خبراء: «أوبك» تتهيأ لتكون «ساحة صراع» في ظل الخلاف السعودي الإيراني

الثلاثاء 8 ديسمبر 2015 05:12 ص

بات النفط أداة جديدة للصراع بين السعودية وإيران، قد يتطور إلى صدام إقليمي، في ظل ارتفاع إنتاج الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا للنفط.

وبحسب وكالة «الأناضول»، فإن استمرار سياسية عدم تحديد سقف رسمي لإنتاج النفط، سيُفقد منظمة الدول المصدرة للنفط «أوبك» قوتها في الأسواق العالمية، ما قد يؤدي إلى صراع جديد بين إيران والسعودية، داخل المجموعة، وقد يتحول هذا الصراع إلى صدام إقليمي بينهما.

وفشلت المنظمة في اجتماعها الأخير، الذي عقد بالعاصمة النمساوية، فيينا، الجمعة الماضية، من تحديد سقف رسمي للإنتاج بنحو 30 مليون برميل يوميا، حيث بلغ متوسط الإنتاج الفعلي لـ«أوبك» في الأشهر الأخيرة 31.4 مليون برميل يوميا.

ويعتقد مراقبون، أن قيام السعودية والعراق بزيادة إنتاج النفط بشكل منفرد، أفقد سقف الإنتاج الرسمي للمنظمة «وظيفتها» في الآونة الأخيرة، ودفعها إلى تأجيل البت في قرار السقف إلى اجتماعها الذي سيعقد في شهر يونيو/حزيران من العام المقبل.

وبحسب خبراء، فإن هذا الوضع، سيزيد التوتر في العلاقات السعودية الإيرانية، ويؤدي إلى انقسامات داخل المنظمة. 

حيث أوضح تحليل اقتصادي، قبل أيام، أن إيران ترغب من السعودية التقليل من إنتاج النفط لتتمكن من دخول سوق النفط العالمي بعد سنوات من انقطاعها عنها بسب العقوبات التي فرضت على البلاد والتي ارتبطت بالبرنامج النووي، وهو ما لا تقبله المملكة.

«كيريل ويدرشوفن»، الخبير في مؤسسة «ميا ريسك» للأبحاث ومقرها الولايات المتحدة، قال لـ«الأناضول» إن تردد المنظمة في قراراتها، أفقدها كيانها المتحد والمتكامل، وباتت إيران تشكل تهديدا لقوة السعودية، التي تعد ضمن أكبر مصدري النفط في العالم، وصاحبة أكبر نفوذ داخل منظمة أوبك بإنتاج يومي يبلغ 10.3 مليون برميل.

وأشار «ويدرشوفن» إلى أن الدول، التي كانت ترغب بخفض الإنتاج، قبل اجتماع المنظمة الأخير، خضعت بطريقة ما للسعودية، التي تدافع عن بقاء الأسعار منخفضة.

وأضاف أن «إيران لا تريد للسعودية أن تؤثر في المنظمة أو توجهها، وستعمل مع الدول المتوسطة الإنتاج، مثل فنزويلا والدول الأخرى، على خفض إنتاج المنظمة، بهدف رفع أسعار النفط، وزيادة حصتها من الإنتاج».

«ويدرشوفن» تطرق إلى بطء نمو الاقتصاد العالمي، واحتمال انخفاض الطلب على النفط الخام على المستوى العالمي العام المقبل، وقال: «هذا الوضع، قد يدفع حكومتي طهران والرياض إلى النزاع داخل المنظمة، ولاحقا قد يتطور إلى صدام سياسي وأمني في المنطقة».

وأكد أن «المملكة العربية لم ترغب يوما أن تُرفع العقوبات عن إيران، وفي حال حصول مواجهة بينهما داخل المنظمة، قد تتحول هذا المواجهة إلى صدام في المنطقة».

وتواجه المملكة العربية السعودية تحديات عدة، فمن جهة تشكو من ضعف «أوبك»، ومن جهة أخرى، قيام روسيا بزيادة قوة منافستها في الأسواق، رغم انخفاض أسعار النفط.

وعقب فشل مباحثات بين المنظمة وروسيا حول خفض الإنتاج، الصيف الماضي، رفعت روسيا من إنتاجها للنفط إلى مستوى قياسي، ليبلغ 10.7 مليون برميل.

من ناحية أخرى، نقلت الوكالة عن «ليزا أرمولنكو» الباحثة في شركة «كابيتال إكونوميكس» البريطانية، إلى هشاشة الاقتصاد الروسي وضعف بنيته بسبب انخفاض أسعار النفط، مضيفة أن «عجز الميزانية والتضخم وانخفاض أسعار النفط وبطء النمو والمخاطر السياسية هي عوامل تشير إلى أن نمو الاقتصاد الروسي سيكون بطيئاً أيضاً العام المقبل».

ساحة صراع

ونقلت «رويترز» عن «روبرت مينتر» الخبير لدى أبردين لإدارة الأصول قوله إن «دعم إيران للمتشددين الحوثيين في مواجهة التحالف الذي تقوده السعودية في اليمن ليس مفيدا حيث من المرجح أن توجه زيادة إيرادات النفط الإيرانية إلى دعم مصالح طهران العسكرية في اليمن والعراق وسوريا».

وأضاف أن «أوبك تتهيأ لتكون ساحة للصراع حيث تريد إيران استعادة نصيبها في السوق الذي كان قبل العقوبات والدول الخليجية لن تتخلى عن مستويات إنتاجها المرتفعة بعدما شعرت بالفعل بأوجاع الميزانية مع هبوط الأسعار».

وبخلاف اجتماع أوبك السابق منذ ستة أشهر حينما أظهرت الأسعار علامات على الاستقرار بالقرب من المستوى المقبول 65 دولارا للبرميل فإن اجتماع الأسبوع الماضي كان أشد توترا مع استنزاف اقتصادات دول المنظمة جراء هبوط حاد غير متوقع طال أمده في الأسعار.

وفي صباح يوم الجمعة توقع معظم المندوبين والخبراء اجتماعا صريحا نسبيا يؤيد سياسة السوق الحرة ويحدد سقفا للإنتاج. وبدا أن التغيير المحتمل الوحيد ربما يتمثل في رفع سقف الإنتاج إلى 31.5 مليون برميل يوميا ليعكس مستويات الإنتاج الحالية بدلا من المستوى السابق 30 مليون برميل يوميا والذي يتم تجاوزه منذ فترة طويلة.

ورغم أوجاع الأسعار فإن هناك علامات على أن التغير الجذري في الاسترتيجية منذ عام والذي قاده وزير النفط السعودي «علي النعيمي» بدأ يؤتي ثماره ولو بشكل أبطأ عما كان مأمولا. فقد تراجع إنتاج النفط الصخري المزدهر في الولايات المتحدة بينما تسارعت وتيرة الطلب العالمي على الخام.

وكانت مؤسسة «غولدمان ساكس» المالية الأمريكية، نشرت تقريراً، أكدت فيه أنه، «في حال عدم خفض الدول البارزة في سوق النفط، لإنتاجها، واستمرت في عرضها بالأسواق العالمية، وعمل المصافي بطاقتها القصوى، تشير إلى احتمال انخفاض سعر برميل النفط إلى 20 دولار».

وتخشى السعودية من أن تفقد نفوذها داخل «أوبك» بعد رفع العقوبات الاقتصادية عن إيران، وفي حال قيام الأخيرة بالتعاون مع روسيا التي تربطها بها علاقات وثيقة، في أسواق النفط، فهذا يعني أن أياماً صعبة تنتظر السعودية خلال عام 2016.

وتراجعت أسعار النفط أكثر من النصف إلى أقل من 50 دولارا للبرميل منذ يونيو/حزيران 2014، وتفاقم الانخفاض بعد أن غيرت منظمة «أوبك» استراتيجيتها في 2014، للدفاع عن الحصة السوقية بدلا من خفض الإنتاج لدعم الأسعار كما كانت تفعل من قبل.

 

  كلمات مفتاحية

أوبك النفط إيران السعودية سقف إنتاج النفط العلاقات السعودية الإيرانية

النفط يهبط إلى أدنى مستوياته في 7 سنين بفعل اجتماع «أوبك»

تراجع أسعار النفط مع إقرار «أوبك» الإبقاء على سقف الإنتاج

نهاية «أوبك»: وحدة المنظمة تتحطم على صخرة سياسة «نفط بلا حدود» السعودية

خلافات داخل «أوبك» .. وروسيا ترفض التعاون

توقعات برفض السعودية دعوات خفض الإنتاج خلال اجتماع «أوبك»

الحساب الختامي لـ«أوبك»

«أوبك» تتوقع تفاقم تخمة النفط في 2016 رغم تباطؤ إنتاج المنافسين

«الطاقة الدولية»: سياسة «أوبك» التي تقودها السعودية بدأت في النجاح

إيران تبدي استعدادها للانضمام إلى منظمة التجارة العالمية