أفادت مصادر في رئاسة الجمهورية اليمنية مساء أمس السبت، بأن وساطات حثيثة تجري حاليا من أجل دفع «الحوثيين» على إطلاق سراح «أحمد عوض بن مبارك» مدير مكتب الرئيس اليمني «عبدربه منصور هادي»، والذي اختطفته ميليشيات الحوثيين في وقت سابق أمس.

وذكرت المصادر أن لجنة وساطة توجهت للجماعة برئاسة وزير الداخلية اللواء «جلال الرويشان»، مضيفة أنه يتوقع الإفراج عن «مبارك» في أية لحظة.

واختطف مسلحون صباح أمس السبت مدير مكتب رئاسة الجمهورية في اليمن «أحمد عوض بن مبارك»، وذلك في أول واقعة اختطاف تنفذها ميليشيات «الحوثي» بحق مسؤول رئاسي رفيع منذ سيطرتها على العاصمة اليمنية صنعاء منذ أشهر .

وبحسب الروايات التي تناقلتها وسائل الأعلام المحلية، فقد اعترض المسلحون طريق «بن مبارك» بالقرب من مبنى الأمانة العامة لـ«مؤتمر الحوار الوطني» في اليمن حيث حاصرت مدرعة وأطقم عسكرية كان على متنها مسلحون بلباس مدني وقاموا باختطاف «بن مبارك».

وأورد أحد شهود العيان وهو الناشط السياسي «محمد مغلس» روايته الأولى للحادثة بالقول: «في فج عطان وفي هذه اللحظات مسلحين بمدرعات ومصفحات الجيش يحملون بوازيكهم وبزيهم التقليدي يختطفون مسؤولا لا نعرف من هو المختطف لكني شاهدتهم وهم ينزلونه من سيارته المصفحة إلى سيارة تابعة لهم ويدفعونه بطريقة مهينة».

واتضح لاحقا بأن المختطف هو «أحمد عوض بن مبارك» وهو أحد أبرز السياسيين المقربين من الرئيس «عبدربه منصور هادي» .

وكان «بن مبارك» لحظة اختطافه في طريقه إلى القصر الرئاسي للمشاركة في احتفال رسمي ستقوم فيه أمانة الحوار ولجنة صياغة الدستور  بتسليم مسودة الدستور الجديد للهيئة الوطنية للرقابة على تنفيذ مخرجات الحوار .

وبحسب الشهادات الأولية للحادث فإن المسلحين الذين اعترضوا طريقه كانوا على متن سيارات مصفحة تابعة للجيش وكان غالبية المسلحين بلباس مدني.

وتصاعدت خلال الأسابيع الماضية حدة التوتر السياسية بين إدارة الرئيس «هادي» من جهة وبين جماعة «الحوثي» من جهة أخرى بسبب إصرار إدارة «هادي» على المضي قدما في تطبيق مخرجات «مؤتمر الحوار الوطني» في اليمن وهي المخرجات التي ترى جماعة «الحوثي» أنها باتت تهدد المكتسبات السياسية التي حققتها الجماعة خلال الأشهر الماضية .

من جانبها أعلنت جماعة «الحوثي» رسميا وعلى لسان زعيمها «عبدالملك الحوثي» رفضها التام والمطلق لمخرجات «مؤتمر الحوار الوطني»، وذهبت في مواجهة هذه المخرجات إلى مواصلة أعمال بسط سيطرتها على مفاصل الحكومة.

ومن المتوقع ألا تكون هذه الواقعة هي الخطوة الأخيرة في المواجهة السياسية بين جماعة «الحوثي» وإدارة الرئيس «هادي» .

وتسعى الجماعة المسلحة إلى إضعاف إدارة الرئيس «هادي» بكل ما تملك من قوة فيما تسعى إدارة «هادي» إلى التمسك بما تبقى لديها من شرعية سياسية في مواجهة القوى السياسية التي بات بعضها أكثر قدرة على الأداء السياسي من حكومة «هادي» نفسها.

من جهة أخرى، حملت قبائل يمنية جنوبية وشخصيات سياسية جماعة «الحوثي» مسؤولية سلامة بن مبارك، كما هددت هذه القبائل بتعطيل شركات النفط في جنوب البلاد.

وأمهل اللقاء الوطني الموسع للقيادات الجنوبية في اليمن مساء السبت جماعة «الحوثي» 24 ساعة للإفراج عن «بن مبارك»، كما دعا في بيان جميع المكونات السياسية إلى تعليق عضويتهم في كافة المجالس، وطلب من أبناء المحافظات الشمالية الوقوف إلى جانبه في تلك الخطوات.

كما طالب اللقاء أبناء محافظات شبوة وحضرموت ومأرب بالتأهب والاستعداد لإيقاف عمل جميع الشركات النفطية والغازية فيها.

من جانبها، دعت قبائل مأرب رئيس الجمهورية إلى التعامل بحزم مع جماعة «الحوثي» بعد اختطافها مدير مكتبه.

وقد أدانت الأمانة العامة لــ«مؤتمر الحوار الوطني» حادثة الاختطاف، ووصفته في بيان «بالاعتداء السافر من قبل جماعة مسلحة».

كما أدانت السفارة الأميركية في صنعاء هذا الاختطاف وطالبت بإطلاق سراح «بن مبارك»، وقالت في بيان إن «تكتيكات الترهيب» لا مكان لها في المجتمعات الديمقراطية والمتحضرة، واصفة الخاطفين بأنهم يحاولون عرقلة مخرجات مؤتمر الحوار الوطني، و«أن أفعالهم تظهر أنهم لا يعملون لمصلحة بلدهم».

كما أدان الأمين العام لـ«مجلس التعاون الخليجي»، «عبد اللطيف الزياني» اختطاف مدير مكتب رئيس الجمهورية اليمنية، واصفا إياه بالعمل الإرهابي وقال إنه يتنافى مع جميع القيم والمبادئ الأخلاقية والإسلامية، ويتعارض مع المصلحة الوطنية العليا في اليمن.

ودعا «الزياني» كل القوى السياسية اليمنية إلى الالتزام بنبذ العنف، والعملِ على تنفيذ المبادرة الخليجية ونتائج «مؤتمر الحوار الوطني» و«اتفاق السلم والشراكة الوطنية».

كما أكد على ضرورة مواصلة العملية السياسية بما يؤدي إلى إقرار الدستور الجديد وإجراء انتخابات حرة نزيهة تحقق للشعب اليمني تطلعاته، على حد تعبيره.