وصف «أوس الخفاجي» زعيم مليشيا «أبو الفضل العباس» التابعة لمليشيات «الحشد الشعبي» مدينة الفلوجة ذات الغالبية السنية، والتي يسيطر عليها تنظيم «الدولة الإسلامية» بأنها بؤرة الإرهاب، وأن الهجوم عليها فرصة لتطهير العراق والإسلام في العالم مما وصفه «بورم الفلوجة».
وأضاف «الخفاجي»، في تسجيل له وهو يتحدث لمسلحي الحشد، بثته مواقع المليشيات، أن الفلوجة ليس فيها وطنيون ولا متدينون حتى في مذهب السنة، وأن القتال فيها شرف لا بد من المشاركة فيه ونيله.
وفي تعليقه على حديث «الخفاجي»، قال الأمين العام للعشائر العراقية «يحيى السنبل» إن هذه التصريحات تمهد لحرق المدينة وتدميرها نهائيا، مثلما دمرت من قبل مدن بيجي والرمادي وجرف الصخر، مؤكدا أن هناك إصرارا حكوميا على تدمير المحافظات العراقية السنية التي وقفت للدفاع عن نفسها.
وقال «السنبل»، لفضائية «الجزيرة»، إن نحو 650 ألفا من النساء والأطفال والشيوخ يقيمون في الفلوجة، بعد أن حالت الحكومة دون خروجهم منها، «وأصبحوا الآن بين مطرقة القوات الحكومية وسندان مسلحي تنظيم الدولة الإسلامية».
وبدأت القوات العراقية أمس الإثنين عملية واسعة لاستعادة مدينة الفلوجة، وقال رئيس الوزراء «حيدر العبادي» في رسائل عبر مواقع التواصل الاجتماعي: «نبدأ عملية تحرير الفلوجة، دقت ساعة التحرير واقتربت لحظة الانتصار الكبير وليس أمام داعش إلا الفرار».
ميدانيا، قالت مصادر طبية عراقية إن 11 مدنيا -بينهم ستة أطفال وامرأتان- قتلوا وأصيب 26 -معظمهم أطفال ونساء- في قصف جوي ومدفعي وصاروخي نفذته القوات العراقية استهدف عدة أحياء في الفلوجة ومحيطها، وأسفر عن تدمير منازل ومحال تجارية ومؤسسات حكومية، وألحق أضرارا بالممتلكات.
من جانبه، قال ضابط في الجيش العراقي إن «الحزب الإسلامي العراقي» تكفل بالطلب من الولايات المتحدة منح الضوء الأخضر لعملية استعادة مدينة الفلوجة، وذلك بعدما أبدت الولايات المتحدة اعتراضها على مشاركة «الحشد الشعبي» في المعركة، وبعدما اتضح أن معركة الفلوجة تمثل صراعاً لفرض الإرادة السياسية في العراق بين إيران والولايات المتحدة.
وأضاف الضابط العراقي، لـ«القدس العربي»، أن الأمريكيين كانوا يرفضون إعلان انطلاق المعركة الفعلية لاستعادة مدينة الفلوجة بسبب وجود الحشد الشعبي في جميع الجبهات وأن بيده القرار العسكري للقوات المحاصرة للمدينة.
وكشف عن «خشية الجانب الأمريكي من تفاعل أهالي الفلوجة ومحيطها مع مقاتلي الدولة الإسلامية»، وتكرار تجربة معركة الفلوجة الأولى مرة أخرى حين هب أهالي المدينة ومحيطها مع المسلحين ورفعوا السلاح بوجه القوات الأمريكية، واستعصت المدينة على الأمريكيين»، بحسب قوله.
وحذر الضابط ـ الذي طلب عدم الكشف عن اسمه ـ من أن «النفس الطائفي الصارخ لعملية الفلوجة سيدفع أهالي المدينة والمناطق المجاورة لها للالتفاف حول تنظيم الدولة الإسلامية، خصوصاً أن عدداً كبيراً من مقاتلي التنظيم من أبناء المدينة نفسها. كما أن للمدينة رمزية كبيرة عند السُنة في العراق، وبالتالي فلن يكتفي هؤلاء بالتفرج وهم يرون الحشد الشعبي يتوعد أهالي الفلوجة صباح مساء، ما ينذر بأزمة طائفية خطيرة»، بحسب تعبيره.
وكشف عن «اتفاق تم إبرامه بين قيادات في الحزب إسلامي وقيادات في الحشد الشعبي يستلم بموجبه المقاتلون التابعون للحزب الإسلامي بعض جبهات المدينة مقابل أن يتكفل الحزب بالضغط على الطرف الأمريكي لإقناعه بالمشاركة وتوفير الغطاء الجوي لإنجاح العملية، مع تقديم ضمانات بعدم حدوث أي خروقات وانتهاكات، وأن هناك قوة من أهالي المدينة النازحين مستعدة لتسلّم الأراضي المحررة، وأن الحشد هدفه الأساس إبعاد التنظيم عن بغداد».
وأكد الضابط أن «قرار قطعات الجيش في كل من جنوب وشرق مدينة الفلوجة وشمالها وصولاً إلى منطقة الطراح بيد الحشد الشعبي، وكذلك الأمر في الكرمة ومحيطها والجبهة الوحيدة التي لا يوجد فيها الحشد فعلياً هي جبهة النساف التي تولى مهمتها الحزب الإسلامي، بعد أن فرضت قيادات حشد العامرية أن تستلم الجبهة الجنوبية للمدينة واستلام الحزب وحماس العراق لقوة درع الفلوجة التي تم انشاؤها مؤخراً وشاركت بمعركة جنوب الفلوجة التي لم تحقق أهدافها».
وختم الضابط العراقي تصريحه بقوله إن «طيران التحالف سيشارك على مضض في العملية، ونخشى ألا تحقق العملية الهدف الاساسي وهو اقتحام المدينة. لكن ربما يتم التقدم في مواقع أقرب لحدود المدينة الفعلية لا سيما وان الأمريكيين يعلمون أن محيط الفلوجة الذي يسيطر عليه التنظيم له أهمية كبيرة».