الاستثمارات السعودية تدفع السودان للتخلى عن إيران وتعزيز علاقاته مع المملكة

الأربعاء 13 يناير 2016 05:01 ص

على مدى العامين الأخيرين أدار السودان ظهره للتحالف الذي استمر ربع قرن مع إيران من أجل تقوية علاقاته مع السعودية التي أبدت استعدادا أكبر لتقديم دعم مالي تشتد إليه حاجة الخرطوم.

وضخت السعودية بالفعل استثمارات أكبر من تلك التي ضختها أي دولة أخرى في السودان إذ بلغت استثماراتها هناك حوالي 11 مليار دولار معظمها في قطاع الزراعة.

وعلى مدى السنة الأخيرة أودعت السعودية مليار دولار في البنك المركزي السوداني ووقعت اتفاقات لتمويل بناء سدود على نهر النيل لتوليد الكهرباء بل وتعهدت بضخ المزيد من الاستثمارات في القطاع الزراعي.

دعم سعودي سخي

هذا الدعم السخي يوضح السبب في أن السودان آثر العلاقات الاقتصادية مع السعودية على علاقته مع إيران التي تركزت في معظمها على الأسلحة في وقت يعاني فيه انهيارا للعملة وارتفاعا حادا في البطالة، حيث سارعت الخرطوم بقطع العلاقات الدبلوماسية مع طهران، تضامنا مع السعودية.

وقال «الطيب زين العابدين» أستاذ العلوم السياسية بجامعة الخرطوم: «الحكومة اتخذت قرار الابتعاد عن التحالف مع إيران بعد أن قيمت العلاقات مع إيران ووجدتها مضرة اقتصاديا وسياسيا».

وأضاف: «إيران لم تقدم أي مساعدات اقتصادية للسودان وهذا ما جعل الحكومة تظن أن العلاقة مع إيران مجرد عبء».

ويمثل التحول صوب الرياض مسارا جديدا يسلكه الرئيس السوداني «عمر البشير» الذي احتفظ بالسلطة لأكثر من 25 عاما في بلد مضطرب من خلال التنقل بين تحالفات مختلفة.

السودان والتحالف العربي

وانضم «البشير» العام الماضي إلى التحالف الذي تقوده السعودية في اليمن لمحاربة الحوثيين المتحالفين مع إيران وأظهر لدول الخليج السنية أن بمقدروه المساهمة بدور فعال في معركتها الرامية للحد من نفوذ الجمهورية الإسلامية.

وتقول وزارة الدفاع السودانية إنها أرسلت ثلاث طائرات حربية وبعض القوات البرية لتأمين منشآت في ميناء عدن بجنوب اليمن ومناطق أخرى وإن كانت الطائرات والقوات لم تشارك بشكل يذكر في المهام القتالية حتى الآن، وقام السودان أيضا بتدريب آلاف الأفراد من القوات اليمنية.

وكانت علاقات السودان مع السعودية متوترة في معظم الفترة التي قضاها «البشير» في السلطة منذ عام 1989، فقد أيد الرئيس السوداني الغزو العراقي للكويت المجاورة للمملكة في 1990 وخرج محتجون إلى شوارع السودان لدعم صدام حسين وانتقاد أفراد الأسرة الحاكمة في السعودية.

وفي 2013 وصلت العلاقات إلى أدنى مستوياتها حين منعت السعودية طائرة «البشير من المرور عبر مجالها الجوي إلى إيران.

وعلى النقيض من ذلك عزز «البشير» العلاقات الودية مع طهران التي توجت بزيارة للرئيس الإيراني آنذاك «هاشمي رفسنجاني» في 1991، ورأى البلدان -اللذان أدرجتهما الولايات المتحدة في قائمتها للدول الراعية للإرهاب وفرضت عليهما عقوبات- منفعة متبادلة في التحالف ضد المحاولات الغربية لعزلهما.

وساعد السودان إيران على بسط نفوذها بأن صار المدخل الرئيسي لصادرات الأسلحة الإيرانية إلى أفريقيا وفقا لما ذكره مصدران يراقبان تجارة الأسلحة، وتنفي الخرطوم المشاركة في هذه الأنشطة.

وفي المقابل استفاد السودان من التكنولوجيا العسكرية الإيرانية التي ساعدته على أن يصبح منتجا مهما للأسلحة في أفريقيا.

غير أن الحسابات تغيرت مع تفاقم المشكلات الاقتصادية التي يواجهها السودان وخصوصا بعد أن فقد ثلاثة أرباع إيراداته النفطية حين إنفصل جنوب السودان في 2011.

تعاون عسكري محدود مع إيران

وقال المتحدث باسم الجيش السوداني «أحمد الخليفة الشامي»، إن الجيش دعم التحول في السياسة، مشيرا إلى أن «التعاون العسكري» مع إيران كان محدودا على خلاف ما تقوله أجهزة الإعلام.

وأضاف «الشامي»: «الجيش لن يتضرر بقطع العلاقات مع إيران نظرا لأن كل التصنيع الحربي يتم بأيادي وخبرات سودانية».

وكان السودان قال إن دعمه للحملة العسكرية في اليمن يمثل نقطة تحول في العلاقات مع السعودية لكنه ليس مرتبطا بضخ المزيد من الاستثمارات، كما أشار إلى أنه لم يقطع علاقاته مع إيران في مقابل مساعدات سعودية.

وقال «علي الصادق» المتحدث باسم وزارة الخارجية السودانية إن بلاده تتطلع لأبعد من ذلك في العلاقة الجديدة.

وأضاف قائلا: «نحن ننظر لشراكة استراتيجية مع السعودية ونحن نتجاور على شواطئ البحر الأحمر ونعمل سويا لتأمين هذه السواحل ضد التحديات التي تواجه البلدين والمنطقة».

وكان السودان سارع بإعلان قطع علاقته الدبلوماسية مع طهران «تضامنا مع المملكة العربية السعودية لمواجهة المخططات الإيرانية»، وذلك بعد ساعات من اتخاذ المملكة قرارا مماثلا، عقب الاعتداء على سفارتها في طهران وقنصليتها في مشهد.

وفيما لم تبد طهران حتى الآن رد فعل على قرار الخرطوم إلا أن المتفق عليه عند غالبية المعلقين السياسين أنه ليس هناك أضرار محتملة على السودان لأن تعاونها مع إيران كان يقتصر على جوانب سياسية عسكرية مع تدني التعاون الاقتصادي، الذي لا يتعدى 200 مليون دولار، حسب بيانات حكومية.

وبالمقابل تعزز الخطوة العلاقات مع الرياض التي تعتبر ثاني أكبر شريك تجاري للخرطوم بعد الصين وأكبر مستثمر عربي حيث تتوقع الحكومة ارتفاع الاستثمارات السعودية لنحو 15 مليار دولار خلال العام الجاري.

وتعول الحكومة السودانية على زيادة الاستثمارات خاصة الخليجية لإنقاذ اقتصادها الآخذ في التدهور منذ انفصال جنوب السودان في 2011 مستحوذا على ثلاث أرباع حقول النفط التي كانت تمثل أكثر من 50% من الإيرادات العامة.

  كلمات مفتاحية

السودان الاقتصاد السوداني إيران السعودية قطع العلاقات الدبلوماسية قطاع الزراعة البنك المركزي السوداني

السودان يدير ظهره لحليفه الإيراني القديم من أجل الاستثمارات السعودية

السودان يعلن طرد السفير الإيراني وكامل بعثة طهران تضامنا مع السعودية

التداعيات المحتملة للقطيعة الدبلوماسية بين السعودية وإيران

إيران: قرار السعودية قطع العلاقات «متسرع وغير منطقي» .. وأمريكا تدعو للحوار

السعودية تعلن قطع العلاقات الدبلوماسية مع إيران وتطرد بعثتها الدبلوماسية

السودان يتدحرج نحو التطبيع مع (إسرائيل)؟!

«البشير»: توتر علاقتنا بإيران سببه محاولتها نشر التشيع في السودان

وزير العدل السعودي يلتقي وزير الأوقاف السوداني

«الجبير» في ضيافة «البشير»: شكرا على مواقفكم المساندة للمملكة

السودان يبدأ في حصر مشكلات الاستثمارات السعودية لمعالجتها

«البشير» يستقبل «النعيمي» خلال زيارته للسودان

السودان يخصص مليون فدان للمستثمرين السعوديين في وادي «ستيت وعطبرة»

إنهاء مشاكل 3 شركات زراعية سعودية في السودان

السعودية والسودان يبحثان عقد اتفاقية التشجيع وحماية الاستثمارات المتبادلة