استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

حماس وغزة: قصة توأمة!!

الجمعة 1 يناير 2016 01:01 ص

1. المملكة الصغيرة!

العلاقة بين حركة حماس وقطاع غزة أشبه بالتوأمة، أو أشبه بالمتلازمة التي لا فكاك منها !!

علاقة ميلاد ونشأة ..تاريخ وقيادة .. مسيرة تحد ومواجهة..ومن ثم علاقة حكم وسلطان !!

ولأن حماس لم تمارس هذا القدر من القوة التنظيمية وسلطان الحكم، حتى في ظل حكومتها العاشرة، في الضفة الغربية، فإن هذا جعل من غزة مركز قوتها وزخمها.

شكلت غزة لحماس-بعد أحداث يونيو 2007- ما يشبه (عالمها الكبير) أو (مملكتها الصغيرة ) التي تستطيع أن تمارس فيها نشاطها وحريتها بدون قيود، وهو الأمر الذي انعكس بقوة على توجهاتها وقراراتها.

لقد فرضت حماس نفسها على كل تفاصيل الحياة في غزة كونها الحاكم الأوحد، ولم تنجح في استقطاب أي من الاطر والمؤسسات الأخرى إلى جانبها، ومن ثم هيأت نفسها لواقع مختلف بعد أن تيقنت أن الرئيس أبو مازن غير جاد في المصالحة وأنه تارك غزة وراء ظهره.

لقد قنعت حماس بأن غزة قد (تحررت)، وأنها أضحت خارج نطاق الحسابات الاقليمية والدولية، رغم إحاطة الاحتلال بها من كل جانب وتحكمه في البر والبحر والجو، ورغم خضوعها لتأثيرات الاطراف المجاورة.

حكمت غزة لفترة تقارب الثماني سنوات، كانت سنوات صعبة وقاسية، حملت فيها الكثير من المعاناة التحديات والحروب والحصار، وفي نفس الوقت حولتها إلى رمز من رموز المقاومة والصمود وتحدي الحصار.

حاربت وقاتلت على جبهات متعددة: خاضت معركة الحصار في وجه أطراف كثيرة، والحرب العسكرية المباشرة مع الاحتلال، ثم معركتها السياسية المركبة مع حركة فتح.

هذه المعارك أرهقت حماس ونالت من لحمها، غير أنها بقيت صامدة واقفة على قدميها!

لقد مثلت غزة لحماس (القلعة) الحصينة التي تواجه وتتحدى بها (إسرائيل)، و(مركز القوة) التي تقابل بها نفوذ سلطة رام الله، و(الورقة) التي تستطيع أن ترفعها في وجه المعادلات السياسية في المنطقة.

إن حماس يجب أن تدرك أنه رغم هذه (الميزات) الثلاث، فإنه لا يضمن لها الخروج عن الكثير من السياسات العربية والاقليمية التي تستند إلى موازين قوى دولية، وترى في حماس خطرا يجب محاصرته، كما أنه لا يضمن لها استقرار الحالة الفلسطينية لصالحها وخروجها من دائرة الخلاف والصراع المحتدم.

إن قوة حماس العسكرية وتعاظم وجودها في غزة ربما حجب عنها التفكير في إن القوة السياسية لها من التأثير والحضور ما يمكن أن يوازن أو يفوق القوة العسكرية، فكيف لو اجتمعت كلاهما لدى الحركة؟.

المشكلة أن حماس لم تستطع صياغة وبلورة قوة سياسية  -إلى جانب قوتها العسكرية- كي تستطيع أن تنافس/ تفرض نفسها كلاعب محترف في تسجيل الأهداف السياسية، وتركت المجال لحركة فتح والرئيس أبو مازن أن يمارسوا هذا الدور بحرية، وكأن حماس لا حاجة لها به !!

2. ارتباط سياسي /عاطفي

إن طول مدة تحكم حماس في مفاصل غزة خلق معادلة ارتباط سياسي/عاطفي لدى الحركة بأن القطاع بات يشكل لها موقع قوة متقدم، لم يعد ليس من السهل الفكاك منه !!

فحماس تنظر إلى القطاع على أنه الحاضنة الشعبية ومركز انطلاقها وساحة تنامي قوتها البشرية والعسكرية، ورسم جزءا كبيرا من تاريخها ومسيرتها السياسية وصبغ تجربتها في الحكم.

لقد اطلقت شعارات كثيرة عززت هذا الارتباط: «غزة العزة ..غزة تنتصر ..غزة تقاوم»، وفي بعض الأحيان بالغت في رسم العلاقة، وأصبح اسم غزة يتردد كثيرا في الخطابات والمهرجانات، لدرجة أن البعض صار يعتقد أنه تحاك مؤامرات (لاستعادة) غزة، ومن ثم انبرى بالقول أن حماس «لن تسلم غزة»، وأنه بمثابة «تسليم شرف غزة»، وكأن هذا الصبي يُخشى عليه أن يُنتزع من حضن أمه !!

هذه المبالغة دفعت كثيرا من السياسيين والمحللين إلى الذهاب بعيدا بأن (حماس تبني دولة أو إمارة في غزة)، غير أن حماس ردت بقوة بالشعار الذي أطلقه إسماعيل هنية (لا دولة في غزة ولا دولة بدون غزة).

الحقيقة هي أن حماس تبني (وجودها/قوتها) في غزة، ربما في قوالب مختلفة، لكن ليس في إطار دولة أو إمارة لأنه أمر غير متحقق لا واقعا ولا سياسية.

هذه المبالغة في العلاقة دفعت أطرافا عديدة للتعاطي مع هذا الواقع في اتجاهين :

الاتجاه الأول، وتبنته أطراف عربية ودولية وإسرائيلية، أرادت لحماس أن تُحصر/ تُسجن في غزة، بل أن تغرق في المشاكل والأزمات التي تفنن الآخرون في اختلاقها ووضعها على طاولة الحركة، لذا فإن حماس أرهقت بكل أزمات وتفاصيل غزة، وأصبح الحصار همها الأكبر، وهيمن كثيرا على أولوياتها وخطابها واستنفذ منها جهدا وطاقة كبيرة.

كان ينبغي على حماس أن تتجنب هذه (المؤامرة) لو عالجتها بشيء من (الدهاء والصبر السياسي)، لكن للأسف فإن كرة غزة عادت وتدحرجت في حجرها مرة ثانية.

صحيح أن حماس كانت صادقة في توجهاتها لإنجاح المصالحة وتعزيز دور حكومة الوفاق، لكن هذا الصدق كان يستلزم صبرا (مُرا) وحكمة أوسع لاجتياز المرحلة والخروج من عنق الزجاجة، وما كان ينبغي عليها أن تظل أسيرة لهذا الحصار الجغرافي السياسي!!

الحركة كانت أحوج ما يكون لإعادة ترتيب أولوياتها وتخفيف عبء الحكم عن كاهلها، لكن يبدو أن فوضوية السلطة ونكوص حكومة الوفاق أرغم حماس على أن تبتلع الطعم مرة ثانية!!

حماس التي يصعب عليها (فراق) غزة أبقت على (حبل الوصال) من خلال تبادل المواقع بين الحكم والحكومة، وظل الكل – بما فيهم حكومة الوفاق – تعتقد أن حماس هي صاحبة الكلمة الأولى والأخيرة في غزة.

الاتجاه الآخر: ذهب باتجاه التعاطي مع حماس (كسلطة أمر واقع) لا يمكن تجاوزه، خاصة بعد أن اقتنع هؤلاء بأن مسار المصالحة طويل وشائك، لكن دون أن يعطوا ذلك غطاء رسميا، ودون أن يمنحوا الحركة مساحات أوسع لتعزيز قدرتها على تلبية مطالب الجمهور.

3. حماس في غزة..ما له وما عليه

إن «تعلق حماس» بغزة له وعليه !! ويجب أن نحاكم ذلك من منطق سياسي/عقلاني وليس من منطق عاطفي.

إن حماس تستطيع أن تفخر بأنها حولت غزة إلى «أسطورة» للبطولة للمقاومة ورمز من رموز تحدي الحصار، واسم تداولته الدول والعواصم بحيث أصبح نموذجا للحالة الفلسطينية ودلالة على جرائم وبشاعة الاحتلال.

لكن طغيان (غزة ) في ثقافة وفكر الحركة ربما أثر عليها في استحضار الكثير من الحسابات والموازنات السياسية، وحجب عنها رؤية الأفق الأوسع والأرحب خارج نطاق هذه البقعة الجغرافية الصغيرة.

إن ذهاب البعض أن غزة هي (رأس الحربة)، وأنها (تدافع عن شرف الأمة)، وأنها (النموذج الفريد من نوعه)...إلخ ,هذه اللافتات الكبيرة خلقت إحساسا كبيرا بالتعاظم، وقناعة بأن الحسابات السياسية والوطنية يجب أن تقاس وتحاكم على الواقع القائم في غزة، وهو أمر لا يروق لكثير من الأطراف المحلية والدولية.

إن اشتداد الصراعات التي تجري في الدول المحيطة وتدخل الدول الكبرى وتراجع الربيع العربي وإعادة صياغة المنطقة بشكل مرعب يفرض على حماس أن تفكر خارج (صندوق غزة)، ولكي لا تكون غزة ضحية هذه الصراعات المجنونة التي تعصف بالمنطقة.

إن سياسية (الثبات) جيدة، لكنها أبدا غير كافية في صد العواصف والزوابع السياسية، وما لم تكن صاحب مبادرة وإسهام في الحالة فإن العواقب لن تكون سهلة.

إن السلطة/الحالة الفلسطينية التي تعاني من انهيار سياسي مزمن، يفرض على حماس ألا تقف موقف المتفرج، وألا تكتفي فقط بالتلويح بقوتها العسكرية وبشعارات التحرير وأن غزة تمثل (الجدار الأخير)، بل يجب عليها أن تتحرك بقوة في الساحة السياسية والوطنية لتجميع شتات الحالة الفلسطينية الممزقة المتشرذمة باعتبارها عمود الخيمة في المشروع الوطني.

إن الجمود السياسي وفشل المصالحة وزيادة حدة الانقسام و(حشر) حماس في غزة هي أشد العوامل الخطرة المهددة للمشروع الذي تتبناه الحركة، وما لم تقم بدور (المنقذ) للحالة الوطنية وفي رمي الطوافات وانتشال الغرقى، فإن الواقع الفلسطيني بكليته سيسير نحو الأسوأ، وستكون حماس أكثر المتأثرين به.

4. حكم غزة المكلف !!

الوجه الآخر، (غزة الحكم والسلطة) لا يمنح حماس كثيرا من الحسابات المريحة.

لقد اجتهدت بقوة أن تقدم كل ما لديها من طاقة وخبرة لإدارة القطاع على نحو أفضل لكن الأمواج كانت عاتية والموارد محدودة والظروف معاكسة !!

هناك من يتصور أنه لولا الحكم لما استطاعت حماس أن تبني قوتها العسكرية، وهذا في جانب منه صحيح، لكن في المقابل فإن موازنات الحكم تضع كثيرا من القيود والموازنات على حرية المقاومة وقدرتها على ممارسة النشاط الموجه ضد الاحتلال.

لقد تعددت الجبهات المفتوحة، والتي أرهقت حكم حماس، سواء من (إسرائيل) التي مارست كل أشكال العقاب والإفشال، أو من قبل حركة فتح/السلطة التي رأت في حكم حماس «كارثة وطنية»، أو من قبل مصر التي رفضت التعامل معها، وضيقت عليها الخناق وقيدت تحركاتها والصقت بها تهما من النوع الثقيل، أو من قبل المجتمع الدولي الذي يرى في حماس معارضا لتوجهاته بشان القضية الفلسطينية، ثم الوضع الداخلي الذي تراوح في اعترافه وتعامله مع حماس ما بين (سلطة الامر الواقع) وحركة وطنية لها تاريخ وحضور.

هذه الأطراف-على اختلاف توجهاتها- وصلت إلى قناعة بأنه لا يمكن إزاحة حماس بالقوة العسكرية ولا بالتمرد الجماهيري، لذا فإن هناك من سلم بالأمر الواقع إلى أن يقضي الله أمرا كان مفعولا، وهناك من حاول دفع حماس إلى سكة المصالحة باعتبارها المخرج الوحيد.

هذه المعادلات الجيوسياسية وضعت حماس في مربع غير مريح، فرض عليها مواجهة طوفان السهام/المشاكل اليومية المرهقة، في وقت لم تكن كثير من مفاتيح حلول الأزمات بيدها.

فضلا عن ذلك، فإن مما أرهق حماس في حكمها في غزة إنه اعتمد على نمط (الحزب الواحد)، ولم ينجح في استقطاب شخصيات من خارج إطارها التنظيمي.

لقد حاولت حماس إسناد القطاع إلى لجان وطنية غير أن الأمر لم يتسن، لأسباب ذاتية وموضوعية، وهذا يفرض على حماس إعادة صياغة ثقافتها وأدبياتها في التعاطي مع المجتمع ومكوناته وكيفية خلق جسور ثقة وتحالفات متينة تجدها سندا وقت الازمات.

ربما ساعدت حماس بترسيخ هذه الصورة من خلال بعض السلوكيات والتصريحات التي أوحت بقوة أن حماس لا تزال هي سيدة الموقف وصاحبة القرار.

لو أن حماس غلبت عقلية الدولة على عقلية التنظيم لكان يمكن أن تتجاوز الكثير من المعضلات والأزمات التي واجهتها، ولكان من الممكن أن تتجنب الكثير من الانتقادات.

ربما طبيعة المرحلة السياسية التي نحياها (لا دولة قائمة .. ولا سلطة حقيقية) تجعل من سلطة التنظيم أقوى وأكثر سيطرة، وهذا الأمر ينسحب على باقي الفصائل بشكل عام.

خـلاصـة 

إن واقع حماس في غزة يفرض عليها أن تكسر الروتين الجغرافي والسياسي (حتى لو فُرض عليها)، وأن تتحرك في مساحات أوسع لإنقاذ الحالة الوطنية، ويفرض عليها التخفف من أعباء الحكم وإعادة ترتيب أولوياتها وأوراقها بما يضمن وضع مشروعها على سكة المسار الصحيح. وهذا يحتاج إلى خيارات (عبقرية /استثنائية) في التعامل مع الواقع القائم.

  كلمات مفتاحية

حماس غزة غازي حمد فلسطين سلطة حماس القوة التنظيمية الضفة الغربية المصالحة (إسرائيل)

مسؤول في «حماس» يدعو «التحالف الإسلامي» إلى مواجهة إرهاب (إسرائيل)

حركة حماس تحتفل اليوم بمرور 28 عاما على تأسيسها

«حماس» تحيي «الاتحاد الأوروبي» على قرار مقاطعة منتجات المستوطنات

«مشعل»: «حماس» لا تبحث عن أدوار سياسية ورفضنا مفاوضات سلام بلندن

«حماس»: إيران أوقفت الدعم العسكري بسبب سوريا

«حماس»: جاهزون لإجراء الانتخابات وتسليم معبر رفح لحكومة التوافق

«حماس»: إيران لم تطلب منا موقفا عدائيا ضد السعودية ولن نبيع موقفنا مقابل المال

غدا السبت.. قطر توزع 1060 وحدة سكنية على أهالي غزة

مصادر: قطر تستضيف محادثات بين «حماس» و«فتح» لإنهاء الانقسام

هل بإمكان «حماس» الفصل بين الدعوى والسياسي والعسكري؟

(إسرائيل) تبحث إقامة ميناء في غزة خشية المواجهة العسكرية مع «حماس»

غزة.. النائب العام يحيل مدير المخابرات الفلسطينية للقضاء العسكري

حكومة رام الله وقطاع غزة ودولة قطر