خلال أسبوعين فقط، نشرت جريدة «التلغراف» البريطانية سبعة مواضيع تدور حول قضية واحدة فقط، وهي إلصاق تهمة الإرهاب بدولة قطر.
واتهمت الصحيفة في سلسلة تقارير متصلة دولة قطر بتمويل الإرهاب في العالم بما في ذلك تنظيم القاعدة وحركة المقاومة الإسلامية (حماس) الفلسطينية وجماعة الإخوان المسلمين.
ولفت تقرير نشره موقع عربي21 إلى أنه «على الرغم من أن الإخوان ليسوا مصنفين كمنظمة إرهابية في بريطانيا أو في دول الاتحاد الأوروبي، إلا أن الصحيفة حاولت الخلط في عدة تقارير بين الإخوان والقاعدة وحتى تنظيم «داعش» في سوريا والعراق، لتنتهي إلى تثبيت تهمة تمويل ودعم الإرهاب على القطريين».
وأشار التقرير أن جريدة «التلغراف» هي واحدة من صحف اليمين في بريطانيا، كما أنها محسوبة على حزب المحافظين الحاكم، ومقربة من رئيس الوزراء البريطاني «ديفيد كاميرون» وعمدة لندن «بوريس جونسون» الذي ينشر مقالاته فيها على الدوام»، لافتا إلى أن« الجريدة نشرت سبعة مواضيع تدور حول موضوع واحد وهو إلصاق تهمة الإرهاب بدولة قطر خلال أسبوعين فقط».
وألمح التقرير إلى أنه «وبتحليل مضامين التقارير الصحفية السبعة يتبين بأن المقصود ليس الإخوان المسلمين وإنما المراد هو الربط بين دولة قطر وبين تمويل الإرهاب في العالم»، لافتا إلى أن «وحتى عندما ورد ذكر الإخوان قالت الصحيفة إن «قطر تدعم الاخوان المسلمين في ليبيا الذين يتعاونون مع ميليشيات مسلحة تشن الهجمات للاطاحة بالعلمانيين من الحكم!»
وكانت جريدة «صنداي تلغراف» اعتمدت في تقرير لها عن نتائج التحقيقات البريطانية عن الإخوان المسلمين على باحث مرتبط بمركز أبحاث إماراتي ليس له علاقة بالتحقيقات التي تجريها الحكومة البريطانية عن الإخوان المسلمين، واعترف بأنه لم يطلع على نتائج التحقيق، وهو عكس ما ذكرته الصحيفة في تقريرها، بما ينسف في النهاية دقة التقرير والمعلومات الواردة فيه.
وكانت الصحيفة قد وصفته بأنه أحد المشاركين في كتابة التقرير الذي يجري إعداده من قبل فريق يتبع الحكومة البريطانية، ويرأسه السفير البريطاني في السعودية، «السير جينكينز»، إلا أن «لورينزو» نفسه نفى في تصريحات لموقع «ميدل ايست آي» أي علاقة له بالفريق المشرف على التقرير.
ولفت تقرير «عربي21» إلى أحد عناوين المقالات السبع والذى حمل عنوان: «المتسوقون من هارودز يشترون من الإرهاب»، في إشارة إلى متجر «هارودز» الشهير في وسط لندن، وهو أشهر وأفخم وأغلى المتاجر في القارة الأوروبية على الإطلاق، كما أنه مملوك لدولة قطر الذي يمثل هذا المتجر الفاره أحد استثماراتها في بريطانيا».
واستهجن التقرير «ذم المقال وقدحه وتشهيره بعلامة تجارية مهمة وهي علامة تجارية لمركز تسوق لا علاقة له بالسياسة ولا بالنظام في قطر، وإنما هو استثمار عربي خالص في لندن»، لافتا إلى أن مقال «التلغراف» كان قد «ركز على وقفة محدودة لنشطاء مؤيدين لإسرائيل أمام المتجر اتهموه فيها بتمويل الإرهاب، وطالبوا بمقاطعته، وهو ما بنت عليه الصحيفة تقريرها».
وأشار التقرير إلى أن «كل هذه التقارير والمقالات( التي تهاجم قطر) يقف وراءها شخص واحد، هو كبير المراسلين في «صنداي تلغراف» الصحفي «روبرت ميندك»، لافتا إلى أن « كون هذه التقارير والمقالات جميعها من إعدادها ويتم نشرها من خلاله يرفع من مستوى الشكوك بشأن كونها «حملة منظمة»، وليست مجرد مصادفة».
كما أضاف التقرير أن «هذه الحملة اللافتة التي تطال دولة قطر في جريدة «صنداي تلغراف» تأتي بالتزامن مع حملة مشابهة تشهدها الولايات المتحدة، وهي الحملة التي كان من الممكن ألا ينتبه لها أحد لولا أن موقعاً الكترونياً أمريكياً فضحها، وكشف من يقف خلفها ومن يدفع الرشاوى من أجل تحريكها».
وبحسب التقرير فإن «تقريرا نشره موقع «ذي إنترسيبت» الأمريكي بين أن العداء بين قطر والإمارات تمخض عنه «حملة جديدة في الغرب لشيطنة القطريين على أنهم الداعمون الأهم للإرهاب، حيث اختارت الإمارات استراتيجية مستترة وذلك من خلال دفع ملايين الدولارات لمؤسسة ضغط سياسي (لوبي) تتكون من مسؤولين كبار سابقين في الخزانة الأمريكية من الحزبين لتمرير قصص مناهضة لقطر إلى الصحفيين الأمريكيين، على حد تعبير التقرير».
وأشار التقرير إلى أنه «بحسب المعلومات التي يكشفها الموقع الأمريكي فقد تعاقدت دولة الإمارات مع مؤسسة استشارية أمريكية اسمها «كامستول غروب»، يعمل فيها عدد من المسؤولين السابقين في وزارة الخزانة الأمريكية، من أجل القيام بهذه المهمة، حيث دفعت أموالاً ورشاوى لصحفيين كتبوا لاحقاً مقالات ناقدة لقطر تتهمها بلعب دور في جمع الأموال للإرهابيين».
وأكد التقرير أن «المعلومات التي نشرها موقع «ذي إنترسيبت» تؤكد ما ورد في مقال بصحيفة «نيويورك تايمز» بقلم «دافيد كيركباتريك»، حيث كشف النقاب عن «تحالف مصالح غير متوقع بين كل من المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة ومصر وإسرائيل» يسعى لتصوير الدوحة كما لو كانت «عراب الإرهابيين في كل مكان».
وتابع التقرير أن «دخول بريطانيا في أية أزمة مع دولة قطر سيعني في النهاية أن قائمة طويلة من الاستثمارات المليارية، والمصالح الاستراتيجية ستكون مهددة».
كما نقل التقرير عن محلل بريطاني «إن الحملة التي تقوم بها «التلغراف» هذه المرة مشبوهة، مضيفاً: «من الواضح أنها تحمل بصمات سياسية، وعلى الأغلب أن نفس الأطراف في الولايات المتحدة هم من يقومون بهذه الحملة».
وحول خيارات قطر في التعامل مع هذه الحملة، قال المحلل إن «قطر يمكن أن تلجأ لحملة مضادة، أو تلجأ إلى القضاء، لكنها تملك أيضاً الورقة الاقتصادية، خاصة وأن قطر تعتبر من أكبر وأهم المستثمرين في بريطانيا التي لا زالت بحاجة لاستثمارات خارجية من أجل أن تتعافى من الكبوة المالية، لذلك فان أي تهديد من قطر بسحب الاستثمارات من بريطانيا سيؤخذ على محمل الجد من قبل صناع القرار في لندن».
وذكر التقرير أن اسم قطر يرتبط في أذهان البريطانيين بالغاز الطبيعي، الذي يستخدمونه في تدفئة منازلهم، حيث تمثل قطر مزوداً مهماً لبريطانيا في مجال الغاز. مشيرا إلى أن «قطر لعبت دورا كبيرا في إخراج بريطانيا من أزمتها المالية، لافتا إلى أن «قطر تملك واحداً من أكبر صناديق الاستثمارات السيادية في العالم، حيث يدير صندوقها أصولاً تتراوح قيمتها بين 100 و200 مليار دولار، بحسب ما أوردت وكالة الصحافة الفرنسية في تقرير لها مؤخراً».