كشف مصدر مسؤول في المصرف المركزي اليمني، رفض الإفصاح عن اسمه، أن الحكومة لجأت إلى سداد مرتبات شهر نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، عبر طرح أذون خزانة حكومية للمصارف.
وقال محللون إن اقتصاد اليمن وصل إلى مرحلة العجز فيما يتعلق بالقدرة على دفع ثمن واردات القمح والسلع الأساسية الأخرى، وأن الضائقة المالية مرشحة للصعود بعد وقف السعودية جميع مساعداتها لليمن منذ سيطرة «الحوثيين» على صنعاء في سبتمبر/أيلول الماضي.
وناشدت الحكومة اليمنية عبر مقال سابق لوزيرة الإعلام «نادية السقاف»، القيادة السعودية باستمرار دعمها لليمن، وقالت الوزيرة إن الحكومة الحالية تواجه صعوبات كبيرة.
ويعتمد اليمن على النفط الذي يمثل 75% من موارد الموازنة العامة للدولة ، لكن الاعتداءات على أنابيب النفط كبّدت اليمن خسائر فادحة بلغت 4 مليارات دولار خلال السنوات الثلاث الماضية.
وأدّت سيطرة «مليشيات الحوثيين» على العاصمة اليمنية صنعاء وعلى أجهزة الدولة إلى تراجع الإيرادات الجمركية والضريبة والتي تشكل 30% من موازنة الدولة.
واعتبر محللون أن تراجع الإيرادات النفطية بالتزامن مع انخفاض أسعار النفط يمثل ضربة مزدوجة تجعل الحكومة عاجزة عن دفع الرواتب خلال هذه الفترة.
وكان مبعوث «الأمم المتحدة» إلى اليمن «جمال بن عمر» قد قال في تصريحات خلال نوفمبر/تشرين الثاني الماضي إن الحكومة ستعجز عن سداد رواتب الموظفين بعد شهرين.
واعتبر محللون أن هذا التصريح سيؤثر سلباً على الثقة الائتمانية والنقدية والاستثمارية والعقود والتأمين وعلى الاقتصاد اليمني.
في غضون ذلك، أكدت مصادر حكومية أن السعودية قررت وقف مساعداتها المالية لليمن مما أثر على المشاريع التنموية الممولة من الرياض والتي تقدر قيمتها بنحو 700 مليون دولار.
وتعد مدينة الملك عبد الله الطبية بصنعاء أكبر المشاريع السعودية بتكلفة بلغت 400 مليون دولار، وبدأ تنفيذ الأعمال الإنشائية للمشروع في يناير/كانون الثاني مطلع العام الجاري، إلا أن إنشاءات المشروع أصبحت متوقفة الآن.
وتمول السعودية مشاريع أخرى في قطاعات الكهرباء والطرقات والمدن السكنية لذوي الدخل المحدود بقيمة 300 مليون دولار.
من جانبه قال الخبير الاقتصادي «منصور البشيري» إن الاقتصاد اليمني في وضع مأساوي مقارنة باقتصاديات المنطقة، حيث يعاني من الركود ولولا المساعدات السعودية المباشرة للموازنة العامة اليمنية لانهار الاقتصاد.
ودعمت السعودية الحكومة اليمنية بمبلغ مليار و400 مليون دولار مطلع العام الجاري، كما وضعت وديعة في المصرف المركزي اليمني بمليار دولار لحماية العملة النقدية اليمنية من الهزات.
ونفى محافظ المصرف المركزي «محمد بن همام»، في تصريحات لـ«رويترز» أمس، أن تكون السعودية طلبت السداد المبكر للوديعة، إلا أن مصدراً في المركزي أكد أن السعودية تطالب بفوائد الوديعة، وفقاً لاتفاقيتها.
واعتبر الخبير الاقتصادي «أحمد شماخ» أن إيقاف المساعدات السعودية والمطالبة بسداد الوديعة النقدية يمثل أكبر ضغط على الحكومة اليمنية الجديدة.
وقال «شماخ» إن الحكومة تعاني من تراجع الاحتياطي الخارجي من النقد الأجنبي وتفاقم العجز في الميزانية بشكل مستمر، ما يضع الحكومة اليمنية في موقف حرج في ظل تراجع الإيرادات.
واعتبر «شماخ» أنه كان يفترض بالسعودية، وهي من الدول الراعية للمبادرة الخليجية، زيادة دعمها لليمن وعدم وقف المساعدات، وأكد أن اليمن يمر بظروف صعبة وعلى الدول المانحة مساعدته للخروج من الأزمة.