يُعتبر شيخ الدبلوماسية استطاع أن ينزع فتيل الأزمة في هذه المرحلة.
لكنه أضاف «عبدالرحمن» أن «الخلاف القطري الظبياني ما زال قائمًا، وترى أبو ظبي أنه على قطر أن تقدم الكثير من التنازلات كما تريد أن يتم فصل الإخوان بالطريقة التي يريدونها هم في الإمارات وفي مصر، مشيرًا إلى أن دولة قطر لم ترضخ كثيرًا لأن لها سياستها ولها أدواتها وهي متمسكة بها والإخوان جزء من الأوراق التي تمسك بها قطر، وكل الدول لديها أوراقها».
وقال إن أبو ظبي افتعلت هذا الخلاف الجانبي الذي أدَّى إلى تعطيل التنمية في الخليج والانشغال في الداخل بقضايا هامشية.
من جهته، قال مدير تحرير صحيفة «العرب» القطرية،«عبد الله بن حمد العذبة»، في الحلقة ذاتها، إن «الجميع يرحبون بجهود أمير دولة الكويت الذي رغم المشاكل الصحي، التي يعاني منها تكبد عناء السفر لمسافات طويلة، وقام بجولة مكوكية بدأها بأبوظبي ثم الدوحة، ضمن وساطة حميدة للحفاظ على منظومة مجلس التعاون، وهي المنظومة الوحيدة التي بقيت متماسكة في المنطقة بعد الربيع العربي».
وأوضح «العذبة» أنه «وبعد مغادرة الشيخ صباح الأحمد لأبو ظبي، أعلنت مقاطعتها لبطولة كأس العالم لكرة اليد التي تستضيفها الدوحة»، معتبرًا أن «هذا يدل على نوع من التعنت، فالشعوب الخليجية تعبت من المناكفات التي يمارسها البعض».
وأكد «العذبة» أنه «لا وجود لأي عقبات بين السعودية وقطر، والدليل على ذلك أن سمو الشيخ صباح الأحمد الصباح أمير الكويت لم يمر بالرياض في جولته الخليجية»، مشدِّدًا على أن «قطر لديها الكثير من المرونة في التعامل مع المسائل التي تُطرح لكن هناك قضايا أساسية في الخلاف مع الأشقاء في أبو ظبي، وبالتالي أتمنى أن يقوم الشيخ محمد بن زايد، ولي عهد أبو ظبي، بتغليب الحكمة والمحافظة على هذه المنظومة الخليجية التي تقودها المملكة العربية السعودية، وبتغليب الحكمة في قضية المعتقلين القطريين الذين تعرضوا لمعاناة، بحسب التقارير من منظمات حقوق الإنسان الدولية».
وأشار «العذبة» إلى وجود استياء شعبي من التعرض للأعراض والنساء في دولة قطر من قبل لأن هناك خطوطًا حمراء يعرفها أبناء منطقة الخليج بحكم التركيبة القبلية، وهذا الاستياء جاء عند قيام أمير قطر الشيخ «تميم بن حمد آل ثاني» بأول زيارة رسمية له لأبو ظبي حيث تم التعرض له ومحاولة المساس به وهو موجود على أراضيهم، مستطردًا: «هذه ليست من عادات الخليج وتصرفات لم نعهدها أيام الشيخ زايد رحمه الله».
واختتم حديثه مرجحًا أن «يغلب قادة مجلس التعاون الكبار الحكمة».