فى النظام النفطي الجديد أيهما ستختار أوبك: السعر أم حصة السوق؟

الأربعاء 12 نوفمبر 2014 11:11 ص

القرارات المنتظرة من «أوبك» في اجتماعها الشهر الجاري لا تتعلق فقط بمجرد مناقشة خفض إنتاج النفط، لكنها أيضًا فرصة لإظهار استعداد المجموعة للنضال من أجل الحفاظ على نفوذ صنعته على مدار عقود داخل أسواق النفط الخام.

ويرى بنك «سوسيتيه جنرال» أن منظمة البلدان المُصدّرة للنفط «أوبك» - التي تواجه انخفاضًا قويًا في أسعار النفط – بإمكانها استعادة السيطرة عن طريق خفض الإنتاج، مُتخلية عن حصة سوقية لمنتجي الصخر الزيتي الأمريكي. البديل – المتمثل في التروي لمعرفة ما إذا كان انخفاض الأسعار سيخنق طفرة الصخر الزيتي في أمريكا الشمالية أم لا – ربما يؤدي إلى إنشاء «"نظام نفطي جديد» يتم تسليم تسعير الطاقة فيه إلى من يقومون بالتنقيب في تكساس وداكوتا الشمالية؛ بحسب ما ذكرته مجموعة «جولدمان ساكس"».

ومن جانبه؛ صرح مايك ويتنر - مدير أبحاث النفط لدى سوسيتيه جنرال – أمس عبر الهاتف «لم نرَ انعطافًا بهذه الصورة منذ عقود. هل منظمة أوبك في طريقها للتخلي عن دورها في السوق؟ إذا فعل السعوديون ما يلوّحون به من ترك السوق وشأنه فيما يخص تعامله مع الإفراط في الإنتاج الزائد فتلك خطوة في غير محلها».

النفط تراجع بشدة في سوق متدهورة الأسبوع الماضي؛ وذلك نتيجة تدفق الصخر الزيتي الذي رفع إنتاج الولايات المتحدة إلى أعلى معدلاته على مدار الثلاثين عامًا الأخيرة، بالإضافة إلى النمو البطيء في الطلب العالمي. هذا التراجع سبب متاعب اقتصادية لبعض أعضاء «أوبك» مثل الإكوادور وفنزويلا وليبيا ما حدا بهم أن يطالبوا بتبني إجراء يُوقف تهاوي الأسعار. وانخفض سعر العملة النيجيرية الأسبوع الماضي بدون مقدمات، وانخفض مؤشر السندات في فنزويلا أمس إلى 56.63 سنتًا على الدولار؛ وهو الانخفاض الأقوى منذ مارس 2009م.

بيانات المجموعة النفطية أظهرت أن إنتاج الصخر الزيتي أخذ نسبة مئوية من حصتها السوقية، وسيتواصل هذا الاقتطاع من حصة «أوبك» خلال العقد الحالي لتصل المجموعة إلى أدنى مستوياتها في أكثر من 25 عامًا. خفض الإنتاج بمثابة القرار القوي الذي يُتخذ عند وجود مزيد من المتنافسين المستعدين لخفض إمدادات عملاء خارج «أوبك».

وهبط خام برنت 67 سنتًا في تسوية ديسمبر ليسجل 81.67 دولارًا للبرميل في بورصة العقود الآجلة الأوروبية. وتراجع 1.3% أمس ليغلق عند أدنى مستوى له منذ أكتوبر 2010م. وارتفع خام غرب تكساس الوسيط 54 سنتًا ليغلق عند 77.94 دولارًا للبرميل في بورصة نيويورك التجارية.

وارتفع الإنتاج الأمريكي بنسبة 14% في العام الماضي ليصل إلى قدرة إنتاجية يومية 8.97 مليون برميل، وهو المُعدل الأعلى بحسب بيانات إدارة معلومات الطاقة الأمريكية التي بدأت تسجيلها عام 1983م.

وسيحضر وزير النفط السعودي والفنزويلي منتدى الغاز الطبيعي في «أكابولكو» المكسيكية اليوم وغدًا، وذلك قبل أسبوعين من لقائهما مُجددًا ضمن أعضاء «أوبك»" الإثنى عشر في 27 نوفمبر في العاصمة النمساوية فيينا.

نية السعودية

قرار المملكة العربية السعودية في مطلع أكتوبر الماضي بخفض الأسعار على منتجاتها للمستهلكين الأسيويين كان علامة على أن أكبر مُصدّري النفط – الرياض – تهدف إلى الحفاظ على حصتها السوقية بدلاً من خفض الإنتاج للحفاظ على السعر؛ بحسب ما صرح به بنك «كوميرتس» الألماني. عادت المملكة لترفع السعر للمستهلكين الأسيويين هذا الشهر، في الوقت الذي عمّقت فيه خصوماتها للمستهلكين الأمريكيين. العراق؛ ثاني أكبر منتج للنفط في «أوبك» أقدم على نفس الخطوات أمس.

ومن جانبه؛ صرح الأمين العام لمنظمة أوبك «عبد الله البدري» - خلال مؤتمر انعقد في لندن 29 أكتوبر الماضي – أن أسعار النفط الحالية قد تأخذ 50% من إنتاج الصخر الزيتي (بعيدًا عن السوق) في الوقت الذي سيجفّ فيه الاستثمار في الإنتاج عالي التكلفة. طفرة التنقيب عن الصخر الزيتي بدا أنها هدأت من وتيرة إنتاجها الأسبوع الماضي.

وصرح يوجين واينبرج - محلل السلع الأولية في بنك كوميرتس بفرانكفورت – أن «أوبك لوّحت بنقلة نوعية حيث أن الدول بدأت تتحول من التركيز على الأسعار إلى التركيز على الحصة السوقية».

وتتراجع المجموعة عن دور التقليدي كــ "منتج مُرجّح" يؤثر على السعر برفع أو خفض الإنتاج لإحداث توازنٍ بالسوق؛ بحسب ما أشار إليه جيف كوري الرئيس العالمي لبحوث السلع الأولية لدى بنك جولدمان ساكس. هذا التحوّل من الممكن أن يُعطّل الدور الذي تلعبه «أوبك» منذ الثمانينيات في القرن الماضي؛ بحسب وكالة الطاقة الدولية التي تضم في عضويتها 29 دولة، وتتخذ من باريس مقرًا لها.

تقديرات «أوبك»

وتشير تقديرات منظمة "أوبك" أن حصتها في سوق النفط العالمية ستتقلص إلى 37% في عام 2017م بعد أن وصلت إلى 40% العام الماضي. هذا التراجع سيكون هو الأدنى في أكثر من 25 عامًا، وأقل بكثير مما وصلت إليه عام 1973م حين حققت 54%.

وقد تحتاج «أوبك» إلى خفض الإنتاج بمقدار مليون إلى مليون ونصف برميل يوميًا للقضاء على وفرة المعروض ومساعدة الأسعار في الارتفاع بحسب «مايك ويتنر». الخفض بهذا الحد ربما يوصل المجموعة إلى أدنى مستوى إنتاج لها منذ عام 2011م وفقًا لبيانات بلومبيرج. ووصل إنتاج أوبك يوميًا 31 مليون برميل في أكتوبر الماضي، بزيادة بلغت 3.3% عن المستهدف المُحدد بـ 30 مليون برميل.

وصرح «هاري تشيلينجوريان» - رئيس استراتيجية أسواق السلع في بنك باريبا - عبر الهاتف من لندن في 6 نوفمبر إن الحفاظ على الحصة السوقية عن طريق السماح بخفض الإنتاج إلى المستوى الذي يقوض إنتاج الصخر الزيتي الأمريكي ليس خيارًا عمليًا لكثير من أعضاء «أوبك». الاستراتيجية قد تتطلب استمرار سعر برنت بـ 70 دولارًا للبرميل لفترة طويلة، وهو مستوى منخفض للغاية بالنسبة لمعظم الأعضاء لتغطية الإنفاق الحكومي؛ بحسب تشيلينجوريان.

 وأعلن صندوق النقد الدولي في نوفمبر 2013م أنه في ظل الأسعار الحالية فإن الكويت وقطر والإمارات سيجنون ما يكفي من الأموال لضبط ميزانياتهم، بينما العراق وإيران والجزائر يحتاجون على الأقل استقرار سعر النفط عند 100 دولار للبرميل.

لكن أولي سلوث هانسن - رئيس استراتيجية السلع في ساكسو بنك – يرى أن هناك مخاطر محدقة تتمثل في أن منتجي في أمريكا الشمالية قد يستجيبون لانخفاض الأسعار بتطوير وسائل أقل تكلفة للبحث والإنتاج، ما يعني استمرار تدفق الصخر الزيتي على السوق رغم السعار المتهاوية. وأشار آدم لونجسون- المحلل بمؤسسة مورجان ستانلي – أن تكاليف الإنتاج انخفضت حوالي 30 دولارًا للبرميل منذ عام 2012م.

وهناك انقسام بين أعضاء أوبك الإثنى عشر حول طبيعة الاستجابة لانخفاض مزيج برنت لأدنى مستوياته خلال السنوات الأربع الماضية.

خفض سقف الأهداف

يتعين على المجموعة أن تخفض سقف أهدافها الإنتاجية إلى 29.5 مليون برميل يوميًا  بحسب سمير كمال - مندوب ليبيا في منظمة أوبك – في 27 أكتوبر المنصرم. كما أخبر فاوستو هيريرا - زير المالية الأكوادوري – الصحفيين في 4 نوفمبر أن حكومته تعمل مع فنزويلا وأعضاء آخريين من أجل «تحسين» الأسعار. أما وزير النفط الكويتي - علي العمير - فصرح في أبي ظبي أمس أنه لا يتوقع خفض الإنتاج، وأن الأسعار ستعود للاستقرار عندما يستوعب السوق فائض الإنتاج.

وصرح علي النعيمي – وزير النفط السعودي – في سبتمبر الماضي بأنه ليست هناك حاجة لاجتماع خاص لأعضاء أوبك للنظر في خفض إنتاج النفط الخام بسبب الأسعار، معللاً: «التقلب أمرٌ طبيعي».

وفشل وزراء نفط منظمة «أوبك» في المرة الأخيرة في التوصل إلى إجماعٍ خلال الاجتماع. وفي يونيو 2011م؛ بقي هدف الإنتاج القائم في محله كما هو. وربما تكافح المجموعة لإعادة تأثيرها إذا لم تتمكن من اتخاذ قرارٍ في الوقت الراهن؛ بحسب يوجين واينبرج.

وأضاف: «هذا الاجتماع في فيينا من المفترض أن يقدم إجابات بشأن التساؤل الذي يطرح نفسه الآن: هل نشهد نهاية منظمة أوبك؟ أم أن ما يحدث هو انبعاث جديدٌ للمنظمة ككيان واحد بصوتٍ قوي؟».

المصدر | بلومبيرج

  كلمات مفتاحية

انخفاض أسعار النفط أوبك النفط حرب أسعار النفط

حرب النفط تشتعل بين السعودية والولايات المتحدة

السياسة والسوق في الانهيار الفادح لأسعار النفط

الأيام تثبت أن سوق النفط أقوى من السعودية وأوبك

"طغاة النفط" في مأزق أقوى مما توقعناه!

فنزويلا تؤكد: الوضع الحالي بسوق النفط لا يناسب أحدا وتصفه بـ«حرب الأسعار»

احتدام الخلاف بين أعضاء أوبك فى ظل تراجع أسعار النفط

وزير النفط الكويتي يستبعد خفض انتاج أوبك للتأثير على الأسعار

«النعيمي»: السعودية تريد استقرار أسواق النفط ولا ترى حرب أسعار

«أوبك» تعلن تراجع الطلب مليون برميل يوميا فى العام المقبل

المكسيك: اتفقنا مع السعودية على العمل لأجل استقرار سوق النفط

قطر تخفض إنتاجها النفطي بسبب تخمة الأسواق وصيانة مصفاة

فنزويلا وإيران تشعلان الدبلوماسية في «أوبك» لرفع الأسعار

اللجنة الاقتصادية في «أوبك» تراجع التوقعات للسوق تمهيدا لاجتماع بشأن السياسة