طرحت صحيفة «ذي تايمز» رؤية تحليلية لإصرار السعودية، أكبر مصدر للنفط في العالم، على عدم تقليص إنتاجها من الخام؛ لوقف النزيف في أسعار النفط التي انخفضت بأكثر من النصف خلال نحو عام.
وبينما يعتقد كثير من الخبراء أن سلوك المملكة هذا يأتي لمواجهة منتجي النفط الصخري الأمريكي، الذين أغرقوا الأسواق بنفطهم، رأى الكاتب «روبين باجنامنتا»، في مقال نشرته الصحيفة البريطانية، أن هدف السعودية هو إيران وليس أمريكا.
وفي هذا الوقت من العام الماضي، جرى تداول النفط فوق سعر 100 دولار للبرميل.
واليوم، وصل سعر بيع خام برنت إلى 49 دولارًا للبرميل، أي ما يعادل انخفاضًا بنسبة 50%؛ وهذا ما وضع المنتجين في جميع أنحاء العالم تحت الضغط. ورغم ذلك، لم تتدخل منظمة «أوبك»، التي تقودها السعودية، لوقف تدهور الأسعار، واختارت بدلًا من ذلك مواجهة سوق هابط.
«باجنامنتا» قال في مقاله، الذي جاء تحت عنوان: «ولايات النفط تحرق المليارات بينما تتبدل محاور القوى العالمية»، إن «السعودية تحرق احتياطياتها الأجنبية بمعدل غير مسبوق في الوقت الذي تكافح فيه للتعامل مع تراجع أسعار النفط، وارتفاع تكاليف شنّ الحرب في كل من اليمن وسوريا».
وأضاف أن «العديد من المراقبين يعتقدون أنّ السعودية تسببت في أزمة النفط برفضها وقف الإنتاج للسيطرة على المنافسة في عملية استخراج النفط الصخري مع الولايات المتحدة»، لافتا إلى أنه يعارض هذا المنطق، ويرى أن «إيران هي الهدف وليس شركات النفط الأمريكية المزعجة»
ومدللا على وجهة نظره، أعرب الكاتب عن اعتقاده بأن «السعوديين رأوا أن منع إيران من تحقيق أرباح غير متوقعة من النفط هو أفضل وسيلة للحفاظ على الضغط عليها».
وعلاوة على ذلك، وفق الكاتب، «فإنّ السعوديين اكتشفوا أنّ السياسة الخارجية الأمريكية ستتغير في يناير/كانون الثاني عام 2017»، الشهر الذي ستبدأ فيه ولاية الرئيس الأمريكي المقبل.
وأضاف موضحا: «ربما سمع السعوديون من الديمقراطيين المقربين من هيلاري كلينتون (المرشحة الديموقراطية للانتخابات الرئاسية الأمريكية) أنّ إدارة الأخيرة ستحتل مكانة عالية في المنطقة، وهم يعلمون أنها، مثل وزير الدفاع (الأسبق روبرت) غيتس ومستشار الأمن القومي سوزان رايس، اعتقدت أن فشل الرئيس (باراك) أوباما في الوقوف في وجه (بشار) الأسد في سوريا كان خطأ كبيرًا».
وأضاف: «طالما أنّ مرشح الحزب الجمهوري ليس راند بول (سيناتور) ولا دونالد ترامب (رجل أعمال وملياردير)، فإنّ تولي رئيس جمهوري من شأنه أيضًا أن يأخذ موقفًا أكثر صرامة ضد إيران وحلفائها من الفريق الحالي».
وخلص الكاتب إلى أن «السعوديين ربما يفكرون في أنه إذا حافظوا على استراتيجيتهم الحالية لمدة 17 شهرًا، سيكون هناك ضوء في نهاية النفق».
وتوقع أن يلتزم السعوديون بمستويات الإنتاج العالية خلال الفترة المقبلة وحتى إجراء وصول رئيس أمريكي جديد للحكم «لإبقاء أكبر قدر من الأموال بعيدًا عن أيدي الملالي، وسيواصلون الإنفاق حتى لو كان ذلك يعني الذهاب الى أسواق السندات».
واختتم مقاله متسائلا: «أسعار الفائدة في أدنى مستوياتها التاريخية في هذه الأيام، والسعوديون يتعرضون لمخاطر ائتمانية كبيرة؛ لذلك فإذا كان لديك بعض البطاقات، لماذا لا تلعب بها؟».