استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

الأثر الاقتصادي لضريبة «الأراضي البيضاء»

الجمعة 23 أكتوبر 2015 06:10 ص

حسم مجلس الوزراء السعودي في جلسته هذا الأسبوع برئاسة خادم الحرمين الشريفين الملك «سلمان بن عبدالعزيز»، موضوع فرض الرسوم على «الأراضي البيضاء» (الأراضي غير المطوّرة) بتحويلها الى الدرس في مجلس الشورى، على أن ينهي مجلس الشورى المهمة خلال شهر ويعيدها إلى مجلس الوزراء لإقرارها.

وقرار مجلس الوزراء أنهى جدلاً استمرّ خمس سنوات حول فرض الرسوم، ولا شك في أن غالبية المجتمع السعودي، خصوصاً الأفراد من ذوي الدخول المتوسطة والمحدودة، صفقوا لهذا القرار الذي جاء في مثابة الكي آخر الدواء لحل أزمة طاول أثرها كل بيت سعودي، وبعدما أرسلت الحكومة رسائل مبطّنة وصريحة إلى كبار الملاك لفك احتكاراتهم، وأمهلتهم فرصة تلو أخرى من دون تحرك جاد من جانبهم.

ولم تُقرّ رسوم أو ضريبة الأراضي البيضاء في السعودية لتكون جباية لدعم الموازنة، لكنها جاءت لإصلاح وضع السوق العقارية التي شوّهتها الاحتكارات، وجعلت تملّك ما يزيد عن 60% من السعوديين مساكنهم الخاصة أمراً شبه مستحيل.

تاريخياً، قامت كل الحروب بين إمبراطوريات العالم القديم على تملّك الأرض، وهو وضع استمر في العالم الغربي حتى أواخر القرن الثامن عشر تقريباً، كما كان الاستحواذ على الأراضي واحتكارها سبباً لنشوء الإقطاع وغياب العدالة الاجتماعية في هذه المجتمعات. أما في الدول العربية، فكثيراً ما كانت الأرض الشرارة الأولى لصراعات قبلية وعشائرية، وكذلك في السعودية قبل توحيد البلاد واستقرارها على يد مؤسسها الملك عبدالعزيز.

لذلك، عالجت دول متقدمة كثيرة موضوع ملكية الأرض، الذي هو منشأ الخصومات والنزاعات وسبب للاحتكارات وغياب الإنتاجية، بأن حوّلت ملكية الأرض إلى حقوق انتفاع لا تملّك. وجاءت ضريبة الأراضي لمنع تحويل الأرض من مصدر للانتفاع وأحد أهم عناصر الإنتاج إلى وسيلة لادخار الأموال واكتنازها من دون فائدة تذكر للمجتمع.

اقتصادياً، تعتبر الأرض الوعاء المفضّل للضريبة لأنها لا تترافق مع ظاهرة «التشوّه الضريبي»، وما ينتج منها من «خسارة محضة» يتحمّلها المجتمع من دون مقابل. ولشرح المصطلحين نظرياً، لنفترض أن المجتمع ينتج 10 سيارات فقط، يبيع الواحدة منها بـ100 ألف ريال، فلو فرضت الحكومة ضريبة نسبتها 10 في المئة على السيارة الواحدة، فما الذي يحصل؟

يرتفع سعر السيارة ليكون 110 آلاف ريال، وهذا يؤدي إلى انخفاض الطلب على السيارات على سبيل الافتراض، إلى تسع سيارات فقط (وفق قانون الطلب الذي ينصّ على أن زيادة سعر السلعة تخفّض الطلب عليها).

وإن كان عائد الضريبة سيذهب إلى الحكومة لتمويل مشاريع أخرى، فلا يعتبر خسارة، إلا أن «الخسارة المحضة» التي يتحملها المجتمع من دون مقابل فهي تخلّيه عن إنتاج سيارة واستهلاكها، فهو أصبح ينتج تسعاً فقط ويستهلكها بعد الضريبة بدلاً من 10 قبلها، وهو ما يعني التأثير سلباً في رفاهية المجتمع الذي خسر استهلاك سيارة بعد الضريبة.

التحليل السابق لا يشمل الأرض، لأن عرضها ثابت، وبالتالي تستفيد الحكومة من عائد الضريبة المفروضة عليها، ولا ينقص استهلاك المجتمع شيئاً (لأن عرض الأرض ثابت لا ينقص) كما في حالة فرض الضريبة على السلع الأخرى غير الأرض. وهذا يعني أن أثر «التشوه الضريبي» و «الخسارة المحضة» للمجتمع لا يحصل في ضريبة الأرض.

ما هو السيناريو المتوقع اقتصادياً بعد فرض الضريبة؟

ستتحول الأرض إلى جمرة في أيدي المحتكرين، وسيضطرون سريعاً إلى بيعها أو تعميرها، ما يعني تحقق الهدف الذي فرضت الضريبة من أجله. ولأن المحتكرين حالياً لا يجدون من يشتري أراضيهم بالأسعار المشتعلة اليوم، فكل ما يقال عن قدرتهم على نقل الضريبة ليتحمّلها المشتري هو كلام لا يصح لأن المشتري لا يستطيع الشراء بأسعار اليوم، وسيستحيل عليه الشراء لو ارتفعت الأسعار بسبب الضريبة.

وكلما طالت فترة احتفاظ المحتكر بالأرض، زادت عليه قيمة الضريبة، ولو افترضنا أنها 10% من قيمة الأرض سنوياً، فستكون عليه 20% في السنة الثانية و30% للثالثة، وهكذا، وهو ما يجعله يسعى إلى بيع الأرض أو تطويرها وتعميرها، وهو هدف الضريبة التي لم تأتِ للجباية، وإنما لإصلاح تشوّه السوق.

ويُتوقَّع قريباً، أن تخرج العروض الكبيرة إلى السوق سريعاً، ويبدأ التنافس بخفض الأسعار للتخلّص من ملايين الأمتار المجمدة حالياً، وهو ما يمكّن المواطن والمطوّر العقاري من الاستفادة، ويزيد عرض الأراضي والمنتجات الأخرى، ويخرج السوق من حال الركود الضارب بأطنابه فيها حالياً بسبب غلاء الأراضي.

ختاماً، ضريبة الأراضي البيضاء هي بداية الإصلاح الحقيقي لأزمة كبرى في الاقتصاد السعودي، ولا شك في أن هذا يوجب على مجلس الشورى وعلى واضعي قواعد تحصيل الضريبة، مسؤولية كبيرة لمنع التهرب والاستثناءات والتأجيل والمماطلة، فالمصلحة العامة هي ما يجب أن يُنظَر إليه من دون أي اعتبارات أخرى صغرت أو كبرت.

  كلمات مفتاحية

الرسوم البيضاء السعودية الرياض الملك سلمان موازنة السعودية الأراضي البيضاء الاقتصاد السعودي

27 مليار دولار رسوم الأراضي البيضاء المتوقعة سنويا في الرياض فقط

30 يوما أمام «الشورى السعودي» لحسم رسوم الأراضي البيضاء

«الأراضي البيضاء» في المدن السعودية الكبرى تزيد عن 50 بالمئة

الصفقات العقارية تتراجع بنسبة 39% بسبب رسوم الأراضي البيضاء

من يعلِّق جرس الأراضي البيضاء؟

«الشورى السعودي» يصوت على مشروع رسوم الأراضي البيضاء قبل 19 نوفمبر

مهلة من 3 إلى 5 سنوات قبل تطبيق رسوم الأراضي البيضاء في السعودية

«الشورى السعودي» يرفض استثناء الأراضي المطورة من «الرسوم»

السعودية .. رفض الاستثناءات في قانون الأراضي البيضاء

السعودية.. مجلس الشورى يحسم مصير قانون «الأراضي البيضاء»

مستقبل السوق بعد فرض رسوم الأراضي