المقاتلون الأجانب يحركون الاقتصاد في مناطق «الدولة الإسلامية»

السبت 6 ديسمبر 2014 04:12 ص

ما الشيء الذي يفضل المسلحون الجهاديون تناوله أثناء فترة استراحتهم وهم في جبهة القتال؟ الجواب هو رقائق البطاطا المقلية، البرينجلز، واحدة من هذه الأشياء، وكذلك شراب الطاقة، ريد بول.

هناك آلاف من المقاتلين الأجانب من الذين تقاطروا على سوريا، يريدون العودة إلى أيام الماضي بإنشاء دولة إسلامية متشددة. ومع ذلك احتفظ هؤلاء بذوقهم في تناول الوجبات الخفيفة اليومية الحديثة واستخدام أجهزة الدول الغربية التي يحتقرونها.

لا يعيش السكان المحليون فقط في خوف من هؤلاء المسلحين الذين يستخدمون أساليب الإعدام الوحشية وقطع الرؤوس لفرض قانونهم، ولكنهم أيضاً يحاولون إيجاد طرق للبقاء على قيد الحياة في وسط أزمة اقتصادية أحدثتها ثلاث سنوات من الحرب الأهلية. ويقول كثير من السكان إن أفضل استراتيجية للتعامل مع هؤلاء المقاتلين الذي يزدرونهم، هو تزويدهم بما يرضي أذواقهم.

الرقائق المقرمشة والشوكولاتة وشراب الطاقة والبيرة الخالية من الكحول من الخيارات المفضلة لكثير من الأجانب الذين يقاتلون مع «الدولة الإسلامية» التي توسعت عبر مساحات شاسعة في سوريا والعراق.

لكن التعاليم الدينية وأذواق المقاتلين الأجانب بدأت تعمل على إحداث تغيرات في الاقتصاد المحلي في المناطق التي احتلتها هذه المجموعة، فالمحال التي تبيع الكحول أغلقت، بينما يستطيع الباعة تحقيق أرباح متواضعة، مثل الذين يبيعون الأطعمة السريعة غير المتوازنة والمحال التي تبيع الملابس - خاصة التي تقدم زياً عسكرياً - ومحال الهاتف الجوال.

يقول صالح، وهو بائع ملابس بالتجزئة، من مدينة الرقة الواقعة في وسط ريف سورية الشرقي: «الاقتصاد في مناطق الدولة الإسلامية يحركه الآن المقاتلون الأجانب، وما عدا ذلك فهو لا شيء».

وكثير من أصحاب الحوانيت في المناطق الريفية الواقعة إلى الشرق من سوريا لم يسمعوا أبداً بشراب الطاقة، مثل ريد بول، قبل وصول مقاتلي «الدولة الإسلامية» الأجانب. ولم يحلم يوماً البائعون في مدينة دير الزور، الواقعة إلى الشرق، ببيع أصابع الشوكولاتة من نوع سنيكرز أو باونتي، وهي الأنواع المفضلة من أصابع الشوكولاتة لدى المقاتلين الذين جاؤوا من أوروبا ودول الخليج.

يقول «نسيم»، وهو أحد أصحاب المحال الذين يستخدمون اسماً مستعاراً للحفاظ على سلامتهم: «هذه الوجبات السريعة، إما لم تكن موجودة من قبل وإما كانت تعتبر من الكماليات، أو غير ميسرة من حيث التكلفة، لكن عندما بدأ المقاتلون طلبها، لم أعد أسأل عن ذلك. لقد أسرعت إلى مورد بضائعي، وطلبت بضاعتي: إنها رقائق البطاطس البرينجلز وأصابع الشوكولاتة السنيكرز. يشتري شباب الدولة الإسلامية ذلك بالصناديق للمشاركة في تناولها، وهم في جبهة القتال».

يقول بائع في مدينة الرقة، طلب تعريفه باسم قاسم، إن علبة من ريد بول تكلف نحو 250 ليرة سورية (نحو 1.5 دولار)، بينما يُكلف أنبوب شيبس البرينجلز في دير الزور نحو 5.5 دولار. وكلا السلعتين تكلف أكثر من المعدل الذي يعيش عليه أغلب السوريين في اليوم، وهو ثلاثة دولارات. ويشتري أصحاب الأعمال السوريون الرقائق المقرمشة والبيرة الخالية من الكحول من المناطق التي يسيطر عليها النظام ويضيفون نسبة 10% للسعر لتغطية الرشا المقدمة عند نقاط التفتيش التابعة للجيش. أما مشروب الطاقة والشوكولاتة، فتُجلب عبر الحدود من تركيا، وبحسب السكان المحليين، يتقاضى المقاتلون الأجانب راتبا أساسيا لا يقل عن 215 دولارا في الشهر، وهو ضعف معدل الدخل الذي يأمل المدنيون في كسبه. وفوق ذلك يأخذون حصصا من غنائم الحرب، وبدل طعام يومي يبلغ ثلاثة دولارات، ويحصلون على مكافآت بين حين وآخر.

يقول «صالح»: «إنهم حتى لا يتأكدون أبداً من الأسعار، فالمال ليس همهم».

الهواتف الذكية

وفي شرق سوريا، بدأت المحال في المناطق التي يحمل فيها السكان المحليون أجهزة نوكيا مهترئة بتكديس أحدث الهواتف الذكية. فمدينة دير الزور واقعة تحت حصار القوات السورية، وهي عادة ما تقصف حتى 20 مرة في اليوم، لكن هذا لم يمنع التجار المحليين الطامحين في تحقيق مكاسب من عبور النهر الوحيد لجلب الهواتف الذكية من موديلات سامسونج جالاكسي وأبل آيفون.

يقول أحد أصحاب المحال، الذي طلب عدم ذكر اسمه: «لدينا حتى هواتف آيفون 6، مقاتلو الدولة الإسلامية، خاصة الذين جاؤوا من بلدان الخليج، مهووسون بهواتف الموبايل»، ويضيف: «في كل مرة يأتي موديل جديد، يستبدلون هاتفهم القديم ويشترون الشيء الأحدث، وإذا لم يحضروا معهم أحد السكان المحليين، فيمكن عندئذ إضافة 30 إلى 40 دولاراً على السعر، وحتى ربما أكثر من ذلك».

وعلى الرغم من ازدهار بعض الأعمال، إلا أن بعضا آخر اختفى، مثل المقاهي - التي أصبحت الآن غير موجودة بعدما كانت في وقت من الأوقات مركز الحياة في الأحياء السكنية في البلدات السورية.

ويسأل «قاسم»: «ماذا تفعل عادة في المقهى؟ ويجيب: أنت تُدخن. لكن ذلك ممنوع. تشن الدولة الإسلامية دائما غارات على المقاهي في الرقة - التي كانت رمزاً للقاء النشطاء وملتقى العشاق- وكلاهما أمران غير مقبولين من الدولة الإسلامية».

كما جعلت القوانين القاسية الداعية للفصل بين النساء والرجال من المطاعم مكاناً غير شعبي بالنسبة للسكان المحليين.

يقول «قاسم»: «تحولت الآن كل المطاعم في مدينة الرقة، ما عدا مطعم واحد منها، إلى خدمة التوصيل (توصيل الطلب إلى مكان الزبون)، نحن نفضل الذهاب إلى المنزل والأكل بين الأهل دون وجود الدولة الإسلامية معنا. أما المطعم الوحيد المفتوح، فهو يعج بمقاتلي الدولة الإسلامية».

وأصحاب الحوانيت والمقاهي مرتاحون من إيجاد طريقة تجعلهم يكسبون ما يكفي من المال للوفاء بحاجاتهم الأساسية في المناطق التي تسيطر عليها «الدولة الإسلامية». ومع ذلك فإن مجرد رغبة المقاتلين الشديدة في الحصول على الوجبات السريعة، تعتبر تذكيراً بالحقيقة المرة بالنسبة للأغلبية العظمى من السوريين، وهي وجودهم في الطبقة الثانية من المجتمع.

يقول «نسيم»: «إنهم يحكموننا باسم الدين، ويعيشون حياة رغدة، بينما سواهم يعاني ظروف الحياة الشاقة». ويضيف: «يقول بعض زبائني أحياناً: إن شاء الله يأكلون هذه الوجبة السريعة ويتسممون ـ لا يوجد ما يمكننا عمله».

المصدر | إريكا سولومون، الاقتصادية

  كلمات مفتاحية

سوريا العراق الدولة الإسلامية

أرباح النفط لدي «الدولة الإسلامية» تتجاوز 3.2 مليون دولار يوميا

"داعش" تجتاح الشبكة العنكبوتية بأكثر من 4 ملايين نتيجة بحث

4 آلاف مقاتل مغاربي في سوريا وتضارب الأرقام بشأن أعداد الأجانب

عارض الأزياء الأسترالي «شاركي جمعة» ينضم إلى تنظيم الدولة الإسلامية

ماليزيا: اعتقال شاب وفتاة انضما لـ«الدولة الإسلامية» ... والفرنسيون هم الأكثر شغفا بالتنظيم

أمريكي عمل بسلاح الطيران ينضم لـ«الدولة»: أنا سيف ضد الطاغية ودرع للمظلوم

تركيا.. ضبط 26 أجنبيا نصفهم أطفال حاولوا التسلل إلى سوريا

«الأمم المتحدة»: تدفق المقاتلين الأجانب حول العالم زاد بنسبة 70%

ثلاث بريطانيات يدخلن سوريا مع أطفالهن التسعة للانضمام إلى «الدولة الإسلامية»

الكونغرس: 25 ألف مقاتل أجنبي دخلوا العراق وسوريا منذ 2011

صنداي تايمز: توأم «الدولة الإسلامية» حاولتا تجنيد عائلتهما بالكامل