«التليغراف»: حرب اليمن تثبت تنامي قوة السعودية وقد تدفعها للتدخل في سوريا

الخميس 27 أغسطس 2015 08:08 ص

تزداد ثقة المملكة بشكل متزايد في قدرتها على التحرك بدون الولايات المتحدة، وسيتحول انتباهها قريبا باتجاه الحرب في سوريا.

تمثل سلسلة النجاحات الأخيرة التي حققها الجيش السعودي ضد المتمردين الحوثيين المدعومين من إيران في اليمن نقطة تحول مهمة في العقيدة الدفاعية الناشئة للسعودية. ومنذ اتباع إدارة الرئيس الأمريكي «باراك أوباما» لسياستها الكارثية المتعلقة بالتقارب مع إيران، تعمل السعودية على إنشاء وضع دفاعي جديد تعتمد فيه على جيشها، وليس على حلفائها التقليديين كالولايات المتحدة وبريطانيا أو فرنسا للدفاع عن مصالحها، لذلك عندما حاولت إيران الإطاحة بالحكومة المنتخبة ديمقراطيا في اليمن والحليفة للرياض، تدخلت القوات التي تقودها المملكة.

وتشير النتائج الأولية إلى أن الاستراتيجية العسكرية السعودية الجديدة لا يبدو أنها فعالة وحسب، بل قد تصبح بداية لتحركات أخرى تؤثر على الصراعات في الشرق الأوسط لسنوات، كالحرب الأهلية في سوريا.

بدأت الحرب في اليمن في مارس/آذار عندما فرت الحكومة المنتخبة شرعيا، بقيادة الرئيس «هادي»، أمام تقدم الحوثيين وكتائب الجيش الموالية للرئيس المخلوع «صالح». وردا على ذلك؛ بدأت قوات التحالف التي تقودها السعودية حملة جوية وبحرية، بينما هي تدرس أيضا كيفية تنفيذ أفضل هجوم بري محتمل مع الحد الأدنى من الخسائر في صفوف المدنيين.

كانت هناك عدة ادعاءات من قبل جماعات حقوق الإنسان أن التحالف السعودي قام بغارات عشوائية ضد أهداف مدنية في اليمن. وهذا ببساطة ليس هو الحال. فقد فكرت السعودية ودرس قادتها جيدا العواقب الإنسانية لهذه الحملة. وعلاوة على ذلك؛ فإن المملكة العربية السعودية تستخدم نفس الأسلحة الدقيقة التي استخدمتها بريطانيا خلال التدخل العسكري في ليبيا في عام 2011. والمشكلة مع هذه الأنواع من التدخلات العسكرية، كما وجدت بريطانيا في ليبيا والولايات المتحدة في العراق وأفغانستان، هو أن العدو يحاول في كثير من الأحيان إخفاء أصوله العسكرية في المناطق المأهولة بالسكان في المناطق الحضرية، ما يجعل من الصعب التمييز بين المقاتلين والمدنيين.

وفي إطار التحضير للحملة البرية، التي بدأت بشكل جدي في يوليو/تموز، تم إنشاء معسكرات تدريب في المملكة العربية السعودية تصل مبدئيا إلى 5000 متطوع يمني. وبمجرد أن بدا الجزء الأكبر من هذه القوات القتالية جاهزا للقتال، أطلق السعوديون عملية السهم الذهبي، ووضعوا خطة غزو شاملة تشمل القوات الجوية للتحالف العربي والأصول البحرية والبرية المدعومة من كتيبة القوات الخاصة رقم 64 التابعة للقوات الملكية السعودية.

وشمل إطار إنزال القوات عملية إدراج طموحة للقوات اليمنية المدعومة من الوحدات السعودية والقوات الخاصة المصرية والإماراتية. وكان هدفهم السيطرة على مواقع استراتيجية في عدن في أسرع وقت ممكن، وتطهير المدينة من بقايا جيوب الحوثي و«صالح» وفتح المطار والميناء البحري على الفور لبدء تلقي شحنات إنسانية. ومهد هذا الطريق أيضا للمتبقيين من قوات المتطوعين الأولية الذين يجري تدريبهم في القواعد السعودية على الهبوط بسلام، والانضمام إلى اللجان الشعبية وقوات الجيش الموالية لـ«هادي»، والتي كانت تسيطر على عدن للبدء في الدفع نحو تعز، ثالث أكبر مدينة في اليمن المحلية.

وواجهت قوات التحالف السعودية في البداية مقاومة شرسة من تحالف الحوثي- «صالح» بتوجيه من قائد عسكري رفيع المستوى، هو «خليل حرب»، وهو مسؤول بارز في مليشيات حزب الله الشيعية في لبنان، والذي كان مسؤولا عن الدفاع عن عدن والمناطق المحيطة بها. ولحسن الحظ؛ تم كسر هذه الدفاعات نتيجة الخطة التي وضعها الاستراتيجيون العسكريون ضمن التحالف السعودي للالتفاف على مواقع قوات الحوثي - «صالح» في عدن وحولها ومن ثم عزلها عن بعضها البعض، وشن هجوم موسع في وقت واحد على جبهاتها الرئيسية. ومع انهيار قوات المتمردين في عدن، فإن ضغط المفاجأة الأولى للهجوم تم تمديدها لنشر قوات على الفور نحو تعز.

وفي القتال الذي أعقب ذلك، فإن أكثر من ألف مقاتل ينتمون لقوات «صالح» والحوثي ونحو عشرات من الإيرانيين وحزب الله من ضباط العمليات الخاصة قتلوا ما دفع «حرب» لأن يأمر كل من تبقى من المقاتلين بالانسحاب إلى صنعاء لإعداد الدفاع عن المدينة. وبعد تحرير عدن وتعز، الهدف النهائي لقوات «هادي»، بدعم من كتائب إضافية من حراس الصحراء التابعة للقوات البرية والقوات الخاصة البحرية السعودية واللواء العربي بقيادة دولة الإمارات العربية المتحدة، ستتسبب في طرد جميع من تبقى من قوات الحوثي - «صالح» من العاصمة اليمنية.

الدرس المهم بالنسبة للغرب حول هذه الحملة التي تقودها السعودية في اليمن هو أن هذه هي المرة الأولى التي يكون فيها تحالف عربي يجمع نفسه بنفسه، ويقوم بشن عملية واسعة على نطاق واسع وبنجاح في المنطقة. الشراكات العسكرية التي وصلت الى تأسيس هذا التحالف هي الآن تعمل بجد، وهذه الحملة يمكن أن تكون نموذجا للتدخلات المستقبلية. وبالتأكيد، فإنه بمجرد هزيمة المتمردين المدعومين من إيران في اليمن، فإن العاهل السعودي الملك «سلمان» عازم على تحويل تركيزه إلى سوريا.

وبالطبع فإن الوضع في سوريا أكثر تعقيدا بكثير. وهذا هو الصراع المتأصل الذي يضم الجيش السوري ومختلف المليشيات الشيعية التي أوجدتها إيران (بما في ذلك حزب الله) من أجل محاربة العديد من الجماعات المناهضة للنظام. ومع ذلك؛ فإن هناك بوادر مشجعة بأن التدخل العسكري بقيادة السعودية سيكون فعالا في سوريا وأثبت فعاليته.

وقد اعترف الرئيس السوري «بشار الأسد» بنفسه بأن الجيش السوري في حالة يرثى لها. وخلافا لما حدث في اليمن؛ فإن هناك بالفعل عدد من جماعات المعارضة المنظمة على الأرض في سوريا، بما في ذلك أحرار الشام في الشمال وجيش الإسلام في الجنوب، لديهم خبرة قتالية عالية، كما يحظون بدعم كبير في صفوف السكان السوريين. وعلاوة على ذلك، فإن القوة الجوية التي أظهرها التحالف السعودي بإمكانها أن تمنع القوة الجوية السورية من قصف المدن بالبراميل، وبالتالي توفير قوة دفع للمعارضة،مع استثناءات مهمة لمجموعة «الدول الإسلامية» وتنظيم القاعدة، مع دفعة نفسية كبيرة.

ومع وجود أجزاء مختلفة من العالم العربي لا تزال تخرج عن السيطرة، والقوى الغربية ما تزال تقف على الحياد ومُهمّشة بشكل متزايد، فإن استعادة الاستقرار يبدو على نحو متزايد كما لو كان في قدرة واستطاعة الرياض وقيادتها للتحالف.

  كلمات مفتاحية

اليمن الحوثيين صالح عدن السهم الذهبي سوريا السعودية التحالف العربي

تعزيزات سعودية تشمل دبابات وآليات عسكرية تتجه قرب حدود اليمن

«ستراتفور»: الصراع الداخلي على النفوذ في اليمن لن ينتهي مع توقف الحرب

اليمن .. معارك في مصلحة العبث

«ستراتفور»: أوراق اللعبة في اليمن تتركز في يد دول الخليج وقوى الحراك الجنوبي

السعودية بين وحدة اليمن وانفصالها

وزير الخارجية اليمني: عودة الحكومة إلى عدن في القريب العاجل

اليـمــن بين الـوحــدة والـتفكيــك

مقتل وإصابة عشرات الحوثيين في غارات للتحالف وسط وشمال اليمن

الأزمة اليمنية .. خيارات الأطراف في ظل التحولات العسكرية

المغامرة السعودية في اليمن

«مضاوي الرشيد» تحذر من تقسيم اليمن واستنزاف موارد السعودية

السعودية قد تخسر اليمن حتى إذا كسبت الحرب

‏مع قرب إتمام عامها الأول.. مراقبون يستبعدون إطالة أمد الحرب في اليمن

الحرب تفصل آلاف اليمنين عن أهلهم في مصر

رئيسة الحكومة البريطانية: بيع الأسلحة للسعودية يجعل شوارعنا أكثر أمنا