صفقة ضخمة مع أوبر تكشف عن توجه جديد لاستراتيجية الاستثمار السعودية

السبت 4 يونيو 2016 07:06 ص

أعطت السعودية مؤشرا على تبني استراتيجيات جديدة لاستثمار أموال النفط بشراء حصة قيمتها 3.5 مليار دولار في شركة أوبر الأمريكية لخدمات تأجير السيارات.

وتتسم هذه الاستراتيجيات بمزيد من الجرأة وتسليط الضوء على نشاط المملكة، وترتبط بصورة أوثق بخططها للتنمية الاقتصادية، حسب وكالة «روتيرز» للأنباء.

وبالصفقة التي أٌعلنت، يوم الأربعاء، أصبح «صندوق الاستثمارات العامة السعودي» لاعبا في سوق المشاريع التكنولوجية الناشئة في تحول عن تركيز الرياض فيما مضى على الاستثمارات الأجنبية المحافظة التي لا تنطوي على مجازفة كبيرة.

كما ستصبح الرياض بموجبها أحد المساهمين في شركة يمكن أن تساعد في إنقاذ المملكة من هبوط أسعار النفط عبر تنويع الاقتصاد وتوفير فرص عمل للمواطنين.

وفي بلد لا يسمح للنساء بقيادة السيارات، تقبل النساء في السعودية على استخدام سيارات أوبر في تنقلاتهن.

وأشار المدير في صندوق الاستثمارات العامة، «ياسر الرميان»، إلى هذه الأهداف في بيان بشأن الصفقة، قائلا إن الصندوق لا يهدف إلى تحقيق أرباح، فحسب، وإنما، أيضا، دعم خطة شاملة لإصلاح الإقتصاد أعلن عنها ولي ولي العهد السعودي، الأمير «محمد بن سلمان» في أبريل/نيسان الماضي.

وأضاف أن الخطة تركز على فتح قطاعات استراتيجية مثل السياحة والترفيه، وزيادة فرص العمل، ومشاركة النساء في القوة العاملة، وتشجيع ريادة الأعمال.

وطوال عقود، كانت السعودية مستثمرا يتحاشى الأضواء في الأسواق العالمية مستخدمة البنك المركزي باعتباره الصندوق السيادي الرئيسي.

وحولت معظم ثروتها النفطية إلى أصول مثل سندات الخزانة الأمريكية والحسابات المصرفية بدلا من شراء حصص استراتيجية كبيرة في كبرى الشركات الغربية مثلما فعلت صناديق ثروة سيادية أخرى مثل «جهاز قطر للاستثمار».

لكن هذا الوضع يتغير الآن في ظل هبوط أسعار النفط الذي يثقل كاهل الرياض بعجز سنوي في الميزانية الحكومية يقترب من نحو 100 مليار دولار؛ وهو ما يضطرها للبحث عن سبل لتحقيق عوائد أكبر على أصولها، وتطوير القطاعات غير النفطية من الاقتصاد.

وفي أبريل/نيسان، تحدث الأمير «محمد بن سلمان» عن «صندوق الاستثمارات العامة» بوصفه جزءا أساسيا من هذا المسعى.

وقال إن الصندوق سيتوسع من 600 مليار ريال (160 مليار دولار) إلى أكثر من سبعة تريليونات ريال (1.86 تريليون دولار)؛ وهو ما سيساعد في تحويل الرياض إلى قوة استثمارية عالمية.

وقال مستشار لصناديق استثمار سيادية في الخليج، طلب عدم نشر اسمه لأنه غير مصرح له بالحديث إلى وسائل الإعلام، إن الصفقة مع أوبر تعطي مؤشرا على بدء هذه العملية.

وأضاف: «ربما تكون هذه صفقة لإظهار وجودهم أكثر من كونها صفقة جيدة من الناحية المالية.. باكورة تتصدر عناوين الصحف».

وذكرت أوبر أن استثمار صندوق الاستثمارات العامة السعودي يأتي في إطار جولة تمويلية بدأتها في الآونة الأخيرة وتصل بقيمة الشركة إلى 62.5 مليار دولار؛ وهو ما يعني أن السعودية حصلت على حصة تبلغ نحو خمسة في المئة.

وربما كان من الممكن أن يشتري الصندوق السعودي بسعر أقل من المستثمرين في جولات التمويل الأسبق لأوبر مثل «جهاز قطر للاستثمار».

إلا أن الاتفاق قد يطمئن الأسواق العالمية؛ إذ يشير إلى أن على الرغم من سحب السعودية من احتياطياتها المالية لتغطية العجز في ميزانيتها، فإنها ما زالت من الثراء بحيث تستثمر مبالغ كبيرة من المال حين تسنح الفرصة.

استراتيجية اقتصادية

وتعمل شركة أوبر في السوق السعودية منذ أوائل عام 2014، ولم تعلن عن اتفاق محدد لتوسيع نشاطها في المملكة نتيجة الصفقة مع صندوق الاستثمارات العامة.

لكن المدير في صندوق الاستثمارات العامة، «ياسر الرميان» سيشغل مقعدا في مجلس إدارة أوبر وهو ما سيمنح الحكومة السعودية دورا مباشرا في قرارات الشركة.

وقد يساعد الاتفاق بالتالي في إزالة أي عقبات قانونية تواجهها أوبر في السعودية.

وفي وقت سابق من هذا العام، نقلت وسائل الإعلام الرسمية عن متحدث باسم إدارة الطرق والنقل في مكة قوله إن سيارات الأجرة الأجنبية التي تستخدم تطبيقات الهواتف الذكية غير قانونية لأنها لم تحصل على تراخيص من وزارة النقل.

وتتلاءم أوبر وكذلك شركة كريم لتأجير السيارات التي تعمل في السعودية ضمن عدد من الدول العربية مع الاستراتيجية الاقتصادية للمملكة من عدة جوانب.

فعلى سبيل المثال ينظر كثيرون في السعودية إلى سيارات الأجرة التقليدية على أنها غير مريحة وتنطوي على مخاطر محتملة على النساء؛ لذا سرعان ما اتجهت السعوديات لاستخدام أوبر على نطاق واسع.

وتقول الشركة إن نحو 80 في المئة من أكثر من 130 ألف مستخدم لها في المملكة من النساء.

وتتصور خطة الأمير «محمد بن سلمان» للإصلاح زيادة مشاركة النساء في قوة العمل من 22 في المئة إلى 30 في المئة بحلول عام 2030 لزيادة دخول الأسر وخفض اعتماد البلاد على العمالة الأجنبية المكلفة. ويمثل نقص وسائل النقل الرخيصة والملائمة للنساء عقبة كبيرة أمام توظيفهن.

وقالت «مريم السبيعي»، وهي سيدة أعمال سعودية تستخدم أوبر بصورة شبه يومية، إن اتفاق صندوق الاستثمارات العامة السعودي خطوة جريئة في الاتجاه الصحيح.

وتملك «مريم» مركزا لصيانة الهواتف المحمولة للنساء فقط، وهو أول متجر من نوعه في الرياض.

وأضافت أنه بسبب طبيعة عملها وحاجتها للتنقل كان الأمر صعبا جدا لأنها لم تكن قادرة على تحمل راتب سائق خاص، وأحيانا لم يكن بإمكان السائق الوصول إليها حين تحتاجه.

ومن شأن زيادة استخدام الخدمات مثل أوبر تحسين ميزان المدفوعات السعودي؛ نظرا لأن التقديرات تشير إلى أن ما يصل إلى مليون سائق أجنبي بالمملكة يقومون بتوصيل النساء إلى مقاصدهن.

ومن الممكن أن يساعد خفض الحاجة إليهم إلى توفير مئات الملايين من الدولارات التي يحولها السائقون إلى بلادهم سنويا من ميزانيات الأسر.

كما تهدف خطة الإصلاح الاقتصادي إلى تشجيع المزيد من السعوديين على الحصول على وظائف في القطاع الخاص بحيث لا تضطر الدولة لتوفير أعداد كبيرة من الوظائف الحكومية ولتشجيع الشباب السعودي على دخول مجال ريادة الأعمال والشركات الناشئة في مجال التكنولوجيا.

  كلمات مفتاحية

السعودية شركة أوبر صندوق الاستثمارات العامة

«أوبر»: لدينا ثقة كبيرة بمستقبل السوق السعودية

صحف السعودية تكشف تفاصيل خريطة طريق تنفيذ «رؤية 2030»

سعوديات يقاطعن «أوبر» ويؤكدن: «تعرقل قرار قيادة المرأة»

صندوق الثروة السيادي السعودي يستثمر 3.5 مليار دولار في شركة «أوبر»

ما الذي تعنيه خطة التنويع الاقتصادي السعودية؟

«أوبر»: لدينا ثقة كبيرة بمستقبل السوق السعودية

الاستثمار السعودي في «أوبر».. رهان على التنويع الاقتصادي

شركة قطرية تعتزم الاستثمار في مشروع تجاري عقاري بالسعودية بقيمة 33 مليار ريال

مجلة «فورتشن»: صفقة «أوبر» مع السعودية تكرس لمنع قيادة المرأة للسيارات

«ساو باولو» البرازيلية أول مدينة تتفادى الزحام بطائرات «أوبر»

‏«أوبر»: توفير 100 ألف فرصة عمل للسائقين السعوديين ⁦‪خلال 5 سنوات

هل تحصل السعودية على دعم وادي السيليكون في خطتها الإصلاحية؟

‏مسؤول بـ«أوبر»: وظفنا ألف سعودي وكان لدينا 20 ألف سائق نشط الشهر الماضي