هل تلجأ السعودية للالتفاف على «الحوثي» بدعم «الحراك الجنوبي» في اليمن؟

الأربعاء 29 أكتوبر 2014 12:10 ص

يفكر «الحوثي» بعد أن صار رجل اليمن الأقوى على إثر سقوط صنعاء بعقلية رجل الدولة؛ فيعيد تكرار تجربة «حزب الله» اللبناني في السيطرة على المطار والمعابر الحدودية وموارد الدولة ومواقعها الاستراتيجية ؛ فبدأ بعمران وصنعاء قلب النظام السياسي/القبلي اليمني وتمدد ليحتل العاصمة وتنهار أمامه المؤسسات الحكومية في مشهد درامي أعد مسبقا ودلالة رمزية هائلة على تخلخل الدولة والقبيلة اليمنية والنظام السياسي الذي استمر لعقود ، وانتقال النفوذ من عاصمة الوحدة صنعاء إلى مراكز التأثير الجديدة في الشمال.

«الحوثي» الذي يستخدم خطاب ثوري وحدوي لا يؤيد انفصال الجنوب لم يكتف بوقوع صنعاء بين يديه فتحرك باتجاه عدن الاستراتيجية وسط مؤشرات عن دعم السعودية للحراك الجنوبي الانفصالي في اليمن لاستنزاف الحوثي بعد تقدمه المبالغ فيه خارج حدود الدور المتوقع له.

فبينما لمح كتاب سعوديون بإمكانية التدخل العسكري في اليمن وتكرار التجربة التاريخية بعد انهيار مراكز التأثير السعودية التقليدية في القبائل والمؤسسات وفقدان السعودية للكثير من أدوات فعاليتها ونفوذها هناك، تبحث السعودية ربما عن دور جديد في الجنوب بعد أن شب اليمن عن الطوق وصار عرضة لتدخلات إقليمية ودولية كبيرة تتجاوز دور السعودية التاريخي وحتى «مجلس التعاون الخليجي»، ليس آخرها اهتمام «مجلس الأمن» المستجد وعقوباته التي شملت علي صالح رجل السعودية الأول وتصريحه باحتمال دعم الجيش اليمني بالعتاد والمعلومات فضلا عن استمرار دور الطائرات الأمريكية بدون طيار التي صار اليمن أحد أهم مواقع عملها.

تفكر السعودية في تكرار تجربة سابقة خاضتها مع الأردن -كما يقول «عبدالرحمن الراشد» الكاتب السعودي المعروف- حيث عملا بشكل مشترك في حرب الستينات حين اضطرت القوى الثورية اليمنية المدعومة خارجيا للقبول بحل وسط أنهى الحرب الأهلية اليمنية، حسب تعبيره.

تتحدث مصادر سعودية عن دعم عسكري غير مباشر وغطاء سياسي لإعادة ترتيب الوضع اليمني بما يمنع «الحوثي» من الخروج عن قواعد اللعبة وتأسيس نظامه السياسي الذي يشكل تمدده أو استقراره خطرا أكيدا على السعودية ودول الخليج خاصة إذا سيطر على ميناء عدن ومضيق باب المندب بما يجعل إيران محيطة تماماً بالجزيرة العربية، وفي الوقت نفسه لا يسمح هذا الترتيب للتجمع اليمني للإصلاح القريب من «الإخوان المسلمين» - الهاجس الأكبر للسعودية حاليا - بالاستفادة من التخلخل الحادث وتعزيز موقفه كقوة سياسية واجتماعية معتدلة تحافظ على الدولة.

تبدو تجربة التدخل المصري في ليبيا حاليا مغرية لصانع القرار السعودي ليس من أجل فرض الاستقرار للجار الجنوبي ولكن لاحتواء الأزمة ووقف الفوضى وفقدان أوراق الضغط والحد من تدهور الأوضاع ؛ إذ تثير المقاربة السعودية لليمن هواجس دائمة لدى المملكة من قوة اليمن وعافيته التامة أو الفوضى الشاملة فيه!

ما يجري في اليمن لا يتجاوز الجغرافيا الطبيعية والاجتماعية فقط ولكن يبدوا أنه تأثيراته الرمزية ستجعله جزءا من الحرب المستعرة في المشرق العربي بين محوري الثورة والثورة المضادة وبين مشروعي إيران والعرب السنة ؛ إذ أدرك «الحوثي» بعد معاركه في المناطق الوسطى القبلية الشافعية المناوئة له غالبا أنه سيواجه خطراً أكبر في الجنوب حيث يفتقد للحاضنة الاجتماعية والظهير السياسي هناك وهو ما يجعل احتمالات التدخل السعودية لاستنزاف قوته هناك كما حدث في المواجهات في محافظة إب.

تحاول القوى الإقليمية الداعمة له والمتخوفة منه على حد سواء! توريط «الحوثي» في أوحال حرب طائفية تستنزفه مستغلة غرور القوة ونشوة دخول صنعاء والأحلام التاريخية باستعادة دور الزيدية الإمامية التاريخي في حكم اليمن وإخضاع الكل قبائل ومؤسسات ومحافظات لسيطرته وسطوته، ويبدو أن «الحوثي» مستعدا للتورط في معركة مع الجنوب مدفوعا بالرغبة في بناء شرعية الوحدة توازيا مع توظيف خطاب الثورة.

لا يبدوا الجيش اليمني حاليا في وضع يجعله صاحب كلمة مسموعة في قضية الوحدة والانفصال وهذا يعطي المبرر لـ«الحوثي» ليكون ممثل خيار الوحدة الوطنية بعد أن اقتات على خطاب الثورة مستغلا تراجع دور المؤسسة العسكرية الحامية التاريخية لاتفاق الوحدة ، فالجيش الذي لم يكن بعيدا عن السياسة في أي وقت من الأوقات ولم يكن منفصلا تاريخيا عن النظامين السياسي والقبلي في اليمن أصبح الفساد والانقسام سمتين بارزتين له خاصة مع فقدانه للكفاءة ولعقيدة قتالية واضحة مما جعل من سقوط وحداته بيد «الحوثي» مسألة وقت، ولا زالت القبائل اليمنية تمتلك حصة لا بأس بها من النفوذ والولاء داخل الجيش والمؤسسات الحكومية ومنها الأجهزة الأمنية التي يحاول «الحوثي» إحكام السيطرة عليها مما يشعل حربا أخرى داخل مؤسسات الدولة المنقسمة نفسها.

يحاول حراك «الحوثي» في غضون ذلك التعامل مع القبائل اليمنية بالترغيب والترهيب ويحاول تجنب مواجهات تبدوا حتمية فيما يعمل على بناء تحالف يعزز دوره الاجتماعي والسياسي تماما كما فعل «على عبدالله صالح» طوال أكثر من ثلاثة عقود، والأخير لا زال ورقة السعودية المفضلة لكن هناك شكوك جدية حول قدرته على الفعل والتأثير في يمن جديد لا يبدوا فيه شيوخ القبائل الموالين له بنفس القوة التي كانوا فيها.

وربما تشكل الأيام القادمة فارقا في موازين القوى إذا حدث نوع من الاتفاق بين القوى القبلية المناوئة لـ«الحوثي» مع «على صالح» والحراك الجنوبي ضد تمدد «الحوثي» انطلاقا من الجنوب هذه المرة بعد تغير خارطة الصراع التي كانت تجمع «الحوثي» والحراك الجنوبي في تحالف موضوعي واحد ضد مراكز القوى في صنعاء!

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

اليمن السعودية الحوثي الحوثيين علي صالح الحراك الجنوبي

الحراك الجنوبي يبدأ خطة الانفصال بإنشاء حرس حدود وتفعيل الجمارك

تساؤلات حول دور السعودية في قصف مقاتلي أنصار الشريعة ومسلحي القبائل في اليمن

اليمن: المتاهة التي أصبحت مسرحا لصراع الرياض وطهران

اليمن: «أحمد على صالح» يحضر لـ«انقلاب عسكري» وشيك

«الحراك الجنوبي» يستعد لـ«جمعة الغضب» للمطالبة بالانفصال عن اليمن

في اليمن ... الوحدة ليست مكسبا والانفصال كذلك

الحراك الجنوبي يطالب حكومة "اليمن الشقيق" بسحب موظفيها وقواتها ويلوح بوقف تصدير النفط

مستشار الرئيس اليمني يحذر من «كارثة» ما لم يتخل «الحوثيون» عن العنف

القوي السياسية تفوض الرئيس اليمني بتشكيل حكومة كفاءات

المخلوع «صالح» يستجدي «الملك عبدالله» برسالة شكر مصطنعة

الجنوبيون يحيون ذكرى الاستقلال في عدن ويدعون لسرعة الانفصال

مصادر يمنية: السعودية تعرقل تصعيد الحراك الجنوبي

مصادر خليجية: «المبادرة الخليجية الثانية» تتجه لإقرار تقسيم اليمن

جنوب اليمن: قضية الانفصال ومعضلة الخيارات الصعية

اليمن: عصيان مدني للحراك الجنوبي في عدن .. و5 انفجارات تهز صنعاء

الأمين العام لـ«حزب رابطة أبناء الجنوب العربي»: جنوب اليمن حسم أمره نحو الاستقلال

الحراك الجنوبي في اليمن يهدد بمزيد من التصعيد ضد صنعاء للمطالبة بالانفصال