تحركات مصرية مهدت لاختيار باشاغا لرئاسة حكومة جديدة في ليبيا

السبت 12 فبراير 2022 07:38 ص

مهدت تحركات مصرية، خلال الأيام الماضية، لاختيار مجلس النواب الليبي "فتحي باشاغا" رئيساً جديدا للحكومة.

ونقلت صحيفة "العربي الجديد"، عن مصادر مصرية خاصة مقرّبة من اللجنة الوطنية المعنية بالملف الليبي، قولها إن التحركات المصرية استهدفت الترويج لـ"باشاغا" في الدوائر الأوروبية والأمريكية، وعرقلة تحركات تركية سعت لمنع تلك الخطوة أو على الأقل تأجيلها، من أجل كسب مزيد من الوقت لحين إعادة ترتيب أوراقها في حال غياب رئيس حكومة الوحدة الوطنية "عبدالحميد الدبيبة"، المتحالف معها، من المشهد.

ومؤخرا، زار "باشاغا" القاهرة بصورة غير معلنة، لعدة ساعات، والتقى رئيس جهاز المخابرات العامة "عباس كامل"، حيث بحث الطرفان التحركات المصرية مع عدد من الأطراف، من أجل تأمين الاعتراف بالحكومة الجديدة.

ووفق المصادر، فإن مصر نسقت تلك الخطوة مع قادة مجموعات مسلحة في طرابلس تعمل تحت مظلة الحكومة، لتحييدها ومنع انضمامها لــ"الدبيبة" في حال أصرّ على موقفه الرافض لخطوة مجلس النواب.

وأشارت في الوقت ذاته إلى أن "باشاغا" أبلغ القاهرة، عن إجرائه ترتيبات مع مكونات وازنة في مصراتة، التي تعد رقماً ذا أهمية كبيرة في المعادلة الليبية.

ولفتت المصادر، إلى أن القاهرة أدت دوراً في إقناع الجزائر بعدم معارضة خطوة رئاسة "باشاغا" في إطار تحرك مجلس النواب الليبي، مشدّدة على أن ذلك ساهم بدرجة كبيرة في تسريع الإعلان من جانب مجلس النواب.

وأكدت المصادر، أن "القاهرة تعوّل كثيراً على التنسيق بينها وبين باشاغا خلال الفترة المقبلة لتحقيق توازن للنفوذ المصري مع نظيره التركي في ليبيا وفرض قواعد تعامل جديدة بين البلدين"، مشدّدة على أن "تولي باشاغا رئاسة الحكومة لن يوقف جهود التهدئة وتطبيع العلاقات بين مصر وتركيا، ولكن ربما يعيد ترتيب ملفاتها".

وذكرت أنه "على الرغم من تلقي النظام المصري خطوة اختيار البرلمان الليبي لباشاغا بارتياح كبير، إلا أنه في الوقت ذاته يدرس سيناريوهات أخرى للتعامل مع الموقف، لا سيما في ظل تأكيد أطراف في المجتمع الدولي على أن الدبيبة لا يزال رئيس الوزراء المعترف به في ليبيا".

وعقب صدور قرار البرلمان الليبي، أعربت الخارجية المصرية، عن "ثقة مصر في قدرة الحكومة الليبية الجديدة على تحقيق أهدافها بما يحفظ وحدة ليبيا وسيادتها على أراضيها ويحقق أمنها، إلى جانب ضبط الأوضاع الداخلية، وتهيئة المناخ لإجراء الانتخابات، وتنفيذ كافة استحقاقات خريطة الطريق التي أقرها الأشقاء الليبيون".

وحول الموقف المصري، اعتبرت المصادر أنه "بينما كان موقف القاهرة في السابق، يميل إلى تأجيل الانتخابات الليبية، وخصوصاً أنها لم تكن قد توصلت بعد إلى اتفاق مع الأطراف المعنية بالأزمة، تحديداً تركيا والجزائر، إلا أن موقفها قد تغير كثيراً الآن وأصبحت ترغب في إجراء الانتخابات، من أجل تثبيت حكومة جديدة، تسمح لها بالاستفادة من مسألة إعادة الإعمار، التي تعد المكسب الأهم لمصر في المفاوضات الخاصة بالأزمة الليبية مع الأطراف الدولية المتعددة".

وأضافت المصادر، أنه "بالنسبة لحكومة الدبيبة، فإن الوضع الحالي من دون انتخابات هو الأفضل، لأن مجرد إجرائها وترشح شخصيات مثل الجنرال المتقاعد خليفة حفتر، وسيف الإسلام القذافي نجل الزعيم المخلوع الراحل معمر القذافي، حتى إن لم يفز أي منهما، أو أي مرشح آخر ينتمي إلى شرق ليبيا، سيجعل من هؤلاء أنداداً للحكومة في طرابلس، كما سيجعلهم منافسين سياسيين ومعارضين أقوياء للحكومة المركزية، وقادرين على تعطيل أية قرارات للحكومة".

وأكدت المصادر أنه "على الرغم من أن فتحي باشاغا، محسوب على غرب ليبيا، ويعتبر من الذين يتمتعون بعلاقات قوية مع تركيا أيضاً، إلا أنه الأفضل بالنسبة إلى مصر من الدبيبة، خصوصاً أن القاهرة تواصلت أكثر من مرة مع باشاغا، وتوصلت إلى اتفاقات مبدئية معه، تحقق مصالح لمصر، وعلى رأسها مسألة إعادة الإعمار".

وأوضحت المصادر أن "اقتناع القاهرة أخيراً بضرورة التفاهم مع تركيا والجزائر فيما يخص ليبيا، جاء بعد فشل سياستها في دعم الأطراف الليبية الأخرى في الشرق مثل حفتر، الذي أعلن ترحيبه باختيار باشاغا رئيساً جديداً للحكومة".

واعتبرت أنه "حتى لو سيطر حلفاء القاهرة على الشرق الليبي بالكامل بالإضافة إلى الجنوب، فستظل الحكومة في طرابلس هي المسيطرة على كل الثروات الليبية المتمثلة في النفط، ويمكنها أن تمنع عوائده عن الشرق، بما لا يسمح للقاهرة بالاستفادة حتى من إعادة إعمار الشرق، الذي سيبقى بلا تمويل".

ووفق مصادر "العربي الجديد"، فإنه "على الرغم من ارتياح القاهرة لخطوة تعيين باشاغا رئيساً للحكومة من قبل مجلس النواب، واعتبارها ذلك نصراً في تفاهماتها الأخيرة مع الجزائر وتركيا، إلا أن تعيينه سيضع ليبيا على شفا أزمة داخلية جديدة خطيرة، قد تتفجر في أي لحظة".

ومن الممكن أن تنسف هذه الخطوة "مخططات القاهرة بالنسبة لليبيا، المتمثلة في الاستفادة من إعادة الإعمار، لا سيما مع تضارب وجهات نظر أعضاء مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة بليبيا، حول القرارات التي أعلنها مجلس النواب، خلال جلسته أول من أمس الخميس، بشأن اختيار رئيس جديد للحكومة بديلاً عن الدبيبة، واللغط حول طريقة تصويت النواب على التعديل الدستوري".

وبدأ التقارب المصري مع "باشاغا"، عند زيارته القاهرة في ديسمبر/كانون الأول الماضي، ولقائه "عباس كامل" المعني الأول في الإدارة المصرية بالملف الليبي.

وحينها جرى التباحث بشأن ترتيبات المرحلة المقبلة عقب الإعلان عن تأجيل الاستحقاق الانتخابي، الذي كان مقرراً في 24 ديسمبر/كانون الأول الماضي.

وحسب المصادر، فإن رئيس المخابرات المصري، أكد على "باشاغا" ضرورة الالتزام بالمصالح المصرية، في مقابل تقديم القاهرة كافة أوجه الدعم اللازم له في مهمته المرتقبة، خلال الفترة التالية لتأجيل الانتخابات، مع التأكيد على الثوابت الخاصة بحفظ الأمن الإقليمي، وضمان حصة مصر في أعمال إعادة الإعمار في ليبيا.

وكشفت أن هذا الأمر "قوبل برسائل إيجابية من قبل باشاغا، الذي وعد بعدم المساس بكافة الاتفاقيات الموقعة بين مصر وحكومة الوحدة الوطنية"، مضيفة أن "تنسيق القاهرة مع باشاغا تم بمعرفة الطرف التركي".

وكان مجلس نواب ليبيا في طبرق، قد اختار وزير الداخلية السابق "فتحي باشاغا"، الخميس، رئيساً للحكومة، فيما رفض "الدبيبة"، اختيار البرلمان لحكومة جديدة، وأعلن استمرار عمل حكومته.

ورداً على سؤال عما إذا كان ما قام به البرلمان شبيه بما حدث في 2019 من اعتداء على العاصمة، حين هاجم القائد العسكري "خليفة حفتر" طرابلس، أجاب "الدبيبة": "أنا أرى أنه تمَّ بنفس العقلية ولكن بثوب آخر".

ووعد "الدبيبة" بأن حكومته ستضع مشروع قانون للانتخابات سيُقدم إلى مجلس النواب وبعدها إلى المجلس الرئاسي لاعتماده.

وكان من المقرر أن تعقد ليبيا الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في ديسمبر/كانون الأول 2021، لكن خلافات بين الفصائل وأجهزة الدولة بشأن كيفية إجراء الانتخابات أدت إلى انهيار العملية قبل أيام من التصويت.

وجرى تسجيل زهاء 3 ملايين ليبي للتصويت في انتخابات ديسمبر/كانون الأول، وأثار الصراع السياسي والتأخير الذي أعقب ذلك غضب وإحباط كثيرين منهم.

فيما يقول محللون إن نتيجة خطوات الخميس، قد تكون العودة إلى أعوام الانقسام التي بدا أنها انتهت في مارس/آذار 2021، بتنصيب حكومة وحدة وطنية برئاسة "الدبيبة".

وقبلها عملت حكومتان متنافستان في غرب البلاد وشرقها، تدعم كل منهما فصائل متناحرة.

المصدر | الخليج الجديد + متابعات

  كلمات مفتاحية

باشاغا العلاقات المصرية الليبيبة الدبيبة الأزمة الليبية

حلقة مفرغة.. ليبيا تدخل مرحلة جديدة من الغموض السياسي

ليبيا.. الأعلى للدولة يدافع عن باشاغا وحشود عسكرية دعما للدبيبة

طبول الحرب تدق في طرابلس مجددا.. كيف ستنتهي أزمة "الدبيبة – باشاغا"؟

المبعوثة الأممية إلى ليبيا تدعو لإجراء انتخابات في أقرب وقت

السيسي يلتقي المنفي ويؤكد استمرار دعم المسار السياسي بليبيا

مصادر مصرية: القاهرة تعرقل وساطة تركية بين باشاغا والدبيبة

مخاوف مصر بشأن ليبيا هل تدفعها لمزيد من التدخل في جارتها الغربية؟

مصادر ليبية: حفتر وصالح في القاهرة للتشاور

مسؤولون ليبيون يعقدون محادثات في مصر بشأن الانتخابات

بعد إغلاق لـ8 سنوات.. مصر للطيران تعيد افتتاح مكتبها في ليبيا