استنكر أعضاء مجلس الشورى السعودي إقرار «الوثيقة السكانية» للمملكة، معتبرين أن الوثيقة التي أعدتها ثماني وزارات «تمهيد للإباحية» و«مضلِّلة» ومؤدية لإشاعة الإجهاض، وممارسة الجنس الآمن بين المراهقين، كما اعتبر البعض أن الوثيقة «مؤامرة دولية لتمرير قضايا لا تتفق مع الفطرة السوية».
ووسط الجدل والسجال الذي شهدته الجلسة أمس، خرجت النائبة «لطيفة الشعلان» لتلقي كلمة للمناوئين دفعت بأعضاء المجلس للتصفيق لها بحماسة، خصوصاً عند محاولتها تفنيد حجة المناوئين بأن كثرة الإنجاب مطلوبة لزيادة عدد العسكريين ليدافعوا عن المملكة ضد التهديدات، وقالت «الشعلان» في كلمتها أن «محاولة التخويف بالحروب لزيادة النمو السكاني بشكل غير منضبط من دون الأخذ في الاعتبار الجوانب الاقتصادية والمائية سيُعد مَهْلَكَة لآلاف البشر مستقبلاً».
كما شارك رئيس مجلس الشورى «عبدالله آل الشيخ» في جلسة أمس الإثنين في الجدل حول نقطة «الخصوبة» الواردة في الوثيقة السكانية بالقول: «لدينا جيش مميز كمًا وكيفًا»، ردًا على العضو «نواف الفغم» الذي طالب بكثرة الإنجاب لزيادة أعداد حملة السلاح للدفاع عن حدود المملكة، ومدد رئيس الجلسة النقاش إلى اليوم الثلاثاء، لأخذ مزيد من المداخلات.
وأشارت «الشعلان» إلى دراسة علمية تثبت أن الثورة في مصر اندلعت نتيجة النمو السكاني غير المنضبط، حيث «تعمَّق اليأس والإحباط في نفوس شباب الثورة»، محذرة من التحديات التي تواجه المملكة مثل الإرهاب والتطرف، ومشكلات اجتماعية، كالبطالة والعنوسة وتعاطي المخدرات، التي أثبتت الدراسات الاجتماعية والنفسية منذ السبعينات ارتباطها مباشرة بالنمو السكاني غير المنضبط.
وثار الجدل في جلسة «الشورى» أمس حول مصطلح «الصحة الإنجابية» والهدف منه في الوثيقة السكانية، ففي الوقت الذي عرفه متخصصون بأنه مفهوم شامل، يعكس المستوى الصحي للرجل والمرأة في سن الإنجاب، وللمراهقين لتجنبهم مخاطر الأمراض بسبب الجنس، اعتبرته لجنة الإسكان في المجلس ذا مدلولات تؤدي إلى الموافقة على الإجهاض، وممارسة الجنس الآمن بين المراهقين.
واعتبره العضو «إبراهيم أبوعباة» ذا أهداف إباحية، قائلا أنه «يهدف إلى ابتداع نمط جديد يتعارض مع القيم الدينية، ويهدف إلى تدمير الأخلاق، وإلغاء الفرق بين الذكور والإناث، وهدم نظام الأسرة، وتبديد الطبيعة النسائية، كما يهدف إلى هيمنة الحضارة المعاصرة وتسويق قيمها».
وقال المؤيدون لرأي الحكومة الوارد في الوثيقة السكانية إن توجس اللجنة الشورية من تعريف الصحة الإنجابية غير دقيق وليس مؤصلًا علميًا. وأشار العضوان «لبنى الأنصاري» و«سعود الشمري» إلى تعريف منظمة الصحة العالمية للصحة الإنجابية بأنه مفهوم شمولي، يستهدف الرجال والنساء في سن الإنجاب، والمراهقين وحمايتهم من الأمراض الجنسية، إضافة إلى صحة الطفل.