خطوة روسية "مطمئنة" وأخرى "مقلقة".. مؤشرات على تراجع التصعيد حول أوكرانيا

الثلاثاء 15 فبراير 2022 12:08 م

شهدت الساعات الأخيرة مؤشرات على تراجع التصعيد بين روسيا وأوكرانيا، وسط تحركات دبلوماسية مكوكية لخفض التوترات والدفع باتجاه الحوار، وإعلان روسيا سحب قطاع من قواتها من على الحدود الأوكرانية بعد انتهاء مهام تدريبية.

فقد بدأت لهجة الحوار تعلو في التصريحات الروسية لحل الأزمة الراهنة.

إذ أكد وزير الخارجية الروسي "سيرجي لافروف"، في مؤتمر صحفي الثلاثاء، أنه من خلال الحوار مع الناتو والولايات المتحدة لدينا فرصة للتوصل إلى نتائج ليست سيئة.

وأبدى "لافروف" استعداد بلاده لمحادثات منفصلة مع الغرب حول الصواريخ النووية متوسطة المدى كجزء من الحوار الأمني ​​مع الغرب.

وعلى النحو ذاته، صرح المتحدث باسم الكرملين "دميتري بيسكوف"، لشبكة "سي إن إن" الإخبارية الأمريكية، الإثنين، بأن الرئيس الروسي "فلاديمير بوتين" مستعد للتفاوض بشأن الأزمة الأوكرانية.

وقال "بيسكوف": "الرئيس بوتين لطالما طالب بالمفاوضات والدبلوماسية، وأوكرانيا ليست سوى جزء من مشكلة أكبر تتعلق بالضمانات الأمنية لروسيا وبالطبع الرئيس على استعداد للتفاوض".

خطوة مقلقة وأخرى مطمئة

أيضا، قررت روسيا، الثلاثاء، سحب جزء من قواتها من على الحدود الأوكرانية، في خطوة أخرى مطمئة للغرب.

فقد أعلنت قيادة المنطقة العسكرية الغربية في روسيا أن قواتها التي شاركت بتدريبات غربي البلاد بدأت بالمغادرة باتجاه ثكناتها.

كما أعلنت قيادة المنطقة العسكرية الجنوبية في روسيا أن القوات المشاركة بتدريبات القرم بدأت بالمغادرة.

وفي مقابل إبداء موسكو رغبة في الحوار واتخاذها قرارا بسحب قوات لها من على الحدود الأوكرانية، شهدت روسيا، الثلاثاء، تحركا آخر مقلقا للغرب؛ حيث صوت مجلس الدوما لصالح مشروع مقترح للاعتراف بجمهوريتي لوهانسك ودونيتسك.

وقال رئيس المجلس "فياتشيسلاف فولودين"، عبر صفحته على "تليجرام"، إن إرسال الدعوة للرئيس"بوتين" للاعتراف بجمهوريتي دونيتسك ولوهانسك المعلنتين من جانب واحد سيتم على الفور.

ويحذر مراقبون من أن اعتراف "بوتين" بضم بجمهوريتي دونيتسك ولوهانسك قد يعني عمليا تخليا من روسيا على اتفاقات "مينسك" حول أوكرانيا، ويهدد بتأزيم الأوضاع.

لكن الخطوة، وفق هؤلاء المراقبين، قد تمثل بالنسبة لـ"بوتين" ترضية مقبولة وحفظا لماء وجهه في ظل ما يبدو أنه تراجع عن مخطط لغزو أوكرانيا تحت الضغط الغربي. 

مساع دبلوماسية غربية

وفي سياق مؤشرات التهدئة، شهدت الساعات الأخيرة مساع دبلوماسية مكثفة من شخصيات وجهات دولية عدة لتخفيض التوتر على الحدود الروسية الأوكرانية ومنع نشوب حرب بين البلدين. 

فقد قال الأمين العام للأمم المتحدة "أنطونيو جوتيريش"، للصحفيين الإثنين: "حان الوقت لنزع فتيل التوتر وخفض التصعيد على الأرض، لا مكان للخطاب التحريضي، يجب أن تهدف البيانات العامة إلى تخفيف حدة التوتر وليس تأجيجه".

كما أجرى "جوتيريش"، الإثنين، اتصالين منفصلين مع وزيري الخارجية الروسي "لافروف" والأوكراني "دميتري كوليبا". 

ووفق المتحدث باسم "جوتيريش"، عبر الأخير "للوزيرين عن قلقه البالغ إزاء التوترات الحادة حول أوكرانيا، ورحب بالجهود الدبلوماسية المستمرة الهادفة إلى وقف التوتر وأكد على عدم وجود بديل للدبلوماسية".

أيضا، أعلنت الخارجية الإيطالية أن الوزير "لويجي دي مايو" سيتوجه إلى العاصمة الأوكرانية كييف الثلاثاء، في "إطار عمل روميا المستمر لتيسير تخفيف حدة التوتر على الحدود بين روسيا وأوكرانيا ومن أجل حل دبلوماسي للأزمة الحالية".

بينما ذكرت وكالة "تاس" الروسية، نقلا عن مصادرها في الخارجية الإيطالية، قولها إنه بعد زيارة "دي مايو" إلى كييف، فإن "رحلته المحتملة إلى موسكو قيد الإعداد".

وضمن الجهود الدبلوماسية، يعقد "بوتين"، الثلاثاء، لقاءً مع المستشار الألماني "أولاف شولتز" في موسكو، سيكون الأول لهما منذ تولي الأخير رئاسة الحكومة في بلاده.

وقال المكتب الصحفي للكرملين إنه "من المقرر بحث القضايا الملحة على جدول الأعمال الثنائي والدولي، بما فيها المتعلقة بتقديم واشنطن والناتو لروسيا ضمانات أمنية مستدامة وملزمة قانونيا، وتسوية النزاع الأوكراني".

وفي برلين أيضا، اقترح الرئيس المشارك لكتلة حزب اليسار في البوندستاج "ديتمار بارتش"، ترشيح المستشارة الألمانية السابقة "أنجيلا ميركل"، للعمل كوسيط في حل الأزمة الأوكرانية. 

وقال "بارتش"، في حديث لمجموعة "فونكي" الإعلامية تم نشره الثلاثاء: "لدى كلا طرفي النزاع ميركل تتمتع بالشعبية الضرورية لتهدئة الوضع".

فرصة لحل الأزمة

ومن واشنطن، أجرى الرئيس الأمريكي "جو بايدن" ورئيس الوزراء البريطاني "بوريس جونسون" مباحثات هاتفية، الإثنين، واتفقا على أنه لا تزال هناك "فرصة للدبلوماسية" لحل الأزمة القائمة حاليا حول أوكرانيا.

وقال متحدّث باسم رئيس الوزراء البريطاني إثر المحادثات، إن "جونسون" و"بايدن"، "أطلعا بعضهما البعض على فحوى المحادثات التي أجرياها مؤخرا مع القادة العالميين. وتوافقا على أنه لا تزال هناك فرصة للدبلوماسية ولتراجع روسيا عن تهديداتها لأوكرانيا".

وشدد الرجلان على ضرورة وقوف الدول الغربية "صفا واحدا في مواجهة التهديدات الروسية وخصوصا عبر فرض مجموعة عقوبات واسعة في حال تصاعد العدوان الروسي".

وأكدا "ضرورة تقليص البلدان الأوروبية اعتمادها على الغاز الروسي، في خطوة ستطال أكثر من أي خطوة أخرى، صلب مصالح روسيا الاستراتيجية".

بينما قال البيت الأبيض، في تقريره الصحفي اليومي الإثنين، إن الغزو الروسي لأوكرانيا قد يبدأ في أي وقت، وربما هذا الأسبوع، لكنه كرر في الوقت نفسه التأكيد على أن الطريق إلى الدبلوماسية لا يزال مفتوحا لحل الأزمة.

العصا والجزرة

لكن رغم ذلك تواصلت إجراءات الدعم العسكري الغربي لأوكرانيا والحشد العسكري شرقي أوروبا، فيما ويبدو وكأن الغرب يتعامل مع موسكو بسياسة "العصا والجزرة".

فقد أعلن رئيس الوزراء الكندي "جاستن ترودو" في مؤتمر صحفي، الإثنين، أن بلاده وافقت على إرسال أسلحة فتاكة إلى أوكرانيا بقيمة 7.8 ملايين دولار كندي ومنح كييف قروضا بقيمة 500 مليون دولار كندي لمساعدتها في الدفاع عن نفسها في مواجهة أي عدوان روسي.

ولفت إلى أن "القصد من هذا الدعم من قبل كندا وشركاء آخرين هو ردع عدوان روسي آخر".

فيما قال 3 دبلوماسيين لـ"رويترز" إنه من المتوقع أن يدشن وزراء دفاع الدول الأعضاء بحلف شمال الأطلسي هذا الأسبوع خطة قد تفضي إلى نشر 4 مجموعات قتالية متعددة الجنسيات في جنوب شرق أوروبا ردا على الحشد العسكري الروسي على حدود أوكرانيا.

من المقرر أن يجتمع وزراء دفاع دول الحلف يومي الأربعاء والخميس لاتخاذ قرار بشأن إصدار الأمر للقادة العسكريين لوضع خطط نشر مجموعات قتالية يبلغ قوام الواحدة منها نحو ألف جندي في بلغاريا ورومانيا، وربما في سلوفاكيا والمجر.

تراجع احتمالات الغزو الروسي لأوكرانيا انعكست على ما يبدو على التصريحات الواردة من كييف.

إذ نفى "ميخايلو بودولاك"، مستشار الرئيس الأوكراني "فولوديمير زيلينسكي"، لشبكة "سي إن إن" الثلاثاء، أن يكون الرئيس "زيلينسكي" قد قصد أن روسيا ستغزو بلاده في يوم 16 فبراير/شباط الجاري.

وقال المسؤول إن "زيلينسكي" قال ذلك "على سبيل السخرية".

واعتبر  "بودولاك"، في تصريحات صحفية لاحقة، إن الرئاسة الأوكرانية تنظر "بشكل إيجابي" إلى المعلومات عن بدء عودة القوات المدرعة الروسية إلى مواقع تمركزها الأساسية.

فيما قال أمين عام حلف "الناتو"، "ينس ستولتنبرج"، في مؤتمر صحفي الثلاثاء، إن الحلف يشعر "ببعض التفاؤل" فيما يتعلق بالإشارات الواردة من موسكو، التي تفيد بأن الجهود الدبلوماسية حول أوكرانيا ستستمر.

لكنه اعتبر أن الحلف "لا يرى حتى الآن مؤشرات حقيقية" على تهدئة التوترات حول أوكرانيا.

من جانبها، قالت السفيرة الأمريكية لدى الناتو "جوليانا سميث" في مؤتمر صحفي: "نحن نتحقق من التقارير عن سحب روسيا عدد من جنودها من الحدود مع أوكرانيا"، مؤكدة أن "خفض التصعيد يقتضي من روسيا سحب الجنود والعتاد أيضا".

ونقلت "رويترز" عن رئيس الوزراء البريطاني " بوريس جونسون" قوله إنه "رغم وجود مؤشرات إيجابية واضحة بشأن فتح صفحة دبلوماسية مع روسيا، إلا أن روسيا بحاجة إلى سحب مجموعاتها القتالية التكتيكية من الحدود الأوكرانية".

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

أوكرانيا روسيا الغزو الروسي لأوكرانيا أوكرانيا روسيا الغزو الروسي لأوكرانيا أوكرانيا روسيا الغزو الروسي لأوكرانيا بوتين الدوما دونيتسك لوهانسك ألمانيا ميركل بوتين الدوما دونيتسك لوهانسك ألمانيا ميركل

لدعم أوكرانيا عسكريا وتجنيبها الحرب.. جولات خارجية لجونسون وشولتس

انقلابات موالية.. معالم خطة روسيا للسيطرة على المدن بعد غزو أوكرانيا

بعد إعلان سحب قوات من حدود أوكرانيا.. بوتين: لا نريد الحرب

اتهامات لروسيا.. مواقع عسكرية ومصارف أوكرانية تتعرض لهجوم سيبراني

كلمة مرتقبة لبايدن حول أزمة أوكرانيا.. واتصال جديد بين بلينكن ولافروف

رسائل روسية متناقضة.. سحب قوات من القرم وإرسال أخرى لسوريا