يشهد محيط دار الرئاسة اليمنية بصنعاء، منذ صباح اليوم الإثنين، اشتباكات بين قوات الحرس الرئاسي ومسلحين من ميليشيات «الحوثي»، وسط انتشار مكثف للدبابات والآليات العسكرية في جميع المناطق المحيطة بدار الرئاسة، في أشرس مواجهات منذ سيطرة «الحوثيين» على العاصمة اليمنية في شهر سبتمبر/أيلول الماضي.

وسيطرت ميليشيات الحوثيين على وسائل الإعلام الحكومية، صباح اليوم، وهو ما ينذر بأن الأمور في العاصمة تتجه لمزيد من التصعييد.

التصدي للمليشيات

وكان مصدر مقرب من الرئاسة اليمنية قد أكد لـ«بي بي سي» أن الرئيس «عبد ربه منصور هادي» أصدر أوامره لقوات الحماية الرئاسية وقوات الجيش، في وقت سابق، بالتصدي لأي ميليشيات تنتشر في شوارع العاصمة. مضيفًا إن القوات كانت تشتبك منذ صباح الاثنين مع نقاط تفتيش تابعة للحوثيين بعد أن أقر الرئيس «هادي» خطة استثنائية لفرض الأمن في العاصمة صنعاء باعتبار ذلك مهمة قوات الجيش والأمن وحدها، وعدم السماح بوجود أي مليشيات في شوارع العاصمة ونشر نقاط تفتيش فيها.

ولكن الناطق باسم الحركة الحوثية «محمد عبد السلام» اتهم في تصريحات نشرتها وسائل إعلام تابعة للمليشيات، أمس الأحد، الرئيس اليمني بتقديم الدعم بالسلاح لتنظيم القاعدة، ونشر العنف في مناطق عدة بالبلاد. وهدد عدد من قيادات الحوثيين في منشورات لهم عبر حساباتهم على مواقع التواصل تويتر وفيس بوك، باتخاذ إجراءات وصفوها بـ«المفاجئة»، وتحدثوا عن تصعيد سيضع حدا لما وصفوه بـ«تجاهل الرئيس هادي لمطالب الحوثيين».

وقال شهود عيان لـ«بي بي سي» إن السكان القاطنين في محيط القصر الرئاسي بصنعاء بدأوا النزوح عن منازلهم هربا من المواجهات العنيفة، في الوقت الذي امتدت فيه الاشتباكات إلى عدد من الشوارع المحيطة بالقصر الرئاسي وميدان السبعين وشارع الخمسين. كما أغلقت قوات الحماية الرئاسية غالبية الشوارع المحيطة بالقصر الرئاسي وعدد من المنشآت الحيوية بالعاصمة صنعاء.

وفي المقابل أغلق المسلحون الحوثيون عددا من شوارع العاصمة صنعاء، كما رصد شهود عيان تجمعات كبيرة للحوثيين في عدد من مداخل العاصمة.

وأفاد شهود عيان أن قوات الحماية الرئاسية اليمنية تمكنت من السيطرة على شارع الستين، والمنطقة المحيطة بمنزل الرئيس «عبدربه منصور هادي» بشكل كامل.

وأكد السكان وشهود العيان في المنطقة لصحيفة «يمن برس»، أن قوات الجيش اليمني تمكنت من طرد مليشيات الحوثيين من المنطقة بعدما تمركزت فيها على مدار ساعات. حيث وقعت اشتباكات بين مسلحين حوثيين وقوات الجيش اليمني في وقت مبكر من صباح اليوم الإثنين قرب القصر الرئاسي بالعاصمة صنعاء.

وقال شهود عيان أيضًا لشبكة «بي بي سي» الإخبارية، إنهم سمعوا دوي انفجارات واشتباكات متقطعة باستخدام الأسلحة الخفيفة والثقيلة.

وفي حصيلة أولية سقط قتيل و9 جرحى نتيجة الاشتباكات بين ميليشيات «الحوثي» وقوات الحماية الرئاسية في صنعاء والتي استخدمت فيها الأسلحة الثقيلة والخفيفة، حسب مصدر مسؤول في وزارة الصحة.

وأفاد مراسل «الأناضول»، بأن عددا من السفارات وفي مقدمتها الأمريكية والبريطانية والألمانية والهولندية، أغلقت أبوابها؛ بسبب الاشتباكات بين ميليشيات «الحوثيين» وقوات دار الرئاسة بصنعاء، بالإضافة إلى إغلاق عدد من أكبر شوارع وميادين العاصمة.

ورغم إعلان مصدر في الرئاسة اليمنية، عن وقف إطلاق النار بين قوات الحماية الرئاسية ومسلحي جماعة «الحوثي» في صنعاء، إلا أنه يقع إطلاق نار متقطع في العاصمة.

وتزامن الإعلان عن وقف إطلاق النار مع اجتماع الرئيس «عبدربه منصور هادي» مع مستشاريه بمن فيهم «الحوثيون». ولم يتم الإعلان رسميا عن نتائج الاجتماع الذي كان يناقش الأوضاع في صنعاء.

في غضون ذلك، تعرض موكب قياديين بارزين في جماعة «أنصار الله» (الحوثيين) لإطلاق نار مكثف في صنعاء.

حرب إعلامية

وقالت وزيرة الإعلام اليمنية «نادية السقاف» في تغريدات على صفحتها على «تويتر» إن موكب «الحوثيين الذي يضم مستشار الرئيس عن الجماعة «صالح الصماد» والقيادي البارز «مهدي المشاط» مدير مكتب زعيم «الحوثيين»، «عبدالملك الحوثي» تعرض لإطلاق نار مكثف في شارع الستين بعد خروجهما من الاجتماع مع الرئيس «هادي»، دون وقوع إصابات.

ولم تكشف الوزيرة اليمنية مصدر إطلاق النار، كما لم تعقب جماعة «الحوثي» حول ذلك.

وفي سياق متصل، تعرض موكب رئيس الوزراء «خالد بحاح»، لإطلاق نار كثيف من قبل مسلحين «حوثيين» في العاصمة عقب خروجه من ذات الاجتماع.

وقالت «السقاف» في تغريدة لها بصفحتها على «تويتر» إن موكب رئيس الوزراء اليمني تعرض لإطلاق نار مكثف من قبل مسلحي جماعة «الحوثي في شارع الزبيري بصنعاء بعد خروجه من الاجتماع، دون أن يصاب بأذى.

وأوضحت أن الفضائية اليمنية الرسمية (قناة اليمن الأولى) ليست تحت سيطرة الدولة، ولا وكالة سبأ الرسمية، مشيرة إلى أن «الحوثيين» سيطروا عليهما  تماما ويرفضون نشر بيانات الدولة، قائلة: «أنا كوزيرة إعلام أرفع الشرعية عنهما.

وتابعت: «من يرغب في متابعة أخبار وبيانات الدولة وما يحدث، يتابع قناة عدن، وليس الفضائية أو الوكالة، وسوف أستمر في بث الأخبار من موقعي على تويتر».

وكان مصدر بالحكومة اليمنية قال لوكالة أنباء الأناضول أمس مشترطا عدم ذكر اسمه، إن وكالة الأنباء اليمنية الرسمية (سبأ) رفضت نشر خبر اجتماع استثنائي عقدته الحكومة الأحد، خصص لمناقشة تطورات اختطاف مدير مكتب رئاسة الجمهورية «أحمد عوض بن مبارك» من قبل جماعة «الحوثي».

وأضاف أن جماعة «الحوثي» باتت تتحكم في السياسة الإعلامية للوكالة الرسمية في البلاد، وتم منع نشر خبر الحكومة لاحتوائه على استنكار شديد لعملية اختطاف مدير مكتب الرئاسة، والمطالبة بالإفراج عنه فورًا.

هذا وسقط قتلى وجرحى في صفوف الحوثيين في قصف مدفعي عنيف شنته قوات الحماية الرئاسية من جبل النهدين ومواقع أخرى على نقاط التفتيش وأماكن تجمعات الحوثيين. وتفيد وكالات الأنباء أن أعمدة الدخان لا تزال تتصاعد من محيط القصر الرئاسي وعدد من البنايات ومنازل المواطنين التي تأثرت بالاشتباكات العنيفة التي استمرت على مدار 3 ساعات كاملة.