«أردوغان»: زيارتي إلى روسيا ميلاد جديد للعلاقات

الثلاثاء 9 أغسطس 2016 06:08 ص

قال الرئيس التركي «رجب طيب أردوغان»، إن زيارته إلى روسيا ستكون «ميلاد جديد» للعلاقات بين البلدين.

وأكد أن «روسيا الاتحادية هي أهم لاعب فيما يتعلق بجلب السلام إلى سوريا، وأعتقد أنه ينبغي علينا حل هذه المسألة من خلال إقدام تركيا وروسيا على خطوات معا في هذا الصدد». 

جاء ذلك في مقابلة له مع وكالة «تاس» للأنباء الروسية وقناة «روسيا 24»، قبيل اللقاء المرتقب بين «أردوغان» ونظيره الروسي «فلاديمر بوتين»، بمدينة «سانت بطرسبرغ» الروسية، اليوم الثلاثاء.

وأضاف «أردوغان»: «مرت على حادثة إسقاط الطائرة المؤسفة، 8 أشهر، رغم ذلك استمرت علاقاتنا في العديد من المجالات خلال تلك الفترة، لكن كانت لدينا أهداف لرفع حجم التبادل الاقتصادي إلى 100 مليار دولار أمريكي».

وأشار إلى تعثر بعض المشاريع الضخمة منها محطة «آق كويو» للطاقة النووية بتركيا، بسبب توتر العلاقات بين البلدين.

وأعرب عن اعتقاده بأن لقاءه «بوتين»، سيفتح صفحة جديدة في العلاقات بين البلدين، مضيفا «هذه الصفحة الجديدة تشمل مجالات سياسية وعسكرية واقتصادية وتجارية وثقافية بالإضافة إلى أمور يمكن للاعبين إقليميين مهمين القيام بها». 

وحول معاقبة قاتل الطيار الروسي، الذي قتل في سوريا بعد إسقاط طائرته، أكد «أردوغان» أن المتهم بقتل الطيار الروسي في الداخل السوري، موجود الآن في السجن، لافتا إلى استمرار عملية محاكمته.

ومن المتوقع أن تتمحور محادثات الرئيسين التركي «رجب طيب أردوغان» والروسي «فلاديمير بوتين»، اليوم الثلاثاء، حول سبل تحقيق الأهداف التجارية التي كانت محددة بين الطرفين قبل أزمة إسقاط المقاتلة الروسية.

وتتمثل الأهداف التجارية برفع حجم التبادل التجاري بين البلدين إلى 100 مليار دولار، إضافة إلى مناقشتهما مشاريع الطاقة، والسياحة وتجارة المنتجات الصناعية والغذائية، والاستثمارات المتبادلة.

وأعرب الرئيس التركي، «رجب طيب أردوغان»، عن استعداد بلاده لاتخاذ الخطوات اللازمة من أجل تنفيذ مشروع خط أنابيب نقل الغاز الذي يعرف باسم «السيل التركي»، مع روسيا.

وأشار إلى أن روسيا تمتلك أكبر حصة في قائمة الدول التي تستورد منها تركيا الغاز الطبيعي.

وقال «استوردنا من روسيا 12.5 مليار متر مكعب، من الغاز الطبيعي لغاية يوليو/تموز العام الحالي، وهذا يعد مؤشرا على أن تركيا تعد شريكة مهمة من الناحية الاقتصادية».

التعاون في مجال الطاقة

ويستحوذ التعاون في مجال الطاقة على أهمية كبيرة بين البلدين، لا سيما مع وجود مشاريع ضخمة تمّ الاتفاق على تنفيذها بين الطرفين، قبل حادثة إسقاط المقاتلة الروسية، مثل مشروع خط أنابيب السيل التركي، وتجارة الغاز الطبيعي، ومحطة «أق قويو» النووية.

وبحسب معطيات صادرة من هيئة تنظيم أسواق الطاقة التركية، فإنّ تركيا استوردت من روسيا في عام 2015، كميات كبيرة من الغاز الطبيعي، وصل حجمها إلى 27 مليار مترمكعب.

وأعلن وزير الطاقة الروسي «الكسندر نوفاك»، في وقت سابق، استئناف محادثات تنفيذ مشروع خط أنابيب السيل التركي، مع أنقرة.

وتشرف روسيا على تنفيذ محطة أق قويو النووية في تركيا، والتي تبلغ تكلفتها الإجمالية 25 مليار دولار.

وأعلنت روسيا، مطلع ديسمبر/كانون أول 2014، إلغاء المشروع الذي كان يمر من تحت البحر الأسود عبر بلغاريا إلى جمهوريات البلقان والمجر والنمسا وإيطاليا، وتخلت عنه بسبب موقف الاتحاد الأوروبي الذي يعارض ما يعتبره احتكارا للمشروع من قبل شركة الغاز الروسية «غاز بروم».

وبدلا منه، قررت روسيا مد أنابيب لنقل الغاز عبر تركيا من خلال «السيل التركي»، ليصل إلى حدود اليونان، وإنشاء مجمع للغاز هناك، لتوريده فيما بعد لمستهلكي جنوبي أوروبا.

ومن المتوقع أن يبلغ حجم ضخ الغاز الروسي في الخط، 63 مليار متر مكعب سنويًا، منها 47 مليار ستذهب للسوق الأوروبية، فيما سيخصص 16 مليار للاستهلاك التركي.

استيراد المنتجات التركية

وكانت روسيا تحتل خلال العام الماضي، المركز الثاني ضمن قائمة الدول الأكثر استيرادا للمنتجات التركية، فيما كانت تحتل المرتبة الثالثة بين الدول الأكثر تصديرا إلى تركيا، وفقا لهيئة الإحصاء التركية وخدمة الإحصاء الفيدرالي الروسية.

ووصل حجم التجارة الخارجية بين موسكو وأنقرة في عام 2008، إلى 38 مليار دولار، إلا أن الركود الذي أصاب الاقتصاد الروسي نتيجة انخفاض أسعار النقط، أدّى إلى تراجع هذه القيمة إلى حدود 23.3 مليار دولار، مع حلول عام 2015.

وعقب حادثة إسقاط المقاتلة الروسية، تدنى حجم التبادل التجاري بين الطرفين بشكل ملموس، حيث تراجعت نسبة الصادرات التركية إلى روسيا خلال النصف الأول من العام الحالي، بنسبة 60.5 بالمئة، مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، واستقرت قيمتها عند 737 مليون دولار.

وتتصدر المنتجات الزراعية وقطع السيارات، والمواد الكيميائية، والألبسة الجاهزة، والأجهزة الكهربائية، قائمة المنتجات التركية المصدرة إلى روسيا، غير أن الحظر الذي فرضته الحكومة الروسية على دخول المنتجات التركية إلى أسواقها، أدى الى انخفاض صادرات تركيا من هذه المنتجات إلى الأسواق الروسية.

وقررت الحكومة الروسية اعتباراً من 1 كانون الثاني/ يناير الماضي، منع إدخال الطماطم، والبطاطا، والبرتقال، والملفوف، والمشمش، والملح، وعدد من المنتجات الزراعية التركية إلى أسواقها، غير أنّ المساعي التي بذلها وزير الاقتصاد التركي «نهاد زيبكجي»، ونائب رئيس الوزراء التركي «محمد شيمشك»، خلال زيارتهما الأخيرة إلى موسكو في 26 تموز/ يوليو الماضي، أثمرت عن بدء المحادثات بين الجانبين بخصوص رفع الحظر المفروض على المنتجات الزراعية التركية.

السياحة وتأشيرات الدخول

ومن المنتظر أيضا أن يتباحث «أردوغان» و«بوتين» خلال لقائهما، حول القيود التي فرضتها روسيا على سياحها الراغبين في قضاء عطلتهم في تركيا، إضافة إلى كيفية إلغاء تأشيرة الدخول المفروضة من جانب واحد، على المواطنين الأتراك الراغبين في زيارة روسيا.

وتسببت القيود التي فرضتها روسيا على الراغبين في قضاء عطلتهم بالمدن التركية، بخسارة قطاع السياحة في تركيا، بمقدار 840 مليون دولار خلال النصف الأول من العام الحالي، وتضاءل عدد السياح الروس الوافدين إلى تركيا خلال الأشهر الستة الاولى من هذا العام، بنسبة 87 بالمئة مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي.

وكان الرئيس الروسي «بوتين»، قد وقع في الأول من يوليو/تموز الماضي، على مرسوم ينص على رفع القيود المفروضة للسياح الروس الراغبين في التوجه إلى تركيا، فيما أعلنت الحكومة الروسية في وقت سابق، أنها بدأت بالعمل على تنفيذ المرسوم الصادر من «بوتين».

ألمانيا ترحب بالتقارب التركي الروسي

من جانبها، أعلنت نائبة المتحدث باسم وزارة الخارجية الألمانية، «سوسن شبلي»، عن ترحيب بلادها بالتقارب التركي الروسي.

وأضافت «شبلي»، خلال تصريحات صحفية بالمركز الإعلامي الاتحادي في برلين، أن البلدين لاعبان مهمان في إيجاد حل للأزمة السورية.

وأوضحت أن بلادها لا تعتقد أن يؤثر تقارب البلدين على الشراكة الأمنية داخل حلف شمال الأطلسي «الناتو»، مشيرة أن تركيا شريك مهم في الحلف.

وكان المتحدث باسم الرئاسة الروسية «الكرملين»، «دمتري بيسكوف»، قال الخميس الماضي، إن اللقاء سيشهد تبادلا جديا لوجهات النظر، بين الرئيسين، حول سرعة، ومراحل إحياء العلاقات الثنائية. 

كما أعرب مستشار «بوتين»، «يوري أوشاكوف»، عن أمله في أن يسهم اللقاء في إعادة العلاقات بين البلدين إلى طبيعتها بشكل كامل.

وذكر بيان صادر عن «الكرملين»، بخصوص اللقاء، أنه سيتناول موضوعات من قبيل إحياء العلاقات الروسية التركية بشكل تدريجي، ووضع خارطة طريق لتطوير التعاون الاقتصادي والتجاري بينهما، وإعادة تفعيل آليات الاستشارة رفيعة المستوى، بين البلدين.

خطوات سبقت عملية تطبيع العلاقات

تم اللقاء الأول لمسؤولين كبار من البلدين، في أعقاب إسقاط الطائرة الروسية، بين وزير الخارجية التركي «مولود جاويش أوغلو»، ونظيره الروسي، «سيرغي لافروف»، في 3 ديسمبر/ كانون أول الماضي خلال اجتماعات منظمة الأمن والتعاون في أوروبا، التي استضفاتها العاصمة الصربية بلغراد.

وفي 27 يونيو/ حزيران الماضي، أرسل «أردوغان» رسالة إلى «بوتين» أعرب فيها عن حزنه حيال إسقاط الطائرة الروسية، وتعاطفه مع أسرة الطيار القتيل. 

تبع ذلك إجراء «بوتين» مكالمة هاتفية مع «أردوغان»، أعرب فيها عن شكره له، واتفق الرئيسان خلال المكالمة التي استغرقت حوالي 45 دقيقة، على اللقاء وجها لوجه.

وعقد «بوتين» في أعقاب المكالمة الهاتفية، اجتماعا لمجلس الوزراء الروسي، أصدر خلاله تعليمات للحكومة، بالبدء في إجراء اللقاءات اللازمة من أجل تطبيع العلاقات مع تركيا، وبذلك بدأت عملية تطبيع العلاقات بين البلدين.

وأجرى وزير الخارجية التركية «مولود جاويش أوغلو»، أول زيارة لوزير تركي، إلى روسيا بعد أزمة الطائرة، في الأول من يوليو/ تموز الماضي، حيث حضر اجتماعات منظمة التعاون الاقتصادي للبحر الأسود التي استضافتها مدينة سوتشي، والتقى خلالها نظيره الروسي «لافروف».

وأجرى «بوتين»، اتصالا هاتفيا بـ«أردوغان»، يوم 17 يوليو/ تموز الماضي، أعرب فيه عن وقوفه إلى جانب الحكومة المنتخبة في تركيا، في أعقاب المحاولة الانقلابية الفاشلة التي شهدتها تركيا. 

كما زار نائب رئيس الوزراء التركي «محمد شيمشيك»، ووزير الاقتصاد التركي، «نهاد زيبكجي»، موسكو في 26 يوليو/ تموز الماضي، وأجريا لقاءات مع المسؤولين الروس.

وكانت مقاتلتان تركيتيا من طراز «إف - 16»، أسقطتا مقاتلة روسية من طراز «سوخوي - 24»، في نوفمبر/تشرين ثاني 2015، لدى انتهاك الأخيرة المجال الجوي التركي عند الحدود مع سوريا بولاية هطاي (جنوبًا).

وعلى خلفية حادث إسقاط الطائرة شهدت العلاقات بين أنقرة وموسكو توترًا؛ حيث أعلنت رئاسة هيئة الأركان الروسية قطع علاقاتها العسكرية مع أنقرة، إلى جانب فرض موسكو قيودًا على البضائع التركية المصدّرة إلى روسيا، وحظراً على تنظيم الرحلات السياحية والطائرات المستأجرة المتجهة إلى تركيا. 

  كلمات مفتاحية

أردوغان بوتين تطبيع العلاقات التركية الروسية مشروع السيل التركي ألمانيا الكرملين

«أردوغان» في سانت بطرسبورغ الثلاثاء لإعلان استئناف العلاقات مع «بوتين»

روسيا أم الولايات المتحدة: أين تتجه بوصلة تركيا بعد الانقلاب الفاشل؟

مركز الدراسات الاستراتيجية: لماذا تعد روسيا أبرز المستفيدين من فشل انقلاب تركيا؟

قرار روسي بمواصلة التعاون مع تركيا

روسيا تؤكد عدم تأثير محاولة الانقلاب على التطبيع مع تركيا

صندوق حكومي روسي يخطط لاستثمارات بملايين الدولارات مع شركة تركية كبرى

«أردوغان»: تركيا وروسيا مصممتان على إعادة العلاقات إلى سابق عهدها

الإعلام الروسي يحتفي بزيارة «أردوغان» وواشنطن تقول إنها لن تضعف العلاقات

«جاويش أوغلو»: نعمل على إنشاء آلية ثلاثية مع روسيا لحل الأزمة السورية

«جاويش أوغلو»: وفد أمني وعسكري تركي سيتوجه إلى موسكو لمناقشة الملف السوري

تركيا تدعو روسيا لتنفيذ عمليات مشتركة ضد «الدولة الإسلامية» في سوريا

اقتراح تركي بعدم استخدام الدولار في الصفقات التجارية الضخمة مع روسيا

‏مساعد وزير الخارجية الإيراني يصل إلى أنقرة لبحث الأزمة السورية

روسيا ترفع الحظر عن رحلات الطيران السياحي العارض لتركيا

«بوتين»: روسيا ترحب بعودة الحياة السياسية في تركيا لطبيعتها