تفاخر تركيا بأنها تملك أكبر جيش في حلف شمال الأطلسي باستثناء الولايات المتحدة، ويسعى الرئيس التركي «رجب طيب أردوغان» أن تعكس صناعة السلاح التركية هذه المكانة.
ويحلم «أردوغان» أن تتولى تركيا بنفسها تصنيع كل ما تحتاج إليه من عتاد عسكري في غضون سنوات قليلة، مما يعكس طموحه أن تلعب بلاده دورا أكبر في منطقة مضطربة، إضافة إلى تحقيق الاستقلال عن الحلفاء القدامى في الغرب.
ودعا «أردوغان» مرارا إلى جعل تركيا من كبار مصدري كل شيء في العتاد الحربي من البنادق إلى الطائرات المقاتلة، وقال «أردوغان» في مؤتمر للصناعات الدفاعية في إسطنبول هذا الشهر «ما دام هناك معتدون في العالم فسيتعين علينا أن نكون جاهزين للدفاع»، مؤكدا أن «هدفنا هو تخليص صناعات الدفاع بالكامل من الاعتماد على الخارج بحلول عام 2023»، مع الذكرى المئوية لتأسيس الجمهورية التركية.
وتنفق أنقره حوالي 18 مليار دولار سنويا على الدفاع وتصنع ما يزيد قليلا على نصف ما تحتاجه من عتاد محليا. وزادت الصادرات الدفاعية بنسبة 18 في المئة في العام الماضي لتصل إلى 1.65 مليار دولار وأصبح مشروع تصنيع دبابة وبندقية لجنود المشاة جاهزا تقريبا للانتقال إلى مرحلة الإنتاج على نطاق واسع.
وما يزال هناك مشروعان لإنتاج سفن حربية وطائرة مقاتلة في مراحل التصميم الأولية لكن «أردوغان» يأمل أن يبدأ الإنتاج بحلول عام 2023 ويريد أن يبلغ إجمالي الصادرات الدفاعية آنذاك 25 مليار دولار.
وقال «براق بكديل» محلل شؤون الدفاع والكاتب بصحيفة «حرييت»: «يعتقد حكام تركيا اعتقادا جازما أن تركيا لا يمكنها أن تكون القوة الإقليمية التي يريدونها دون قوة ردع عسكري يعتد بها».
التجربة المؤلمة
واضطرت أنقرة أن تطلب من حلف شمال الأطلسي أن ينشر صواريخ باتريوت عام 2014 لدعم الأمن على امتداد حدودها مع سوريا. ولطالما ضايق هذا الاعتماد على الخارج الأتراك.
ففي الشهر الماضي علق رئيس الوزراء «أحمد داود أوغلو» على «التجربة المؤلمة» التي مرت بها تركيا في الحرب العالمية الأولى عندما اضطرت لشراء السلاح من الخارج.
وقال في الذكرى المئوية لمعركة جاليبولي «إن دولة لا تمتلك صناعتها الدفاعية لا يمكنها أن تحارب من أجل قضية التحرير».
وأضاف أن طائرة مقاتلة محلية الصنع ستطير في أجواء تركيا بحلول عام 2023.
وتبدو رغبة تركيا في الاعتماد على الذات أمرا مفهوما إذ أنها تشترك في حدود يبلغ طولها 1200 كيلومتر مع سوريا والعراق حيث استولى تنظيم «الدولة الإسلامية» على مساحات كبيرة وأعلن قيام دولة الخلافة.
وقال «أتيلا سانديكلي» ضابط البحرية المتقاعد ورئيس مركز بلقاسم للبحوث الأمنية في تركيا إن حظر السلاح الذي فرضته الولايات المتحدة بعد أن غزت القوات التركية شمال جزيرة قبرص عام 1974 جعل أنقرة أقل عدة مما يجب وكان بمثابة جرس إنذار.
ورفع هذا الحظر بعد بضع سنوات. وحدث التحول من مشروعات صغيرة لصناعة كل شيء من أجهزة اللاسلكي إلى إطارات السيارات. ثم جاء إنتاج طائرات إف-16 بموجب ترخيص في الثمانينات واقترن بمشروعات تطوير مشتركة مع مصر وغيرها.
من الدبابات إلى الأقمار الصناعية
الآن أصبحت تركيا تضم اثنتين من أكبر 100 شركة للصناعات الدفاعية في العالم وهما شركتا أسيلسان وتوساش.
ويتعين على هذا القطاع إذا أراد أن ينافس الشركات الغربية العملاقة أن ينوع أسواق التصدير بعيدا عن أوروبا التي تعمل حكوماتها على خفض الميزانيات الدفاعية ويتجه إلى آسيا والشرق الأوسط وأفريقيا حيث يتزايد الإنفاق.
وقال «فائق أكين» المدير العام لشركة أسيلسان أكبر الشركات الدفاعية في تركيا لـ«رويترز»: «نحن نصنع منتجات أفضل من الغالبية في الغرب. ونحن أرخص... ونحن على استعداد لتبادل التكنولوجيا ويمكن لصناعة الدفاع التركية أن تصبح بديلا صائبا للغرب».
وتعد «نقل التكنولوجيا» أحدث نقاط الخلاف الشائكة بين أنقرة وحلفائها في حلف الأطلسي. واختارت أنقرة شركة الصين لاستيراد وتصدير الآلات الدقيقة عام 2013 كصاحبة أفضل عرض لشبكة صواريخ طويلة المدى في مشروع قيمته 3.4 مليار دولار وقالت إن الاستحواذ على تكنولوجيا جديدة يمثل أولوية لها، مما أثار مخاوف بشأن الأمن في الغرب لأن الولايات المتحدة سبق أن فرضت عقوبات على الشركة الصينية بسبب مخالفات مزعومة لقانون منع الانتشار النووي في إيران وكوريا الشمالية وسوريا.
كذلك يشعر حلفاء تركيا في الغرب بالقلق بسبب مدى توافق التكنولوجيا الصينية مع نظم حلف شمال الأطلسي.
وقال «محرم دورتكاسلي» الرئيس التنفيذي لشركة توساش إنه رغم أن الصناعات الدفاعية التركية مازالت ناشئة فقد بدأت تكتسب القدرة على استيعاب مشروعات كبرى. والآن تريد تركيا مكانا إلى جانب حلفائها في حلف الأطلسي الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وكذلك روسيا والصين.
وأضاف «نحن نتحدث عن بلد سيصبح لديه دبابته الوطنية الخاصة وسفينته الوطنية الخاصة وطائرته الهليكوبتر وقمره الصناعي وطائرته الحربية. نحن نهدف أن يكون لدينا كل شيء يملكه الأعضاء الخمسة الدائمون في مجلس الأمن بالأمم المتحدة.