دعا قائد الانقلاب العسكري في مصر «عبدالفتاح السيسي» في سبتمبر/أيلول الماضي أثناء تواجده في الولايات المتحدة إلى توسيع نطاق التحالف الدولي لمكافحة «الإرهاب» ليشمل مناطق أكبر وخصوصا ما يجري في ليبيا وسيناء واليمن.
وفي هذا السياق شاركت طائرات مصرية وإماراتية في قصف مواقع لـ«ثوار ليبيا» من أجل مساعدة قوات «حفتر» للاستيلاء على مواقع حساسة إلا أن هذا الأمر لم يكلل بالنجاح.
ومن أجل ذلك حاولت الإمارات بالتعاون مع الانقلاب في مصر تشكيل تحالف عربي يضم السودان والجزائر من أجل تضييق الخناق على القوى الثائرة في ليبيا وتمكين قوات اللواء «حفتر» والجهات السياسية المؤيدة لها من السيطرة على الأوضاع في ليبيا.
أشارت بعض التسريبات في حينها أن الخرطوم قبلت بهذا الدور لأسباب مختلفة منها الأوضاع الاقتصادية والسياسية المعقدة التي تعيشها حاليا.
ويذكر أن مصر في هذا التوقيت قد أعلنت أن «حلايب وشلاتين» المتنازع عليهما جزء من الدولة المصرية وقد بدأت بإجراءات عملية من أجل ضمها رسميا وأن الحديث حولها من قبل الخرطوم غير مطروح للتفاوض كما أن «السيسي» التقى «البشير» أمام خريطة تظهر أنهما ضمن الحدود المصرية، مما يشير بوضوح إلى حالة الضعف السودانية.
مصادر صحفية أشارت إلى أن «السيسي» طلب من «البشير» في زيارته الأخيرة إلى القاهرة وقف دعم الجهات المعارضة لقوات «حفتر» في ليبيا، معطيا أولوية لهذا الملف أكثر من الحديث عن وضع «الإخوان المسلمين» المصريين المتواجدين في السودان.
ولا يعرف تحديدا إذا ما كانت الزيارة دليل موافقة على الانخراط في التحالف ضد ليبيا أم أنها مناورة من أجل تهدئة الأمور لحين انقضاء الانتخابات في السودان، وتبدو إدارة الخرطوم أقرب إلى الثانية.
وقد أشار موقع «ميدل إيست آي» البريطاني إلى شئ من هذا القبيل حيث قال: «إن العلاقة الجديدة بين الرئيسين المصري «عبدالفتاح السيسي» والسوداني «عمر البشير» يمكن وصفها إلى حد ما بالعلاقة الغريبة؛ إذ أصبح البلدان المتجاوران ذوا العلاقات التاريخية منذ العصور القديمة على خلاف بعد الإطاحة بالرئيس السابق «محمد مرسي»، لكن في الوقت نفسه ظهرت دلائل تشير إلى أن كلا من «السيسي» و«البشير» يستخدمان بعضهما البعض لا كتساب شرعية دولية لحكمهما».
ويذكر أن من الخلافات علاقات «السيسي» الجيدة بـ«إسرائيل» التي قصفت السودان أكثر من مرة مؤخرا، وكذلك قيام الأجهزة الأمنية السودانية بدعم الثورة الليبية من خلال جهات ليبية مناوئة لقوات «حفتر» التي تدعمها القاهرة وتبرر ذلك بمعاناتها السابقة من نظام «القذافي» وأنصاره، الذين تعد «حفتر» امتدادا لهم، كما أن وقائع الميدان تجعل السودان ثابتا على موقفه من خلال دعم هذه الجهات التي تسيطر ميدانيا وعسكريا.
الجهود الدولية المبذولة لإيجاد حل سياسي للأزمة في ليبيا يدل على فشل قوات «حفتر» في تحقيق حسم ميداني، كما أن السودان الذي يعاني من مشاكل عديدة يقع بين سندان جذوره «الإخوانية» وعلاقاته الجيدة مع الجماعات الثورية في ليبيا وبين مطرقة الانقلاب المصري الذي أخذ منه «حلايب وشلاتين» والذي يلوح له أيضا بجزرة السعودية والإمارات في حال تعاون مع رغباتهما، كما يتوعده بدورهم المتوقع في حال رفض التجاوب بانقلاب وشيك وقد ظهر مؤخرا من خلال تسريب وثائق تشير إلى تخطيط السعودية والإمارات لقلب نظام الحكم في الخرطوم.
الغموض مازال يهيمن على موقف السودان، ولكن الأقرب هو عدم الانخراط في التحالف المصري الخليجي. وإن كان من غير المستبعد أن يواكب تحسن علاقاته بدول الخليج ونظام «السيسي» عدم لعب دور مناوئ لأجندتهم في ليبيا.