تحرير أسعار الوقود مجرد بداية لخطة إصلاح اقتصادي في الإمارات

الثلاثاء 18 أغسطس 2015 04:08 ص

بإقدامها على خطوة إلغاء الدعم على الوقود، فقد اتخذت دولة الإمارات العربية المتحدة أهم خطوة قد يكون لها آثار أبعد بكثير من مجرد تكلفة تعبئة سيارة بالبنزين في إمارة دبي.

الأمة الخليجية التي تضم كل من دبي وأبو ظبي، قامت برفع الدعم في يوليو/تموز بعد ركود في أسواق النفط، والذي كان له أثر ملحوظ في تقليص ما تحويه الخزينة العامة. وارتفعت أسعار البنزين بنسبة 24%  هذا الشهر، حيث بات سائقو السيارات في دولة الإمارات العربية المتحدة يدفعون الآن 2.14 درهما (58 سنتا) في مقابل لتر بنزين أوكتان 95. وقد تسببت هذه السياسة في توفير حوالي 7 مليارات دولار في العام المقبل، حسب تقديرات بنك ستاندرد تشارترد الشهير.

وقد يكون القرار مقدمة لخطوات أخرى تهدف إلى تنويع إيرادات الدولة، بما في ذلك ضرائب القيمة المضافة والشركات. وعلى الرغم من ذلك، ستضطر الحكومة إلى تحقيق التوازن بين هذه التدابير الجديدة في مقابل سمعة عالمية لأنماط الحياة معفاة من الضرائب والأرباح التي كانت محورية في التحول السريع للبلاد من مجموعة مكونة من عدة قرى للصيد إلى مركز مالي وتجاري يقصده الجميع.

«لا مفر تقريبا من وضع وتطبيق النظام الضريبي الحديث لدولة الإمارات العربية المتحدة ليكون لها بصمات في النظام الاقتصادي الحديث»؛ على حد قول «حسن حكيم»، مدير معهد لندن الشرق الأوسط في كلية الدراسات الشرقية والإفريقية. وأردف «لا يمكن أن يستمر الاعتماد على عائدات النفط إلى الأبد، لذلك هذ خطوة هامة في هذا الاتجاه».

ووافق مجلس الوزراء في الإمارات العربية المتحدة بالفعل على مشروع قانون لضرائب الشركات، وفقا لبيان يوليو/تموز الصادر عن وزارة المالية، التي تخطط لإنشاء إدارة جديدة لتنفيذ وتحصيل الضرائب الاتحادية. كما تجهز الحكومة أيضا قانون ضريبة القيمة المضافة، والذي من المتوقع أن يفرض رسومًا باهظة على السجائر والكحول، مع إعفاء معظم المواد الغذائية، بحسب ما ورد في جريدة الاتحاد 12 أغسطس/آب، نقلا عن شخص مطلع على المشروع.

شركات فرض الضرائب

«سوف تستمر عملية تقديم المشورة السياسية من جانبنا بالتأكيد بهدف تنويع مصادر الدخل»، على حد قول «الزين زيدان» رئيس بعثة صندوق النقد الدولي إلى الإمارات العربية المتحدة للصحفيين في مؤتمر عبر الهاتف يوم 4 أغسطس / آب. وقال إنه يجب أن تطبق الضريبة على جميع الشركات، وليس فقط للبنوك الأجنبية كما في الوقت الحاضر، في حين يتعين على الحكومة المضي قدما في ضريبة القيمة المضافة.

وقال «سايمون كيتشن» المحلل الاستراتيجي لدى مجموعة هيرميس المالية في القاهرة إن التحدي الحقيق أمام السلطات هو كيفية جلب ضرائب جديدة دون تنفير الشركات والمستثمرين.

وتابع: «الأعمال التجارية لا تحب أن يكتنفها غموض. إذا قمت بوضع علامة واضحة على هذه الأمور في وقت مبكر، وحاولت أن تجعلها في أعلى درجة من الوضوح  قدر الإمكان فلا بأس، ولكن إذا استمرت عملية تغيير السياسة فليس هذا بجيد».

لقد مثل الأجانب ما يقرب من 90% من السكان البالغ عددهم 8.3 مليون في عام 2010، بحسب تقدير الحكومة الأخير. إنهم حجر الزاوية بالنسبة لاقتصاد دولة الإمارات العربية المتحدة، بدءًا من العمالة الوافدة من جنوب آسيا والفلبين وإفريقيا إلى المستثمرين الأثرياء الذين يغدقون الأموال على القطاع العقاري في دبي بعد أن خففت القيود في عام 2002.

إن وعد الإعفاء من ضرائب المعيشة ظل لفترة طويلة بطاقة السحب لهذا الأخير، على الرغم من أن الفوائد يقابلها بشكل متزايد تكاليف التعليم والسكن العالية.

أقل جاذبية

«دبي في طريقها لتصبح أغلى مكان يعيش فيه الإنسان»، بحسب «مارتن هيفديت»، أستاذ الاقتصاد في جامعة زايد في دبي، والذي أضاف أن أرباب العمل يواجهون بالفعل دعوات لرفع الرواتب. «إن أسعار الوقود ستؤثر على الجميع، ولكن سيكون هناك مزيد من الضغوط على مجتمع المغتربين، ما يجعل دبي أقل جاذبية».

وقال محللون إنه من ناحية أخرى، فإن نسبة عالية من الأجانب يعدون بمثابة ميزة للحكومة، في الوقت الذي تقدم فيه تدابير جديدة. سكانها الإماراتيون الأثرياء قليلو العدد نسبيا أقل عرضة للاضطرابات، ونجحوا من الإفلات من الاضطرابات التي شاعت الدول العربية الأخرى منذ عام 2011، ما يسمح لدولة الإمارات العربية المتحدة أن تزيل الدعم عن الوقود دون احتجاج كبير.

هناك أيضا مبررات اقتصادية واضحة وراء التغيير.

توفير النقود التي تُدفع للدعم ربما ترفع فائض ميزانية دولة الإمارات العربية المتحدة إلى 2.5% من الناتج المحلي الإجمالي في العام المقبل من 2.2%، بحسب ما كتبه «كارلا سليم»، الخبير الاقتصادي في بنك ستاندرد تشارترد في تقرير 29 يوليو/تموز.

أكثر إنتاجية

وقال «سليم»: «يمكن إعادة توجيه الموارد المستخدمة حاليا لتمويل دعم الطاقة نحو استثمارات أكثر إنتاجية» في التنمية والبنية التحتية والتعليم، والتي تدعم أيضا خلق فرص العمل.

نوعية الهواء قد تتحسن إذا هناك وقود أكثر تكلفة يؤدي إلى انخفاض في الانبعاثات، لا سيما في ظل انتشار السيارات الرياضية متعددة الاستخدامات في البلاد. وقال «شيتان ديف»، أستاذ الاقتصاد في جامعة نيويورك في أبوظبي، إن الدعم يسبب الاستهلاك المفرط، ورفعه سوف يظهر «التكلفة الحقيقية» للبنزين.

وقال بنك دويتشه في تقرير صادر في 3 أغسطس/آب إن بلدان أخرى في المنطقة قد تحذو حذوها، وأبرز تلك الدول سلطنة عمان والبحرين نظرا لمن خطورة الوضع المال، كما أن الثروة النفطية غير كافية. ومع انخفاض أسعار النفط التي تؤثر على ميزانيتها، فإن البحرين سوف تقوم برفع دعم اللحوم اعتبارا من سبتمبر/أيلول، حسبما ذكرت وكالة الانباء البحرينية.

وربما ترحب الشركات أيضا بعملية فرض الضرائب إذا كانوا يرون الحكومة تبني اقتصاد أكثر استدامة وأقل اعتمادا على النفط، بحسب «كيتشين» من المجموعة المالية هيرميس. وأكمل أي ضريبة ثابتة منخفضة ليست «عائقا ضخما» إذا البيئة التي تعمل فيها مواتية.

«والحقيقة هي أن أسعار النفط متقلبة، ولذا فأنت تحتاج إلى تسعير الطاقة بطريقة مسؤولة، وتحتاج إلى أن يكون هناك مصادر أخرى للدخل» بحسب «كيتشين». وقال «هناك حكومات أخرى في المنطقة يبدو أنها تعلق الآمال على مستقبل أفضل، ولكن يبدو أن دولة الإمارات العربية المتحدة تواجه الحقيقة».

  كلمات مفتاحية

الإمارات دعم المحروقات البنزين إصلاح اقتصادي تحرير أسعار الوقود

تقييم الملكيات الخليجية (2): هبوط النفط يشكل فرصة لتغيير سياسات الدعم والإنفاق الحكومي

تقييم الملكيات الخليجية (1): كيف بنى الخليجيون ثروتهم؟

10 نقاط جديرة بالنظر حول رفع الدعم عن البنزين ومشتقات البترول في الإمارات

الإمارات تعلن الأسعار الجديدة للمحروقات بعد تحريرها

«فاينانشيال تايمز»: انخفاض أسعار النفط يترك دول الخليج أمام خيارات إصلاح صعبة

تحرير أسعار الوقود: الفرص والتحديات في دول الخليج

الكويت .. الحكومة ماضية في رفع سعر البنزين رغم نفي «المالية»

«فاينانشيال تايمز»: السعودية تخفض دعم الطاقة في يناير ضمن خطة إصلاح واسعة

الإمارات: أسعار الوقود تسجل انخفاضا جديدا الشهر المقبل

قطر تحرر أسعار الوقود محليا اعتبارا من الأحد المقبل

قطر تبدأ إعادة هيكلة أسعار الوقود وربطها بالسوق العالمية

الوقود في الخليج الأرخص عالميا رغم قرارات تحرير الأسعار ورفع الدعم

الإمارات ترفع أسعار البنزين 1% والديزل 4.5% لشهر يوليو

الإمارات ترفع أسعار الوقود في ديسمبر