«استعادة الفلوجة» .. صيد ثمين شرط ألا تصبح «معركة استنزاف»

الأحد 19 يوليو 2015 07:07 ص

أعلنت السلطات العراقيّة في 13 يوليو/تموز الجاري انطلاق معركة تحرير محافظة الأنبار كبرى المحافظات العراقيّة، من سيطرة تنظيم «داعش» بمشاركة قوّات الشرطة والجيش، إضافة الى «الحشد الشعبي» ومقاتلي العشائر.

وبحسب المصادر الأمنيّة العراقيّة، فإنّ مدينة «الفلّوجة» الّتي يسيطر عليها تنظيم «داعش» منذ مطلع عام 2014، هي الهدف الأوّل للعمليّة العسكريّة، خصوصاً بعد محاصرة المدينة من جهات عدّة، عبر تقدّم بطيء للقوّات العراقيّة منذ 14 يوليو/تموز 2014 يهدف إلى قطع إمدادات التّنظيم داخل المدينة، الّتي شهدت أيضاً عمليّات قصف متواصلة.

وكان «المونيتور» أكّد في يوليو/تموز 2014 أنّ استعادة الفلّوجة من قبضة «داعش» سيكسرهيبة التنظيم، ويقوض قدرته على تهديد بغداد، لكن تحرير المدينة يجب انيتمّ من خلال جهود الدولة، وبالتّعاون مع السكّان السنّة في المدينة.

وكتب «المونيتور» في أكتوبر/تشرين الثاني 2014 أيضاً أن «استعادة الأنبار بالكامل، ومن ضمنها مدينة الفلّوجة، يجب أن يكون جوهر الخطط الأمنيّة الجديدة للعراق، وقد تطلّب الأمر عاماً كاملاً من القوّات العراقيّة للعودة إلى الأنبار، وتحقيق الحدود الدنيا من الاشتراطات ل لتحرير عبر القوات الرسمية للدولة وتعاون السكان. وينبغي الإشارة إلى أنّ التوصّل إلى هذا التّعاون تمّ بضغوط أميركيّة، وبتداخل أميركيّ مباشر لدعم تشكيل وحدات عسكريّة من عشائر الأنبار، شمل زيادة عديد المدرّبين الأميركيّين في قاعدة الحبانيّة العسكريّة».

فقد وصل في 13 يونيو/حزيران 2015 ، 80 مستشارا عسكريا أمريكيا، لينضموا إلى 450 خبيرا عسكريا في قاعدة الحبانية في محافظة الأنبار بعد قرار للرئيس الأمريكي في 12 يونيو/حزيران 2015 لينضموا إلى 3000 جندي أمريكي متواجدين هناك منذ وصول أولى طلائعهم في بداية فبراير/شباط 2015 في إطار الاستعدادات لتحرير الفلوجة ومناطق غرب العراق من سيطرة التنظيم المتشدد.

كما أنّ هذه الخطوة كانت نالت اعتراضات من عدد من فصائل «الحشد الشعبيّ »مثل عصائب اهل الحق التي عدّت في 10 يونيو/حزيران الماضي تواجد القوات الأمريكية في الرمادي «تكريسا للاحتلال»، الّتي سبق أن رفضت خوض الحرب في الأنبار، عبر الرؤية المطروحة أميركيّاً، أو بالتّنسيق مع «التّحالف الدوليّ».

وفي هذا الإطار، فإنّ العراق أضاع العديد من الفرص لحسم المعركة في الفلّوجة، في جدل حول طريقة مشاركة «الحشد الشعبيّ» بالمعارك، وكان زعماء قبائل وسياسيّون في الأنبار في 5 أبريل/نيسان 2015 يرفضون مشاركة «الحشد» بمعارك الأنبار، ويتّهمون الحكومة برفض تسليحهم لتحرير مدنهم بأنفسهم.

ففي 23 فبراير/شباط 2104 عزا عضو مجلس محافظة الانبار «راجع العيساوي»، تأخر دخول القوات الامنية إلى قضاء الفلوجة هو لدعم حكومة «نوري المالكي» والتمديد له لولاية ثالثة.

وفي 17 مايو/أيار 2015 عزا النائب عن كتلة الاحرار النيابية «عبد العزيز الظالمي» تقدم «داعش» في مدينة الرمادي الى الخلافات السياسية والتصريحات التحريضية.

وفي 28 يونيو/حزيران 2015، زعمت مصادر سياسية وجود خلافات بين «العبادي» والإدارة الأمريكية حول تحرير الأنبار.

وإنّ أجواء الارتباك الاستراتيجيّ في الحرب على «داعش» كانت ظهرت بأوضح صورها في أسلوب التّعامل مع الحرب في الأنبار، حتّى نجح تنظيم «داعش» في تغيير معادلات الحرب في 15 مايو/أيار 2015 باحتلاله مدينة الرماديّ (عاصمة الأنبار)، الّتي قاومت محاولات التّنظيم احتلالها طوال نحو عام كامل.

والسؤال اليوم، بالاستناد إلى عروض «المونيتور» السّابقة حول أهميّة مدينة الفلّوجة عسكريّاً ورمزيّاً بالنّسبة إلى تنظيم «داعش»، مفاده: هل مازالت الأسباب قائمة لبدء معركة تحرير الفلوجة؟

والجواب أنّ خسارة «داعش» للفلّوجة كان يمكن أن تكون المدخل الأكبر لتحطيم معنويّاته، قبل نجاحه في احتلال الرماديّ، لأنّ هزيمته في الفلّوجة، وهي ثاني أكبر مدن الأنبار بعد الرماديّ، كانت ستتيح سلسلة من التّراجعات للتّنظيم في محورين:

الأوّل: من الفلّوجة في اتّجاه مدينة الرماديّ، ومنها إلى مدن نهر الفرات «هيت» و«حديثة» و«عانة» و«راوة» و«العبيدي»، وصولا إلى تحرير مدينة «القائم» على الحدود العراقيّة – السوريّة، وهي مدينة استراتيجيّة أساسيّة للتّنظيم.

الثاني: من الفلّوجة في اتّجاه مدينة الرماديّ، ومنها إلى عمق الصحراء عبر الطريق الدوليّة، وصولاً إلى منطقة الرطبة الاستراتيجيّة، ومنها إلى الحدود العراقيّة – الأردنيّة، والعراقيّة - السوريّة.

وهذه الانطلاقة، ما زالت ضمن أهداف التحرّكات العسكريّة العراقيّة، ولكنّها باتت أكثر صعوبة، بعد سيطرة «داعش» على الرماديّ، الّتي تمثّل قلب تقاطعات الطرق بين مدن الأنبار المختلفة.

وعلى المستوى الرمزيّ، مثّلت السيطرة على الرماديّ تعويضاً ثميناً لخسارة «داعش» لمدينة تكريت في 11 مارس/آذار 2015، وحينها اعتبر التّنظيم على لسان النّاطق باسمه «أبو محمّد العدناني» أنّ خسارة تكريت تدخل في سياق «معركة الكرّ والفرّ».

ومن المتوقّع أن يلجأ التّنظيم إلى رفع الشعار نفسه في معرض تبرير خسارته للفلّوجة، ولكن هل بإمكان القوّات العراقيّة مسنودة بمقاتلي «الحشد الشعبيّ» والعشائر تحرير الفلّوجة بسهولة؟ كلّ المعطيات تشير إلى أنّ تنظيم «داعش» سيحاول تحويل معركة الفلّوجة إلى معركة استنزاف طويلة تختلف في سياقها العام عن معركة تكريت، وهي أقرب إلى معركة «بيجي»، الّتي ما زالت القوّات العراقيّة تحاول السيطرة عليها منذ ان تقدمت اليها في 19 أكتوبر/تشرين أول 2014، من دون حسم معركتها في الكامل.

وإنّ اختيار تنظيم «داعش» لـ«بيجي» لتكون نقطة استنزاف القوّات العراقيّة، مبرّر بقدرته على التسلّل في شكل مستمرّ إلى المناطق الّتي سيطرت عليها القوّات العراقيّة سواء أكان في داخل مدينة بيجي أم في مصفاة بيجي، الّتي ما زالت بدورها ميدان صراع غير محسوم منذ أشهر، وهو ما تتيحه التركيبة الجغرافيّة لمناطق بيجي وصعوبة إغلاق حدودها عسكريّاً، إضافة إلى وجود السكّان فيها.

وفي الفلّوجة، ورغم الإعلان الرسميّ العراقيّ عن محاصرة القوّات العراقيّة للمدينة من جهاتها الأربع، إلاّ أنّ هذا الحصار لا يبدو محسوماً في شكل كامل. وبحسب مطّلعين وشهود من داخل الفلّوجة، فإنّ تنظيم «داعش» ما زال في إمكانه حتّى لحظة إعلان بدء المعارك، التسلّل من شمال الفلّوجة وجنوبها. وأبلغ الشهود «المونيتور» أنّ وجود السكّان داخل مدينة الفلّوجة يمثّل الغطاء النموذجيّ لتحرّك مقاتلي تنظيم «داعش» وتسلّلهم سواء أكان اليوم وهم داخل مدينة الفلّوجة، أم في مرحلة ما بعد دخول القوّات العراقيّة إليها. وتحدّث الشهود عن منطقتين حسّاستين وهشّتين للقوّات العراقيّة:

الأولى: شمال الفلّوجة (بين بلدتي السجر والصقلاويّة)، حيث تمتدّ العشرات من الأحياء السكنيّة والعشوائيّات المتداخلة والمسكونة.

الثانية: جنوب وجنوب غرب الفلّوجة، حيث المناطق الزراعيّة الممتدّة، وصولاً إلى نهر الفرات، ومنه إلى صحراء الأنبار، الّتي كانت وما زالت مخبأ «داعش» الأكبر.

لا يمكن استباق الأحداث، بتوقّع حجم المعركة، ومدّتها وتوقيتاتها، ولكن معركة الفلّوجة ستكون بالتّأكيد كبيرة، وستشكّل مدخلاً مهمّاً لاستعادة مدينة الرماديّ ومدن الأنبار الأخرى، شرط ألاّ تقع القوّات العراقيّة في فخّ الاستنزاف العسكريّ الطويل داخل أحياء المدينة الملغّمة.

  كلمات مفتاحية

العراق الفلوجة حرب استنزاف السلطات العراقية الأنبار الدولة الإسلامية الرمادي

«الدولة الإسلامية» يتصدى للقوات العراقية بالأنبار وأنباء عن انسحاب «الحشد» من الفلوجة

مليشيات «الحشد الشعبي» تحاصر عائلات غادرت الفلوجة داخل المقابر وتهددهم بالاعتقال

هيئة علماء المسلمين في العراق: قصف الفلوجة إبادة جماعية وعمل إجرامي تمارسه الحكومة

شيخ عشائري عراقي يدعو «العبادي» لتسليح السنة وإشراكهم في معركة الفلوجة

بالصور.. «سليماني» يقود «الحشد الشعبي» لاقتحام الفلوجة بعد قصفها بالبراميل المتفجرة

«اتحاد علماء المسلمين» يحذر من «تفجر» الأوضاع في الفلوجة

سكان الفلوجة يدعمون تنظيم «الدولة الإسلامية» للتصدي للقوات الحكومية

مصادر عراقية: قوة قتالية أمريكية تتمركز في معسكر شرق الفلوجة

«الدولة الإسلامية» يتبنى إسقاط هليكوبتر عسكرية غربي العراق

توقف الاشتباكات في الفلوجة بعد اعتقال «الدولة الإسلامية» للعشرات من أبناء العشائر

«الفلوجة تقتل جوعا».. فهل من مجيب؟

كان الباشا واثقا من النصر في الفلوجة!

فارون من الفلوجة: الجدران مفخخة ولا طعام أو شراب أو دواء

زعيم فيلق بدر الشيعي: المعركة النهائية للسيطرة على الفلوجة تبدأ خلال أيام

الأمم المتحدة: عدد المحاصرين بالفلوجة قد يصل إلى 90 ألف مدني

«العبادي» يعلن استعادة الفلوجة.. و«كارتر»: جزء فقط والأمر يتطلب مزيدا من القتال