«فورين أفيرز»: هل يمكن أن يربح «الأسد» أيضا من الانسحاب الروسي؟

الأربعاء 16 مارس 2016 02:03 ص

نجح إعلان الرئيس الروسي «فلاديمير بوتين» عن إتمام مهمته في سوريا في جذب الانتباه الذي كان مخططا له أن يجذبه.

الإعلان الدراماتيكي، إلى جانب تحميل طائرات الشحن في سوريا أطلقت استجابة مشابهة لاستجابة «مترنيش» حينما بلغ نبأ وفاة «تاليران» في عام 1838 عندما قال: «أتساءل ما الذي يعنيه ذلك؟».

ليس الجواب عصيا على الفهم بالشكل الذي قد يبدو عليه لأول وهلة، كانت الأهداف الروسية محدودة منذ البداية وتمثلت في تحقيق الاستقرار في الوضع العسكري لنظام «بشار الأسد» وضمان تماسك النخبة داخل النظام من خلال تعزيز ثقتها بنفسها، وتوجيه ضربات قوية إلى الجماعات الجهادية المتمركزة قرب الأراضي التي يسيطر عليها النظام وإذا كان ذلك ممكنا، فتمكين النظام من توسيع محيطه الأمني.

كان النظام يحتاج إلى بعض العمق الاستراتيجي وقد منحته روسيا هذا العمق، وبالنسبة لروسيا، فقد مثل الأمر لها فرصة لإظهار أنها قوة لا يستهان بها، وقد نجحت في ذلك بكل تأكيد.

لم يذهب الروس إلى سوريا من أجل استعادة الماضي العدني، أو حتى التحكم في المستقبل، ولكنهم ذهبوا إلى هناك من أجل استعادة التوازن الميداني إلى جانب عدد من الأشياء الأخرى الجانبية.

لا يوجد أيا من هذه الأهداف، بالنظر إلى نقاط الضعف الكامنة للمعارضة المسلحة، كان يحتاج إلى عقود من أجل تحقيقه، كما أنه لم يكن يتطلب قوات كبيرة.

نشرت روسيا حوالي 4 آلاف فرد من أجل تسهيل عمل 35 قاذفة قنابل و32 مقاتلة قاذفة و8 مقاتلات و12 مروحية هجومية و4 طائرات هليوكوبتر.

في الخارج، حافظت روسيا على دورية مكونة من 7 سفن بما في ذلك غواصة وهي منصة لجمع المعلومات الاستخباراتية، وطراد، واثنين من السفن الحربية الصغيرة.

على مدى الأشهر الستة الماضية، حلقت أطقم الطائرات الروسية في أكثر من 10 آلاف طلعة جوية بمتوسط بلغ ما بين 60 إلى 74 طلعة يوميا، وهي وتيرة تشغيل مرتفعة نسبيا.

وقد فعلت روسيا ذلك بتكلفة منخفضة نسبيا مقارنة بعمليات الولايات المتحدة ضمن إطار التحالف الدولي ضد تنظيم «الدولة الإسلامية» حيث تحتاج الطائرات الهجومية إلى اجتياز مسافات طويلة نسبيا ما بين قواعدها إلى أهدافها، كانت تكلفة الطلعات الجوية الروسية منخفضة جدا، ووفقا لبعض التقديرات التكلفة اليومية المقدرة العمليات الروسية كان في حدود 4 ملايين دولار وهي تكلفة ضئيلة نسبيا مقارنة بموازنة الدفاع الضخمة للبلاد التي يبلغ 50 مليار دولار.

بعد أن قامت روسيا بنفض الغبار وتجديد منشآتها القديمة في طرطوس وتعزيز وحداتها هناك، فإن بإمكان روسيا أن تعيد انتشارها في سوريا خلال فترة زمنية قليلة.

والواقع أن الروس ربما يفعلون نفس ما فعلته الولايات المتحدة في دول الخليج حيث تخرج طائراتهم الدورية من القواعد العسكرية في كل من قطر والإمارات العربية المتحدة على نحو يرقى إلى وجود دائم، في حين أنه مؤقت من الناحية التقنية.

إعادة هذه الوحدات إلى القواعد الروسية لا يمثل تغيرا كبيرا بالنظر إلى سهولة إعادة نشرها في المستقبل، في الواقع فإن الأمر في حقيقته ربما لا يمثل أكثر من كونه توقفا تكتيكيا.

ومع ذلك فإن تخفيف الانتشار وسحب القوات يعني أكثر من مجرد توفير المال وإراحة الطواقم، في الواقع فإن الأمر يمكن أن ينظر إليه على أنه مناورة دبلوماسية بارعة، تظهر هذه المناورة مدى قدرة روسيا على ضبط نفسها وإبداء التعاون في مرحلة حاسمة من عملية التفاوض الجارية في جنيف، كما أنها تضع ضغطا مماثلا على المعارضة من أجل إبداء مواقف أكثر مرونة على طاولة التفاوض.

بالنسبة للذين لا يزالون يتساءلون حول حقيقة هدف «بوتين» من هذه الخطوة، فإن أحد الإجابات المحتملة أن بوتين ربما يكون قد ضاق ذرعا يتحدي الأسد علنا للرغبات الروسية والتصلب تجاه المفاوضات وبالنظر إلى تاريخ «بوتين» من التصرف أحيانا بدافع الغضب فإنه ربما أراد أن يلقن «الأسد» درسا من خلال هذا الانسحاب.

السيناريو الآخر، وربما الأكثر ترجيحا، هو أن «بوتين» لا يقصد الانسحاب بهدف الضغط على «الأسد» كما يتوقع البعض أو يتمنون، هدف روسيا الدبلوماسي هو الوصول إلى تسوية تفاوضية تحافظ على وجود «الأسد» في موقعه.

الانسحاب الروسي، الذي لا زلنا لا نعرف الكثير حول حقيقته أو طبيعته أو حجمه أو حتى إطاره الزمني، لن يلقي الرعب في قلب النظام الذي تتمتع قواته في الوقت الحالي بحالة جيدة في الوقت الذي يعاني فيه معارضيه من الضعف وانقطاع خطوط الإمداد الخاصة بهم، فبالنسبة لـ«الأسد» و«بوتين»، فإن الانسحاب الجزئي قد يكون تكتيكا مربحا لكلا الجانبين.

المصدر | فورين أفيرز

  كلمات مفتاحية

سوريا روسيا الانسحاب الروسي من سوريا بشار الأسد بوتين

«الجبير»: انسحاب روسيا من سوريا إيجابي للغاية ونأمل أن يسرع وتيرة العملية السياسية

نهاية المهمة: لماذا تسحب روسيا قواتها من سوريا؟

«ناشيونال إنترست»: ما الذي ربحه «بوتين» من تدخله العسكري في سوريا؟

ما الذي قد يعنيه الانسحاب المفاجئ لروسيا من سوريا؟

«بوتين» يأمر بسحب «القوات الرئيسية» من سوريا بداية من الغد

«ستراتفور»: كيف يمكن أن يؤثر الانسحاب الروسي على القوات الموالية للنظام السوري؟

ما بعد «القرار»

روسيا: سنستكمل سحب معظم قواتنا من سوريا خلال يومين أو ثلاثة

«بوتين»: بقاء قواتنا في سوريا صار مكلفا.. وقادرون على العودة خلال ساعات

لحظة الحقيقة: هل «بوتين» جاد حقا في تخليه عن «الأسد»؟

لغز الخروج المفاجئ

ما قبل الانسحاب وما بعده .. النصر الروسي باهظ الثمن في سوريا

ما هو السبب العميق للمغادرة الروسية؟

انسحاب روسي مفاجئ من سوريا

معضلة روسية تواجه إيران!

موقع أمريكي: روسيا كثفت من أدوار قواتها الخاصة في سوريا بعد إعلان الانسحاب

رويترز: أدلة قليلة على انسحاب روسيا من سوريا

قواعد لعبة موسكو في سوريا

موسكو تسحب جميع مقاتلات «سوخوي 25» من سوريا