الجسر بين مصر والسعودية.. رفضه «مبارك» وأحياه «مرسي» وأعلن عنه «السيسي»

السبت 9 أبريل 2016 12:04 م

لم يكن الإعلان عن إقامة جسر بري بين السعودية ومصر، جديدا، وإنما الجديد هو الإعلان الثنائي من زعيمي البلدين عن إنشاء الجسر.

وأعلن أمس العاهل السعودي الملك «سلمان بن عبد العزيز آل سعود»، الاتفاق مع مصر، على إنشاء جسر بري يربط البلدين، وهي الفكرة التي وافقه عليها الرئيس المصري «عبد الفتاح السيسي».

الجسر الذي تعود فكرته إلى 28 عاما، سبق أن أعلن عن كل تفاصيله، كان إما مرفوضا من طرف دون آخر، أو مقبولا دون إعلان رسمي من الطرفين.

ولكن هذه المرة، أعلن الطرفان، موافقتهم على المشروع، إلا أنهما لم يوقعا اتفاقية له، انتظارا للدراسات المتعلقة بالمشروع.

البداية.. رفض «مبارك»

البداية، كانت في 1988، إبان عهد الملك السعودي الراحل «فهد بن عبد العزيز آل سعود»، حيث اتفق مع الرئيس المصري الأسبق «حسني مبارك»، على إقامة «الجسر العربي»، إلا أن هذا الاتفاق بقي فكرة لم تتطور، ولم تنضج.

ويقصد بـ«الجسر العربي»، هو مشروع جسر عملاق للمرور والسكك الحديدية، لربط مصر من منطقة شرم الشيخ، في سيناء، مع مدينة رأس حميد في تبوك، شمال السعودية، بطول 50 كيلومترا.

وعن مسار الجسر، فقد اقترح 3 مسارات، الأول، أن يمر من منطقة تبوك إلى جزيرة «صنافير» ثم جزيرة «تيران»، ثم إلى منطقة النبق باعتبارها أقرب نقطة في سيناء، والثاني، أن يمر من منطقة تبوك إلى جزيرة «صنافير» ثم جزيرة «تيران»، ومن ثم يحفر نفق إلى سيناء حتى لا يؤثر على الملاحة، وخروج ودخول السفن الإسرائيلية والأردنية، والثالث، أن يمر من منطقة تبوك إلى جزيرة «تيران» ثم إلى مدينة شرم الشيخ.

بقيت الفكرة، بلا نقاش، حتى عام 2007، عندما غرقت العبارة المصرية «السلام 98»، التي كان على متنها 1400 شخصاً توفوا جميعاً.

وعلى الرغم من تناقل الأخبار، حول أن الملك السعودي الراحل «عبد الله بن عبد العزيز»، سوف يقوم بوضع حجر الأساس للجسر البري خلال شهور، إلا أن «مبارك»، نفي هذه الأخبار، وأعلن رفضه الكامل لإنشاء جسر بري بين السعودية ومصر، قبل أن تعلن الحكومة السعودية عدم علمها بهذا الخبر، الذي كان قد أوردته صحيفة «المدينة» السعودية، ونقلته عنها صحيفة «الأهرام» المصرية.

وبرر «مبارك»، رفضه حينها، خوفا من اختراق مدينة شرم الشيخ السياحية، التي تعد من أهم المدن التي ينجذب إليها السياح في مصر، مؤكدا أن الجسر سيؤدي إلى زوال الهدوء والسكينة عن تلك المدينة السياحية الهادئة، وسيضر بفنادقها ومنشئاتها.

كما أشارت حينها مصادر مقربة، إلى أن الجسر سيكون مخالفا لاتفاقية «كامب ديفيد»، الموقعة بين مصر وإسرائيل.

يشار إلى أن موقع «ديبكا» الاستخباراتي الإسرائيلي، ألمح حينها، إلى إمكان تفجر صراع مسلح على خلفية هذا المشروع، حيث أعرب عن مخاوفه إزاء مشروع إنشاء الجسر، معتبراً أنه ستكون له عواقب وخيمة على الأوضاع الاقتصادية والاستراتيجية والعسكرية والجيولوجية لإسرائيل.

كما أشارت الصحف الإسرائيلية، حينها إلى قلق تل أبيب من أن يؤدي الجسر إلى تهديد أمن الملاحة في خليج العقبة.

عقب الثورة .. «مرسي»

وعقب الثورة المصرية في 25 يناير/ كانون الثاني 2011، عاد الحديث مرة أخرى في الأواسط السعودية والمصرية، ونقلت صحيفة «الوطن» السعودية في فبراير/ شباط 2012، إن السعودية ومصر، اتفقا على إعادة إحياء مشروع جسر يربط بين البلدين، يطلق عليه اسم «جسر الملك عبد الله»، على أن يبدأ العمل به منتصف 2013، بتكلفة مبدئية تبلغ 3 مليارات دولار.

هذه المعلومات، أكدها لموقع قناة «العربية»، مسؤول ملف مشرع الجسر، اللواء المصري «فؤاد عبد العزيز»، تشكيل لجنة مختصة بوزارة النقل المصرية لدراسة إحياء المشروع.

اللواء «عبد العزيز» الذي شغل منصب رئيس جمعية الطرق العربية، أضاف أن وزير النقل المصري حينها الدكتور «جلال السعيد»، كلفه بإعداد ملف كامل عن المشروع، وهو جاهز للتنفيذ.

كما أثير داخل البرلمان المصري، خلال هذه الفترة، الذي تم حله لاحقا، على خلفية طلب إحاطة قُدم لرئيس البرلمان حول أسباب توقف تنفيذ المشروع.

وعقب تولي الدكتور «محمد مرسي» رئاسة الجمهورية، وفي أول زيارة له للمملكة، تناول المشروع من جديد، مع العاهل السعودي الملك »عبد الله»، واتفقا على تنفيذه، بحسب ما نشرته صحيفة «الأهرام».

وفي يناير/ كانون الثاني 2013، قالت الرئاسة المصرية، إن «المشروع لاقى قبولا من الجانب السعودي، مما يؤكد اقتراب البدء في تنفيذه، خاصة في ظل وجود الإرادة السياسية من الجانبين لتفعيل المشروع».

وأضاف في تصريحات على لسان متحدثها الرسمي حينها «ياسر علي»، ونقلتها وكالة أنباء الشرق الأوسط الرسمية «أ ش أ»، أن «مرسي» حرص على مناقشة مشكلات المستثمرين السعوديين في مصر، واستعراض الحلول التي توصلت إليها الحكومة المصرية لتسهيل الاستثمار السعودي في مصر وزيادة نسبته في المرحلة القادمة.

وأشار إلى أن «مرسى»، دعا رجال الأعمال السعوديين إلى التعاون مع نظرائهم المصريين لتمويل وإقامة جسر أو نفق يربط بين مصر والسعودية عبر البحر الأحمر.

وفي أعقاب ذلك، أعربت مجموعة «بن لادن» السعودية عن استعدادها لإقامة الجسر، فيما كشفت شركة «نيبون سيفك» اليابانية، عن طرحها على الحكومة المصرية، مشروعا للربط بين مصر والسعودية، تعتمد على إنشاء نفقين أسفل خليج العقبة للربط بين البلدين عند منطقة شرم الشيخ في مصر وغرب تبوك في السعودية عبر جزيرة «تيران»، وبتكلفة إنشاء نحو 4 مليارات دولار، ويستغرق تنفيذه 7 سنوات.»

وبحسب ما نشر حينها، فإن الدراسات بين البلدين توصلت إلى مجموعة من العراقيل، كان أبرزها أن هذه المنطقة من أكثر المناطق النشطة زلزاليا في العالم، وقد يتعرض أي جسر يبنى في هذه المنطقة لخطر الزلازل المدمرة، حيث تسمى المنطقة المقرر بناء الجسر فيها الوادي المتصدع الكبير، نظرا للزلازل التي تسجل فيها.

أما العراقيل السياسية، فبالإضافة إلى الخوف من التأثير على السياحة في شرم الشيخ، فإن الجسر سوف يبنى فوق مضيق «تيران»، والذي يعد من أهم المضائق المائية الاستراتيجية للأردن وإسرائيل، حيث يعتبر هو المنفذ البحري الوحيد للأردن وإسرائيل على البحر الأحمر، كما أن دوريات قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة تنشط في هذه المضائق لضمان حرية الملاحة.

كما تضمنت العقبات، قلق نشطاء في مجال البيئة، الذين أعربوا عن مخاوف من أن المشروع من شأنه تدمير الشعاب المرجانية، وإلحاق الضرر بأحد أفضل مواقع الغطس في العالم.

وتسبب الانقلاب على «مرسي» في يوليو/ تموز 2013، في عدم استكمال الدراسات، بل وتوقفها.

بعد الانقلاب .. «السيسي»

وعلى الرغم من مرور 3 سنوات على الانقلاب العسكري في مصر، ومرور قرابة العامين على تولي «السيسي» رئاسة الجمهورية، وعدم تصريح «مجلس الأعمال المصري السعودي» الذي يناقش المشروعات المشتركة بين البلدين، عن مناقشتهم لهذا الجسر، أعلن أمس العاهل السعودي «سلمان بن عبد العزيز»، الاتفاق مع مصر، على إنشاء الجسر، على الرغم من تصريح السفير المصري لدى المملكة العربية السعودية «ناصر حمدي»، لصحيفة «سبق»، الإثنين الماضي، أن «مشروع الجسر البري بين البلدين لن ينفذ»، مشيرا إلى أن «مشكلات بيئية، (لم يوضحها) تمنع إقامة هذا الجسر».

وعقب إعلان العاهل السعودي، أمس، عن الاتفاق على الجسر، اقترح «السيسي»، إطلاق اسم الملك «سلمان بن عبد العزيز» على الجسر.

وبات الجسر، هو الثمرة الأبرز الذي أسفرت عن القمة السعودية- المصرية، التي عُقدت في قصر الاتحادية الرئاسي في القاهرة أمس، ليكون أول ربط بري بين قارتي آسيا وأفريقيا.

من جانبه، قال وزير النقل المصري «جلال مصطفى السعيد»، إن الدراسات الفنية المتعلقة بإنشاء الجسر بين المملكة ومصر ستتم في الحال.

وأضاف «السعيد» أن قد حان دور الفنيين المختصين لتحديد نقطة البداية والنهاية للجسر، وطريقة الإنشاء، والطول، والتكاليف، وموعد البدء والانتهاء من العمل، وكل الأمور الفنية المتعلقة بهذا المشروع.

وبحسب صحيفة «الجزيرة» السعودية، قال الأمير «فهد بن سلطان بن عبدالعزيز» أمير منطقة تبوك، إن هذا المشروع يعد نقلة تنموية كبيرة، كنافذة تربط قارة آسيا بأفريقيا، وتدعم النمو الهائل المتسارع الذي تعيشه المملكة في كافة المجالات.

وأضاف أن هذا المشروع سيعزز ويرفع مظاهر النماء ومشروعات الخير التي تشهدها منطقة تبوك بصفة خاصة.

  كلمات مفتاحية

جسر الملك سلمان محمد مرسي حسني مبارك السيسي الانقلاب العسكري العلاقات السعودية المصرية

صحف السعودية: «جسر سلمان» يربط شطري العرب ومذيع الرئاسة المصرية لا يعرف وزراءنا

وزير مصري: الدراسات الفنية لـ«جسر الملك سلمان» ستبدأ فورا

الملك «سلمان»: اتفقنا مع مصر على إنشاء جسر بري يربط بين البلدين عبر البحر الأحمر

سفير مصر لدى السعودية: الجسر البري بين البلدين لن يُنفذ ولا وساطة مع تركيا

روسيا وايران تبحثان ربط الخليج العربي ببحر قزوين

هل تُفشِل (إسرائيل) مشروع جسر «الملك سلمان»؟

«يديعوت أحرنوت»: القاهرة والرياض .. شهر عسل ولكن ما الثمن؟

مخاوف أردنية من إنشاء جسر بين السعودية ومصر ونواب يطالبون بالاستفادة منه

إعلامي مصري: جسر الملك سلمان سيدر على السعودية مئات المليارات من الدولارات

لجنة سعودية مصرية تدرس الجوانب الفنية لجسر الملك «سلمان»

الحكومة المصرية تخصص 2000 فدان لجسر الملك سلمان

«السيسي» يصدر قرارا بمعاملة سعودي كالمصريين في حق تملك أرض صحراوية

وزير النقل المصري: تدشين خط ملاحي بين تبوك السعودية ودهب لتنشيط السياحة