«بلومبيرغ»: محاصرة الاقتصاد.. الخطة السعودية البديلة لمواجهة صعود النفط الإيراني

الخميس 26 مايو 2016 08:05 ص

لم يكن بإمكان المملكة العربية السعودية أن تمنع التوصل إلى توقيع الاتفاق النووي مع إيران. تكمن الخطة السعودية البديلة في منع إيران من جني فوائد هذه الصفقة.

تقوم المملكة العربية السعودية بحشد حلفائها الخليجيين من أجل ضمان أنه بعد أكثر من أربعة أشهر على رفع العقوبات على الجمهورية الإسلامية، فإن الانفتاح الإيراني على الاقتصاد العالمي لا يسير بسلاسة. خلال الشهر الماضي، أفشل السعوديون محاولة لتحقيق الاستقرار في أسعار النفط الخام لأن ذلك من شأنه أن يسمح لعدوهم بانتزاع حصة أكبر من أسواق النفط. وفي دبي، أحد البوابات الرئيسية لهم على العالم، فإن رجال الأعمال الإيرانيين يشكون من زيادة القيود المفروضة على أنشطتهم.

ويعد هذا النهج هو خط الدفاع الأخير من قبل السعوديين في الوقت الذي تعيد فيه الولايات المتحدة تقييم دورها في منطقة الشرق الأوسط وفي الوقت الذي يستعد فيه المستثمرون للتدفق إلى إيران كآخر الأسواق غير المستغلة في العالم. ومع ذلك، فإن هناك العديد من المؤثرات السلبية الأخرى التي تعوق بناء أنشطة تجارية في إيران والتي تعد ملعبا جيدا للجهود السعودية: لا تزال البنوك الأوروبية مترددة في القيام بأعمال تجارية في الجمهورية الإسلامية خوفا من العقوبات الأمريكية المحتملة.

الصراع على مكانة إيران في المنطقة، وما إذا كانت سوف تكون منعزلة أو سيتم القبول بها كلاعب إقليمي طبيعي من المرجح أن يستمر خلال السنوات القليلة المقبلة، وفق ما يؤكده «بول بيلار»، الأستاذ في جامعة جورج تاون. «يقف السعوديون في المعسكر المؤيد لعزل إيران. ولكنهم قد لا يفوزون في هذا السباق في نهاية المطاف. ولكنهم يمتلكون حلفاء بين صفوف المتشددين في واشنطن الذين عارضوا الاتفاق النووي منذ البداية».

حروب بالوكالة

تقود كل من المملكة العربية السعودية وإيران المعسكرين السني والشيعي في الشرق الأوسط، وهما يشتبكان بالفعل عبر الوكلاء في ساحات القتال في كل من سوريا واليمن. يعود الاضطراب في العلاقات بين البلدين إلى جذور تاريخية، ولكن الأمور قد صارت أكثر سوءا حين قامت المملكة العربية السعودية بإعدام أحد كبار رجال الدين الشيعة السعوديين في يناير/ كانون الثاني، حيث جاء رد فعل الغوغاء في إيران عبر مهاجمة سفارة المملكة في طهران، ما دفع السعوديين إلى قطع جميع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين.

«قوم السعوديون بممارسة الضغط على إيران أينما كانوا قادرين على القيام بذلك».

منذ بدء تخفيف العقوبات في وقت مبكر من هذا العام، كان السعوديون قلقون بشكل رئيسي من أن إيران سوف تستخدم عائداتها المحتملة من أجل تعزيز مشاركاتها في الصراعات الإقليمية. هذا هو أحد أهم الأسباب التي تدفع السعوديين إلى السعي إلى منع تدفق الاستثمارات والأموال على طهران.

«ما هو مثير للاهتمام بشكل رئيسي هو الخطاب الذي استخدمه السعوديون حول خفض التجارة مع إيران، وتلك الآليات والعقبات الرسمية وغير الرسمية التي يمكن استخدامها للضغط على الشركات لعدم التوجه إلى إيران»، وفق ما يؤكده «هنري سميث» وهو مدير في تحليل المخاطر العالمية في دبي.

العلاقات التجارية

مدينة دبي هي أحد تلك المدن التي غالبا ما تتمتع بعلاقات وثيقة مع طهران. ولكن في هذه الأيام، فإن تراخيص العمل الخاصة بالمواطنين الإيرانيين لن يتم تجديدها بسهولة. كما يواجه هؤلاء أيضا صعوبة في الحصول على الإقامات في الوقت الذي تخضع فيه حساباتهم المصرفية لتدقيق كبير وفقا لما يؤكده العديد من رجال الأعمال الإيرانيين.

«تايم إيروسبيس» هي شركة بريطانية تقوم بتنظيم الفاعليات في دبي. خلال العام الحالي قامت الشركة بإلغاء جميع الرحلات الجوية للتجمعات الإيرانية بسبب التوتر السياسي. «هناك الكثير من الحساسيات في الوقت الراهن لدى دول الخليج تجاه إيران»، وفق ما أكده «مارك براون» مدير المجموعة، في مقابلة معه. «ونحن ندرك أنه من غير المناسب في هذه اللحظة أن نقوم بتنظيم فاعليات مرتبطة بإيران».

تقوم المملكة العربية السعودية أيضا بتوظيف النفط في معركتها ضد إيران. قبيل اجتماع الدوحة خلال الشهر الماضي، كان المنتجون قد جهزوا خططا لتجميد الإنتاج. ولكن ولي ولي العهد السعودي الأمير «محمد بن سلمان» قد أكد خلال مقابلتين أجراهما مع بلومبيرغ أن السعوديين لن يمضوا قدما في هذه الخطة إلا في حال وافقت إيران على المشاركة. كان هذا الشرط هو السبب الفعلي لتقويض الصفقة. لأن إيران قد قامت باستبعاد أن تقوم بفرض أي قيود على ضخها للنفط في الوقت الذي تحاول فيه استعادة حصتها من الأسواق التي فقدتها خلال سنوات العقوبات.

بلا تردد

«كانت سياسة النفط واحدة من أدوات تلك المعركة»، وفق ما أكده «مصطفى العاني» مدير إدارة الدفاع وإدارة الأمن في مركز الخليج للأبحاث. «الخطوة الأخرى كانت هي مواجهة الاستثمارات الإيرانية في المنطقة. في عهد الملك سلمان أصبحت تلك السياسة واضحة المعالم. لا يوجد هناك أي تردد».

خلال الشهر الماضي، قامت المملكة العربية السعودية بحظر شركة الخطوط الجوية الإيرانية، ماهان، عن الطيران عبر المجال الجوي السعودي. تقوم شركات الشحن والتأمين والسماسرة بالتأكيد لعملائهم منذ فبراير/ شباط أن السفن التي تحمل النفط الإيراني لن يسمح لها بدخول المياه السعودية أو البحرينية. كما أن السفن التي قامت بالدخول إلى إيران ضمن محطاتها الثلاثة الرئيسية يجب أن تحصل على موافقة خاصة.

ويقوم الحكام في المملكة العربية السعودية بمواصلة هذه الجهود في محاولة لتعميق العزلة السياسية لإيران في الشرق الأوسط.

العلاقات الأمريكية

خلال الشهر الماضي، قامت الأردن باستدعاء سفيرها من إيران بعد فترة قصيرة من الزيارة التي قام بها ولي ولي العهد السعودي إلى البلاد. وبعد عشرة أيام، وقع البلدان اتفاقا يضمن الطريق لتدفق عدة مليارات من الاستثمارات السعودية. وفي فبراير/شباط، قامت المملكة العربية السعودية بإلغاء صفقة بقيمة 3 مليارات دولار لتوريد الأسلحة التي تشتد الحاجة إليها للجيش اللبناني، مشيرة إلى تصاعد نفوذ حزب الله كسبب لذلك، وهو جماعة متشددة تدعمها طهران.

وتجري التحركات السعودية على خلفية علاقات أكثر برودة مع الولايات المتحدة، وذلك جزئيا بسبب الاتفاق النووي الإيراني. في المقابلة التي نشرتها مجلة ذا أتلانتيك: قال الرئيس الأمريكي «باراك أوباما» أنه أبلغ السعوديين أن عليهم أن يجدوا طريقة لتقاسم النفوذ في المنطقة مع إيران، واصفا العلاقات الأمريكية السعودية بأنها معقدة.

وقال «شاشانك جوشي»، وهو باحث كبير في المعهد الملكي للخدمات المتحدة في لندن، إن الحملة السعودية تبدو وكأنهما «حملة مرقعة». وأكد إن السعوديين لا يستطيعون فعل الكثير لمنع إيران من إعادة الانخراط على المستوى العالمي، ولكنها تواصل الضغط على إيران أينما كان ذلك ممكنا من أجل الحد من نفوذها السياسي والاقتصادي.

لكن هناك عقبة رئيسية تواجه السعوديين تكمن في أن دول مجلس التعاون الخليجي الأخرى، التي تبدو أساسية في هذا الجهد، ربما لا تشارك السعودية نفس رؤيتها.

وكان البحرين هي الدولة الوحيدة ضمن سائر الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي التي قامت بمتابعة السعودية في قطع العلاقات مع إيران بشكل كامل هذا العام. وقامت الكويت بالاكتفاء باستدعاء سفيرها في طهران، كما قامت الإمارات بتخفيض مستوى التمثيل الدبلوماسي مع إيران إلى مستوى القائم بالأعمال.

وتبدو الإمارات العربية المتحدة أكثر عرضة للضرر من القطعية مع إيران من المملكة العربية السعودية. وكان إيران هي الشريك التجاري الثالث لدولة الإمارات العربية المتحدة في عام 2015 بعد الهند والصين.

«إننا لا نزال نرى خلافات كبيرة جدا في دول مجلس التعاون الخليجي»، وفقا لـ«جوشي». «تم دمج إيران بالفعل ضمن النظم الاقتصادية الخليجية، وأنا لا أعتقد أن المملكة العربية السعودية بإمكانها أن تفعل أي شيء مؤثر لتغيير ذلك».

المصدر | بلومبيرغ

  كلمات مفتاحية

السعودية إيران أوبك أسعار النفط العلاقات الخليجية الإيرانية العلاقات السعودية الإيرانية حرب النفط

«أوباما»: لن تنتهي فوضى الشرق الأوسط إلا بسلام بين السعودية وإيران

«تحالف الأعداء»: كيف يقرب هبوط أسعار النفط بين السعودية وإيران؟

«الغارديان»: السعودية وإيران تحتاجان إلى بعضهما البعض

خريطة توضح كيف يمكن للنفط أن يفسر الصراع السعودي الإيراني؟

«وول ستريت جورنال»: الخاسر الحقيقي في حرب أسعار النفط

«فورين أفيرز»: ما هي الأسباب التي تدفع السعودية إلى مواصلة ضخ النفط؟

إيران لن تلزم نفسها بأي تثبيت لإنتاج النفط

خبير إسرائيلي: السعودية تحاصر الاقتصاد الإيراني ودبي منسجمة مع خطط الرياض

«إيران»: وضع سقف للإنتاج لا يفيدنا وسننتج 4 مليون ب/ي قريبا

ارتفاع صادرات النفط الإيراني أكثر من المتوقع بفعل مساعدة ناقلات دولية عملاقة

إيران: إنتاج النفط يعود إلى مستوياته قبل العقوبات في غضون شهرين أو ثلاثة

‏⁧‫إيران‬⁩ مستعدة لإعادة التوازن لسوق ⁧‫النفط‬⁩ والسعودية مستعدة لتجميد الإنتاج

تفاصيل خطط قدمتها السعودية إلى ترامب لمواجهة إيران