الصحة العالمية: شركات التبغ تتحايل علي حظر ترويج السجائر في السعودية

الاثنين 12 أكتوبر 2015 10:10 ص

قالت منظمة الصحة العالمية عبر مقرها الإقليمي بالقاهرة، أن بعض شركات التبغ اخترقت الأنظمة التي تحظر إعلانات السجائر ومشتقات التبغ الأخرى في السوق السعودي بطرق «التحايل»، وذلك من خلال استخدام أساليب جديدة، تمثلت في وضع إعلانات بداخل علب السجائر تحفز على التدخين، للتغلب على الصور التي أجبرت القوانين الشركات على وضعها على غلاف العلب وتنفر من التدخين بإظهار أثار أمراض الصدر.

وكانت المملكة قد أصدرت في وقت سابق عددا من الضوابط الخاصة بحظر إعلانات شركات التبغ، إضافة إلى منع مشاهد التدخين في وسائل الإعلام، وقد اشتملت الضوابط التي أصدرتها السعودية أخيرا على حجب مشاهد تدخين السجائر والشيشة والغليون والنشوق وغيرها من مشتقات التبغ في وسائل الإعلام، وعدم تعاطي الدخان في الأماكن المحيطة بالمساجد.

كما نصت الضوابط على منع بيع الدخان لمن تقل أعمارهم عن 18 عاما، ورفع رسوم التبغ ومشتقاته، ومنع استيراد الألعاب المشابهة للسجائر، وعدم بيعها في وسائل النقل العامة المتمثلة في النقل الجوي والبحري والبري، إضافة إلى منع منتجات تحمل إعلانات للتبغ، كما نصت اللائحة على معاقبة من يخالف هذه الأنظمة بمبلغ 20 ألف ريال.

وقد أشاد المدير العام للمكتب التنفيذي لمجلس وزراء الصحة لدول التعاون الدكتور «توفيق بن أحمد خوجة» بالمرسوم الملكي الصادر عن الملك «سلمان بن عبدالعزيز آل سعود» بشأن نظام مكافحة التدخين في المملكة، والمصادقة على اتفاقية منظمة الصحة العالمية بشأن مكافحة التبغ والالتزام ببنودها، مؤكداً أن تبني هذا النظام المتكامل بالمرسوم الملكي الكريم بما يشمله من مواد شملت جميع المجالات لمكافحة التبغ سيكون له الأثر البالغ في دعم مكافحة التدخين والوقاية من العديد من الأمراض التي يسببها.

وينص النظام على تحديد غرامة مالية قدرها 200 ریال لكل من يدخن في الأماكن والساحات المحيطة بالمساجد والوزارات والمصالح الحكومية والمؤسسات العامة وفروعها والمؤسسات التعليمية والصحية والرياضية والثقافية سواء كانت حكومية أو خاصة.

وكذلك في الأماكن المخصصة للعمل في الشركات والمؤسسات والهيئات والمصانع والبنوك وما في حكمها، ووسائل النقل العامة برية أو جوية، وأماكن تصنيع الطعام والمواد الغذائية والمشروبات وتجهيزها وتعبئتها، وموقع إنتاج البترول ونقله وتوزيعه وتكريره ومحطات توزيع الوقود والغاز وبيعهما، والمستودعات والمصاعد ودورات المياه.

كما نص النظام على زيادة الرسوم على التبغ ومشتقاته بقرار من مجلس الوزراء، كما اشتمل على منع استيراد وبيع ألعاب الأطفال والحلوى المصنعة على هيئة سجائر أو أي أداة من وسائل التدخين، وفقاً للجمعية الخيرية لمكافحة التدخين.

كما تضمن النظام حظر زراعة أو تصنيع التبغ أو مشتقاته في السعودية، وفرض غرامة قدرها 20 ألف ریال على من يخالف ذلك، وإلزامه بإزالة المخالفة على حسابه الخاص، ومنع استيراد المواد الإعلامية أو الملابس التي تحتوي على دعايات لمواد التبغ، إضافة إلى أنه لا يفسح للتبغ ومشتقاته بشكل نهائي إلا بعد تحليل عينات منه في المختبرات التي تحددها اللائحة التنفيذية للتأكد من مطابقتها للمواصفات التي تعدها الهيئة العربية السعودية للمواصفات والمقاييس بالتنسيق مع وزارة الصحة.

12 بليون ريال سنويا خسائر التدخين

وتحتل المملكة العربية السعودية المرتبة الرابعة عالمياً بدفع ما يزيد على 12 بليون ریال كل عام على شراء السجائر، وجاء ذلك وفقاً لدراسة أثبتت أن التدخين ينتشر بين 40% من المجتمع الرجالي، و10% من المجتمع النسائي، و15% من مجتمع المراهقين، بحسب جمعية مكافحة التدخين «نقاء» في منطقة الرياض.

وتقول «نقاء» أن 44% من الأطباء الذكور العاملين مدخنون و17% من الطبيبات مدخنات، ووصلت نسبة المدخنين بين طلاب المدارس إلى 10% من جملة المدخنين في المملكة.

وسبق أن قالت صحيفة عكاظ السعودية إن دراسات أجرتها جهات مختصة كشفت أن التدخين يتسبب في وفاة ما يزيد على 23 ألف شخص في المملكة سنويا.

علماء وشيوخ للدعاية للتدخين

وكانت الصحة العالمية قد أشارت لدراسات قامت بها شركات التبغ في السعودية لدراسة أثار ودور الشيوخ في التحريض علي منع التدخين للقيام بدعاية مضادة لها.

ونوهت دراسة نشرتها المنظمة وصحف أجنبية لما قالت إنه «دور شيوخ في الدعاية لشركات التبغ بعدم تحريمهم التدخين»، بعدما نشرت صور لشيخ أزهري وهو يدخن في مؤتمر ديني استغلتها هذه المنظمات في الترويج للتدخين.

وفي رمضان الماضي كشفت شركات تدخين أنها استعانت بالفعل بشيوخ وعلماء وصحفيين وأطباء لتشجيع التدخين، ولكن بعض الشركات روجت للأمر من زاوية أنها تسعي لإنتاج سجائر «لا تسبب السرطان»، وأنها تسعي لتطوير أدوية لعلاج مرض السرطان مع شركات التبغ، وصنع سجائر إلكترونية غير ضارة بعدما أثبتت الأبحاث أن هذه السجائر تسبب السرطان سواء تبغية أو الكترونية.

ونشرت العديد من الوثائق التي تكشف تعامل شركات التبغ مع العالم الإسلامي وتوظيف علماء دين وأطباء لتبرير أن التدخين ليس حراما، وأنه فقط «مكروه»، مع الحرص على التدخين علنا بالزي الازهري لبعض الشيوخ لإظهار الأمر غير محرم.

ويمكن متابعة عدد كبير من هذه الوثائق عبر موقع جامعة كاليفورنيا قسم التبغ في مراجعة المكتبة، وهي وثائق تكشف أن «شركات سجائر عالمية مثل "بريتيش أمريكيان توباكو"، و"فيليب موريس"، سعت لإعادة تفسير التعاليم الإسلامية على طريقتها عبر توظيف علماء دين في حملاتها الإعلامية من أجل محاولة تقويض حظر التدخين الذي تفرضه العديد من الأقطار الإسلامية».

ويظهر سعي شركات التبغ العالمية إلى مقاومة حظر التدخين في الدول الإسلامية عبر استئجار خدمات شيوخ أزهريين وتجنيد علماء الدين الإسلامي من دول تشتهر بتدخين شبابها الشره للسجائر مثل مصر وأندونيسيا وبنجلاديش، ضمن الحرب البينية لاستخدام العلماء بين شركات السجائر ومنظمة الصحة العالمية.

وقد أظهرت مذكرة تعود إلى عام 1996 صادرة عن شركة «بريتيش أمريكيان توباكو» (BAT) «وجود رغبة لدى الشركة لتوظيف شيوخ وباحثين أزهريين كمستشارين موثوق بهم أو حلفاء، وأحيانا متحدثين بشأن هذه المسألة، ويفضل من جامعة الأزهر في القاهرة».

وأضافت: «لقد اتفقنا على أن مثل هؤلاء العلماء سيكونون بحاجة إلى الاقتران بكاتب أو صحفي إسلامي، لمناهضة الآراء المتطرفة»، في إشارة للآراء الرافضة للتدخين، وما أسمته «الآراء المتطرفة» للأصوليين المسلمين المضادة للتدخين.

وبحسب الوثائق، سعت تلك الشركات لتصميم حملات إعلامية واتخاذ إجراءات لمناهضة التهديدات التي تجابهها في دول مثل مصر وإندونيسيا وبنجلاديش التي تمتلك نسبة عالية من الشباب المدخن، بسبب فتاوي منع التدخين.

محاربة حظر التدخين

وأظهرت وثيقة تعود الي عام 1985، أن كارتل صناعة التبغ عبر عن قلقه من تشجيع منظمة الصحة العالمية للمواقف المناهضة للتدخين التي تتبناها القيادات الإسلامية، وتوجيه شركة «فيليب موريس» نقدا مباشرا لمنظمة الصحة العالمية، قالت فيه: «هذا التطور الأيديولوجي بات خطرا على أنشطتنا، بسبب تدخل منظمة الصحة العالمية، التي لم تكتف فقط بالوقوف في صف "الأصوليين المسلمين" الذين يعتبرون التدخين مصدر شر لكنها مضت قدما لتشجيع قيادات دينية ليسوا نشطاء في مجال مكافحة التدخين لتبني القضية».

وأشارت وثيقة «فيليب موريس» لمحاولة تجنيد علماء الدين الإسلامي في جامعة ماكجيل في مونتريال، بكندا، حيث قالت أنه «تمت الموافقة على إجراء اتصالات استكشافية»، بحسب ممثل مجلس مصنعي التبغ الكندي.

وقالت وثيقة أخرى أنه كانت هناك محاولات لترويج أن «المسلم الذي يهاجم التدخين قد يشكل خطرا على حكومة بلده، باعتباره "أصوليا" يرغب في العودة لتطبيق الشريعة»، وتابعت: «ينبغي أن يرتكز دفاعنا الخفي على أن الإسلام يسمح للمسلمين بالتدخين، وأمور أخرى من الحياة المعاصرة».

وبحسب الوثيقة سعي مصنعو التبغ للربط بين التدخين والحياة المعاصرة وأن رفض التدخين مثل رفض الصور والتلفزيون وغيره حيث قالت: «ينبغي أن نركز عن الأوجه الأخرى من الحياة المعاصرة التي يحرمها المتطرفون وفقا للتفسير المتشدد للشريعة، مثل الصور، والتلفاز، واستخدام المؤذنين لمكبرات صوت، وتعليم النساء».

وقد حذر تقرير سابق أصدره «قسم شؤون المستهلك والتنظيم» في شركة «بريتيش أمريكيان توباكو» من استغلال منظمة الصحة العالمية للدين في جهودها لتشجيع عدم التدخين، ويطالب بخطط مضادة حيث يقول: «يبدو أن جهود منظمة الصحة العالمية لربط الدين بالتدخين آتت أكلها، ونحتاج أن نناقش، على نحو منفصل كيفية فهم وإدارة ذلك التوجه بما يتماشى مع استراتيجية القسم».

وأظهرت وثيقة لشركة «فيليب موريس» الأمريكية التي تنتج سجائر المالبورو الشهيرة نشرت عبر موقعها على الانترنت عن أن شركات السجائر العالمية تقوم برصد دقيق لكل ما يقال عنها وعن التدخين عموما بهدف التصدي لمن يعارضون التدخين والسعي لضم الملايين الي نادي التبغ.

حيث تشير إحدى هذه الوثائق لأهمية تتبع رأي القيادات الإسلامية في التدخين وتقول: «فلنعمل على وضع نظام يتيح لشركة فيليب موريس قياس الاتجاهات السائدة حول قضية التدخين والإسلام، ولنتعرف على القيادات الدينية الإسلامية التي تعارض التفسيرات القرآنية التي تحرم التدخين، ولنعمل على تعزيز آراء هذه القيادات».

  كلمات مفتاحية

التدخين في السعودية حظر التدخين شركات السجائر

تدخين النساء السعوديات: انتهاك الأنوثة في مجتمع محافظ؟

السعوديات أكثر تدخينا لـ«الشيشة» من الرجال ويرجعن الأمر لكونها «وجاهة اجتماعية»

السعودية: عيادات متنقلة لمساعدة الشباب في الإقلاع عن التدخين

الصحة السعودية تواجه التدخين على تويتر

%16 من مراهقي السعودية يدخنون السيجارة و20% تعرضوا للعنف الجسدي

الصومال: «شيشة» السعوديين والإماراتيين سبب اضمحلال غاباتنا

فرض ضريبة 50% على المشروبات الغازية و100% على التبغ في دول الخليج

ارتفاع سعر الدخان يثير جدلا في السعودية

السعودية تؤكد رفع التعريفة الجمركية على التبغ ومشتقاته بنسبة 100%

«الجمارك» السعودية: أنواع السجائر المشهورة زادت رسومها نصف ريال فقط‎

جمعيات مكافحة التدخين بالسعودية تطالب بجزء مالي من تعريفة الجمارك الجديدة

السعودية: السماح لمنسوبي الجهات الحكومية بضبط مخالفات التدخين بمؤسساتهم

«الصحة العالمية» للسوريين: احذروا «التبغ» فإنه قاتل كالحرب

«السجائر» ثاني إيرادات مصر بعد قناة السويس

السعودية.. ارتفاع واردات السجائر إلى 13% خلال 8 أشهر