توقع تحليل اقتصادي أن تصل إيرادات الرسوم على الأراضي البيضاء في العاصمة السعودية الرياض فقط نحو 103.4 مليار ريال سنويا، تعادل نحو 14% من ميزانية الدولة المقدرة للعام الجاري، البالغة 715 مليار ريال (190 مليار دولار).
ووفقا لتحليل أجرته وحدة التقارير الاقتصادية في صحيفة «الاقتصادية»، تعادل هذه الإيرادات القروض العقارية المصرفية للأفراد (98.1 مليار ريال) وأكثر، كما تكفي لسداد إيجارات مساكن السعوديين في المملكة لنحو عام ونصف العام تقريبا.
وبحسب دراسة أعدتها الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض عام 1433هـ، بلغت الأراضي غير المطورة، وهي الأراضي البيضاء بحسب تعريف الهيئة، نحو 4.6 ألف كم (4.6 مليار متر مربع)، بإيرادات متوقعة 103.4 مليار ريال.
إلا أنه بحسب ما هو متداول، فإن الأراضي التي سيتم فرض رسوم عليها هي القطع التي تبدأ مساحاتها من عشرة آلاف متر مربع وأكثر، وعلى افتراض أن 50% من حجم الأراضي غير المطورة التي ذكرتها هيئة تطوير الرياض، تقل مساحتها عن عشرة آلاف متر مربع، يعني هذا أن الأراضي البيضاء التي ستخضع للرسوم في الرياض ستكون نحو 2.3 ألف كم (2.3 مليار متر مربع).
وتم احتساب متوسط رسوم للمتر المربع 45 ريالا للمتر سنويا، على افتراض أن رسوم المتر الواحد ستبدأ من عشرة ريالات، ولن تتجاوز 100 ريال للمتر.
وخلص التحليل إلى أن الإيرادات المتوقعة سنويا، من الرياض فقط، تغني الدولة عن إصدار سندات بقيمة 20 مليار ريال شهريا لمدة خمسة أشهر (100 مليار ريال)، التي تلجأ إليها الدولة حاليا لمواجهة الإنفاق الضخم في ظل تراجع أسعار النفط.
وتكفي هذه الإيرادات لعام واحد لسداد جميع القروض العقارية على الأفراد حاليا، البالغة 98.1 مليار ريال، حيث تعادل هذه الإيرادات المتوقعة لعام واحد 105% من القروض العقارية للأفراد بنهاية الربع الثاني 2015.
ومن المتوقع أن هذه الرسوم ستؤدي إلى انخفاض أسعار الأراضي والعقارات، وكذلك الإيجارات، ما سينعكس بشكل مباشر على قدرة المواطن على تملك مسكن.
وبشكل غير مباشر، من المتوقع أن تؤدي رسوم الأراضي إلى انخفاض تكاليف المعيشة على المواطنين في السعودية، وذلك نظرا لأنه سيتم توفير جزء كبير من الإيجار الشهري مع انخفاض الأسعار، أو توفير الإيجار كاملا في حال تملك مسكن، إضافة لهذه الفوائد فانخفاض الإيجارات سيؤدي إلى انخفاض أسعار السلع التي كانت مرتفعة سابقا نتيجة لارتفاع الإيجارات كأحد الأسباب المهمة.
وبحسب بيانات لمصلحة الإحصاءات العامة والمعلومات، شكل إنفاق الأسر السعودية على إيجار السكن نحو 12.5% من دخل الأسرة شهريا، ليبلغ نحو 2220 ريالا شهريا لكل أسرة سعودية في 2014.
والإثنين الماضي، وجه مجلس الوزراء السعودي في اجتماعه برئاسة خادم الحرمين الشريفين الملك «سلمان بن عبدالعزيز» بإحالة مشروع الترتيبات التنظيمية لفرض رسوم على الأراضي البيضاء، إلى مجلس الشورى لدراسته وفقاً لنظامه ولاستكمال الإجراءات النظامية.
ووجه مجلس الوزراء بأن «ينتهي مجلس الشورى من دراسته خلال ثلاثين يوماً»، وذلك حسبما أوردت وكالة الأنباء السعودية (واس).
ومنذ أواخر عام 2014 والسوق العقارية السعودية تشهد حالة من الركود تكاد تصل لدرجة الكساد، فلم تتجاوز الصفقات العقارية في شهر فبراير/ شباط الماضي الثلاثين مليار ريال في وقت كانت تجاوزت التريليون ريال في الفترة ذاتها من العام الماضي، ولم يتجاوز عدد الفيلات المباعة طوال نفس الشهر في مختلف المدن السعودية 80 فيلا فقط، بمتوسط سعر 2.5 مليون ريال للفيلا الواحدة، بينما تم بيع 1450 فيلا في الفترة ذاتها من العام الماضي، ويرجع الخبراء تراجع المبيعات لارتفاع أسعار الأراضي والذي تجاوز متوسطها المليون ونصف المليون ريال في المدن الرئيسية، ولقرار مؤسسة النقد القاضي بعدم تمويل البنوك وشركات التمويل العقاري لأكثر من 70% من قيمة العقار.
وكانت وزارة الإسكان دعمت هذا القرار في أكثر من مناسبة، واقترحت الوزارة في وقت سابق فرض رسوم تتراوح بين 10 و151 ريالاً للمتر المربع من الأراضي البيضاء التي تتجاوز مساحتها 10 ألاف متر مربع، ويقدر خبراء اقتصاديون أن مساحة الأراضي البيضاء وغير المستخدمة تتجاوز نسبة 60% من داخل العاصمة الرياض وأكثر من 60% في جدة و70% في الدمام.
وتعرف الأراضي البيضاء، بأنها المساحات الواقعة ضمن النطاق السكني، في كبرى مدن المملكة، لكنها غير مستغلة ويراهن أصحابها على عدم استغلالها في البناء أو البيع بغرض الاستفادة من رفع أسعارها مستقبلا، وهذا ما يعتبره خبراء العقار السبب الرئيسي للارتفاعات غير المبررة بأسعار الأراضي السكنية.