الإسلاميون يسعون لدور أكبر في تونس الجديدة عبر الانتخابات

السبت 25 أكتوبر 2014 06:10 ص

من خلف نقابها الذي يغطي وجهها بالكامل باستثناء عينيها تحاول الناشطة «فادية» أن تقنع المارة في شارع مكتظ بمدينة «صفاقس» التونسية بأن يصوتوا لها في الانتخابات البرلمانية يوم الأحد المقبل في صورة تظهر سعي الإسلام السياسي لتدعيم حضوره في المرحلة المقبلة. 

ومنذ انتفاضة 2011 يرفض كثير من الإسلاميين المحافظين مثل «فادية المكور» المشاركة في الانتخابات والنهضة هو الحزب الإسلامي الوحيد الذي شارك في أول انتخابات وفاز بها قبل ثلاث سنوات وسط جدل واسع حول دور الإسلام في السياسة.

ومع مصادقة المجلس التأسيسي في تونس مطلع هذا العام على دستور تقدمي جديد، تنافس أيضا الاحزاب الإسلامية المعتدلة والمحافظة لحجز مقاعد في البرلمان المقبل الذي سيعين حكومة جديدة عقب الانتخابات.

ويوم الأحد المقبل سيصوت ملايين التونسيين في ثاني انتخابات برلمانية حرة منذ الانتفاضة التي أطاحت بالرئيس السابق «زين العابدين بن علي» احتجاجا على الفساد وتفشي البطالة. والسباق على 217 مقعدا في البرلمان المقبل سيضم عشرات الاحزاب العلمانية والإسلامية.

ومن المتوقع على نطاق واسع أن تفوز حركة «النهضة» الإسلامية ومنافسها العلماني «نداء تونس» في الانتخابات البرلمانية التي تجري الأحد المقبل. لكن هذه الانتخابات تشهد أيضا مشاركة أول حزب سلفي وهو حزب «الإصلاح» بقائمة اطلق عليها اسم «الشعب يريد».

وتقول «فادية المكور» وهي شابة متنقبة ترشحت للانتخابات البرلمانية عن جبهة «الإصلاح» في مدينة صفاقس إن اولويتها ستكون التصدي للفساد المستشري ونشر قيم الدين الإسلامي.

وتقول «فادية» لرويترز أثناء حملة «باب باب» لاقناع المواطنين بالتصويت لحزبها «اليوم يجب ان يقتنع الناس ان الجميع يمكن ان يساهم في خدمة البلاد منقبة او محجبة او سافرة... الإسلام السياسي يمكن ان يلعب دورا في مساعدة الشباب في إيجاد فرص العمل ومكافحة الفساد».

ومنذ انتفاضتها ينظر إلى الانتقال السياسي الهش احيانا في تونس على انه نموذج للتوافق في المنطقة المضطربة. وحظي الدستور الجديد باشادة لاعترافه بأن تونس الإسلام دينها ولكن أيضا لضمان التسامح الديني وقيم الحداثة.

وبينما هيمن الاستقطاب العنيف حول مسؤولي النظام السابق ودور الإسلام في السياسة في بعض بلدان الربيع العربي مثل ليبيا ومصر فإن هذه النقاشات كثيرا ما انتهت بتوافقات بين الفرقاء السياسين في تونس.

وعلى عكس حركة النهضة فإن إسلاميي جبهة الاصلاح مثلا يريدون دورا أكبرا للإسلام في مستقبل تونس لكنهم يقولون إنهم يقبلون بقواعد اللعبة الديمقراطية ويريدون أن تكون لهم كلمة في البرلمان المقبل.

وأثناء حملتها يخرج حلاق من محله ويسأل المنقبة «فادية المكور»«كيف يمكن ان تقنع التونسي من وراء هذا الجدار في البرلمان؟» لكن رد «فادية» كان سريعا واخبرته انه «لديها من الافكار ما يكفي لاقناع كل التونسيين وانه يتعين التركيز على جوهر الفكر وليس على المظاهر فحسب»

وتضيف: «نحن نريد ان نروج للإسلام الصحيح ولقيمه ولكننا سنقبل التعايش مع كل التونسيين باختلافهم ونحترم حق الآخرين في لباس ما يريدون لأن الإسلام دين حرية ولا اكراه».

معادلة صعبة

ومع ذلك فلا يبدو الأمر قد حل تماما في تونس لأن المعسكر العلماني يخشى من أن الإسلاميين قد يهددون قيم الحداثة والتقدم في تونس التي ظلت قلعة من قلاع العلمانية في العالم العربي لعقود.

ويقول «الباجي قائد السبسي» رئيس حركة «نداء تونس» أبرز حزب علماني إن الإسلام السياسي ليس ديمقراطيا ويريد فرض الشريعة وجعل المرأة مكملا للرجل وليست شريكة له، مضيفا: «تونس تريد ان تتقدم للامام وتنظر للمستقبل لا ان تعود للوراء».

وترفض حركة النهضة هذا الخطاب وتعتبر انه يقسم التونسيين في وقت يتعين فيه توحد كل التونسيين.

وقال «راشد الغنوشي» زعيم النهضة: «هناك متشددون استعملوا السلاح والدولة ردت عليهم بالسلاح ولكن هناك آخرين تجمعوا في احزاب قانونية ويجب مقارعتهم بالافكار لنزع التشدد».

ويقول «لطفي زيتون» وهو قيادي بارز في حركة النهضة: «نحن نعتبر ان الدستور الجديد انهى الجدل بشأن الهوية... يجب أن نتجه مباشرة للنقاشات حول الأمن والاقتصاد مثل أي ديمقراطية أخرى».

ويقول «إسلام غربال» مدير الحملة الانتخابية لحزب جبهة الاصلاح إن الإسلام السياسي أصبح يفرض نفسه وإن الإسلاميين شركاء في بناء الوطن مع العلمانيين مهما اختلفت الافكار والآراء.

ويضيف لرويترز: «سنحجز عديدا من المقاعد في البرلمان المقبل ولكننا سنسير بثباب كي يكون للإسلام كلمته في إدارة شؤون الناس في الاقتصاد والحياة اليومية للناس».

ويبدو تكيف الإسلام السياسي في المشهد السياسي في تونس مخالفا لمصر بعدما انقلب الجيش على الرئيس «محمد مرسي» العام الماضي.

وفي ليبيا الحزب الإسلامي هو طرف في نزاع مسلح بسبب دور المسؤولين السابقين وبسبب نزاعات قبلية.

لكن تونس الآن تبدو أمام معادلة حرجة بينما تقود الحكومة حملة مكثفة ضد المقاتلين الإسلاميين الذي يشكلون نواة أساسية للمتشددين الذي يقاتلون في سوريا.

ويوم الجمعة أفضت مداهمة لبيت إلى مواجهات بين الشرطة ومقاتلين إسلاميين انتهت بقتل ستة مسلحين من بينهم خمسة نساء.

 

المصدر | رويترز

  كلمات مفتاحية

تونس انتخابات حركة النهضة إسلاميون الإسلام السياسي

تحيا تونس

انتخابات تونس تختبر الانتقال من الاستبداد للديمقراطية

تونسيون يتظاهرون أمام سفارة الإمارات رفضا لتطاول «خلفان» على «المرزوقي»

التيار الديمقراطي التونسي يطالب بفتح تحقيق حول تمويل الإمارات لـ«السبسي»

الإعلان في تونس عن تشكيل تكتل سياسي عربي «للدفاع عن الثورات والديمقراطية»

تحيا تونس

«الغنوشي» عقب الإدلاء بصوته: علينا الحفاظ على شعلة الحرية وأن نمضي بها إلى الأمام

الانتخابات في منبع الربيع العربي: تركيز على "فرص العمل" وليس "الجهاد"

لماذا تقدم «نداء تونس»؟ ولماذا تراجعت «حركة النهضة»؟

انتخابات تونس

تونس إذ نغبطها ونحسدها

مبشرات الانتخابات التونسية ومخاطرها

«حركة النهضة» التونسية... الإنصاف والعبرة

«الغنوشي»: «من يزرع الاستبداد يحصد داعش، والإسلام يكفر بالاثنين معا»

«حركة النهضة» تدعوالتونسيين إلى انتخاب المرشح الأنسب لإنجاح الديمقراطية وتحقيق أهداف الثورة

بدء الفرز في رئاسيات تونس .. والغنوشي: «لا خوف اليوم على الحريات»