أفنى الملك «سلمان بن عبد العزيز» عامه الأول على العرش في خطوات جريئة، وربما متهورة في بعض الأحيان، لدعم سلطة العائلة المالكة في الداخل والخارج على حد سواء. مؤخرا، قام الملك باتخاذ خطوة خطيرة وقاسية وربما تكون غير مبررة، عبر إعدام رجل الدين الشيعي الذي كان يتحدث باسم «أقلية مكبوتة» في المملكة. كان هذا الفعل يبدو وكأنه التزام، ربما يكون مقصودا، لتأجيج الصراع بين الشيعة والسنة في منطقة الشرق الأوسط.
وكان الشيخ «نمر باقر النمر» واحدا من ضمن 47 رجلا نفذ فيهم حكم الإعدام يوم السبت الماضي، في أكبر عدد من عمليات الإعدام تقوم بها المملكة في يوم واحد منذ عام 1980. كان رجل الدين الشيعي خلافا لمعظم القتلى الذين كانوا من المسلحين المرتبطين بتنظيم القاعدة. قام الشيخ «نمر النمر» بتوجيه انتقادات لاذعة إلى النظام السعودي، وقد سبق له أن توعد الأمير «نايف بن عبد العزيز»، ولي العهد ووزير الداخلية الأسبق، بأنه سوف تأكله الديدان وسوف يعذب في الجحيم بعد وفاته، لكنه لم يكن يدعو إلى العنف أو الطائفية المتشددة. وقد كان ينادي بالانتخابات كوسيلة لإصلاح المملكة العربية السعودية ودول الخليج الأخرى كما كان يندد بالنظام السوري للرئيس «بشار الأسد» المدعوم من الشيعة.
وبالإقدام على إعدامه، فقد وحدت المملكة العربية السعودية العالم في إدانتها. بداية من المرشد الأعلى الإيراني إلى وزارة الخارجية الأمريكية إلى مختلف الجماعات الحقوقية العربية والغربية التي أوردت خلال عام 2014 أن محاكمة «نمر النمر» بتهمة إشاعة الفتنة والتمرد لم تكن عادلة. وقد اتضح احتمال حدوث المزيد من العنف بسرعة بعدالهجمات على السفارة السعودية في طهران والقنصلية في مشهد.
إيران، أحد الرواد العالميين في ساحة الإعدامات والسجن السياسي، ورعاية الإرهاب، ليست في موقف يسمح لها بالاحتجاج على انتهاكات السعودية لحقوق الإنسان. لكن حلفاء العائلات المالكة، بدءا من الولايات المتحدة، يجب أن يتساءلوا عما إذا كانت «محاكمات سلمان» تسهم في إحكام القبضة على التوسع الإيراني كما يدعي، أم أنها تزرع المزيد من الفوضى في المنطقة المنكوبة بالفعل. بقيادة وزير الدفاع «محمد بن سلمان»، البالغ من العمر 30 عاما، ونجل الملك «سلمان» البالغ من العمر 80 عاما، فقد انزلقت المملكة بالفعل إلى حرب دموية وخاسرة في اليمن، في حين شنت حملة داخلية على المعارضين المحليين بجميع أطيافهم، بمن في ذلك أولئك الذين ينتهجون المسار السلمي ويطالبون بالإصلاحات الليبرالية.
بعض من هذه العدوانية ربما ينبع من تصورات السعودية أن الولايات المتحدة لم تعد راغبة أو قادرة على وقف سعي إيران للهيمنة في الشرق الأوسط، مما اضطر الأنظمة السنية للتصرف في الدفاع عن أنفسها. من جانبها، سعت إدارة «أوباما» لتأمين موافقة المملكة على الاتفاق النووي مع إيران عبر صفقات أسلحة جديدة، بما في ذلك صفقة السفن في أكتوبر/تشرين أول بقيمة 11 مليار دولار، وصفقة للقنابل والذخائر بقيمة 1.3 مليار دولار في نوفمبر/تشرين ثاني.
وقد تحدث الرئيس «أوباما» حول نزعات التدمير الذاتي للنظام. وقال في أبريل/ نيسان إن أكبر التهديدات التي تواجه دول الخليج السنية قد لا تكون قادمة من إيران، ولكن من الاستياء المتنامي داخل بلدانهم ذاتها. وقال إنه ينوي خوض محادثات صعبة من حكام البلاد في هذا الصدد، ولكن من الواضح أن الملك «سلمان» لا يصغي لهذا الأمر. من أجل مصالح الولايات المتحدة في مستقبل الشرق الأوسط ومن أجل مصلحة المملكة العربية السعودية نفسها، فإن البيت الأبيض يحتاج إلى استراتيجية أفضل للحصول على اهتمامه.