أكاديمية: الجامعات السعودية تتساهل مع سرقات البحث العلمي خوفا على مصالحها

السبت 15 نوفمبر 2014 07:11 ص

أثار وسم «#هلكوني» عبر موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»، جدلا واسعًا بين أوساط العلميين والمتابعين في المملكة العربية السعوية، والذي أظهر كمّ هائل من أصحاب الشهادات «مدفوعة الثمن» في كل المجالات الوظيفية والمجتمعية، زاد الأمر سوءاً أن بعضهم يحتل مناصب تربوية وعلمية.  مما ألقى الاتهام على كثير من حاملي الشهادات العليا باعتباره «شخص متهم حتى تثبت براءته».

ثم يأتي وسم «#سرقوني» مؤخرًا، ليزعزع الثقة بشكل أكبر بحاملي الشهادات العليا، حتى الحقيقية منها، فبعد أن فضح مزوروا الألقاب ظهر من الأكاديميين والأطباء من يزور البحوث ويسرقها، وبعضهم يتطلب منصبه الأكاديمي تنقية الجو الأكاديمي مما يشوبه من أجواء غير صحية من اتهامات وشكوك.

ووفقا للقاء صحيفة «الحياة» اللندنية مع أستاذ التربية الخاصة في جامعة الملك سعود الدكتورة «سحر الخشرمي» المهتمة بهذه القضية، والتي لاقت في سبيلها كثيراً من المصاعب، وضّحت الأكاديمية السعودية بداية أن السرقات العلمية «يقصد بها انتزاع شخص ما لعمل غيره، ونسبه لنفسه من دون الإشارة لصاحبه، سواء باجتراره كاملاً كما هو، أو أخذ مقتبسات وأجزاء منه، أو حتى تحريف بعض ما جاء فيه وإدخال تعديلات طفيفة لطمس معالمه الرئيسة ليبدو كعمل جديد»، لافتة أنه قد يسرق البعض فقرات وصفحات لباحث أو مؤلف آخر مع إبقاء التوثيق له، ومع ذلك تعد سرقة علمية لتجاوزه للحد المسموح به والمتعارف عليه للاقتباس.

مشيرًة أن العديد من الدراسات والمواقع أفادت بأن الأبحاث الصحية والعلمية كان لها نصيب الأسد في مسألة السرقات العلمية، وتتركز في عدد من الدول كما يبدو، خاصًة أمريكا والصين وإيطاليا وفنلندا وإيران وتركيا وتونس والهند ومصر والسعودية، وقد يكون استخدام البرمجيات الإليكترونية أسهم في كشف عدد من السرقات في الأبحاث العلمية التي تكتب باللغة الإنجليزية، والتي يسهل لبرامج كشف السرقات العلمية الأجنبية اكتشافها.

وتقول الباحثة أنه خلال استعراضها للعديد من الدراسات العربية التي تم اكتشاف سرقات بها أخيراً خلال وسم  «#سرقوني» وبجهود فردية، تكاد تجزم أن «برامج كشف السرقات الأجنبية لو تم تعريبها لتربع العرب على قمة هرم الدول التي يقوم باحثوها بمخالفات علمية».

ولفتت إلى أن محاولات سابقة للتواصل مع وزارة التعليم العالي عبر «تويتر» بخصوص السرقات العلمية، والتي كانت من أكاديميين يعملون بمؤسسات التعليم العالي في المملكة، تجاوبت معها الوزارة عبر البريد الإلكتروني والمهاتفات وبشكل جيد، وطلبوا تزويدهم بقوائم السرقات مفصلة للاطلاع عليها، إلا أنها تقول: «لكنني لم أر بعد ذلك ما يدلل على حراك من الوزارة نحو المحاسبة أو حتى استصدار وتعديل اللوائح والأنظمة».

ووفقا لمعلوماتها من مصدر مسؤول بالوزارة، فإن الجامعات تعد حالياً جهات مستقلة تقوم بنفسها، وبالتالي فإن إدارة الجامعة هي المسؤولة عن متابعة مواضيع السرقات العلمية وليست الوزارة، أما الجامعات «فمع الأسف قلة هم من يتفاعلون معنا، لكن من دون نتائج ملموسة، وفي ظل هذا الانحسار لدور الجامعات في التصدي لقضايا جوهرية تمس التعليم أرى أن تعود وزارة التعليم العالي لتأخذ دورها في انتشال الجامعات من تلوث السرقات العلمية الذي سقطت به، وتخصيص إدارة أو لجنة للتحقيق بكل ما يتعلق بالتحايل العلمي، لتقترح الباحثة أن يتم تغيير اسم الوزارة إلى «وزارة التعليم العالي والبحث العلمي» أسوة بكثير من الدول العربية، استشعاراً بأهمية ربط دورها دائماً بجودة ونزاهة البحث العلمي.

وتفيد «سحر الخشرمي» أنه بناءًا على ما عايشته على مدار عامين من البحث والتوثيق والتحقيق فيما ورد عبر وسم «#سرقوني»، فإن غالبية الجامعات في المملكة غير مهتمة بموضوع السرقات العلمية، وبغض النظر عن منصب ومكانة السارق هناك تساهل كبير بهذا الخصوص برأيها، عدا جامعة الجوف التي تقول أنها تواصلت بخصوص سرقات مهندس عربي يعمل بها تم نشر 6 أبحاث مسروقة له، موضحًة أن الجامعات تترك شكاوى السرقات العلمية بين منسوبيها لجهات خارجية كوزارة الإعلام والقضاء للبت بها قبل أن تتخذ قراراتها، متنصلة بذلك عن مسؤولياتها كجهة علمية ينبغي أن تحافظ على سمعتها الأكاديمية، درءاً للدخول في مواجهات قد تؤثر على علاقات ومصالح شخصية.

وكشفت «الخشرمي» أنه قبل تأسيس وسم «#سرقوني»، كانت من متابعي ومغردي «#هلكوني»، واستشعرت أهمية طرح موضوع السرقات العلمية، فإضافة لأنها تعرضت لسرقات علمية بالفعل، فقد اهتمت بالقضية ولمطالبة بعض المغردين بإدراج موضوع السرقات في «#هلكوني» المتخصص بالشهادات الوهمية والزائفة، والذي لم يكن من الممكن أن يخلط بين موضوعين مهمين لهما حجمهما في وسم واحد، لذلك آثرت أن تفتح وسماً جديداً يتخصص بقضية السرقات العلمية.

وحول السرقة التي تعرضت لها فقد كانت لمشروع وطني أعددته لتأهيل وتدريب الطلبة ذوي الإعاقة، وكنت تقدمت به لوزارة التعليم العالي ثم لمؤسسة «سلطان بن عبدالعزيز» الخيرية، حيث استخدمه أحد زملائها كاملاً مع بعض التحريف أثناء عمله مستشاراً متفرغاً بمشروع الملك عبدالله لتطوير التعليم، وحين اكتشفت تلك السرقة طالبته بالاعتذار الرسمي وإعادة الحق إلى صاحبته فرفض الاعتذار العلني، فاشتكت لإدارة الجامعة بعد طرح الأدلة على السرقة، لكنهم تهاونوا مع الشكوى وتم تعيينه رئيساً على قسمها لمدة عامين، ثم مستشاراً بجامعة أخرى بعد نهاية فترة رئاسته للقسم، وحين أذاعت تفاصيل الواقعة عبر الوسم، رفع زميلها اللص قضية تشهير ضدها.

وحول ما طرحته الصحيفة اللندنية على الأكاديمية السعودية من مقالة «مطلوب محاربين ضد التزييف بالعالم العربي» التي نشرت في مجلة open democracy، وبسؤالها عما إن كان التزييف في العالم العربي طال المؤسسات العالمية؟ أم أن سمعة السرقات العربية تعدت الحدود إلى العالم؟

تقول: «أظنه نداء جهات وشخصيات أجنبية اكتوت وتشبعت بالتحايلات التي ظهرت من شخصيات عربية، فالعديد من الأبحاث التي سحبت من النشر الأجنبي خلال الخمسة أعوام الأخيرة وردت بها أسماء عربية، كذلك فإن بعض الطلبة المبتعثين ممن وردت لديهم مخالفات وسرقات علمية وتزوير نتائج في اختبارات التوفل بجامعات غربية كانوا يبررون لأنفسهم أنهم في أوطانهم يستساغ استعانتهم بجهود غيرهم، وأنه أمر معتاد في عالمنا العربي لا يحاسبون عليه».

مختتمة بقولها أن «مواقف بعض الباحثين العرب والتهاون في تطبيق أخلاقيات البحث العلمي قد تكون حفزت مثل ذاك المقال، فعلى سبيل المثال أحد الباحثين العرب ممن أعد بحثاً باللغة الإنكليزية لنشره بمواقع للنشر الأجنبي، طلب من مدققة لغوية أجنبية مراجعة بحثه قبل تسليمه له للمجلة، بعد أن انتهت المدققة من مراجعة البحث أعادته مع التعديلات، فسارع الباحث لنشره في مجلة أجنبية، لكن تلك المجلة سحبت البحث لاحقاً من النشر بسبب اكتشاف سرقة علمية به، العجيب في الأمر أن الباحث اللص تواصل مع المدققة اللغوية الأجنبية يطالبها بإعادة ما دفعه لأن بحثه سحب بسبب تقصيرها في إعادة صياغة الجمل، فأعلمته أنها لن تعيد له ما دفع لأنه كان في مقابل تدقيقها اللغوي، لا تعتيم وإخفاء سرقاته العلمية لجهد غيرها».

المصدر | الخليج الجديد + الحياة اللندنية

  كلمات مفتاحية

التعليم البحث العلمي السعودية سرقة أبحاث

السعودية: خلال عامين لن يسمح للمعلمين بالعمل بدون «رخصة تعليم»

انفاق السعودية على التعليم يفوق انفاق ماليزيا وتركيا لكنه لا يواكب أي منهما !!

الخليجيون ينفقون 6 مليار دولار سنويا لتعليم أبنائهم في المدارس الدولية ... والإمارات في المقدمة

وزير التعليم السعودي: الدور التربوى للوزارة مهمة صعبة

جامعة الملك عبد العزيز”تشتري“ ترتيبها الأكاديمي دون أن تحقق مكانة علمية

الجامعات السعودية تنفق ملايين الدولارات لـ”تشتري“ ترتيبها الأكاديمي!

السعودية الأولي عربيا في دعم البحث العلمي بنسبة 1% من الناتج الإجمالي للمملكة

العرب خارج قائمة أفضل 500 جامعة بالعالم وأمريكا وبريطانيا في أول 10 مراكز

مدير مكتب التصنيف العالمي: وكيل جامعة «الملك عبدالعزيز» ساومني لرفع مرتبتها

حضور خجول للجامعات السعودية في تصنيفي «شنغهاي» و«يو أس نيوز»

الملك «سلمان» يوافق على تشكيل لجنة مؤقتة لتولي صلاحيات مجلس التعليم العالي

الملك «سلمان» يوجه بإنشاء صندوق لدعم البحث العلمي في الجامعات السعودية

ثلث الأبحاث العلمية في الوطن العربي.. سعودية

«الداخلية» السعودية: اتهام جامعات المملكة بنشر التطرف لا أساس له من الصحة

الضربة الاستباقية للإرهاب وتحرير «آل سند» أبرز اهتمامات الصحف السعودية