سباق التسلح بين دول الشرق الأوسط يهدد بتكريس مشاكله الأمنية

الأحد 18 يناير 2015 10:01 ص

  تُنفق بعض الدول في منطقة الشرق الأوسط على المجال الدفاعي أكثر من أي وقت مضى.

في عام 2013، ضمّت منطقة الشرق الأوسط - وعلى الأخص في المملكة العربية السعودية وسلطنة عُمان - أول أربعة أسواق من بين خمسة هي الأسرع والأكثر نموًا على مستوى العالم. ويمثّل الإنفاق على الدفاع في منطقة الشرق الأوسط 7.8٪ من إجمالي النفقات على مستوى العالم بعد أن كان 5.2٪ في عام 2008م.

ومن المرجح أن تستمر ميزانيات الدفاع في الارتفاع خلال السنوات الخمس المقبلة في دول الشرق الأوسط الغنية بموارد الطاقة. وخلق تزايد تهديد الجماعات المتطرفة مثل «الدولة الإسلامية» في العراق وسوريا جنبا إلى جنب مع اتساع الفجوة بين السنة والشيعة في العراق وسوريا ولبنان مُعضلة أمنية أدخلت المنطقة بكافة أرجائها في حالة من التوتر الشديد. ومن المرجح أن تستمر الدول في الحفاظ على دفاعها باعتباره ركيزة أساسية لجهود السياسة الخارجية حتى في الوقت الذي يتواصل فيه انخفاض أسعار النفط إلى مستويات غير متوقعة.

ميزانيات الدفاع في الشرق الأوسط

وأصدر «معهد ستكهولم الدولي لأبحاث السلام» في يوم 15 ديسمبر/كانون الأول الماضي تقريره السنوي عن التجارة الدولية للأسلحة على مستوى العالم؛ والذي جاء بعنوان «تصنيف معهد ستكهولم الدولي لأبحاث السلام لأكبر 100 شركة سلاح في العالم». كما نشرت مؤسسة «جينز» للدراسات الاستراتيجية والدفاعية مؤخرًا استعراضها السنوي الخاص بميزانيات الدفاع لعام 2014م. وتُظهر الدراستان أن الإنفاق على الدفاع في الشرق الأوسط شهد نموًا خلال السنوات القليلة الماضية، ومن المتوقع أن يستمر على المدى الطويل.

ونمى الإنفاق على الدفاع في جميع أنحاء منطقة الشرق الأوسط في عام 2013 بنسبة 12.1٪ ليصل إلى 120.6 مليار دولار أمريكي، ما يجعلها أسرع المناطق نموا من حيث النسبة المئوية في العالم. ويُسلط الرسم البياني التالي الضوء على زيادة النسبة المئوية في الإنفاق على الدفاع في منطقة الشرق الأوسط مع توضيح موقعها بين بقية العالم.

وجاءت «المملكة العربية السعودية» الرابع عالميا - وفقًا لقائمة «معهد ستكهولم الدولي لأبحاث السلام» لأعلى المُنفقين على المجال الدفاعي في عام 2013 - بحجم إنفاق 67 مليار دولار أمريكي. وحلت تركيا في المركز الرابع عشر بإجمالي نفقات بلغ 19.1 مليار دولار أمريكي، أعقبتها مباشرة الإمارات العربية المتحدة بإجمالي 19 مليار دولار.

وضاعفت المملكة العربية السعودية وسلطنة عمان والبحرين نفقات الدفاع في الفترة بين عامي 2004 و 2014م. كما زادت العراق هي الأخرى إجمالي نفقاتها الدفاعية ثلاثة أضعاف؛ وذلك راجعٌ إلى ما حققته المجموعات المتطرفة على آراضيها من سيطرة على بعض المدن والمناطق وحقول النفط.

ومن المتوقع أن يتزايد الإنفاق الدفاعي بسرعة الصاروخ إلى 920 مليار دولار بين عامي 2014 و 2020م. ومع ذلك؛ فإنه من المتوقع أن ينمو معدل النمو السنوي للإنفاق على الدفاع بنحو 3.48٪ بين عامي 2015 و 2019، وكان رقم الفترة 2010 بين عامي - 2014  قد بلغ 8.45%. ويرجع السبب في جزء من هذا الانخفاض إلى تراجع أسعار النفط.

ومن الأمور التي شهدت ارتفاعًا ملحوظًا في عمليات التسلح ارتفاع الطلب على أنظمة مُضادة للصواريخ الباليستية والطائرات الحربية من الجيل الجديد. كما ظهر تنافس بين الأطراف الساعية لتطوير منظوماتها الدفاعية في منطقة الشرق الأوسط في اقتناء الإلكترونيات العسكرية والأنظمة الإلكترونية والمروحيات الخاصة بفرق القوات الخاصة والمدرعات الخفيفة التكتيكية المُجهّزة بأنظمة الأسلحة.

ويعتقد بعض الخبراء أن الاقتصادات الخليجية سوف تستفيد بطرق أخرى من زيادة الإنفاق الدفاعي؛ حيث من المتوقع أن يتم حقن حوالي 27 مليار دولار أمريكي في اقتصاداتها عن طريق ما يسمى بـ«اتفاقات التعويض»؛ وهذه هي الصفقات بين شركات الدفاع والحكومات للمساعدة في الاستفادة من اقتصاد البلاد، مثل الموافقة على استخدام الموردين المحليين لبناء المعدات.

تأثير أسعار النفط المنخفضة

وكان لانخفاض أسعار النفط مؤخرًا بعض الآثار السلبية على اقتصادات دول في منطقة الشرق الأوسط؛ وبخاصة إيران والعراق. كما لم تسلم المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة ودول الخليج الأخرى المنتجة للنفط من انخفاض الأسعار وإن كان بصورة أقل من إيران والعراق. ورغم ذلك؛ فإن الأموال الفائضة الكبيرة التي تراكمت في السنوات السابقة من المرجح أن تدعم ميزانيات الخليج.

ورغم التوقعات بأن معدل النمو السنوي سيزداد تدريجيًا على المدى الطويل، إلا إن سوق التسلح والأسلحة المتطورة تبقى مزدهرة. وتدفع الحرب في العراق وسوريا واليمن الدول لزيادة الدفاعات في ظل تهديدات الجماعات المتشددة التي تنتهج العنف كوسيلة لتحقيق أهدافها؛ وعلى رأسها «الدولة الإسلامية». وتتطلب التوترات المتزايدة من التنافس الإقليمي بين السنة والشيعة الجاري على الأرض في العراق وأجزاء من لبنان اليقظة والتأهب وتعزيز القوة من اللاعبين الكبار للحفاظ على توازن يجمع بين الممارسة اللينة والقوة الصلبة

بالإضافة إلى ذلك؛ فإنه من غير المرجح أن تؤثر أسعار النفط المنخفضة على السلوك في المدى القصير حتى من قبل الخاسرين جرّاء انخفاض أسعار النفط مثل إيران والعراق. واقترحت إيران - على سبيل المثال - خطة لزيادة نفقات الدفاع بنسبة 33.5٪ على الرغم من ضعف الاقتصاد. ومن المحتمل أن تتحول طهران من عائدات النفط إلى فرض ضرائب على الأموال لدعم هذه الميزانية العسكرية.

ومن المُرجح أن يواصل العراق إنفاقه بشكل كبير على الدفاع؛ نظرًا للصراع مع تنظيم «الدولة الإسلامية» الذي يتطلب دعمًا عسكريًا قويًا. وبلغ إجمالي النفقات الدفاعية للقوات المسلحة العراقية حوالي 6.1 مليار دولار أمريكي، أو ما يقرب من 8٪ من إجمالي الناتج المحلي العراقي.

وعمومًا، فإن مستقبل الاستثمار في سوق الأسلحة العالمية في الشرق الأوسط لا يزال مُبشرًا بالأرباح الكبيرة على الرغم من الصعوبات الاقتصادية الحالية. وتظهر طلبات شراء الأسلحة المستقبلية بشكل قوي من خلال حقيقة أن معرض الدفاع الدولي ومؤتمر (آيدكس) الذي سيُعقد في دُبي في 22 فبراير قد نفد ما فيه بحلول نوفمبر.

معضلة أمنية طويلة الأجل

ويُثير ارتفاع الإنفاق على الدفاع في الشرق الأوسط الكثير من القلق إزاء احتمال الدخول في سباق تسلح في المنطقة، الأمر الذي سيجعل المنطقة المضطربة بالفعل تدخل في مرحلة أشد اضطرابًا سيكون لها تداعياتها على العالم كله. علاوة على ذلك؛ فإن هذا سيكون له في نهاية المطاف تأثيرات على مستقبل السلام في المنطقة، كما أن عملية تراكم السلاح من الممكن أن تدفع نحو مزيدٍ من الخوف بين الدول، ما يؤدي في النهاية إلى صعوبة جمعهم حول طاولة مفاوضات واحدة.

واستشرافًا للمستقبل خلال عام 2015م، فإن أعلى الدول إنفاقًا في منطقة الشرق الأوسط بحاجة إلى النظر في هذه المخاطر السياسية المرتبطة بتعزيز القدرات العسكرية. وإلا فإن المنطقة مُهددة بظهور معضلة أمنية يصعب معها تمامًا وضع عملية سباق التسلح تحت السيطرة.

المصدر | إنترناشونال بوليسي دايجست

  كلمات مفتاحية

الإنفاق العسكري التسليح

الشرق الأوسط أنفق 150 مليار دولار على التسلح عام 2013 .. الإمارات والسعودية تتصدران عربيا

وأخيرا ... ”الجيش العربي“ قادم؟!

دراسة أمريكية: هبوط أسعار النفط يؤثر على الإنفاق العسكري عالميا

إيران: مشروع الموازنة الجديدة يرفع الإنفاق العسكري 33% ويقلص الاعتماد علي النفط

دوافع الإمارات لتطوير قوتها العسكرية باستمرار

الإنفاق العسكري السعودي يتجاوز إنفاق الدول الكبرى

الرسائل التي يبعثها استعراض صواريخ السعودية

وصول أول سفينة حربية تركية الصنع إلى السعودية

السعودية المستورد الأول عالميا للسلاح

وهن الجيوش العربية

«الاحتواء الجديد»: استراتيجية أمريكية للأمن الإقليمي بعد الاتفاق النووي

«ناشيونال إنترست»: أفضل خمس شركات دفاعية في العالم

الكويت تسحب 20 مليار دولار من الاحتياطي كمخصصات للتسليح خلال 10 سنوات

«العطية»: تكامل منظومات الدفاع العربي مهم لمواجهة المخاطر بشكل جماعي

‏تقلص فجوة التسلح بين الولايات المتحدة وروسيا والصين

فيديو.. سقوط مقبض سيارة محلية الصنع يُغضب «بوتين» من العتاد العسكري الروسي

إيران وليست «التهديدات الإرهابية» هي المحرك الأول للإنفاق العسكري الخليجي