على خطى نظيره المصري .. القضاء السعودي أداة لقمع المعارضة السياسية

الأربعاء 14 يناير 2015 12:01 ص

أثار الحكم الذي أصدره قاض «المحكمة الجزائية الاستئنافية» السعودية بزيادة عدد سنوات سجن المحامي والناشط السعودي «وليد أبو الخير» من خمسة أعوام فقط كما قضت المحكمة الجزائية بالرياض في حكمها الأول، لتصبح مدة عقوبته 15 عاما، بزيادة عشر سنوات، سخرية العديد من النشطاء علي مواقع التواصل، ووصف عدد منهم الحكم بأنه دليل علي أن «القضاء السعودي علي خطي القضاء المصري»، في إشارة للأحكام القضائية المصرية المتشنجة ضد معارضي النظام والتي وصلت لإصدار أحكام إعدام للمئات أخرها الحكم الصادر يوم 2 ديسمبر الماضي بإعدام 188 متهم في قضية كرداسة منهم سيدة اعتقلت من منزلها.

وربط نشطاء بين تشديد عقوبة المحامي «أبو الخير» وبين علاقة السعودية بنظام «السيسي»، فقال الناشط «مجدي كامل» في تبريره لتشديد العقوبة:«عشان انتقد النظام السعودي اللي بيدعم نظام السيسي».

وكشف حساب «وليد أبو الخير» علي تويتر أن محكمة الاستئناف طالبت بجعل الـ 15 سنة سجن «جميعها نافذة طالما أن وليد أبو الخير لم يعتذر أو يتراجع»، قائلا : «كانت خمس مع وقف التنفيذ فأصبحت 15 نافذة»، وأكدت «سمر بدوي» زوجته أن المحكمة قضت بزيادة مدة عقوبته بعد الاستئناف الذي تقدم به ممثل الادعاء والذي قال فيه أن «أبو الخير»، «لم يتراجع ولم يعتذر».

وناقش نشطاء ومحامون «منطق» القاضي والادعاء في تغليظ الحكم، بدعوى أنه «لم يتراجع ولم يعتذر» بحسب الحكم الجديد المغلظ، مؤكدين أن العقوبة الأولي في حد ذاتها هي عقاب علي ما نسب لـ«وليد أبو الخير» مؤسس ومدير مرصد حقوق الإنسان من تهم «السعي لنزع الولاية الشرعية والإساءة للنظام العام في المملكة، والخروج على ولي الأمر وعدم احترام السلطات وتأسيس منظمة غير مرخص لها»، فكيف يعاقب مرة أخري لأنه لم يعتذر؟ وهل لو اعتذر سيفرج عنه؟!

وكانت «جمعية الحقوق المدنية والسياسية في السعودية» اتهمت - في عريضة أرسلتها إلي مجلس الأعلى للقضاء 11 ديسمبر الماضي - القضاء السعودي بأنه «عاجز عن حماية حقوق المتهم وأنه تحول لأداة لتشريع القمع».

وضربت الجمعية مثالا آخر بقضية «د.عبد الكريم الخضر»، حيث أشارت إلي أن قضية «عبد الكريم الخضر» أحيلت للقاضي «إبراهيم بن عبد الله الحسني»، الذي طلب منه التنحي عن نظر القضية، ولكنه لم يتنح، فتم رفع الأمر لرئيس المحكمة لمطالبته بتنحية القاضي عن نظر القضية، لكنه أيضا قال أنه «لا يجد مبرر نظامي لتنحية القاضي».

بل وأصدر القاضي «إبراهيم الحسني» – المطلوب تنحيه - قرارًا بإيقاف المتهم أثناء نظر القضية، وطلب من رجال أمن المحكمة اعتقاله والذهاب به لسجن بريدة وظل في سجنه قرابة 4 أشهر بدون تهمة سوي انتقام القاضي من المتهم ومحاميه.

وبعد أن أحيلت القضية إلى محكمة الاستئناف صدر قرار من الدائرة الجزائية الأولى برقم (35163893) وتاريخ 29/2/1435ه،ـ بنقض القرار الصادر من القاضي وإحالة المعاملة إلى قاض جديد، وعللت سبب النقض (وجود خصومة بين القاضي ناظر القضية وموكله).

ولكن ظل المتهم في السجن ولم يفرج عنه وظل القضاة يرجعون حبسهم لغيرهم وأصدر القاضي الاستئنافي حكمه بإلغاء الدعوي مع بقاء المتهم محبوسا!.

وقالت «جمعية الحقوق المدنية والسياسية في السعودية» أنه وبعد تحرك وزارة الداخلية لقمع نشطاء حقوق الإنسان عبر ذراعها هيئة التحقيق والادعاء العام برفع دعاوى عامة للقضاء، وبعد عقد أكثر من محاكمة أمام قضاة عدة، أصبح لدينا أمثلة واضحة لا تقبل المزايدة على أن القضاء السعودي بوضعه الحالي عاجز عن حماية حقوق المتهم وتحول إلى أداة لتشريع القمع وما حدث في قضية «د.عبد الكريم الخضر» يعد نموذجاً على ذلك.

وسبق أن قضت المحكمة الجزائية المتخصصة في الرياض أيضا على «أبو الخير» بالسجن خمسة أعوام مع إيقاف التنفيذ وغرامة 200 ألف ريال (53300 دولار) ومنعته من مغادرة المملكة لمدة 15 عاما أخرى بعد انتهاء مدة عقوبته وإغلاق كل مواقعه على الإنترنت.

واعترض «أبو الخير» على المحكمة (الجزائية)، لأنها تأسست عام 2008 لمحاكمة المشتبه في ضلوعهم في الإرهاب، ثم أصبحت تصدر أحكاما على نشطاء حقوقيين، ما يجعلها تفتقر للمعايير الدولية اللازمة لأي محكمة، وقال أنه «لا يعترف بشرعية المحكمة الجزائية جملة وتفصيلا ولن يستلم صك الحكم».

سوابق وانتقادات

ولاحظ مراقبون وصحف أجنبية أن الأحكام التي بدأت تصدرها محاكم سعودية ومصرية مؤخرا تتشابه في «تشدد» القضاة ومجافاة القوانين، واعتبروها أحكاما سياسية، لا قضائية.

وضربوا أمثلة علي هذا بأن الاحكام ضد المعارضين لم تعد فقط تتضمن سلب حريتهم ووضعهم في السجون، ولكنها أصبحت تتضمن عقوبات أخري تبدأ من غرامات مالية ضخمة تصل الي 100 ألف جنية في مصر علي طلاب وأفراد عاديين يعجزون عن توفير مثل هذه المبالغ، وتصل الي المنع من السفر – بعد قضاء الحكم – لمدد تقترب من 10 سنوات في السعودية بعدما أصبحت هناك خشية من خروج هؤلاء المعارضين للخارج بعد فترة العقوبة وقيادة معارضة خارجية كما فعل المحامي «إسحاق بن علي بن صالح راجح الجيزاني»، الذي غادر السعودية وكتب منتقدا «فساد النظام العدلي في المملكة».

وتمتد لائحة عقوبة المعارضة السياسية إلي العمل، حيث يتم فصل بعضهم من أعمالهم بطرق مختلقة سواء باستغلال فترات سجنهم للادعاء بأنهم تغيبوا عن العمل ومن ثم يجري فصلهم كما حدث لأستاذة جامعات مصريين وسعوديين، أو بالفصل مباشرة من أعمالهم لأسباب أمنية.

وسبق للمحكمة الجزائية المتخصصة بالسعودية أن قضت بسجن 3 محامين فترات تتراوح من 5 إلى 8 سنوات ومنعهم من الظهور في وسائل الإعلام والكتابة فيها وعبر مواقع التواصل الاجتماعي، وأصدرت أحكام بعدم السماح بسفر بعضهم مدد تتراوح بين 7 – 10 سنوات، وطالبت الحكومة بتغريمهم 3 ملايين ريال، بسبب تغريدات لهم علي مواقع التواصل الاجتماعي انتقدوا فيها نظام العدالة ووزير العدل، حيث وجهت لهم تهم غريبة مثل:«انتهاك سيادة القضاء من خلال تغريداتهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي».

والمحامون الثلاثة هم: «عبد الرحمن الصبيحي» والقاضي السابق «عبد الرحمن الرميح» والمحامي «بندر النقيثان»، ووجهت لهم تهم: «الافتئات على ولي الأمر وازدراء القضاء والتدخل في استقلاليته والقدح في جهاز العدالة والقضاء ووصف القضاء بالتخلف والنيل من القضاء الشرعي وانتهاك سيادته من خلال تغريداتهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي وكل هذا من شأنه المساس بالنظام العام».

ولم تكتف المحكمة بالحكم علي الدكتور «عبد الرحمن الصبيحي» بالسجن لمدة ثماني سنوات (خمس منها بموجب المادة السادسة من نظام مكافحة الجرائم المعلوماتية) والباقي للافتئات على ولي الامر كما ورد في الحكم، ولكنها حرمته من الظهور في وسائل الإعلام والكتابة فيها ومن القيام بكتابة أي آراء عبر مواقع التواصل الاجتماعي تحت أي معرفٍ كان، فضلا عن منعه من السفر لمدة 10 سنوات بعد انقضاء مدة الحكم.

أما تهمة المحامي «الصبيحي» فهي أنه «تم تفسير تغريداته عن الشأن العربي وانتقاده للسياسة الخارجية على أنها افتئات على ولي الأمر، كما اعتبر حديثه عن المعتقلين تعسفياً نيلاً من القضاء وهو ما من شأنه المساس بالنظام العام»، كما ورد في الحكم.

وكان الدكتور «عبد الرحمن الصبيحي» قد كتب في أغسطس/آب الماضي يقول إنه قد تلقى اتصالاً من المحكمة يأمره بالتوقف عن التغريد، برغم أن هذا ليس من سلطة القضاء، ولكنه استمر في الكتابة ما أدي لسجنه.

أما القاضي السابق «عبد الرحمن الرميح» الذي حكم عليه بالسجن خمس سنوات (بموجب المادة السادسة من نظام مكافحة الجرائم المعلوماتية)، فقد تم منعه أيضا من السفر لمدة سبع سنوات بعد انقضاء محكوميته، وكانت تهمته هي كتابات تغريدات تحدث فيها عن فقدان المعاملات العدلية في إحدى محاكم الرياض وانتقاده لسياسات وزارة العدل.

أيضا حكم على المحامي «بندر النقيثان» بالسجن 5 سنوات (بموجب المادة السادسة من نظام مكافحة الجرائم المعلوماتية) والمنع من السفر لمدة سبع سنوات بعد انقضاء محكوميته لنفس التهم المتعلقة بما يسمى «المساس بالنظام العام»، وكانت تهمته هي إطلاق تغريدات انتقد فيها القضاء.

كما رصد النشطاء سلسلة من الملاحقات القضائية للمحامين على هاشتاج (#العدل_تراقب_تغريدات_المحامين) الذي أطلقه الناشطون في سبتمبر الماضي 2013، ردًا على تصريح المتحدث الرسمي لوزارة العدل «فهد البكران» حول قيام الوزارة بمراقبة المحامين في تغريداتهم ونقاشاتهم المتعلقة بقضايا خاصة عندما يخرقون القانون، وأضاف أن العقوبة تختلف من التوبيخ للتحذير ووصولاً لسحب رخصة العمل أي الفصل من الوظيفة.

ومنذ ذلك الحين بدأت السلطات تزيد من التضييق عليهم وعلي غيرهم، فترك بعضهم البلاد ومن بقي تعرض للسجن والتشريد والغرامة والحبس في بلده بعد إطلاق سراحه.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

القضاء في السعودية وليد أبوالخير جمعية حسم انتهاكات أحكام

القضاء السعودي يشدد عقوبة الناشط الحقوقي «وليد أبو الخير» ويرفعها إلى 15 عاما!

السعودية تعتزم توريط أعضاء «حسم» بممارسات الإرهاب فى المنطقة

الخليج لحقوق الإنسان يؤكد تعرض «وليد أبو الخير» لسوء المعاملة

الأمم المتحدة تبدي هلعها بعد إدانة «وليد أبو الخير»

"وليد أبو الخير" لا يعترف بالمحاكمة ويرفض الاستئناف على قرار حبسه

الحكم بسجن الناشط وليد أبو الخير 15 عام .. ونشطاء: لا يمكن اعتقال الكلمة

إحالة 4 من جمعية «حسم» للمحكمة الأمنية

وليد أبو الخير من محبسه: لا أعترف بالمحكمة .. وتعرضت للتعذيب وسوء المعاملة

السعودية: «المحكمة العليا» توجه بإصدار العقوبات التعزيرية وفقا لـ«الشبهة» دون ثبوت الإدانة!

أحكام سعودية بحق 57 مدانا بقضايا «إرهابية وتحريضية» في الربع الثاني من 2015

رئيس حقوق الإنسان السعودية: نرفض تدخل المجتمع الدولي في سيادة القضاء