«ستراتفور»: إعدام «نمر النمر» حلقة جديدة في مسلسل الصراع السعودي الإيراني

الأربعاء 6 يناير 2016 10:01 ص

إذا أردنا أن نصف الأزمة الدبلوماسية التي اندلعت في مطلع الأسبوع بين المملكة العربية السعودية وإيران، فإنها ستكون أزمة صاخبة بكل تأكيد. ورغم ذلك، فإنها لن تعدو كونها مظهرا من مظاهر الصدع الجيوسياسي المتفاقم في المنطقة. في الوقت الذي تحاول فيه الولايات المتحدة تحقيق التوازن في المنطقة، فإن إيران تسعى لاستغلال هذه الجهود من أجل التخلص من عزلتها. لذا فإن الاحتكاك بين اللاعبين السنة والشيعة البارزين في المنطقة قد تصاعد بالفعل.

تحليل

يعتمل الجدل حول رجل الدين الشيعي «نمر النمر» منذ عدة سنوات. وكان «النمر» قد تم اعتقاله في يوليو/تموز 2012 بتهمة تحريض الناشطين الشيعة في المناطق الغنية بالنفط ذات الأغلبية الشيعية في المنطقة الشرقية من المملكة العربية السعودية. في ذلك التوقيت، كانت جمرة الربيع العربي لا تزال مشتعلة، وكانت المملكة العربية السعودية قد دخلت عسكريا بالفعل، في البحرين، جارتها الصغيرة ذات الأغلبية الشيعية. لتعزيز حكم السنة في شبه الجزيرة العربية. لم تكن الرياض تنوي ترك أي فرصة للزعماء الدينيين الكاريزميين مثل «النمر» من أجل خلق مشكلة أكثر خطورة لبيت آل سعود في المملكة.

ومع ذلك، وخشية من اندلاع المزيد من القلاقل في المناطق الشيعية، فقد تمهلت الرياض بشدة فيما يخص «النمر». وكان «النمر» قد تم الحكم عليه بالإعدام في يوليو/تموز عام 2012 وحكم عليه بالإعدام في أكتوبر/تشرين أول من عام 2014، ثم أيدت المحكمة العليا السعودية حكم الإعدام بعد ذلك عام واحد، في حين تركت الكلمة الأخيرة للعاهل السعودي الملك «سلمان بن عبد العزيز» في تحديد موعد التنفيذ. وعلى أمل إضعاف الاهتمام بإعدام «النمر»، فقد قررت المملكة العربية السعودية أنه سيعدم مع 46 مدانا آخرين، معظمهم من السنة الذين يملكون صلات مع تنظيم القاعدة. ومع ذلك، فإن الأمر لم تستغرق وقتا طويلا قبل أن ينفجر غضب الناشطين الشيعة احتجاجا على تنفيذ الحكم. وهناك مؤشرات عديدة على أن الحكومة الإيرانية مكنت الهجوم على السفارة السعودية في طهران في أعقاب تنفيذ الإعدام.

من المؤكد أن المملكة العربية السعودية لم تكن لتقدم على تنفيذ الحكم ما لم تكن واثقة من قدرتها على إدارة ردود الأفعال وبالأخص في المنطقة الشرقية وهو أمر حيوي لصناعة النفط السعودية. ومع ذلك، فإن المخاوف الأمنية السعودية آخذة في الارتفاع بالفعل. وهناك الجهاديون المحليون الذي يحاولون خلق صراع طائفي أكبر في المملكة وقد يستغلون الاضطرابات التي أعقبت حكم الإعدام. قوات الأمن السعودية، وإن كانت تبدو قادرة على إخماد على الهجمات ذات المستوى المنخفض من قبل الناشطين الشيعة، فإن ما يقلقها بشكل حقيقي هو العدد المتزايد للهجمات الانتحارية الجهادية والتي لا تقع فقط في المناطق السنية من البلاد ولكنها تستهدف أيضا البؤر الشيعية. يتم تصميم التفجيرات الانتحارية التي تستهدف مساجد الشيعة من أجل استدراجهم إلى الانتقام، وخلق مشكلة أمنية أكبر للقادة السعوديين، وعلى وجه الأخص، ولي العهد ووزير الداخلية الأمير «محمد بن نايف»، الذي قاد لفترة طويلة جهود مكافحة الإرهاب في المملكة العربية السعودية. استغلال الجهاديين لإعدام «النمر» سوف يشمل على الأرجح هجمات على أهداف طائفية هشة إضافة إلى استهداف قوات الأمن، نظرا للصعوبة في استهداف وتعطيل البنية التحتية النفطية السعودية بمثل هذه الهجمات.

تداعيات إقليمية

وسوف يزيد إعدام «النمر» أيضا من تعقيد المفاوضات الصعبة بالفعل بشأن الانتقال السياسي في سوريا. وافقت المملكة العربية السعودية وإيران على الجلوس إلى طاولة واحدة عندما اجتمع وزراء خارجية البلدين في ديسمبر/كانون أول للتفاوض بشأن سوريا، ولكن الجانبين لا يزالان يختلفان جذريا حول المجموعات التي ينبغي أن تكون طرفا في الحل السياسي في مرحلة ما بعد «الأسد» على افتراض أن جميع الأطراف سوف تكون قادرة على تلبية التحدي الهائل المتمثل في تهيئة الظروف اللازمة على أرض المعركة من أجل إتاحة فرصة للانتقال السياسي في دمشق. المعركة بالوكالة في سوريا بين إيران والسعودية تمتد أيضا إلى لبنان، حيث إن التسوية التي طال انتظارها بشأن مقعد الرئاسة تتوقف أيضا على التفاهم بين طهران والرياض.

تأتي السعودية حاليا على رأس الجبهة السنية التي تقف في وجه طهران، ولكنها ليست القوة السنية الوحيدة التي تشهد توترا في علاقاتها مع طهران. بينما تتحول تركيا بدورها لتكون أكثر حزما في المنطقة، فإن كردستان العراق وسوريا وسف تكون الساحات المرشحة للمنافسة بين الخصوم القدماء. قيام السعودية بقطع العلاقات الدبلوماسية مع طهران هو أيضا اختبار مهم للتحالف الإقليمي السني الذي حاولت الرياض بشق الأنفس لتجميعه على مدى العامين الماضيين. وحتى الآن، فإن البلدان التي تبعت الرياض في موقفها الاحتجاجي ضد إيران هي البحرين والإمارات والسودان. قامت البحرين سلفا في أكتوبر/تشرين الأول باستدعاء سفيرها في طهران وطرد القائم بالأعمال الإيراني بعد أن اكتشفت مخبئا للأسلحة زعمت أنه على صلة بطهران. الإمارات العربية المتحدة، التي كانت في تنسيق عسكري وثيق مع المملكة العربية السعودية في اليمن وليبيا وسوريا، قامت بتخفيض علاقاتها الدبلوماسية مع إيران حيث قامت باستدعاء سفيرها وتخفيض عدد الدبلوماسيين الإيرانيين في الإمارات. السودان، التي قامت بتعزيز تحالفها مع الرياض وابتعدت عن إيران خلال السنوات الأخيرة بفعل المساعدات المالية السعودية، قامت هي الأخرى بطرد السفير الإيراني. الكويت، وتحسبا لموقف الأقلية الشيعية في البلاد، أدانت إيران بعد الهجوم على السفارة السعودية، ولكن لم يصل الأمر إلى حد قطع العلاقات.

اختارت مصر أن تكون أكثر حذرا. حيث قامت بإدانة إيران ولكنها تجنبت أي ذكر لـ«محمد فتحي عبد العاطي»، وهو مواطن مصري كان واحدا من السنة الذين تم إعدامهم في نفس مجموعة «النمر». تحاول المملكة العربية السعودية تعزيز علاقة أكثر صرامة مع مصر من أجل دعم التحالف العربي، وينتظر أن يتم توقيع عقود لقروض ومنح بقيمة 3 مليارات دولار لمصر هذا الشهر تبرهن من خلالها السعودية مدى حرصها على هذه العلاقة. تقبل مصر الدعم المالي السعودي، ولكن القاهرة من المرجح أن تسعى إلى نهج أكثر توازنا عندما يتعلق الأمر بالنزاعات الطائفية المثيرة للجدل في المنطقة.

إعدام «النمر» هو أحد صور المنافسة الجيوسياسية المشتدة في المنطقة. هناك أحداث أخرى مرتقبة من المرجح أن تكن فصولا أخرى ضمن هذه المنافسة، بما في ذلك حكم الإعدام المنتظر لـ«علي النمر»، ابن شقيق «نمر النمر»، وعدد من الشيعة الآخرين. سوف تكون المملكة العربية السعودية حذرة في الدفاع عن منشآتها النفطية في التعامل مع نوبات جديدة من الاضطرابات الشيعية والهجمات الجهادية المحتملة. وبينما تحاول المملكة التعامل مع هذه التشتيتات الأمنية في الداخل، فإن المملكة سوف تتطلع إلى حلفائها الخارجيين في أوقات الحاجة. وسوف تحصل المملكة على قدر متفاوت من الاستجابة من قبل جيرانها السنة بقدر اعتمادهم عليها ماليا وأمنيا. وسوف تبذل الولايات المتحدة وغيرها من الدول الغربية قصارى جهدهم للحفاظ على مسافة بينهم وبين المعارك بالوكالة التي تعد جزءا لا يتجزأ من التوازن الإقليمي المتغير للقوى بين إيران وجيرانها السنة.

  كلمات مفتاحية

السعودية إيران سوريا مصر نمر النمر إعدام النمر العلاقات السعودية الإيرانية التوتر السعودي الإيراني

«مجتهد»: «الداخلية» تعلم بوجود مسلحين شيعة داخل السعودية وتتوقع انتقام «القاعدة»

الأزمة الدبلوماسية بين السعودية وإيران تهدد السياسة الأمريكية في المنطقة

«واشنطن بوست»: سعي إيران للهيمنة جعل السعودية أكثر جرأة وتهورا

«ستراتفور»: دلائل حول تواطؤ رسمي إيراني في اقتحام السفارة السعودية في طهران

التداعيات المحتملة للقطيعة الدبلوماسية بين السعودية وإيران

«نيويورك تايمز»: إعدام «النمر» رسالة للمعارضة الشيعية السعودية

«ميدل إيست آي»: إعدام «نمر النمر» رسالة داخلية تتعلق باستقرار النظام السعودي

إعدام «نمر النمر» على «تويتر» .. تأييد ومعارضة وتحذير من العواقب

فصل جديد من التأزيم

الأزمة الدبلوماسية بين السعودية وإيران تهدد السياسة الأمريكية في المنطقة

إعدام مدان بالقتل يرفع عدد إعدامات السعودية إلى 49 شخصا في أقل من أسبوع

«روحاني» يدعو القضاء الإيراني إلى سرعة محاكمة مهاجمي السفارة السعودية

«ستراتفور»: كيف يخطط السعوديون لمواجهة إيران؟

«الغارديان»: السعودية وإيران تحتاجان إلى بعضهما البعض

ردا على احتجاجات حقوقية.. الحكومة الكندية تدافع عن صفقة سلاح مع السعودية

دبلوماسي أمريكي: إعدام «النمر» رسالة من الملك «سلمان» لخصومه في الداخل

السعودية .. متظاهرون شيعة في مسقط رأس «النمر» يهتفون ضد الأسرة الحاكمة

رويترز: السعودية غير نادمة على إشعال أزمة مع إيران وحكامها الجدد أقل ترددا

خبراء: مصر تلتزم موقفا حذرا في مواجهة الأزمة بين السعودية وإيران

إعدام مدان بالقتل يرفع عدد إعدامات السعودية إلى 51 شخصا في 2016

إعدام مدان بالقتل يرفع عدد إعدامات السعودية إلى 52 شخصا في أسبوعين

«الدولة الإسلامية» يدعو لقتل مفتي السعودية ودعاة بينهم «السديس» و«العريفي»

السعودية وإيران .. والحاجة إلى خفض التوتر

إيران تطلق اسم رجل الدين الشيعي «نمر النمر» على شارع قريب من السفارة السعودية