إدارة العقارات والدورات المتقلبة

الجمعة 27 مارس 2015 06:03 ص

هناك حقيقة يعرفها الكثيرون، وهي أن صناعة العقارات دورية الطابع، وعلى الرغم من إقرارنا بذلك فإن كل واحد منا ينظر إليها بشكل مختلف. وبالنسبة إلى بعضهم، تمثل الدورات شكلاً من أشكال التذبذب التي تمكن المستثمرين على المدى القصير من الاستفادة من تقلبات السوق عند وقوعها. وفي الظروف القصوى، يمكن أن يعد ذلك نوعاً من المضاربة، ومثلما يوجد أناس كثيرون خسروا مبالغ مالية طائلة جراء ذلك، تمكن آخرون من تحقيق ثروات كبيرة.

وهناك أيضاً نوع آخر من المستثمرين، وهم أولئك الذين ينطلقون من استراتيجية واضحة وخطة طويلة الأجل، ويتقبّلون ببساطة ظاهرة الدورات، لكنهم يتنبأون بها ويخططون لها. إنهم بذلك يبحثون عن النمو المستدام على المدى الطويل، بدلاً من تحمّل مخاطر إضافية من خلال سعيهم لتجميع الثروة عن طريق الاستفادة من مستويات الارتفاع أو الانخفاض في الأسعار. ويتولى هؤلاء إدارة محافظهم العقارية، وتكون أمامهم فرصة أكبر لتحقيق النجاح على المدى الطويل.

إن الاستثمار في العقارات ينطوي على هدف بسيط جداً، ألا وهو خلق الثروة على المدى الطويل. ومع ذلك، يكون لزاماً عليك رعاية محفظتك الاستثمارية العقارية، والحفاظ عليها من المخاطر وإدارتها على النحو الذي يضمن لهذه الثروة تحقيق المزيد من القدرات، وأن تتمكن من مجاراة الدورات الحتمية التي قد يشهدها هذا القطاع. وبطبيعة الحال، لا تختلف إدارة المحفظة العقارية عن إدارة محفظة الأسهم، أو أي مشروع تجاري أو أي نوع آخر من الاستثمار. وهذا يعني أن تبني رؤية قصيرة المدى والاستجابة بصورة غير معقولة إلى حالات التباطؤ الحتمية في هذه الصناعة، سيؤدي حتماً إلى ضعف الأداء على المدى الطويل.

وهنا أودّ أن أتعرض إلى تجربة لأحد عملائي كمثال على ذلك. هذا الشخص يمتلك مجموعة من الشقق كان قد اشتراها في أوائل العام ،2011 وكانت السنوات الأربع الماضية مربحة للغاية له، ويعزى النجاح الذي حققه إلى القرارات الذكية والمدروسة التي اتخذها طوال الفترة.

وكان موضوع النقاش الذي جرى معه يتمحور حول خيار بيع هذه الممتلكات على ضوء تباطؤ السوق. وتفاجأت من هذا السؤال، لأن وجهة نظره تقول دائمًا إن امتلاك العقارات يمثل جزءاً مهماً من محفظته الاستثمارية الشاملة، وأن الأصول التي يمتلكها ممتازة، لأنها تقع في أفضل المناطق في دبي. وبدلاً من اتخاذ قرار متسرع قد يندم عليه، قمت بإجراء مراجعة شاملة، وبناءً عليه قدمت له توصية حول ما يفكر به ليتخذ قراراً نهائياً على ضوء ذلك.

وعند النظر بعمق إلى المحفظة، يبدو واضحاً لي الآن، وأكثر من أي وقت مضى، أن إدارة المحافظ العقارية يتطلب أقصى مستويات الحذر. ويبدو من الظاهر أن اتخاذ قرار بيع محفظة العميل بالكامل سيكون سهلاً جداً، وأنه سيحقق ربحاً كبيراً، ولكن السؤال هو أين يجب عليه أن يستثمر ثروته التي اكتسبها من هذه العملية؟ ولم يكن هناك جواب ولا حتى خطة لذلك.

وكجزء من تحليلنا، وجدنا أنه من خلال الاحتفاظ بالمحفظة يمكن للعميل مواصلة الحصول على عائد قدره 8.6% من صافي عوائد الإيجار سنوياً على القيمة المعدلة للعقارات، على مدى السنوات الخمس القادمة. وبالإضافة إلى ذلك، وعلى الرغم من حالة الاستقرار الأخيرة التي يشهدها السوق، فقد قدرنا أنه يمكننا توقع نمو رأس المال بنسبة لا تقل عن 6% سنوياً على مدى السنوات الخمس المقبلة في المتوسط، على العائد الإجمالي الصافي الذي يقدر بنسبة 12% سنوياً، مع أننا ندرك أن تلك الأرقام متحفظة.

وشملت المراجعة تلك التحليل الدقيق لمتطلبات الصيانة الحالية، والأعمال الرأسمالية المستقبلية، وعوامل السوق، والتطورات التشريعية، وتوقعات القطاع واتجاهاته، والفرص البديلة، وعوامل الخطر، واحتمال وقوع الأحداث المستقبلية ذات الصلة، سواء كانت ذات طبيعة اقتصادية أو سياسية أو تنظيمية أو مالية.

وعندما سألت عميلي عن الاستثمارات البديلة التي يمكنها أن توفر نفس العائد من دون تحمل مستويات أعلى أو مفرطة من المخاطر، أو تكبد تكاليف استثمارية جديدة، لم يستطع أن يجدد أي منها.

إن حالة هذا العميل توضح بجلاء أن المحافظ العقارية في الوقت الحالي، تتطلب الإدارة الحذرة للغاية أكثر من أي وقت مضى. ونعلم جميعًا أن السوق يمر بحالة من الاستقرار، ولكن هذا لا ينبغي أن يكون سبباً لاتخاذ القرارات الصعبة من دون النظر إلى الأمام، واللجوء إلى التحليل السليم.

وحتى لو نظرنا في جميع أنحاء العالم، سنجد صعوبة في تحقيق الأرباح والعوائد الإجمالية، لكن قيمة المحافظ العقارية الراسخة التي تتمتع بمستويات إشغال جيدة، مع الاحتمالات الإيجابية للاحتفاظ بالمستأجرين من العوامل التي تسهم في زيادة القيمة النسبية في جميع الأوقات. ويمكن للمستثمرين الذين يحافظون على أصولهم العقارية، ويتولون إدارتها بشكل جيد ستمكنهم من تحقيق نتائج عالية خلال السنوات الخمس القادمة، وخاصة أولئك الذين حرصوا على تنويع محافظهم، لتشمل بعض أنواع الأصول المتاحة بأسعار معقولة أيضاً.

صحيح أنه لا يمتلك الجميع الوقت الكافي أو الشعور بالراحة عند إدارة محفظة عقارية، خاصة في أوقات التغيير، لكن توجد هناك خبرات متوافرة يمكنك الاستعانة بها لمساعدتك في هذا الأمر، ويجب عليك أن تفكر في التعاون مع مدير عقاري جيد يضمن لك زيادة العائد من محفظتك، ويقوم بصياغة استراتيجية طويلة الأجل لمحفظتك لكي تتمكن من تحقيق النتائج التي تتطلع إليها.

وأخيراً.. فإننا ننصحك بالتفكير في هذا الاستثمار كأي نشاط تجاري قد يتأثر بالعديد من العوامل والأحداث المختلفة. وهنا تبرز الحاجة إلى الإدارة السليمة المهمة، كما ينبغي لك أن تتأكد من أن هذه الاستثمارات في أيد أمينة لتحصل منها على العوائد التي تتوقعها بأدنى قدر ممكن من المتاعب.

* مهند الوادية المدير الإداري لشركة "هاربر" العقارية، ومستشار ومحاضر في معهد دبي العقاري التابع لـ"دائرة الأراضي والأملاك"

  كلمات مفتاحية

إدارة العقارات الدورات المتقلبة الاستثمار العقاري المخاطر محفظة عقارية

تركيا تتوقع زيادة الاستثمار العربي بقطاع العقارات بنحو 6 مليار دولار خلال 2015

تباين بورصات الخليج بفعل بيانات وتوزيعات وأسهم العقارات تدعم مصر

الاستثمار الخليجي في العقارات السعودية يناهز 3 آلاف صفقة خلال 2014

العقارات السعودية تفقد 25% من قيمتها بسبب انخفاض أسعار النفط

خبراء يحذرون من تضرر سوق العقارات في دبي بفعل هبوط أسعار النفط

الاستثمار العقاري في دبي أكثر كلفة في ظل تقلب العملات وسيادة الدولار

هونج كونغ وتركيا تسجلان أعلى زيادة فى العقارات خلال 2015

المبيعات العقارية بالكويت تنخفض إلى أدنى مستوياتها منذ 3 سنوات

تداول العقارات في دبي يتجاوز 50 مليار دولار في تسعة أشهر

قطر والإمارات تستثمران نحو 10 مليار دولار في العقارات العالمية خلال 6 أشهر

20 مليار دولار استثمارات عقارية في الخليج بحلول 2020

الصندوق العقاري يقر بقصوره: 30 ألف مقترض لم يستكملوا أخذ الدفعات

دول الخليج تنفذ مشاريع عقارية بتريليوني دولار خلال عامين

ارتفاع أسعار الحديد يشعل قطاع العقارات في مصر