أتلانتك كاونسل: الملك «سلمان» مشغول بالبيت الداخلي .. والقاهرة والدوحة غير جادتين في المصالحة

الثلاثاء 10 فبراير 2015 05:02 ص

تلاشت فرص المصالحة بين مصر وقطر بسرعة وسط اتهامات متجددة من القاهرة بأن الدولة الخليجية الغنية بالنفط بدأت خطواتها نحو العودة مُجددًا إلى السياسة العادية السابقة المتمثلة في دعم جماعة الإخوان المسلمين المحظورة حاليًا، بل وذهبت مصر إلى حد اتهام قطر بدعم الهجمات الإرهابية الأخيرة ضد الجيش في سيناء.

وظهرت تقارير تشير إلى تراجع متوقع في العلاقات الشائكة أساسًا بين مصر وقطر، حيث طفت الخلافات على السطح بعد وقت قليل من وفاة العاهل السعودي الراحل الملك «عبدالله بن عبد العزيز» في 23 يناير/كانون الثاني. وتوترت العلاقات بين مصر وقطر في يوليو/تموز 2013 م نتيجة معارضة الدوحة لإطاحة الجيش بقيادة «عبدالفتاح السيسي» بالرئيس السابق «محمد مرسي» المنتمي إلى جماعة الإخوان المسلمين. وكان الملك السعودي الراحل قد رعى شخصيًا مبادرة المصالحة بين مصر وقطر قبل وفاته بفترة وجيزة على أمل توحيد الصف العربي ضد التهديدات المتزايدة من قبل المنظمات الإرهابية المتطرفة في المنطقة؛ وبالتحديد في سوريا والعراق وليبيا.

ولم يتمكن الرئيس المصري «عبد الفتاح السيسي» من رفض مبادرة الراحل الملك «عبدالله» - خادم الحرمين الشريفين - واضعا في الاعتبار الدعم السياسي والمالي الهائل الذي قدّمته السعودية له بعد الإطاحة بـ«مرسي». وتحركت السعودية بالفعل دعما وتمويلا لنظام السيسي كرد على التمويل الذي قدمته قطر لنظام الإخوان المسلمين لمدة لم تزد على عام خلال تواجد الجماعة على رأس السلطة. ومع طلب قطر من مصر إرجاع قروض بقيمة ستة مليارات دولار، فإن المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والكويت دعمت مصر بأكثر من 20 مليار دولار لإبقاء الاقتصاد المصري واقفًا على قدميه، فضلاً عن إمدادات النفط والغاز التي تحتاجها مصر بشدة.

وبعد فترة وجيزة من إعلان الملك «عبد الله» عن مبادرته، فإن عضوا بالعائلة الحاكمة في قطر يرافقه الرئيس السابق للديوان الملكي السعودي «خالد التويجري» قاما بزيارة القاهرة في ديسمبر/كانون الأول الماضي للاجتماع مع «السيسي». وأعلنت القاهرة أيضًا أنها تعتزم دعوة أمير قطر - الشيخ «تميم بن حمد آل ثاني» - إلى المؤتمر الاقتصادي الكبير المقرر عقده في شرم الشيخ في مارس/آذار المقبل.

ومع ذلك؛ فإن أهم خطوة اتخذتها الدوحة لإثبات نواياها الجادة لإصلاح العلاقات مع القاهرة كانت إغلاق قناة الجزيرة مباشر مصر. 

وبمجرد وفاة الملك «عبد الله»، أطاح الملك الجديد «سلمان بن عبد العزيز» برئيس الديوان الملكي «خالد التويجري»، وأشارت تقارير غربية إلى أن الرياض ربما تكون متجهة إلى علاقات أكثر برودة مع القاهرة بالإضافة إلى دعم أقل لحكومة «السيسي».

وفي الذكرى الرابعة لثورة 25 يناير/كانون الثاني التي أطاحت بنظام الرئيس الأسبق والديكتاتور الذي طالت فترة جلوسه على عرش مصر «حسني مبارك»، فقد كان من الصعب أن تفوّت الجزيرة تغطية مجريات الأحداث في مصر. وقدمت القناة الفضائية تغطية واسعة للعديد من الاحتجاجات التي عمّت أرجاء مصر؛ والتي قُتل خلالها سبعة وعشرين شخصا معظمهم من أنصار جماعة الإخوان المسلمين الذين سقطوا في اشتباكات مع قوات مكافحة الشغب.

ومع ذلك؛ فإن القشة التي قصمت ظهر البعير جاءت عندما كانت قناة الجزيرة أول قناة تبث صورًا مباشرة للهجمات الإرهابية المتزامنة في وقت واحد في 29 يناير/كانون الثاني في مناطق من سيناء؛ والتي أسفرت عن قتل أكثر من ثلاثين ضابطا وجنديا من الجيش والشرطة. وأعلنت عدة وسائل إعلام مصرية أن قناة الجزيرة بثت لقطات فيديو حية للهجمات بينما كانت لا تزال تجري. وفي الوقت الذي فندت فيه قناة الجزيرة تلك الادعاءات، إلا إنه في القاهرة لم يُكن يُنظر إلى هذا البث الحيّ لإطلاق عناصر «أنصار بيت المقدس» للقذائف ضد معسكرات الجيش والشرطة والمنشآت في العريش وغيرها من المدن في شمال سيناء على أنه من قبيل المصادفة. وفي الوقت الذي لم تتأخر فيه «أنصار بيت المقدس» عن إعلان مسئوليتها عن الهجمات، إلا إن السيسي ألقى باللائمة على جماعة الإخوان المسلمين مُضيفا إن الهجمات موّلتها دولا أجنبية.

وفي أعقاب هجمات سيناء؛ قال وزير الخارجية «سامح شكري»: «أي شخص تابع تغطية قناة الجزيرة في تغطيتها لمصر سيشك بشدة في رغبة قطر تحسين العلاقات بالفعل مع مصر. تظهر مصر دائما نية حسنة تجاه جيرانها العرب، وتتجنب الإساءة إلى أي شخص. ومع ذلك؛ فإننا سنستمر في العمل لتحقيق مطالب شعبنا، ولن نتأثر بمثل هذه التغطية التي تقدمها قناة الجزيرة».

وفي الوقت ذاته؛ عادت وسائل الإعلام المصرية الخاصة لتهاجم قطر بكل ضراوة، وتسخر من أميرها، وتجدد اتهاماتها للدوحة بدعم المنظمات الإرهابية في جميع أنحاء المنطقة. وعندما تمّ الإعلان عن القناة الوليدة «العربي» التي تمولها قطر وتتخذ من لندن مقرا لها ووُضعت لوحات إعلانية في القاهرة الأسبوع الماضي تُعلن عن انطلاقها يوم 25 يناير/كانون الثاني، فإن العديد من المذيعين البارزين في القنوات المحلية أصابتهم الدهشة، واتهموا قطر بمحاولة استبدال الجزيرة مباشر مصر بقناة جديدة. وقام مسؤولو المناطق التي وُضعت بها اللوحات الإعلانية للقناة بإزالتها على الفور. كما وُجهت اتهامات للقناة ومديرها التنفيذي بالتحيز لجماعة الإخوان المسلمين، وهو «أحمد زين» الذي عمل كرئيس سابق لقناة الجزيرة مباشر مصر.

وحرص مسؤولون مصريون على التأكيد مرارًا على أن الإفراج عن الصحفي الاسترالي «بيتر غرسته» - الذي كان يعمل لقناة الجزيرة الناطقة بالإنجليزية - يوم الأحد ليس له علاقة مطلقًا بالعلاقات مع قطر، ولكن الهدف الأول منه الرغبة في تحسين العلاقات مع أستراليا. وتم اعتقال «غرسته» مع اثنين من الصحفيين الآخرين هما «محمد فهمي» و«باهر محمد» العاملين بقناة الجزيرة الإنجليزية في ديسمبر/كانون الأول من عام 2013م، ووجهت إليهم تهم التآمر مع الإخوان لزعزعة الاستقرار في مصر. وعقب صدور الحكم؛ اعترف محامي «فهمي» أن الصحفيين الثلاثة كانوا ضحايا تدهور العلاقات بين مصر وقطر. وأصرت عائلته أيضا على تعيين محامين من جانبها، رافضة محامين أرسلتهم قناة الجزيرة.

وكجزء من تصعيد جديد في مهاجمة قطر، أعلن رئيس التلفزيون المصري الرسمي - «عصام الأمير» - هذا الأسبوع أنه سيقيل أي موظف كان في إجازة غير مدفوعة الأجر وذهب للعمل في قناة الجزيرة في قطر. وأعلن زعيم حركة «تمرد» المعروفة - محمود بدر - أنه سينظم مسيرة سلمية أمام السفارة القطرية في القاهرة يوم الجمعة الموافق 6 فبراير/شباط لـ«لتنديد بدعم الدوحة لجماعة الإخوان المسلمين الإرهابية».

وبما أن الملك السعودي الجديد مشغول بترتيب بيته من الداخل ونظامه الجديد، فلا يبدو أن المصالحة المصرية القطرية ستكون أولوية لدى الرياض. ومن غير المرجح أن يكون هناك أي تغييرات كبيرة في العلاقات بين مصر وقطر. وبما أن العلاقات المصرية القطرية سرعان ما تدهورت بشدة عقب وفاة الملك «عبدالله» بوقت يسير، فمعنى ذلك أن كلا الجانبين لم يكن أبدا جادا في إصلاح العلاقات المتوترة.

المصدر | خالد داوود، أتلانتك كاونسل

  كلمات مفتاحية

مصر قطر تصنيف حزب الله كمنظمة إرهابية

«عبدالباري عطوان»: المصالحة المصرية القطرية في ”مهب الريح“.. والملك «سلمان» لا يعتبرها أولوية

الأجندات الإقليمية المتعارضة تجعل فرص التقارب الحقيقي بين مصر وقطر ضعيفة للغاية

«محلب»: موقف قطر من المصالحة مع مصر «غير مفهوم» و«غير مؤثر»

وزير خارجية قطر: ليس هناك خلاف بين الدوحة والقاهرة يستدعي رأب الصدع

وزير خارجية قطر يعتبر اتهام «مرسي» بالتخابر مع بلاده «كارثة» وينفي دعم الدوحة لـ«الإخوان»

«مجلس التعاون الخليجي» يرفض اتهامات مصر لقطر بدعم الإرهاب

العلاقات المصرية ـ السعودية عند مفترق طرق

تسريبات «الجزيرة» لوزير الداخلية المصري تكتب شهادة وفاة المصالحة المصرية القطرية

الملك «سلمان»: لن نسمح بالعبث بأمن المملكة .. ونعمل على تنقية الأجواء العربية