يزور الرئيس التركي «رجب طيب أردوغان» سانت بطرسبورغ، غدا الثلاثاء، لترسيخ استئناف العلاقات رسميًا مع نظيره الروسي «فلاديمير بوتين» مع تزايد شعوره بالغضب من الغرب الذي لم يبد تضامنه التام معه بعد محاولة الانقلاب الفاشل.
تأتي الزيارة تتويجًا للمصالحة التي تحققت بعد أن أعرب «أردوغان» عن أسفه، في حين تحدثت موسكو عن تقديمه «اعتذارا» عن إسقاط سلاح الجو التركي طائرة مقاتلة روسية على الحدود السورية في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي.
وكان الحادث قد تسبب في قطيعة بين البلدين لذلك كانت سرعة قبول موسكو بالمصالحة مفاجئة.
وأعرب «أردوغان» عن ارتياحه لرد فعل روسيا على الانقلاب الفاشل منتصف يوليو/تموز إذ كان «بوتين» أول من اتصل به من القادة «الأجانب» لإدانة الانقلاب ولم يوجه انتقادات لأنقرة فيما يتعلق بحملة القمع والتظهير التي أعقبته كما فعل القادة «الأوروبيون».
يقول «جيفري مانكوف» من مركز الدراسات الدولية والاستراتيجية في واشنطن أن «رد الفعل الروسي يتعارض بشدة مع رد فعل القادة الغربيين حلفاء تركيا».
يُشار إلى أنه لم تكن العلاقات سهلة يوما بين تركيا وروسيا المتنافستين لفرض نفوذهما على منطقتي البحر الأسود والشرق الاوسط.
لكن قبل الأزمة الناجمة عن إسقاط الطائرة الروسية، نجح البلدان في وضع حد للخلافات حول ملفات مثل سوريا وأوكرانيا جانبا والتركيز على التعاون الاستراتيجي مثل مشروع بناء انبوب الغاز «تركستريم» إلى أوروبا وبناء محطة نووية روسية في تركيا أو زيادة المبادلات التجارية إلى 100 مليار دولار.
علاقات غير مستقرة
يقوم التحالف بين «بوتين» و«أردوغان» على صداقة بين رجلين طموحين في الستينيات من عمريهما ويُعزى إليهما الفضل في إنهاض بلديهما بعد مرورهما بأزمات اقتصادية ويوجه إليهما اللوم كذلك لعدم إيلاء اهتمام باحترام حقوق الإنسان.
وبعد أن أعرب «أردوغان» عن امتعاضه لعدم إبداء الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي الدعم التام له، توجه نحو تقوية علاقاته مع روسيا.
ويقول محلل في المجلس «الأوروبي للعلاقات الخارجية» «حتى إن كانت هذه العلاقات غير مستقرة تمامًا فإن تدهور العلاقات مع الغرب من شأنه تسريع التقارب بينهما».
وتركيا حريصة على إصلاح الأضرار التي لحقت بها جراء العقوبات الروسية على قطاعات الزراعة والبناء والسياحة.
وتفيد أرقام الكرملين أن المبادلات التجارية تراجعت بنسبة 43% إلى 6.1 مليارات دولار بين يناير/ كانون الثاني، ومايو/أيار الماضيينِ.
وتضررت السياحة التركية بعد تراجع الرحلات الروسية. وتراجعت أعداد السياح الروس بنسبة 93% في يونيو/حزيران مقارنة مع الشهر نفسه من العام 2015.
ومع استئناف الرحلات السياحية، لا يزال ينتظر إعادة أحياء مشروع أنبوب الغاز الذي يفترض أن ينقل 31.5 مليار متر مكعب سنويًا إلى تركيا عبر البحر الأسود ومحطة «أكويو» النووية.
فرصة من ذهب
بعد الأزمة الحادة التي شهدتها العلاقات، يحتاج الأمر إلى الوقت والجهد لإعادتها إلى سابق عهدها، ويقول محللون إن موسكو في موقع قوة إزاء تركيا التي لا تزال تستورد أكثر من نصف احتياجاتها من الغاز من روسيا.
فروسيا الحليف الرئيسي لرئيس النظام السوري «بشار الاسد» عدو «أردوغان»، نجحت في تعديل موازين القوى عندما تدخلت عسكريًا في سبتمبر/ أيلول 2015 مثيرة بذلك استياء تركيا.
ويضيف «ستيفن كوك» من مجلس العلاقات الخارجية أن «الشخص الوحيد الذي يخشاه أردوغان هو فلاديمير بوتين».
ويقول «مانكوف» إن العلاقات المتوترة بين تركيا والغرب وفرت «فرصة من ذهب دفعت تركيا باتجاه روسيا».
ويقول «الكسندر بونوف» من مركز «كارنيغي» في موسكو إن «ما سنشهده هو علاقة أكثر متانة ولكن ذات طابع تغلب عليه البراغماتية، لا تقوم على علاقة شخصية أو ايديولوجية وإنما على المصالح العملية المشتركة».
رفع الحجب
يشار إلى أن هيئة الاتصالات السلكية واللاسلكية التركية، قامت اليوم الإثنين، برفع الحجب عن الموقع الالكتروني لوكالة الانباء الرسمية الروسية (سبوتنيك).
وذكرت مصادر في الهئية لـ«الأناضول»، أن الموقع الالكتروني لوكالة «سبوتنيك» الروسية، أصبح متاحًا أمام جميع المواطنين داخل تركيا، اعتبارا من اليوم، عقب فترة حجب بلغت قرابة 4 أشهر.