جدل واسع حول زيارة البابا «تواضروس» للقدس رغم اعتذاره عن زيارة رام الله

السبت 28 نوفمبر 2015 01:11 ص

اعتذر البابا «تواضروس الثاني» بابا الأسكندرية وبطريرك الكرازة المرقصية عن عدم قبول دعوة الرئيس الفلسطيني «محمود عباس» لزيارة رام الله، بحسب بيان للكنيسة المصرية اليوم السبت.

وقالت الكنيسة -في بيانها- إن البابا «تواضروس الثاني» أكد في اتصال هاتفي تلقاه من الرئيس الفلسطيني فور وصوله القدس، أنه لن يدخل رام الله أو القدس زائرا إلا بصحبة شيخ الأزهر على اعتبار أن الزيارة الحالية هي لمجرد العزاء والمشاركة بالتشييع.

وأشار البيان إلى أن الرئيس «عباس» أعرب خلال اتصاله عن خالص تعازيه وتعازي الشعب الفلسطيني في وفاة الأنبا «أبرام الأورشليمى» مطران القدس والشرق الأدنى.

وتصاعدت لهجة الانتقادات مصريا وعربيا لسفر البابا «تواضروس» للقدس، وأصدر حزب «مصر القوية» المعارض، وتحالف دعم الشرعية الداعم للرئيس السابق «محمد مرسي»، بيانين منفصلين رفضا فيهما الزيارة.

وكان المتحدث باسم الكنيسة المصرية «بولس حليم» قد قال في تصريحات سابقة إن قرار المجمع المقدس بعدم سفر المسيحيين للقدس لم يتغير رغم سفر بابا الكنيسة «تواضروس الثاني» إليها في مهمة دينية، في حين قال «تواضروس» إنه توجه إلى مدينة القدس من أجل واجب إنساني، ولتأدية واجب العزاء"في رحيل مطرانها الأنبا «إبرام»، وليس للزيارة.

وتأتي الزيارة الأولى للقدس من قبل بابا الأقباط رغم قرار أقره المجمع المقدس للكنيسة في 26 مارس/آذار 1980 -في أعقاب اتفاقية كامب ديفيد بين مصر وإسرائيل- يقضي بمقاطعة زيارة الكنيسة للديار المقدسة، واعتبارها «تطبيعا مع إسرائيل».

وبحسب صحيفة «القدس العربي» فإن اعتذار «تواضروس» لم يمنع انتقادات تركزت على أنه خالف قرار الكنيسة ما قد يفتح الباب إلى قيام المزيد من الأقباط بزيارة القدس المحتلة.

واستمر الجدال حتى بعد أن أعلنت السلطة الفلسطينية أن البابا لم يدخل بتأشيرة إسرائيلية، بسبب ترتيب مسبق قامت به.

وأكدت الصحيفة أنه من المهم هنا الوقوف على الأبعاد الحقيقية لهذه الزيارة بعيدا عن التهويل أو التهوين أو محاولات تسجيل نقاط سياسية معينة، في ظل أهميتها حتى إذا كانت مجرد «مبادرة شخصية بهدف العزاء»، كما قال البابا.

وأوضحت أن تبوؤ المقام الرفيع للبابوية على رأس إحدى أعرق الكنائس التاريخية في العالم، كزعيم لأكبر طائفة مسيحية في الشرق الأوسط، لا يترك مجالا شخصيا لمن يتم اختياره بـ«رغبة إلهية» حسبما يؤمن أتباعه، وبالتالي فإن أي تصرف أو سلوك لا يمكن إلا أن يحسب عليه بصفته الكنسية.

وأضافت أن وفاة مطران القدس الذي تولى منصبه قبل ربع قرن، عاصر خلالها كفاح الفلسطينيين وانتفاضاتهم بصحبة الزعيم الراحل «ياسر عرفات»، كان يجب أن يكون مناسبة وطنية وليست دينية فقط، تظهر تعنت السلطات الإسرائيلية، وحقيقة أن قمعها لحرية العبادة لم يقتصر على المسلمين، بل تعداه إلى المسيحيين منذ استولت على دير السلطان في القدس بعد احتلالها، وهو دير أثري للأقباط الأرثوذكس يقع داخل أسوار البلدة القديمة، في حارة النصارى بجوار كنيسة القديسة هيلانة و كنيسة الملاك، وكانت هذه الجريمة سببا مباشرا في فتوى التحريم التي أصدرها البابا «شنودة» قبل خمسة وأربعين عاما بمنع الأقباط من زيارة المدينة «إلا بصحبة إخوتهم المسلمين بعد تحريرها».

وتابعت الصحيفة أن البابا «تواضروس» كان مطالبا، في حال إصراره على القيام بالزيارة، أن يضعها في إطار يكرس الثوابت الوطنية التي يستند إليها الموقف التاريخي للكنيسة، خاصة أن الزيارة تتزامن مع انتفاضة فلسطينية شهدت سقوط أكثر من مئة شهيد فلسطيني، بعضهم قتل بدم بارد غير بعيد عن الكنيسة القبطية، ومازال هذا ممكنا قبل أن ينهي البابا الزيارة، حيث أن الكنيسة المصرية ليست أقل وطنية من كنائس أخرى في القدس لا تتوانى عن إعلان دعمها للمقاومة وحق الفلسطينيين في كافة الأراضي الفلسطينية المحتلة، وليس القدس فقط، في استعادة حريتهم وحقوقهم كاملة.

وقالت الصحيفة إن خطورة هذه الزيارة تبقى في «سوء الفهم» الذي قد تنتجه، وآثاره على رصيد تاريخي مشرف من المقاطعة الشعبية المصرية لـ«إسرائيل» ورفض أي من أشكال التطبيع معها. وبحسب الصحيفة فإنه من الإنصاف القول إن تلك المقاطعة نجحت في الصمود حتى في أوقات حالكة السواد، حاولت خلالها بعض الأبواق الإعلامية في مصر شيطنة فلسطين والفلسطينيين. ومن هنا فإن البابا، وهو الذي يتمتع بسلطة أخلاقية واحترام واسع عند المصريين جميعا بغض النظر عن ديانتهم، مطالب بإنهاء هذا الجدل بالتشديد على استمرار تحريم الزيارة، واتخاذ إجراءات ضد من يخالفون هذا الموقف.

وذكرت الصحيفة أنه لم يكن مستغربا أن تلقى زيارة البابا ترحيبا من السلطة الفلسطينية التي تدعو العرب جميعا لزيارة القدس المحتلة كوسيلة لمقاومة الاحتلال، أو «ارتياحا صامتا» من النظام المصري الذي يعول على مواصلة التعاون الأمني مع تل أبيب في حربه ضد الإرهاب، إلا أن هذا لا يعني بالضرورة أنه أصبح يرغب في «تطبيع شعبي» مع «إسرائيل»، يعرف جيدا أنه غير قابل للتحقق لأسباب ثقافية وتاريخية واستراتيجية، ناهيك عن أنه لن يتحمل عواقبه الأمنية والسياسية.

 

  كلمات مفتاحية

مصر فلسطين إسرائيل البابا تواضروس الثاني محمود عباس التطبيع القدس رام الله

بعد الهجوم عليه.. «تواضروس»: لن أدخل رام الله أو القدس زائرا إلا مع شيخ الأزهر

«تواضروس» ينقلب على قرار المجمع المقدس .. ويزور القدس لأول مرة منذ 35 عاما

«تواضروس» يعود إلى القاهرة على متن طائرة إسرائيلية

القس الفلسطيني «منويل مسلم»: أرفض زيارة «تواضروس» للقدس

التطبيع الاقتصادي والتطبيع الديني

الاحتفاء الإسرائيلي بـ«نخبة» السيسي

‏بابا الكاثوليك وبطريرك الأرثوذكس الروس يلتقيان للتغلب على شقاق استمر ألف عام

الأنبا «يوليوس» يصل إلى قطر ضمن جولة رعوية لكنائس الخليج

«تواضروس»: الملك «سلمان» قال لي إن السعودية تحتضن جنسيات وأديانا عديدة

أقباط مصريون يصلون إلى القدس وسط إجراءات أمنية مشددة

لا للتطبيع.. لا لزيارة العرب للقدس

وفد من الكنسية المصرية يزور القدس ويبحث مع (إسرائيل) ترميم «دير السلطان»

25 قتيلا و57 جريحا في تفجير بـ«الكاتدرائية الأرثوذكسية» وسط القاهرة