كشف تقرير لموقع «ذي إنترسيبت» الأمريكي الخميس، عن استخدام موظفين سابقين في الخزانة الأمريكية، بالتعاون مع الإمارات العربية المتحدة، للتلاعب بالصحفيين الأمريكيين ضد دولة قطر.
وقال الصحفي البريطاني «غلين غرينوولد» في تقريره إن قطر، باتت هدفا مستعدى من قبل دولتين تتمتعان بنفوذ كبير في الولايات المتحدة الأمريكية وهما: إسرائيل والإمارات.
موضحا أن إسرائيل غاضبة بسبب دعم قطر للفلسطينيين بشكل عام ولحماس بشكل خاص، بينما الإمارات ساخطة لأن قطر تدعم الإخوان المسلمين في مصر، وهو ما يتعارض مع سياسة الإمارات الداعمة للانقلاب العسكري، ولأن قطر تمول الثوار الإسلاميين في ليبيا، بينما تنحاز الإمارات إلى القذافي ونظامه، على حد قوله.
ويضيف أن هذا العداء تمخض عن حملة جديدة في الغرب لـ «شيطنة القطريين» على أنهم الداعمون الأهم للإرهاب. واختار الإسرائيليون مقاربة مباشرة من خلال اتهام أعداءهم الجدد في الدوحة على الملأ بأنهم داعمون للإرهاب، بينما اختارت الإمارات استراتيجية مستترة، وذلك من خلال دفع ملايين الدولارات لمؤسسة ضغط سياسي «لوبي» تتكون من مسؤولين كبار سابقين في الخزانة الأمريكية من الحزبين، لتمرير قصص مناهضة لقطر إلى الصحفيين الأمريكيين.
ويلفت «غرينوولد» إلى أن هذه الحملة السوداء ضد قطر أشير إليها لأول مرة في مقال بصحيفة «نيويورك تايمز»، قبل أسبوعين بقلم «دافيد كيركباتريك»، كشف فيها عن «تحالف مصالح غير متوقع بين كل من السعودية والإمارات ومصر وإسرائيل»، يسعى لتصوير الدوحة كما لو كانت «عراب الإرهابيين في كل مكان»، وهو ما تنفيه قطر.
موضحًا أن أحد المكونات المهمة لهذه الحملة يكمن في تعاقدت الإمارات مع مؤسسة استشارية أمريكية تدعى «كامستول جروب»، يعمل فيها عدد من المسؤولين السابقين في وزارة الخزانة الأمريكية. وتشير الأوراق الرسمية للمؤسسة، والمسجلة على أنها وكيل أجنبي، إلى نمط متكرر من المحادثات مع الصحفيين الذين ما لبثوا أن كتبوا مقالات ناقدة لقطر تتهمها بلعب دور في جمع الأموال للإرهابيين.
ويرى أن الطريقة التي تمت من خلالها هذه العملية كانت مدهشة، ويتبين بوضوح من كفاءتها كيف يمكن بلا أدنى صعوبة التلاعب بانطباعات الجمهور الأمريكي وبالتقارير الإعلامية.
ويشير إلى أن مؤسس «كامستول» والمدير العام فيها، «ماثيو إبستين»، كان مسؤولا في وزارة الخزانة من عام 2003 إلى عام 2010، وشغل خلالها إلى حين منصب الملحق المالي لوزارة الخزانة في السعودية والإمارات.
ويقول الكاتب إن العضو المنتدب في «كامستول»، «هوارد مينديلسون»، كان مساعد وزير الخزانة بالوكالة، وكان يحمل على عاتقه ما يكفي من مسؤوليات السياسة العامة ذات العلاقة بالإمارات.
وإحدى برقيات ويكيليكس لعام 2010 تفصل كيف أنه «التقى بكبار المسؤولين من دائرة أمن الدولة في الإمارات ومن الدائرة العامة لأمن الدولة في دبي»، لتنسيق تعطيل تمويل الطالبان. ويستطرد الكاتب بأن مسؤولاً كبيرا في الخزانة مكلفا بسياسة الولايات المتحدة تجاه الإمارات ترك الحكومة الأمريكية وفتح شركة جديدة للضغط السياسي «اللوبي»، تلقت مباشرة بمجرد تأسيسها ملايين الدولارات من نفس البلد الذي كان هو مسؤولاً عن العلاقة معه، وكل ذلك لكي يستخدم نفوذه وعلاقاته لمصلحتها.
جدير بالذكر أن الإمارات تدفع أكثر من أي بلد آخر في العالم من أجل التأثير على السياسة الأمريكية وعلى النقاش السياسي المحلي، وهي تفعل ذلك من خلال تشغيل كبار المسؤولين الحكوميين الذين عملوا معها من قبل مثل إبستين وصحبه، والهدف هو إنفاذ أجندتها داخل الولايات المتحدة.
وعن سؤال «ماذا قدمت كامستول مقابل كل هذه الملايين من الدولارات؟»، يقول إنهم قضوا وقتاً طويلاً جداً في إقناع أصدقائهم الإعلاميين بترويج قصص ضد قطر، ولقد نجحوا في ذلك إلى حد بعيد.
لافتا أنه في هذه الأثناء أرسلت الـ«سي إن إن» بالإعلامية «إرين بيرنيت» إلى الدوحة، حيث بثت من هناك ”تقريراً خاصا“ عنوانه «هل باتت قطر مركزاً لتمويل الإرهاب؟»، وروجت الـ«سي إن إن» لهذا التقرير بوصفه «نظرة متفحصة في الذين يمولون القاعدة والجماعات المرتبطة بها، بما في ذلك داعش».
ويرى أن المضلل في الأمر ليس الزعم بأن قطر تمول المتطرفين، وإنما الزعم بأنهم يفعلون ذلك أكثر من غيرهم من حلفاء الولايات المتحدة في المنطقة، وهي الرواية التي أُقحمت في الإعلام تقريباً في نفس الوقت الذي أضحت فيه قطر هدفاً أساسياً لكل من إسرائيل والإمارات.
وبحسب الكاتب، فإن بعض متهمي قطر يفعلون نفس الشيء على الأقل بنفس الدرجة، وفي حالة السعوديين، بدرجة أكبر بكثير. وكما لاحظ «كيرك باتريك»، فإن «قطر ليست المملكة الخليجية الوحيدة التي تترك الباب مفتوحاً أمام جمع الأموال من قبل شيوخ قررت الولايات المتحدة أنهم يرتبطون بفرع القاعدة في سوريا، جبهة النصرة. فالشيخ العجمي ومعظم الآخرين يقيمون في الكويت، ولديهم قنوات مفتوحة على المتبرعين في المملكة العربية السعودية، وحتى أنهم في بعض الأوقات يروجون لأفكارهم من خلال قنوات تلفزيونية مملوكة للسعودية وللكويت».
ويخلص «غرينوولد» ختاما إلى أن أحد أهم النقاط التي يجليها كل هذا «البيع المتجول والرديء للنفوذ هي التحيز الذي يقود قدراً كبيراً من سياسة الولايات المتحدة في تلك المنطقة».
ويختم بأن كل الشخصيات الرئيسية العاملة في «كامستول» هي من المحافظين الجدد المتطرفين، وبحسب الكاتب: «تجدهم يعملون يداً بيد مع صحفيين من المحافظين الجدد أيضاً للنيل ممن يعتبرونه عدواً جديداً لإسرئيل، وتشويه صورته أمام الملأ خدمة لأجندة حكام الخليج المستبدين».
موضحا بقوله: «نحن بصدد تحالف عجيب ما بين المحافظين الجدد وإسرائيل ومستبدي الخليج، هو الذي يقود ليس فقط السياسة الأمريكية بل أيضاً وبشكل متزايد الخطاب السياسي الأمريكي».